رئيس التحرير
عصام كامل

نهاية عصر الطاغوت


شكرا للرئيس السابق محمد مرسى.. شكرا له فقد وحد الأمة ضد ضلال الجماعة وكذب الجماعة ونصب الجماعة.. شكرا له لأنه كان سببا حقيقيا فى تحصين الشعب المصرى ضد تجار الدين وضد اللحى الكاذبة، وضد كل من تصور له نفسه أنه يحكم باسم الرب الواحد القهار.


شكرا للرئيس المقال لأنه كشف جماعة الإخوان على حقيقتها، وكشف للناس كافة ضعفها وهوانها وتجارتها بالوطن لتحقيق أهداف خاصة لا علاقة لها بوطن بحجم مصر.. شكرا له لأنه وهو مرشحهم كان أضعف حلقات الثورة وكان رمزا للتبعية والخضوع.. شكرا له لأنه أوصل أحوال مصر إلى التسول من بلاد لا ترى بالعين المجردة على الخريطة وشكرا له لأنه وحدنا فى مواجهة الطاغوت الجديد.

شكرا للدكتور محمد مرسى، لأنه استطاع بحنكة مبالغ فيها من كشف مخاطر الفاشية الدينية، وشكرا له لأنه أراد قسمة المجتمع فتوحدنا وأراد بيع الوطن فاشتراه أبناؤه.. شكرا له لأنه علمنا أن الكاذبين لا يعيشون طويلا ولأنه علمنا أن الخداع قد يحيا يوما ولكنه لا يحيا كل الأيام.

شكرا لرفاقه الذين أساءوا إلى الشعب، فنهض الشعب رافضا لكل صنوف الذل والهوان.. شكرا لهم جميعا لأنهم تعروا فى استربتيز سياسى منقطع النظير، وشكرا لهم لأنهم لم يصبروا وتعجلوا السيطرة والتحكم والإذلال فكانت الثورة الثانية.

شكرا لرئيس ارتمى فى حضن الأمريكان، ظنا منه أن أمريكا ومن ورائها يستطيعون الوقوف ضد رغبة شعب، وشكرا له لأنه اهتم بذويه وباع الناس وهمومهم ومشاكلهم فجعل الجميع على قلب رجل واحد ضده وضد التبعية وضد "التكويش".

إن أعظم إنجازات الرئيس السابق محمد مرسى هو خطابه الأخير، ففى الوقت الذى كان يصفق له أتباعه وتابعيه على سطحيته وسذاجته وهوسه وخوفه فى قاعة المؤتمرات، كانت خيوط الحماسة تتجمع لتنسج ثورة جديدة تعم البلاد.. لقد استطاع فى هذا الخطاب أن يكون بطل الثورة الحقيقى بلا منازع.

كانت ثلاثون عاما من التجريف فى عصر مبارك كفيلة بأن تمد دم الثورة فى عروق الشعب، وكانت اثني عشر شهرا فى عصر مرسى كفيلة بأن تقضى على حلم الفاشية إلى الأبد.. حاربهم عبد الناصر فكانت الجماهير تراها معركة بين سلطة وتيار، وحاربهم السادات فرآها الناس على أنها معركة سلطة ضد تيار، وحاربهم مبارك فكان ذات الرؤية تحكم الشارع، وبعد أن صاروا فى السلطة خاضوا حربا ضروس ضد الشعب، وها هو الشعب فى كل الميادين وقد أصدر قراره بمطاردتهم إلى أن يفيقوا ويعلموا أن مصر الشعب هى من تخوض المعركة.. معركة نهاية عصر الإخوان.

وإذا كان مرسى قد تمخض فى خطابه المبارك وقال إنها ثورة واحدة، قاصدا مواجهة حركة الشباب اليوم فليصبر ولا يهرب وليبقى كما بقى مبارك وليواجه بشرف حركة الجماهير المتمددة فى كل شوارع مصر وحواريها أو ليعلن على الملأ نهاية عصر جماعته وفكرتها فى الهيمنة والسيطرة، وليعترف أن هذا الشعب قرر أن تكون سلطته بيده لن يمنحها إلا لكل وطنى وأنه قادر على استعادة سلطته وسطوته وقدرته على تأديب وتهذيب كل من تسول له نفسه أن يعيد عجلات التاريخ إلى الوراء.

لقد صدق الرئيس السابق محمد مرسى عندما قال إنه لا يستطيع أحد أن يعيد عقارب الساعة إلى الوراء.. نعم لن تستطيع أنت ومن ورائك من قوى إقليمية أو دولية أن تعيدوا المصريين إلى دار العبودية أو سجون الإنسانية أبدا.. ولى زمن التكويش وغادرنا عصر الاستكانة والخضوع ولن يحكم مصر إلا مصرى لا يخضع إلا لشعبها وأحلامها وطموحات شبابها.
الجريدة الرسمية