أُبي عزالدين يكتب: لهذا اختلفنا مع نوال السعداوي
كتبت هذا المقال قبل وفاة الدكتورة نوال السعداوي ببضعة
أشهر..
نختلف مع منطلقات نوال السعداوي الفكرية والايديولوجية بل وربما العقائدية، فلذلك لا كثير جدوى لانتقاد متمظهرات ذلك في بعض كتاباتها والتي قد لا تكون هي نفسها تطبق بعض ما فيها..
نختلف مع نوال السعداوي جملة وليس تفصيلا... فهناك شئ من آرائها لا بد أن فيه شئ من الصحة والمنطق ! فحتى رأس الشر إبليس يصدق أحيانا وهو كذوب !
نختلف مع الدكتورة نوال ونرفض مراميها في استهداف الأجيال وخصوصا فتياتنا، ولكن نحفظ لها حق الاجتهاد كمفكرة، ونحترم لها العطاء المتواصل، والتفاني لأجل أفكارها والثبات عليها حتى قاربت المائة عام، بل ندعو فتياتنا لتعلم الثبات والتفاني والقراءة والتفكير والاجتهاد والإنتاج والعطاء منها، ثم استخدام هذه الآليات في مواقع أخرى غير ميادين نفس السيدة المبجلة، ولتقديم رسائل ونماذج أخرى غير رسالتها.
ونحفظ لنوال مراجعاتها وتغييرها لكثير من معتقداتها في آخر سنين حياتها، حتى صارت تميل نحو اتجاه ما نحسبه صراطا مستقيما في بعض القضايا، أكثر من ميلها المبتعد عن الثوابت المحافظة التي تؤمن بها -حتى- المجتمعات الغربية المتحررة في أمريكا و أوروبا.
..
نوال السعداوي طبيبة الأمراض الصدرية، وهي طبيبة الأمراض النفسية كذلك، ونسأل الله أن يشفينا ويشفيها من كل داء وبلاء عقب كل سقوط نفسي كذلك !! فما بعض أفكارها إلا نتاج بعض ما مر بها في طفولتها من ظلم للمرأة وقسوة تنتهك كرامة المرأة روحا قبل الجسد.
..
نوال ماركسية الهوى هذه لم ترض أهل اليمين ولا اليسار، فقد كانت معتقلة في سجن القناطر في عهد السادات لانتقادها للحكومات.. وهي تنتقد سياسات الولايات المتحدة وإسرائيل وتعتبرهما دولتين إرهابيتين، رغم عملها في نفس فترة الانتقادات داخل أمريكا كأستاذة جامعية جليلة.
..
نوال اليسارية هذه ليست من القطيع، فهي لا تقلد أحدا، ولا تقول شكرا لأحد، ولا تقدس أحدا.
..
اطلعت مساء اليوم على أحد مقالاتها في النسخة الورقية من صحيفة "المصري اليوم" المحترمة.
تقول الدكتورة Nawal Al Saadawi نوال السعداوي في مقال اليوم بمساحة الرأي:
"سمعتهم فى أمريكا، وربما فى العالم كله، يقولون إن القرن الواحد والعشرين هو قرن المرأة، فهل هذا صحيح؟ وأي امرأة يتكلمون عنها، أنجيلا ميركل، هيلاري كلينتون، أم سارة بالين؟ هل يكفي أن يكون المرء امرأة ليحكم بالعدل والديمقراطية والحقيقة والأخلاق؟ هل هذه القيم الإنسانية العليا صفة بيولوجية تتعلق بالهرمونات، أم أنها تربية ضمير عادل، نربيه في الولد والبنت منذ الطفولة، وسلوك وأخلاق مستقيمة يتعود عليها الإنسان، وفكر مستنير وعقل مبدع يتحدى التخلف، وعمل مخلص نابع من الإيمان بالعدل والحرية واحترام حقوق الغير ؟".
...
تواصل نوال العلمانية المتطرفة، متسائلة:
"لماذا أصبحت نساء الأعمال والمذيعات والممثلات في المقدمة، وتراجعت المفكرات وصاحبات العقل المبدع إلى الوراء؟".
...
وتقول الطبيبة المصرية الجليلة #نوال_السعداوي في موضع آخر من مقالها بالصحيفة:
"تم تغييب جمال العقل والروح والشخصية وإبراز الجسد الأنثوب والشفاه المكتنزة، أصبح ذكاء المرأة هو قدرتها على تحقيق طموحها عن طريق الرجال، كل حسب قدرته، تجعل الحب تجارة من أجل المكاسب، المال أو الشهرة أو النجاح. تخلع رداء العقل والجدية والتحدي خارج البيت، لترتدي رداء الأنوثة والمراوغة والخضوع فى البيت. تمسك قلم الحواجب مع قلم الكتابة، يتحول القلم فى يدها إلى حرباية تتلون مع حركتها من مكان إلى مكان".
...
ثم تقول في فقرة أخرى تنتقد فيها الإعلام السطحي الذي يقوم بتشكيل الرأي العام، بل وتنتقد الرأي العام نفسه الذي يقوده القطيع، قطيع المصفقاتية، فتقول عن المرأة التي تهتم بالمظهر السطحي وقت العمل، مثل حاكمة ألاسكا السابقة سارا لويز بالين ومرشحة نائب الرئيس الأمريكي، ومثلها من النساء العاملات:
"... قد تلف رأسها بحجاب حسب الموضة، أو تعرى أجزاء من جسدها حسب الموضة أيضًا.. وقد تجلس المتغطية بجوار المتعرية، جنبًا إلى جنب فى انسجام كامل، ترفعان شعار التعددية والحرية الشخصية، تصفق الجماهير المحتشدة في ساحة الإعلام".
الدكتورة نوال هذه يا إخواني ليست من القطيع، فهي تنتج أفكارها بنفسها، ولا تقلد أحدا في الكتابة أو الانتقاد.. لها نكهتها التي قاومت الزمن.
فلها أرفع القبعة بكل احترام، رغم الاختلاف الجذري مع أكثر مضمون فكرها وقولها.
------------------------------
( * ) كاتب سوداني
نختلف مع منطلقات نوال السعداوي الفكرية والايديولوجية بل وربما العقائدية، فلذلك لا كثير جدوى لانتقاد متمظهرات ذلك في بعض كتاباتها والتي قد لا تكون هي نفسها تطبق بعض ما فيها..
نختلف مع نوال السعداوي جملة وليس تفصيلا... فهناك شئ من آرائها لا بد أن فيه شئ من الصحة والمنطق ! فحتى رأس الشر إبليس يصدق أحيانا وهو كذوب !
نختلف مع الدكتورة نوال ونرفض مراميها في استهداف الأجيال وخصوصا فتياتنا، ولكن نحفظ لها حق الاجتهاد كمفكرة، ونحترم لها العطاء المتواصل، والتفاني لأجل أفكارها والثبات عليها حتى قاربت المائة عام، بل ندعو فتياتنا لتعلم الثبات والتفاني والقراءة والتفكير والاجتهاد والإنتاج والعطاء منها، ثم استخدام هذه الآليات في مواقع أخرى غير ميادين نفس السيدة المبجلة، ولتقديم رسائل ونماذج أخرى غير رسالتها.
ونحفظ لنوال مراجعاتها وتغييرها لكثير من معتقداتها في آخر سنين حياتها، حتى صارت تميل نحو اتجاه ما نحسبه صراطا مستقيما في بعض القضايا، أكثر من ميلها المبتعد عن الثوابت المحافظة التي تؤمن بها -حتى- المجتمعات الغربية المتحررة في أمريكا و أوروبا.
..
نوال السعداوي طبيبة الأمراض الصدرية، وهي طبيبة الأمراض النفسية كذلك، ونسأل الله أن يشفينا ويشفيها من كل داء وبلاء عقب كل سقوط نفسي كذلك !! فما بعض أفكارها إلا نتاج بعض ما مر بها في طفولتها من ظلم للمرأة وقسوة تنتهك كرامة المرأة روحا قبل الجسد.
..
نوال ماركسية الهوى هذه لم ترض أهل اليمين ولا اليسار، فقد كانت معتقلة في سجن القناطر في عهد السادات لانتقادها للحكومات.. وهي تنتقد سياسات الولايات المتحدة وإسرائيل وتعتبرهما دولتين إرهابيتين، رغم عملها في نفس فترة الانتقادات داخل أمريكا كأستاذة جامعية جليلة.
..
نوال اليسارية هذه ليست من القطيع، فهي لا تقلد أحدا، ولا تقول شكرا لأحد، ولا تقدس أحدا.
..
اطلعت مساء اليوم على أحد مقالاتها في النسخة الورقية من صحيفة "المصري اليوم" المحترمة.
تقول الدكتورة Nawal Al Saadawi نوال السعداوي في مقال اليوم بمساحة الرأي:
"سمعتهم فى أمريكا، وربما فى العالم كله، يقولون إن القرن الواحد والعشرين هو قرن المرأة، فهل هذا صحيح؟ وأي امرأة يتكلمون عنها، أنجيلا ميركل، هيلاري كلينتون، أم سارة بالين؟ هل يكفي أن يكون المرء امرأة ليحكم بالعدل والديمقراطية والحقيقة والأخلاق؟ هل هذه القيم الإنسانية العليا صفة بيولوجية تتعلق بالهرمونات، أم أنها تربية ضمير عادل، نربيه في الولد والبنت منذ الطفولة، وسلوك وأخلاق مستقيمة يتعود عليها الإنسان، وفكر مستنير وعقل مبدع يتحدى التخلف، وعمل مخلص نابع من الإيمان بالعدل والحرية واحترام حقوق الغير ؟".
...
تواصل نوال العلمانية المتطرفة، متسائلة:
"لماذا أصبحت نساء الأعمال والمذيعات والممثلات في المقدمة، وتراجعت المفكرات وصاحبات العقل المبدع إلى الوراء؟".
...
وتقول الطبيبة المصرية الجليلة #نوال_السعداوي في موضع آخر من مقالها بالصحيفة:
"تم تغييب جمال العقل والروح والشخصية وإبراز الجسد الأنثوب والشفاه المكتنزة، أصبح ذكاء المرأة هو قدرتها على تحقيق طموحها عن طريق الرجال، كل حسب قدرته، تجعل الحب تجارة من أجل المكاسب، المال أو الشهرة أو النجاح. تخلع رداء العقل والجدية والتحدي خارج البيت، لترتدي رداء الأنوثة والمراوغة والخضوع فى البيت. تمسك قلم الحواجب مع قلم الكتابة، يتحول القلم فى يدها إلى حرباية تتلون مع حركتها من مكان إلى مكان".
...
ثم تقول في فقرة أخرى تنتقد فيها الإعلام السطحي الذي يقوم بتشكيل الرأي العام، بل وتنتقد الرأي العام نفسه الذي يقوده القطيع، قطيع المصفقاتية، فتقول عن المرأة التي تهتم بالمظهر السطحي وقت العمل، مثل حاكمة ألاسكا السابقة سارا لويز بالين ومرشحة نائب الرئيس الأمريكي، ومثلها من النساء العاملات:
"... قد تلف رأسها بحجاب حسب الموضة، أو تعرى أجزاء من جسدها حسب الموضة أيضًا.. وقد تجلس المتغطية بجوار المتعرية، جنبًا إلى جنب فى انسجام كامل، ترفعان شعار التعددية والحرية الشخصية، تصفق الجماهير المحتشدة في ساحة الإعلام".
الدكتورة نوال هذه يا إخواني ليست من القطيع، فهي تنتج أفكارها بنفسها، ولا تقلد أحدا في الكتابة أو الانتقاد.. لها نكهتها التي قاومت الزمن.
فلها أرفع القبعة بكل احترام، رغم الاختلاف الجذري مع أكثر مضمون فكرها وقولها.
------------------------------
( * ) كاتب سوداني