رئيس التحرير
عصام كامل

ما بعد الفلول.. الفلول الجدد.. فلول الإخوان


اليوم، بعد عدة أيام من المناوشات والبروفات في القاهرة والمحافظات، والتي شهد بعضها جانبًا دمويًا للأسف.. ينزل الملايين والملايين من المصريين باختلاف هوياتهم بهدف واحد موحد، وهو إسقاط النظام الذي لم يعد خافيًا على أحد فشله في المحافظة على شئون البلاد، وإصراره على تغليب علاقاته بجماعة الإخوان المسلمين على مصلحة الدولة، في اختيار من هم على هوى الجماعة في أماكن الدولة، محاولين أن يصبحوا "حزب وطني جديد"، وهذا طبيعي فنحن ثرنا ضد فكرة نظام مبارك القمعي الفاشي اللا ديمقراطي، بينما الإخوان اللاديمقراطيين كانوا فقط يرغبون في أن يصبحوا هم هذا النظام وأن يكونوا هم القامع بدلا من المقموع..


نحن ثرنا لإسقاط الفكرة، وهم لحقوا بنا بعد أن حسم موقف الثورة بأيام لكي يقدموا أنفسهم كمرشح جديد لتمثيل نفس الفكرة وانساق لهم الكثير من المراهقين السياسيين – اليوم توحد الشعب على هذا الهدف إلا للأسف المصابين بالفلولوفوبيا ( الخوف المرضي من الفلول)، الذين أصبحوا سواء عن وعي جزء منهم وتآمرهم مع الإخوان أو عن مراهقة فكرية إلى فلول الإخوان.. يرفض هؤلاء المشاركة ويدعون لإفشال الحركة لأن كرامتهم كثوار "قدامى" لا تحتمل أن ينزل بجانبهم محب لمبارك أو شخص لا يمانع أن يقوم الجيش والشرطة بدورهم الطبيعي في حماية المتظاهرين في معركة واضح من بشائرها أنها ستكون دموية.. بمنطق أن الجيش والشرطة أعداء ولا يجب أن يقوموا بحمايتنا خلال التظاهرات..

أولًا: أعتقد أن من يرى أن هناك ثوارا قدامى وثوارا أحدث.. لا يختلف في أيديولوجيته عن الإخوان بأي حال من الأحوال، فهو لم ينزل في يناير لمطالب الشعب وإنما لما يراه هو.. والثورة تعبير عن احتياجات وآلام ومخاوف عموم الشعب وليست لمطالب من يرى نفسه زعيمًا لها فقط، وإلا غدت انقلابا على السلطة.. ولهذا كانت ثورتنا في ٢٥ يناير ثورة ومشاركة الإخوان انقلاب لأنه محاولة للاستئثار بالسلطة.. وعبارة "قدماء الثوار" بالنسبة لي لا تذكرني بأكثر من جملة الفنان يوسف وهبي في إشاعة حب "ونرجو إرسال الملايات اللف إلى المحاربين القدماء في باريس"..

قال مبارك: أنا أو الفوضى.. أنا أو الإخوان.. واندفع حزب الكنبة يحاول إقناعنا بأن ديكتاتورا تعرفه أحسن من اللي ما تعرفوش.. وأتينا لهم بالديكتاتور اللي ما نعرفوش، ليثبت أنه فعلًا أسوأ مليون مرة من الديكتاتور السابق.. وحين ينزل هؤلاء رفضًا لهذا الديكتاتور نقول لهم: النزول بأقدمية الحجز.. ونفضل أن يظل الديكتاتور مكانه فقط حتى لا يأتي من هو من وجهة نظرنا أسوأ..

وأوجه بعض الأسئلة لمن لا يرغب في أي تدخل من الجيش أو الشرطة لحماية المظاهرات، بل ويريد فتح جبهة معركة معهم: 
١- ما تصوراتك لنهاية المظاهرات؟ هل يخرج الرئيس ليقول: I am so sorry مخدتش بالي إنكم مش عايزنني ويتنحى؟ أم تتحول لحرب دموية مع الميليشيات المسلحة كما بدأت وهنا هل أنت متحمل لمسئولية تلك الحرب وعن حياة من سيذهبون ضحية لها علمًا بأنها هنا لن يموت فيها المشارك فقط بالتأكيد بل سيذهب أبرياء كثيرون؟ اتفضل موت المئات على مراجعة نظرتك الانتقامية للثورة واستبدالها بنظرة لتحقيق الأهداف وخوض كل معركة في وقتها؟

٢- هل تعتقد أن فعلًا الجيش ممكن أن ينقلب في حركة شبيهة ب٥٢ ويظل في الحكم ؟ وهل أنت عاجز لتجلس وتشاهده يفعل ذلك أن فعل؟

٣- ما تصوراتك في حالة النجاح بالنسبة للجيش والشرطة ؟ هل هي التطهير ومحاكمة الفاسدين منهم ؟ أم الحل في نظرك إعدام جميع أفرادها ونبدأ من الأول واحدة واحدة نعمل جيش جديد من الصفر وشرطة جديدة من الصفر ؟ هل أنت مقتنع أن ملايين العاملين بالقطاعين كلهم فاسدين وتسلخهم لأنهم في مرحلة خانوا الثورة وانتصروا للديكتاتورية الحاكمة واليوم تطالبهم بأن يظلوا في نفس الخانة حتى لو حاولوا القيام بدورهم الطبيعي ؟ ألن يخرج منا من يتهمهم بالخيانة فيما بعد ؟

وللمرة الأخيرة لست مع عودة العسكر للسلطة ولا العسكر مع عودة العسكر للسلطة ولست من هؤلاء الذين قالوا الجيش والشعب إيد واحدة لا في فبراير ٢٠١١ ولا بعد ذلك ولي كتابات ترجع لهذا التاريخ في نفس السياق.. وبالتأكيد لست مع عودة نظام مبارك.. ولكن إن كنا نؤمن أن يوم أن نعود للصناديق بعد هزيمة فاشية الإخوان ستعيد لنا الصناديق نظام مبارك.. فأنا آسف أن اقول إنه في هذه الحالة أنني أخطأت حين نزلت في ٢٥ يناير لأنني لم أكن أعبر عما يريده الشعب.
وأنا أعرف أن هذا ليس صحيحًا..
الجريدة الرسمية