رئيس التحرير
عصام كامل

إسلام كمال يكتب: تحالف أحفاد البنا وأبناء كاهانا مفاجأة انتخابات إسرائيل

فوز إخوان إسرائيل
فوز إخوان إسرائيل بـ 5 مقاعد
مع متابعتنا الحثيثة للانتخابات الإسرائيلية، نكشف تفاصيل كان يندهش منها البعض لمجرد عرضها، وهى أن الإخوان المسلمون فى إسرائيل المتخفون تحت أسماء من نوعية القائمة العربية الموحدة أو الحركة الإسلامية الجنوبية، سينقذون بنيامين نتنياهو رئيس حزب الليكود من السجن، ومن الممكن أن ينقذوا إسرائيل من الذهاب لجولة انتخابية خامسة خلال عام على الأكثر.


لقد أصبحوا كما يسمونهم بيضة القبان أو رمانة الميزان وصناع الملوك فى إسرائيل، لأنهم الوحيدون الذين فى استطاعتهم أن يحققوا الأغلبية لائتلاف نتنياهو اليميني الحريدي المتطرف للغاية، في الوقت الذي دمروا فيه القائمة العربية المشتركة التي حققت 15 مقعدا في الكنيست الأخير، وفق السيناريوهات التي نفصلها خلال الغوص في تحليلنا.



القصة في غاية التعقيد و الإدهاش لغير المتابعين عن كثب لتاريخ الانتخابات الإسرائيلية، لكنها ليست المرة الأولى التى يخون فيها الإخوان المسلمين في إسرائيل الفلسطينيين وعرب 48، فسبق وأن تحالفوا مع شارون ضد الفلسطينيين وعرب 48، وطبعا يحيطون هذه الخيانات بأكاذيب من نوعية هذا هو الأسلوب البراغماتي الأنسب للدفاع عن عرب 48 الآن.

الإخوان الخونة


وحتى تكون أركان الخيانة واضحة للجميع فالإخوان بقيادة الدكتور منصور عباس، الملقب بالصديق الجديد لنتنياهو، اتفق وخطط معه على أن يدمر القائمة العربية المشتركة التي كانت تضم كل القوى السياسية العربية في إسرائيل، بعدما سيطرت على أكثر من 12% من الكنسيت، وكانت المنغصة الأساسية لكل آمال نتنياهو لتشكيل حكومة طوال الجوالات الثلاثة الأخيرة، وبذلك كان تركيز نتنياهو على تشتيت هذا الجمع الناجح ضده، وكان نقطة الضعف الوحيدة فيه "الإخوان الخونة".

منصور عباس يصف الأسرى بالمخربين


ووصل الأمر إلى أن وصف منصور عباس نائب رئيس الكنيست الإسرائيلي، الأسرى الفلسطينيين بالمخربين، هذا التوصيف الصهيوني المعروف عن الأٍسرى الفلسطينيين، للتقرب لليمينيين ومجاملة لنتيناهو الذي تعرض لانتقادات كبيرة من حلفائها اليمينيين بسبب تعاونه المعلن مع الإخوان، وهاج الفلسطينيين ضده فإضطر لحذف كلامه وقال إنه كان يجارى المذيع الإسرائيلى الذى قال عن الأسرى "مخربين".



واستمرت تطاولات منصور عباس وأعوانه ضد عرب 48 والفلسطينيين، حتى إنهم كفروا منافسيه من العرب بزعم إنهم يدعمون الشواذ والمتحولين جنسيا، رغم أن نتنياهو يعين وزيرا شاذا في ائتلافه ويدعم الشواذ بقوة، ولا يعلق عباس على ذلك بأي شكل.

لماذا قصف حماس دعاية نتنياهو؟


وسنواصل فضح خيانات "منصور عباس" وأعوانه، خاصة إنه تحول لنجم فى الدوائر الدولية باعتباره هو النموذج الأمثل والأكثر اعتدالا للقيادات المتأسلمة في المنطقة، بعد الانتقادات الموجهة لأردوغان وحسن نصر الله والغنوشى والحوثي والسيستاني وغيرهم، لكن المهم جدا فى هذا المنعرج أن نشير إلى السر فى ضرب قذيفة من غزة بالقرب من جولة انتخابية لبئر سبع، قبل ساعات قليلة من غلق الصناديق الانتخابية، وللعلم غزة لم تنطلق منها ولا قذيفة منذ فترة كبيرة، ولا أحد يعرف كيف علم مطلق القذيفة بمكان نتنياهو فى هذا الوقت، والذي كان يلهث وراء كل صوت فى كل مكان، ممسكا بمكبر الصوت ليحذر الإسرائيليين في المطاعم والبيوت والشوارع من حكومة بقيادة منافسه الضعيف يائير لابيد رئيس حزب "هناك مستقبل" المحسوب على الوسط رغم مواقفه اليمينية!

وطبعا اكتملت التمثيلية بإخلاء فوري لنتنياهو من المكان، ورد الجيش الإسرائيلي بعدها على ما عرفه في بيان رسمي بمكان لصنع الصواريخ منسوب لحماس، وانتقده خصومه بينى جانتس وزير الدفاع ورئيس حزب "أبيض أزرق" لأنه حركات مفهومة، وسأله هو وجدعون ساعر المنشق عنه رئيس حزب "أمل جديد"، إن كنت لا تنسق مع حماس فأنت تركتهم يفعلون ذلك!

إخوان غزة وإخوان عرب 48


بالتبعية، نتنياهو ينسق مع إخوان عرب 48 وإخوان غزة، والفصيلان يعملون لصالحه، حتى لو لم يكن اتفاقا ثلاثيا معلنا، لكن المواقف تفضح ذلك، خاصة أن هذه القذيفة التي وقعت كعادة هذه القذائف في منطقة غير مأهولة، ساعدت نتنياهو في حشد الليكوديين واليمينيين، بالذات إن نتنياهو محترف لإسلوب الإرهاب والنحيب المعروف ب"جفعالاد"، التي ينتهجه فى الساعات الأخيرة قبل غلق الصناديق، ويحذر أنصاره من الإرهاب اليساري والفلسطيني، لو لم ينزلوا ويصوتوا لليكود.

دعم "أبو يائير"


ومن ناحية أخرى، كان واثق منصور عباس من تجاوز نسبة الحسم للتمثيل فى الكنيست، رغم إنه لم يتجاوزه إلا بعد فرو حوالى 90% من الأصوات، معتمدا على منظومة استطلاعات الرأي الخاصة بالليكود، وردد بعدها تصريحات من نوعية إنه مستعد للتعاون مع أية كتلة إن كانت مع نتنياهو أو ضد نتنياهو، للتمويه على الهجوم الذي يتعرض له نتنياهو من جانتس وساعر ونفتالي بينت رئيس حزب "نحو اليمين"، بسبب التعاون بين من يسمونهم بالعرب ونتنياهو، رافضين المشاركة في حكومة تعتمد على العرب.. وروج منصور عباس والليكود في الإعلام إلى إن عباس يتواصل مع لابيد، لأنه اتفق مع القيادات العربية الداعمة له على اتباع الأسلوب البراجماتي لتحقيق مصالح عرب 48، وفق ادعائه لتبرير فعلته بالتعاون مع نتنياهو، والذي أصبحوا يطلقون عليه "أبو يائير"!

تزوير وإخفاء أوراق التصويت للمشتركة


ونشر الإخوان الإحباط بين المجتمع العربي في الداخل، بعد الانشقاق عن القائمة العربية المشتركة وكثرة التلاسنات بينهم وتواصلاته مع نتنياهو، على خلفية انتشار الجريمة والعنف والتدهور الاقتصادي في القطاع العربي بسبب كورونا والتضييقات الليكودية، والتي وصلت حتى التزوير وإخفاء الأوراق الانتخابية الخاصة بـ القائمة العربية المشتركة في لجان التصويت، ووصلت شكاوى عديدة للجنة الانتخابات المركزية الإسرائيلية، وتسبب هذا كله في تراجع نسبة التصويت العربية لأقل حد خلال الجولات الانتخابية الأربعة الأخيرة، مما عزز اليمينيون والإخوان!

5 مقاعد لأحفاد البنا


وتحقق للتحالف الإخوان الليكودي ما أرادوه، بتراجع القائمة العربية المشتركة من 15 مقعدا في الانتخابات الأخيرة، إلى 6 مقاعد حتى الآن، والإخوان لديهم حوالي 5 مقاعد، يدعمون بهم نتنياهو خارج الائتلاف بالتصويت لدعمه، حتى لو كان لا يمثل الأغلبية، حيث يصل وقتها إلى حوالي 63 مقعدا حتى الأن، والحجة ستكون عدم الذهاب لصناديق الاقتراع للمرة الخامسة، وسيكون هذا حل وسط من غير المستبعد بالمرة أن يقبله أبناء كاهانا من نوعية إيتمار بن جفير وبتسلئيل سموطرتيرش رئيسى حزب "الصهيونية الدينية" واللذان تم القبض عليهما فيما سبق وبحوزتهما كميات من المواد المتفجرة كانت ستستخدم ضد الفلسطينيين، والأكثر غرابة من ذلك أن سموطرتيرش هاجم الإسلام منذ أيام واعتبره دين إرهاب وعنف، ولم يسمع أي تعليق من إخوان إسرائيل على ذلك، لأنهم يعرفون أنهم سيتعاونون معهم قريبا ولا يستطيعون إغضابهم، حتى لو تطاولوا على الإسلام نفسه، وهذا يكشف من جديد الوجه القبيح للإخوان!

أبناء كاهانا وأبناء البنا وبايدن!


من ضمن الأطروحات المهمة التي تصعد على السطح فور تحول التحالف بين أبناء كاهانا وأبناء البنا لواقع ميدانى، هي ماذا ستفعل حكومة كهذه مع الإدارة الأمريكية بقيادة بادين، خاصة أن بادين وأغلب فريقه كانت لديه علامات استفهام عديدة حول نتنياهو وحاولوا التضييق عليه بشكل أو آخر، حتى إن واشنطن منعت نتنياهو من زيارة دبي، وأكد وقتها المسؤولون الإمارتيون إنهم يرفضون التدخل في الشؤون الانتخابي الإسرائيلي، لكن أيضا الأمريكان لم يمنعوا نتنياهو من التعهد للمسلمين حاملى الجنسية الإسرائيلية بالسفر مباشرة من تل أبيب لمكة للقيام بمناسك الحج قريبا.



وبالتأكيد ستكون هناك تفاهمات جديدة بين الحكومة المرتقبة بقيادة نتنياهو، لو تشكلت أصلا، وبين إدارة بايدن، خاصة إنها تأتي على خلفية إصرار إقليمي ودولي على تطوير العملية السياسية بين الفلسطينيين والإسرائيليين بشكل كبير، خاصة إن الفلسطينيين يفعلون ما عليهم من تفاعل، ولديهم جولات انتخابية مرتقبة توفر الشريك المنتخب ليمثل الشعب الفلسطيني في أية مفاوضات، ويدرك نتنياهو حقيقة ذلك لدرجة إنه خرج في خطاب انتصاره بتوقيت واشنطن، وبدا جامع لكل القوى، ولم يذكر كلمة "انتصار" أساسا!

سيناريو الانقلاب على نتنياهو


إجمالا، لم تحسم الانتخابات الرابعة الإسرائيلية خلال عامين، المشهد بين كتلتي نتنياهو ولا نتنياهو، لكن تفصيلا، فإنها تقدم نموذجا غير تقليدي على كل الزوايا، منها العزوف عن المشاركة بشكل أو آخر، حيث قلت النسبة عن كل المشاركات خلال الجولات الأخيرة لأسباب عديدة أساسها عدم الثقة فى السياسيين المتنافسين والكورونا.

وكان من المفارقات أن اتضح ذلك فى لجان مرضى ومعزولي الكورونا، فلم يشارك منهم عدد كبير بالمرة، رغم أن الصندوق كان يأتي لهم حتى السرير.. ومن ضمن تفصيلات نتائج هذه الانتخابات، التى يجب الوقوف أمامها، الارتباك والتحريك غير التقليدي في الكتل التصويتية المعروف أساسا لكل الأحزاب بما فيها الدينية.

هذا أيضا كشف مدى فشل منظومة الاستطلاعات الإسرائيلية، لأنهم لم تتوقع هذه التغييرات، وأرجعوا ذلك حينما انتقدوا إلى ما أسموه بظاهرة كذب العينات المشاركة في الاستطلاعات لأسباب مختلفة، المهم أن المحصلة كانت مفاجئة لأغلب المراقبين، لكننا سبق وتوقعنا أرقاما منها سقوط جدعون ساعر من التنافس على رئاسة الوزراء إلى الصراع على تجاوز نسبة التمثيل البرلماني بست مقاعد، والصعود الكبير لسموطرتيرش وبن جفير بست مقاعد أيضا، بعدما كان يتوقع لهما عدم التواجد أساسا في الكنيست.

سر صعود حزب الجنرالات


وتوقعنا أيضا الصعود الكبير للقطاع اليساري، العمل "7 مقاعد" وميرتس "5 مقاعد".. لكن كان مفاجئا للجميع صعود كاحول لافان الكبير إلى حوالي 8 مقاعد، رغم إنه كان يصارع التمثيل البرلماني طيلة الفترة الأخيرة، وهذا يرجع إلى الخروج غير التقليدي الكبير جدا لجنود الجيش الإسرائيلي للتصويت، حيث يمثل "أزرق أبيض" التكتل السياسي للمؤسسة العسكرية الإسرائيلية، ومن المهم الوقوف أمام هذه الظاهرة السياسية بكل اسقاطاتها، خاصة إنها كانت على خلاف كبير مع نتنياهو، فهل هي رسالة منهم له، خاصة إن كاحول لافان داعم في الغالب لمعسكر لا نتنياهو.

شعبية الليكود وتحركات الحريديم


ومن ظواهر هذه الجولة، هو ثبات شعبية الليكود، رغم إنها لا تستطيع حماية نتنياهو الملقب "بالديكتاتور المنتخب"، فلقد غير نتنياهو في كل الكتل التصويتية بتدخلاته في القطاع العربي والمجتمع الحريدي، ولكن له دخل غير مبار أيضا في تحركات الكتل لصالح القطاع اليساري، بالإضافة إلى هجوم لابيد على كاحول لافان والعمل وميرتس لكسب أصواتهم، وهو من دفع الثمن في النهاية بتراجع أصواته، إلى حوالي "17 مقعد"، وبينت أيضا دفع الثمن وخسر الكثير من الأصوات والمكانة بعدما تراجع إلى "7 مقاعد" بسبب دعم نتنياهو لسموطرتيرش.


وكان أيضا خروج الحريديم غير التقليدي رغم الكورونا ودعاوى المقاطعة والتصارع على الأصوات داخل المجتمع، ردا على دعوات أفيجدور ليبرمان رئيس حزب إسرائيل بيتنا للعلمانيين للخروج ضد الحريديم، فكانت الهبة الحريدية فيما استمر مقاطعة العلمانيين بشكل أو أخر، فصعدت شاس إلى "9 مقاعد" ويهودوت هاتوراه إلى "7 مقاعد" بالإضافة إلى بينت "7 " وسموطرتيرش "5"، وهذا منحهم قوة غير تقليدية تجعلهم يطالبون بتبادل كرسي رئاسة الوزراء مع الليكود.
الجريدة الرسمية