رئيس التحرير
عصام كامل

ضرائب ورسوم ومصاريف لا تنتهي.. السياسات الضريبية تخالف التوجه العالمي للجباية.. وتوفيق: وزير المالية بيهرج

الدكتور محمد معيط
الدكتور محمد معيط وزير المالية
شهدت الشهور الأخيرة وتيرة متسارعة في فرض الضرائب والرسوم والأعباء على المواطنين دون تمييز، بالشكل الذي وضع حكومة الدكتور مصطفى مدبولي موضع الاتهام والتقصير ووصفها بـ"حكومة الجباية"، وهو اتهام لو تعلمون عظيم!


الأعباء الاقتصادية
لا تعبأ الحكومة الحالية، رئيسًا ووزراءً، بالأبعاد الاجتماعية للمواطنين، وتتهافت على فرض الضرائب والرسوم المتصاعدة على جميع الخدمات الحكومية، بل وابتداع رسوم غير مسبوقة، بصورة تعجيزية، ترفع حالة السخط والغضب والاحتقان الشعبي، وتتوغل قرارات الحكومة العنترية في جيوب المواطنين دون استئذان.

تارة من خلال المبالغة في فرض الضرائب، وتنويع الرسوم ما بين التصالح على مخالفات البناء القديمة، وتارة أخرى من خلال زيادة رسوم تصاريح المرور والأوراق الثبوتية والشخصية والأحوال الشخصية، حتى وصل الأمر إلى فرض رسوم غير مبررة على ماكينات الري، وجاء تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي لتأجيل قانون توثيق العقارات قي الشهر العقاري عامين لينقذ الحكومة من غضب شعبي جامح، ويكشف أن البرلمان يعيش في جزيرة منعزلة عن الرأي العام.

"فيتو" تناقش هذه الإشكالية المتشابكة والمعقدة؛ ليس بهدف إدانة الحكومة أو تبرئة ساحتها، ولكن من أجل لفت الانتباه إلى طبيعة المرحلة وتقييم السياسة الاقتصادية ومدى مواءمتها وعدم الرهان على استنزاف الغلابة والاغتراف العشوائي والإجباري من جيوبهم التي لن تحتمل هذه السياسة غير الرشيدة كثيرًا المزيد من التفاصيل في هذا الملف..

الديون

ويري اقتصاديون أن زيادة الديون الداخلية والخارجية أدت لاستهداف الحكومة جيوب الغلابة، حيث قارب الدين الداخلى والخارجى على 100 ٪ من الناتج المحلى الإجمالي، معتبرين أن الحكومة تنتهج سياسة غير رشيدة لا تراعي الأبعاد الاجتماعية لعموم المواطنين، ومطالبين إياها بالبحث عن حلول اقتصادية بعيدًا عن الاغتراف من جيوب المواطنين.

الخبير الاقتصادي المرموق الدكتور هانى توفيق يرى أن الحكومة قد تكون مجبرة على اتخاذ إجراءات صعبة تستهدف جيوب المصريين بشكل أساسى، ولكن ذلك لا يجب أن يكون مبررا لاتباع سياسات اقتصادية غير مدروسة ولا منطقية، مشيرًا إلى أن ما يؤخذ على وزير المالية الحالي اهتمامه الأكبر بتحقيق فائض أولى وتغطية عجز الموازنة، على الرغم من أنه ليس وقته حاليًا.

فالوقت الحالى من الطبيعى أن يكون هناك عجز في الموازنة في مقابل حماية طبقات المجتمع من الانهيار، بسبب تلك السياسات التي تقوم على استنزاف أموالهم، فمن الواجب أن يكون هناك -بشكل أكثر توسعًا- حزم تمويلية ومساعدة بدلا من الطريق الأسهل وهو الضرائب وهو ليس وقته، فالمواطن يعانى بشكل غير مسبوق وتلك السياسات التي يتبعها وزير المالية خاطئة تمامًا اقتصاديًا وسياسيًا.

خاصة أنها تزيد من أزمات ومعاناة المصريين، وأضاف أن زيادة الديون الداخلية والخارجية أدت لاستهداف الحكومة بجيوب الغلابة حيث قارب الدين الداخلى والخارجى على 100 ٪ من الناتج المحلى الإجمالي، و90٪ من حصيلة الضرائب تتجه لسداد ديون وقروض قديمة.

سياسات وزير المالية

ورغم أنها أؤيد فكرة ضرورة سداد المواطنين لضرائبهم والتزاماتهم نحو الدولة لكن الضغط على المواطنين بهذا الشكل قد ياتى بعواقب وخيم، ووجه رسالة خطر وتحذير لرئيس الوزراء ووزير المالية ومحافظ البنك المركزي والمسئولين عن السياسات المالية والنقدية بأن هذا وقت توسعات وسياسات توسعية.




وهو وقت لا يسمح بالضغط على المواطنين أو تحقيق فائض أولى ولكنه وقت تقديم المزيد من الإعفاءات وتحمل الأعباء عن المواطنين وليس زيادة الضغط عليهم بشكل غير مسبوق وهو خطر سياسي واجتماعي واقتصادي، لافتًا إلى أن رئيس الجمهورية اضطر للتدخل بنفسة لمواجهة أزمة الشهر العقارى وغيره.

ولذلك لا بد من عمل دراسات ضخمة للمجتمع والرضا الشعبى عن قراراتهم لحماية المجتمع من أي أزمة الدولة في غنى عنها حاليًا، كما أن ذلك هو دور مجلس النواب الذي يجب أن يحافظ على الشعب من توغل الحكومة بقرارات مجحفة تؤثر على السلم والأمن الاجتماعى، ولذلك لا بد من تقديم دراسات بديلة لسياسات الحكومة تساعد في تجاوز أزمات كورونا بأقل الخسائر على الجميع.

نسب النمو العالمية

وتابع: إن تقييمات المؤسسات الاقتصادية حول مؤشر النمو غير مجدية، فمؤشر النمو وحده قاصر عن إعطاء الصورة الحقيقية، لأن هناك أمرين يجب التنبه لهما وهما ذكر معدل النمو دون ذكر هل هو قادم من موارد ذاتية أم من قروض داخلية وخارجية وهذا فرق.

والأمر الثانى ما هو مصدر هذا النمو هل هو ناتج عن استيراد وتصدير وإنتاج صناعى أم هو إنفاق على البنية التحتية وبيع أراض أو أصول وليس إنتاجا حقيقيا، لافتًا إلى أن مؤشر النمو وحده لا يكفى ولابد من معرفة مصدره أولا، فالنمو إذا كان من قروض فسيعود مرة أخرى للمقرضين، وإذا كان صافى الصادرات رديئا والاستهلاك ضعيفا، وكل ذلك إنفاق حكومى على بنية تحتية وغيرها.

فإن ذلك خطر كبير يستدعى إعادة النظر والتدخل لوضع حد لتلك السياسات، وذلك من خلال خبراء وأعضاء مجلس النواب، ومن خلال دراسات جادة وحقيقية يتم تقديمها لمتخذى القرار لإعادة النظر في السياسات التي قد تضر بالجميع.

تأثير كورونا

وقال الدكتور علاء الغرباوى الخبير الاقتصادى، ووكيل كلية التجارة جامعة الإسكندرية: إن أزمة كورونا أثرت على دخل الدولة من الموارد والعملات الصعبة الناتجة عن عائدات قناة السويس والسياحة وتحويلات المصريين العاملين بالخارج، وبالتالى اتجهت الدولة للبحث عن عائدات، فلم تجد سوى جيوب المصريين من خلال زيادة الضرائب ورسوم الخدمات.

ورفع الدعم عن العديد من الخدمات والمنتجات البترولية والطاقة ما أدى إلى حالة من الغضب والاحساس بالضغط الشديد على دخولهم ، لافتا إلى أن الضرائب تمثل 80% من عائدات ودخول الدولة، ومن أجل ذلك اتجهت الدولة لعمل إقرارات إلكترونية والتوسع في الضرائب بأنواعها، خاصة أن عائدات الجمارك ضعيفة نتيجة تراجع التجارة الدولية بسبب كورونا، فتم تغيير الشرائح على الدخل لزيادة الحصيبة الضريبة.

وأشار إلى أن تلك السياسات في وقت الأزمات تخالف توجهات دول العالم التي أعفت مواطنيها من الضرائب، ودعمتهم في مواجهة تداعيات كورونا، وذلك يرجع إلى مشكلة مزمنة تتمثل في محدودية الإيرادات الحكومية، التي تأثرت بقوة بغياب السياحة وتراجع الصادرات وقناة السويس وتراجع تحويلات المصريين، فلجأت الدولة لتغطية العجز من خلال الوسيلة الأسهل وهي فرض ضرائب جديدة على المصريي.

إجراءات البنوك

وأشار إلى أن اتخاذ البنوك عدة إجراءات لجدولة الديون أو تأجيل الأقساط جيد، لكنه لم يحقق إرضاء للمواطنين المستنزفين من جانب الحكومة من جهات أخرى، حيث أغلقت المصانع، وتم تسريح العديد من العاملين وخفض رواتبهم بقوة، وذلك رغم كوننا الدولة الأولى أفريقيا في مقياس المرونة الاقتصادية ومواجهة الأزمات، وثالث دولة عربية، نظرًا لأن الاقتصاد المصرى يعتمد على الصناعات الصغيرة والاقتصاد غير الرسمى الذي يمثل أكثر من 50% من حجم الاقتصاد ما يعنى أن لدينا قدرة على مواجهة الأزمات، لكننا تحتاج إلى إدارة مالية رشيدة تحد من استنزاف المواطنين، وتتجه لتدبير الموارد من جهات أخرى بعيدا عن جيوب الغلابة.

نقلًا عن العدد الورقي...
الجريدة الرسمية