رئيس التحرير
عصام كامل

غلق بوابات الدبلوماسية.. ما مصير سد النهضة بعد نفاد صبر السودان ومصر؟

سد النهضة
سد النهضة
على مدار الأيام الماضية ومع قرب شروع إثيوبيا في الملء الثانى لخزان سد النهضة، خاطبت دولتى المصب مصر والسودان، المجتمع الدولي والعاصمة "أديس أبابا"، بضرورة العودة للتفاوض بهدف الخروج بحلول سياسية تحقق التعاون، وتحويل السد الإثيوبى من كارثة إلى فرصة.



كعادتها إثيوبيا قابلت الدعوة المصرية السودانية بصلف، وبدأت تكشف نواياها فى المضى قدما بملء خزان السد على غرار فعلتها في الملء الأول، وبدأت تذهب بلغة الحديث إلى منطقة شائكة معتبرة أن المياه التى منحها الله لشعوب المنطقة من حقها فقط.


وانتقلت من التشدق بالتنمية والكهرباء إلى الحق فى تعطيش البلاد والعباد، وتدمير البنية التحتية لدولتي المصب، فلم تبال بتحذيرات السودان من تأثير سد النهضة على 20 مليون مواطن، ولم تنشغل بتهديد ضفعهم فى مصر.

إثيوبيا المناكفة 

هكذا هى إثيوبيا جارة مناكفة، لا تحترم الجار ولا تخضع للمجتمع الدولى، ولا تفهم لغة الدبلوماسية، اعتادت على سماع الرصاص واستنشاق البارود، وعودها كاذبة منذ فجر التاريخ تناور بالمفاوضات وتطعن فى الظهر.

وحتى الأمس القريب حركت أجهزة استخباراتها أذرعها الخفية للوقيعة بين القاهرة والخرطوم، قناعتها بخطورة وحدتهم في مواجهة جريمته الرامية لتعطيش الشعبين المصري والسوداني.

وبالرغم من التصريحات العنترية الصادرة من النظام الإثيوبى بعدما فشل فى الوقيعة، اتسمت الرود المصرية السودانية بلغة دبلوماسية راقية ولم تنجر قيادة البلدين لمنحى التلويح بالحرب، بل سارعت الخرطوم لدعوة المجتمع الدولى للتدخل فى ملف المفاوضات المعطلة كوسطاء.


وخاطب الدكتور عبدالله حمدوك رئيس الوزراء السودانى، الأمم المتحدة وأمريكا والاتحاد الأوروبى، للتدخل في الأزمة مدعوما بمباركة مصرية لأي تحرك يرمي للحل بالطرق السلمية.

ميوعة أمريكا وأوروبا

لكن رد الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى المرحب، خلى من الجدية وتميز بالميوعة السياسية، وكأن هناك من يريد دفع المنطقة إلى الحرب، من خلال اشتراط دعوة أطراف الأزمة الثلاث، وهو الأمر المستحيل حدوثه فى ظل تمسك إثيوبيا بوساطة الاتحاد الأفريقى فقط دون غيره، لتمارس سياسة الخداع بعيدا عن أعين العالم مثلما فعلت فى الملء الأول الذي شرعت فيه بعد قمة إفريقية.


ميوعة الرد الأمريكى والأوروبى أشعرت "أديس أبابا"  بالاستقواء، وانهالت على لسان حكومتها البيانات المتعجرفة ضد دولتى المصب، الأمر الذي دفع مصر والسودان للرد على لسان وزارتى الخارجية فى البلدين، من خلال بيانات تحذيرية من مغبة المضى قدما فى احتجاز مياه النيل، دون تفاوض يهدأ شواغل الجميع. 

حماية الأمن القومى 

وجاء رد رئيس الفريق الفني السوداني المفاوض في الملف، مصطفى حسين الزبير، ليؤكد أن إصرار إثيوبيا على ملء السد يوليو المقبل، دون التوصل لاتفاق هو تماد في موقفها المُخالف للقانون الدولي فيما يتعلق باستخدام مصادر المياه العابرة للحدود، ويتنافى مع اتفاق إعلان المبادئ الموقع مع القاهرة والخرطوم في مارس 2015 حول ملء وتشغيل السد.


وأوضح أن قيام إثيوبيا بالملء الثاني بصورة أحادية يشكل تهديدًا مباشرًا لحياة 20 مليون مواطن سوداني يعيشون على ضفتي النيل الأزرق والنيل الرئيسي.

كما تنجم عن ذلك الفعل الأحادي، مخاطر جدية على منشآت السودان الحيوية من سدود وبنية تحتية وأنشطة زراعية وصناعية قائمة، مشددا على أن بلاده قادرة في كل الأحوال على حماية أمنها القومي ومواردها.

صبر مصر والسودان 

فماذا يريد آبى أحمد على، فى هذه الأزمة وما هى تصوراته عن مدى الصبر الاستراتيجي لدولتي المصب السودان ومصر؟.. خصوصا أن هناك تقارير تحدثت عن وقائع فساد مالى جمة فى سد النهضة ارتكبت فى عهده.


فهل يريد توريط القاهرة الخرطوم أمام المجتمع الدولى فى ضربة عسكرية لنسف السد ترفع عنه حرج الفساد، وتعيد شعبيته المفقودة نتيجة المجازر التي يرتكبها يوميا، ولعل أبرزها ما يحدث في إقليم تيغراي.

وماذا تريد الولايات المتحدة، وكذلك الاتحاد الأوروبى فى ظل ما يملكونه من نفوذ يمكنهما من الضغط على إثيوبيا للرضوخ للمجتمع الدولى، والدليل على ذلك هرولة الرئيس الأمريكي جو بايدن لإرساله مبعوثه السيناتور "كريس كونز" إلى إثيوبيا لبحث قضية التيغراي مع آبى أحمد.


وتجاهلت أجندة المبعوث بايدن سد النهضة، فهل بات السد فخا دوليا لإدخال مصر والسودان، لخلق ذريعة للتدخل فى المنطقة وجعل المعركة شوكة فى ظهر البلدين مستقبلا؟ علامات استفهام كثيرة ربما تحمل الأيام المقبلة إجابات عنها.
الجريدة الرسمية