رئيس التحرير
عصام كامل

التمرد مبرر.. العنف لا


إذا كان الرئيس محمد مرسي، أول رئيس مصري مدني منتخب ديمقراطياً كما نسمع، وإذا كانت مصر في ظل حكم «الإخوان المسلمين» دولة ديمقراطية، فإن هذه الديمقراطية تشمل حق الشعب في التظاهر ضد حكومته، والشرط الوحيد عدم ممارسة العنف.

العنف ممنوع، والطرف الذي يمارسه اليوم يقول إنه ينتهك الديمقراطية وهو يرفع شعارها.

المعارضة أعلنت «التمرد»، في الذكرى السنوية الأولى لوصول محمد مرسي إلى الحكم، والرئيس رد متحدياً بخطاب حمّل كل الناس مسئولية الفشل باستثناء دوره فيه مع حزبه الحاكم، حزب العدالة والتنمية، الجناح السياسي لجماعة «الإخوان المسلمين».
أقول لا عدالة ولا تنمية، وأرحب بكل رأي معارض، إلا أنني أرفض إنكار معلومات صحيحة في وضوح شمس الظهيرة.

في المعلومات أن العدالة تقتضي توفير حد أدنى من العيش الكريم لكل مواطن، أي لقمة العيش والتعليم وضمانات صحية واجتماعية، وهذا غير موجود في مصر الآن، والتنمية حتماً غائبة عن مصر منذ سقوط نظام حسني مبارك.

المعارضون يزعمون أنهم جمعوا 13 مليون توقيع على عرائض تطالب الرئيس بالاستقالة، والذين قالوا لحسني مبارك «إرحَل»، أصبحوا يقولون «إرحَل» لمحمد مرسي، قول أنصار النظام إن المعارضين غير ديمقراطيين أو ضد الإسلام يرتد على قائليه.

أسباب التمرد موجودة، فالاقتصاد المصري في الأرض، وألوف المصانع أغلقت ولا سياحة أو استثمارات جديدة، والشعب المصري يعاني من انقطاع الكهرباء ونقص إمدادات الغاز وارتفاع أسعار المواد الغذائية، وهذا يحدث مع هجوم الصيف واقتراب شهر الصوم المبارك. ثم نسمع عن استمرار المفاوضات على قرض من صندوق النقد الدولي بمبلغ 4.8 بلايين دولار، إذا تحقق فسيزيد أسعار المواد الغذائية والمحروقات، لأن من شروط القرض رفع الدعم عنها.

ماذا يفعل الرئيس وحزبه لحل الأزمات المتفاقمة؟ الجماعة تتسرب إلى كل دوائر الدولة، والوظائف العليا في الوزارات مثل منصب مدير أو رئيس إدارة أو هيئة تذهب إلى الإخوان الذين يقدمون الولاء على القدرة. وقد أصبح لـ «الإخوان المسلمين» وأنصارهم 13 محافظاً من أصل 27 محافظاً.

كان تعيين عادل الخياط، من الجماعة الإسلامية محافظاً للأقصر دليل آخر على أن الحكم في مصر يديره هواة بدل محترفين.
 فالرجل الذي استقال خلال أيام تحت ضغط الشارع ودول أجنبية، معروف بأنه من الجماعة الإسلامية، وهذه حتى اليوم تحت تصنيف «منظمة إرهابية» في وزارة الخارجية الأميركية. وأذكر أنني وأصدقاء حضرنا عرض الافتتاح لأوبرا «عايدة» في الأقصر عام 1997، فلم تمضِ أيام حتى كانت الجماعة الإسلامية تهاجم السيّاح في معبد حتشبسوت وتقتل 62 سائحاً أجنبياً وجنوداً ومواطنين محليين.

اليوم وصلنا إلى وضع أن أصبح الرئيس محمد مرسي نفسه مطلوباً للمحاكمة بتهمة أنه فرَّ من السجن بعد بدء التظاهرات ضد نظام مبارك في 25/1/2011 بمساعدة جماعات مسلحة بعضها إرهابي. هو لن يُحاكم، إلا أن التهمة باقية، والرئيس فقد كثيراً من صدقيته، وربما من الأنصار الذين اعتقدوا أن وعود النظام الجديد ستتحقق، لأن الله مع الجماعة. في بلادنا هناك مَثَل شعبي معروف هو أن ربنا يقول: «قوم يا عبدي وأنا أقوم معك».

سجلت معلومات عن سوء أداء النظام وأسباب المعارضة في التمرد عليه، وأهم من كل هذا اليوم أن تخلو التظاهرات من العنف، فلا قضية إطلاقاً تبرر أن يقتتل المصريون ويُقتل أبرياء.

وزير الدفاع الفريق عبدالفتاح السيسي هدد بتدخل الجيش إذا وقعت أعمال عنف، والقوات المسلحة المصرية تبقى واحة الأمان والضمانة الأخيرة، وربما الوحيدة في هذه الظروف، للشعب المصري.
نقلا عن الحياة
الجريدة الرسمية