رئيس التحرير
عصام كامل

ميراث البابا شنودة في الكنيسة.. 9 سنوات على الرحيل.. غاب الجسد وبقي الأثر.. جلس أكثر من 40 عاما على كرسي مارمرقس.. وحقق العديد من الإنجازات

البابا شنودة الثالث
البابا شنودة الثالث
في مارس من كل عام تحيى الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، ذكرى وفاة البابا شنودة البطريرك 117، الذي رحل في السابع عشر من أغسطس عام 2012 وتمر على ذكراه هذا العام 9 سنوات.


ويحتل البابا شنودة مكانة كبرى في قلوب كل المصريين لمواقفه الوطنية والإنسانية وقيادته للكنيسة بحكمة ومحبة لمسها الجميع، إضافة إلى ثقافته الموسوعية.

بداية الرحلة
وُلد البابا شنودة باسم "نظـير جيد روفائيل" في الثالث من أغسطس 1923 بقرية سلام بمحافظة أسيوط، واجتاز مراحله التعليمية الأولى في دمنهور والإسكندرية وأسيوط وبنها، وأتم دراسته الثانوية بمدرسة الإيمان الثانوية بجزيرة بدران بشبرا مصر.



وبعد نياحة البابا كيرلس السادس يوم 9 مارس 1971، تم تزكيته من المجمع المقدس بكامله للجلوس على الكرسى البابوي، ولكن الوحيد الذي اعترض على التزكية هو نيافة الأنبا شنودة أسقف التعليم وخضع المجمع المقدس لرأى نيافة الأنبا شنودة، وأجريت الاانتخابات حسب اللائحة التي انتخب بها البابا كيرلس السادس (وعرفت بلائحة ٥٧).

وكان الأنبا شنودة ضمن ثلاثة أساقفة تم الاختيار من بينهم هم الأنبا صموئيل أسقف الخدمات - الأنبا شنودة أسقف التعليم - الراهب القمص تيموثاوس المقارى الذين اختيروا بالانتخاب يوم 26 أكتوبر 1971م، وفى يوم الأحد 31 أكتوبر 1971م تم اختياره بالقرعة الهيكلية بطريركا، وفى يوم الأحد 14 نوفمبر 1971 تم تتويجه وتجليسه على الكرس البابوي.

كرسي الباباوية 

جلس البابا شنودة الثالث أكثر من 40 عاما على كرسي مارمرقس، حقق خلالها العديد من الإنجازات التي تعتبر شاهدة على التطور الذي عاشته الكنيسة في عهد البطريرك الراحل حيث كان منشغلًا بأقباط المهجر، لذا عمل على تأسيس العديد من الإيبارشيات في الخارج.


فعند جلوسه على سدة الكرسي المرقسي، كان عدد الكنائس القبطية في أوروبا وأمريكا وأستراليا فقط 7 كنائس، وعند نياحته كان هذا الرقم قد تضاعف إلى 450 كنيسة، وحصل على عدد 9 شهادات دكتوراه فخرية من كبرى جامعات العالم في أوروبا وأمريكا وأستراليا.

كما اهتم أيضًا بالتوسع في بناء الأديرة خارج مصر، حيث أنشا عددا من الأديرة في الخارج، كما أعاد تعمير أخرى، وهو ما يعكس حبه الشديد لحياة الرهبنة، وحرصه على قضاء 3 أيام أسبوعيًا في الدير.

المرأة 
«المرأة» كانت حاضرة أيضا في ملفات البطريرك الراحل، حيث تم في عهده سيامة المئات من الراهبات، كما أعاد طقس رسامة الشماسات ووضع طقسا خاصا لإقامة رئيسات الأديرة.

البابا شنودة فتح باب «مجلة الكرازة»، الناطق الرسمي ياسم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، للمرأة وسمح للباحثة نبيلة ميخائيل يوسف منذ سنة 1975 بكتابة باب روائع العلم، وهي نفسها أول امرأة عضو في المجلس الملي العام منذ عام 1989.

وكان البابا المتنيح يرى أن المرأة مساوية للرجل، كما أن عقلية المرأة لا تقل عن الرجل بل أحيانا تزيد، مشيرا إلى أن التاريخ ليس القديم فقط بل المعاصر قدم نماذج عظيمة من السيدات. البطريرك الراحل كان مهموما أيضا بالفقراء، وكان دائم التشديد على أساقفة الكنيسة الأرثوذكسية، مد يد العون للمحتاجين، وهو ما دفعه لتأسيس الخدمة الطبية «أتحبيني» في عام 2005 من أجل الاهتمام بالمحتاجين في المجالات الاجتماعية والصحية.

وتطورت هذه الخدمة عام 2012، وأصبحت أحد أهم أنشطة وخدمات المركز الثقافي القبطي وهدفا لتقديم المساعدة لأبناء الكنائس في عدة جوانب مثل مساعدة المرضي وإجراء العمليات الجراحية، مساعدة المقدمين على الزواج، مساعدة مصروفات التعليم لإكمال المراحل التعليمية بالمدارس، وتوزيع الاحتياجات الغذائية لغير القادرين.

مصنع الكهنة

وأولى البابا شنودة الكلية الإكليريكة اهتماما كبيرا، خاصة أنها مصنع «الكهنة»، يدرسون فيها تعاليم الكنيسة الأرثوذكسية، فكان أول بطريرك منذ القرن الخامس يتم اختياره من أساتذة الكلية الإكليركية، كما أنه أول بطريرك يستمر بعد تنصيبه في إلقاء الدروس بالإكليركية وإدارتها، وأسس 7 فروع للكلية الإكليركية في مصر وبلاد المهجر.

كما كان البابا شنودة أول بطريرك يؤسس فروعًا للكلية الإكليريكية في أمريكا وأستراليا، وكان أيضا مهتما بالتوسع في أفريقيا، فكان أول من أسس كنائس قبطية أرثوذكسية في كينيا وزاميبيا وزيمبابوي وجنوب أفريقيا، وزار بلادا أفريقية لم يزرها أحد البطاركة من قبل مثل زائير والكونجو وغيرها، حيث كان أول من يرسم كهنة أفارقة لرعاية الكنائس في بلادهم، ويعتبر أول بطريرك يكون مجمعا مقدسا للكنيسة الأرثوذكسية في إريتريا.

واهتم البابا شنودة كثيرا بالتعليم الكنسي، فكان أول بطريرك يرسم أسقفا للإكليركية بل أسقفا للتعليم بصفة عامة، وأول من أنشأ معهدا للرعاية ومعهدا للكتاب المقدس، كما كان محبا للصحافة فظل محتفظا بعضوية نقابة الصحفيين، وفخورا بكارنيه النقابة الذي وضع بعد وفاته في مزاره الخاص بكنيسة العذراء بالزيتون، وما يعكس اهتمامه بإصدار أول مجلة دورية للكنيسة يكتب فيها ويرأس تحريرها.

العظة الأسبوعية

وأسس البابا شنودة أيضا للاجتماع الأسبوعي، ليتواصل مع شعب الكنيسة، فكان أول بابا منذ القرن الخامس له عظة أسبوعية بصفة منتظمة في الكاتدرائية يحضرها آلاف الناس، وأول من تلامس مع الجمهور في الإجابة على أسئلتهم قبل كل محاضرة يلقيها.

وكان أول بطريرك يقدس زيت الميرون ثلاث مرات، كما كان أول بابا عقد سيمنارات للآباء الكهنة من أمريكا وكندا وأستراليا وأوروبا، بل هو أول من عقد سيمنارا للمجمع المقدس، ووضع لائحة للمجمع المقدس أقرها المجمع سنة 1985.

ووصل عدد أعضاء المجمع المقدس في عهد البابا شنودة إلى 72 عضوا وهو بنفسه قام بسيامة أكثر من سبعين أسقفا، كما رسم أكثر من 380 كاهنا للقاهرة والإسكندرية والمهجر، وأول بطريرك يرسم أسقفا للشباب، وأول من رسم اساقفة مساعدين لاساقفة الايباراشيات، كما اعاد طقس الشماسات والخورى ابسكوبس.

تعهدات الأساقفة كانت أيضا من بين إنجازات البابا الراحل فكان أول من وضع تعهدا لأسقف الإيبارشية وآخر للأسقف العام وتعهدا ثالثا للقس يقرأه كل منهم يوم رسامتة.. وانتشرت في عهد البطريرك الراحل بيوت الخلوة للشباب في الأديرة يقضون فيها فترات روحية، كما اسس مقرا للمؤتمرات في الدير شهدت كثير من اللقاءات على المستوى المسكونى، كما كان أول من نشر مبدأ من حق الشعب أن يختار راعية ونفذ هذا المبدا بدقة.

إنجازات البابا الراحل شنودة على المستوى الخدمي أو التعليمي، لا تعد ولا تحصى، فكان شغوفا بكل ما يحقق رفعة الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، كما كان الوطن يشغل حيزا كبيرا من تفكيره، فانتماؤه وحبه لـ«أم الدنيا»، يسهل استشعاره في كل مواقفه..

نقلًا عن العدد الورقي...
الجريدة الرسمية