رئيس التحرير
عصام كامل

أسرار هجوم الود التركي على مصر.. أردوغان استوعب درس معاداة القاهرة.. والتحالفات الجديدة تجبر أنقرة على التراجع

الرئيس التركي أردوغان
الرئيس التركي أردوغان
«تحول إستراتيجي لإنهاء عزلتها الإقليمية».. نتيجة وحيدة اتفق عليها خبراء العلوم السياسية لتوصيف الخطوات التي يتخذها النظام التركي خلال الفترة الحالية، لا سيما فيما يتعلق بملف العلاقات (المصرية - التركية).


هجوم الود

فبعد سنوات من «القطيعة» بين القاهرة وأنقرة، خرجت الأخيرة، وعلى لسان عدد من رموز النظام الحاكم، في مقدمتهم الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، لـ«خطب ود» مصر والحديث عن الرغبة التركية في فتح صفحة جديدة معها وطي صفحات «العداء».

بداية «هجمات الود التركي» على مصر، كانت على لسان إبراهيم كالن، المتحدث باسم الرئاسة التركية، الذي صرح قائلًا: «يمكن فتح صفحة جديدة في علاقتتا مع مصر وكذلك دول الخليج للمساعدة في إرساء السلام والاستقرار الإقليميين، بالإضافة إلى أن العلاقة مع الولايات المتحدة يمكن أن تعمل بطريقة بناءة للغاية، حيث يمكن الاستفادة من بعضنا البعض ومعالجة القضايا والاهتمامات المشتركة معا»، وهي تصريحات دفعت العديد من الخبراء للبحث عما وراء «الود التركي» ناحية مصر، وما تطمح «أنقرة» لتحقيقه من خلال عبارات وإشارات الغزل السياسي التي توجهها ناحية القاهرة.

تغير المصالح

وفي هذا السياق قال اللواء محمد عبد الواحد، خبير الشئون الأفريقية والأمن القومي: السياسة بشكل عام ليس بها مطلق لكنها نسبية تتغير بتغير الظروف والمصالح والتهديدات والتحديات، وتغيرها مقبول في عرف السياسيين أو بمعني أصح ما يعرف بعرف المصالح.

فبالأمس كانت هناك تحالفات عربية تضم كلًا من (مصر، البحرين، السعودية، والإمارات) كان الغرض من هذا التحالف حصار النفوذ التركي والنفوذ الإيراني في المنطقة والعمل سويا لاستقواء كل منهما ببعضهما البعض سواء في اليمن أو سوريا، والآن وبعد علاقات تطبيع إسرائيل مع دول كثيرة اختلفت الأمور، بدأت دول كثيرة جدًا تسرع في اتجاه عمليات تطبيع جديدة على حساب دول أخرى.

لذا يمكن لفكرة التحالفات أن تشكل من أول وجديد وتتغير وفقًا للمصالح الموجودة في كل منطقة، وأضاف: التحالفات الموجودة، كالتحالف (المصري، اليوناني، القبرصي) لوقف النفوذ التركي في منطقة شرق المتوسط، وكذلك الاتفاق الإسرائيلي اليوناني القبرصي لمد أنابيب النفط إلى إسرائيل وإعادة توزيعها مرة أخرى لمنطقة أوروبا غير شكل التحالفات لكن جميعها تعتمد على المصلحة.

ضغوط أنقرة الداخلية

وتركيا بسلوكها الأخير تسعى لتحقيق مصالحها سواء في سوريا والعراق والمنطقة العربية، خاصة بعد أن خسرت العديد من دول الجوار الجغرافي سواء في الدول الأوروبية أو الدول العربية، لأنها أصبحت تعاني من ضغوط داخلية كثيرة بسبب انعزالها عن العالم أو بمعني أدق نطاقها الحيوي ومصر بالتحديد التي كان لها دور كبير في عزل تركيا عن مجالها الحيوي.

فتركيا رأت أن دول الجوار باتت جميعها تقف بوجه نفوذها في ليبيا وشرق المتوسط والمنطقة العربية وبالتالي أصبحت تسعي لإعادة حساباتها مرة أخرى. وأوضح خبير الأمن القومي أيضًا أن «الإدارة الأمريكية الجديدة تحت قيادة جو بايدن، لها تأثير كبير باعتبار أن الولايات المتحدة الأمريكية الدولة العظمى.

والتي تعد رقم واحد في العالم في قيادة النظام السياسي العالمي اختلفت سياستها، حيث أصبح هناك نوع من التقارب الأمريكي الإيراني يمكنه أن يعمل على مرة أخرى على عودة الاتفاقية النووية، كل ذلك يهدد مصالح تركيا لذا لا بد أن تتوافق مصالح أنقرة من جديد مع هذه التغيرات، وأن تعمل على ضبط منهجها مرة أخرى، وبالتالي لا بد من إرجاع علاقتها بدول الجوار خاصة أن دول الجوار العربي في المنطقة، وسعيا لذلك تحدثت عن علاقات مع مصر والسعودية والإمارات.




العزلة التركية

وألمح «عبد الواحد» إلى أنه رغم العزلة التركية خلال السنوات السابقة، لكن أنقرة لا تزال تحافظ على علاقاتها الاقتصادية والتبادل التجاري بين مصر والسعودية والإمارات، فالميزان التجاري خلال عام 2018، والذي شهد ذروة الأزمات بين العواصم الأربع بلغ 5 مليارات دولار، وهو ما يؤكد أن تركيا تدرك جيدًا أن خسارتها لمصر اقتصاديا يمكنها أن تكبد اقتصادها خسائر خسائر شديدة والذي يعاني بشكل شديدة في ظل الظروف السياسية الراهنة لذا تسعى تركيا لمحاولة بناء علاقاتها مرة أخرى مع جيرانها.

أردوغان يستوعب الدرس

وحول موقف النظام التركي من جماعة الإخوان الإرهابية، في ظل التقارب الذي ترغب في حدوثه مع مصر، قال «عبد الواحد»: التوقف عن دعم وتمويل الإخوان والتنظيمات الإنسانية والسياسية الدينية، الشرط العربي الأول لكافة الدول لمحاولة بناء علاقات مع تركيا مرة أخرى وإثبات حسن النوايا مع جيرانها العرب.

لكن لا يمكن أن تقوم تركيا بتلك المهمة مرة واحدة حفظًا لماء الوجه أمام الداخل التركي، وذلك في حال كانت المكافآت عالية، مع الأخذ في الاعتبار أنه ليس هناك ما يمكن أن يطلق عليه توصيف «استئناف الاتصالات الدبلوماسية» نظرًا لأن الطرفين لا يزالان في مرحلة بناء ثقة.

نقلًا عن العدد الورقي...
الجريدة الرسمية