رئيس التحرير
عصام كامل

جهاز جديد ينهي معاناة 600 ألف طفل من شكشكة إبر السكر.. مخاطبات للصحة بتوفيره على قوائم التأمين.. والوزارة: تحت الدراسة

 جهاز جديد لقياس
جهاز جديد لقياس نسبة السكر للأطفال - صورة أرشيفية
«السكري المزمن».. واحد من الأمراض التي توصف بأنه «لا شفاء منها»، فمريض السكري يواصل حياته متسلحًا بـ«الأنسولين» لمواجهة مرضه، وهو ما يجعله دائما عرضة لـ«الوخز»، سواء لقياس نسبة السكر في الدم أو الحصول على جرعة «أنسولين».


600 ألف طفل

ولم يكن الأطفال في منأى عن هذا المرض، حيث يوجد في مصر ما يقرب من 600 ألف طفل إصابتهم مؤكدة بـ«السكر» بعضهم بدأت رحلته مع المرض منذ أشهره الأولى في الحياة.




وفي سبيل التقليل من آلام «السكر» التي تطارد الأطفال، ظهرت تكنولوجيات طبية حديثة تساعد على إنهاء معاناة قياس السكر بالدم وتجنب "الشكشكة" المستمرة طوال الليل والنهار بجهاز يقيس بدون وخز، غير إنه غالي الثمن ولا تستطيع آلاف الأسر توفيره لأطفالها، هذا فضلا عن عدم إدراجه – حتى الآن- في التأمين الصحي.

جهاز الوخز

ولا يزال الأطفال يحصلون على عبوات شرائط قياس السكر بالطرق التقليدية بالوخز في أصابع اليد، وفي هذا الإطار ناشدت مجموعة من أمهات «أطفال السكر» وزارة الصحة وهيئة التأمين الصحي ورجال الأعمال دعم توفير جهاز «الوخز» الجديد لرفع المعاناة عن الأطفال وتخفيف عبء المرض عليهم.

وقالت شيري جودة، من محافظة الإسكندرية: ابني مصاب بالسكري منذ 5 سنوات، وتحديدًا عندما كان عمره 7 أعوام، وفي البداية لم نكتشف إصابته بالمرض حتى دخل في غيبوبة ليتم بعدها اكتشاف إصابته بالسكري، وأضافت: طفل السكري يعيش على الأنسولين طوال عمره.

ولا يستطيع تناول أي طعام دون الحصول على جرعة أنسولين ويحتاج إلى قياس نسبة السكر في الدم عدة مرات في اليوم، من ٦ إلى ١٢ مرة، من خلال طرق القياس بالدم حيث يتعرض الطفل إلى «شكة» في أصابع اليد تسبب ألما للطفل وحرقانا في الأصابع.

وكنت في العام الأول لإصابة ابني «عمر» بالمرض أقيس نسبة السكر من خلال الشرائط، وهو ما كان يسبب عصبية الطفل من كثرة «الشكشكة» وكذلك وجود زوائد جلدية في أصابع اليد وتورم بها من كثرة الوخز بها وانعدام الإحساس بها.

«شيري» أوضحت أنه «يوجد جهاز حديث لقياس نسبة السكر في الدم دون وخز يشبه في شكله التليفون المحمول، وهو عبارة عن قارئ وقطعة تركب في ذراع الطفل تتغير مرتين شهريا ويقرأ نسبة السكر من الطبقة الدهنية في الجسم ويمكن من خلاله قياس السكر كل ثانية على مدار ٢٤ ساعة دون حدوث ألم الطفل».

وتابعت: تمكنت من توفير الجهاز من خارج مصر، إلا أنه هناك آلاف الأسر لا تستطيع توفير الجهاز لأطفالهم، لهذا نطالب بتوفيره في منظومة التأمين الصحي ليكون متاحا للجميع، لا سيما وأن الطفل يحتاج لقياس نسبة السكر قبل تناول أي طعام، حتى وإن كان طبق سلطة، لكي لا يحصل على جرعة إضافية للجسم وتفادي الهبوط والارتفاع في السكر.

وفي حال تناول جرعة أنسولين على ارتفاع دون قياس يظل سكره مرتفعا، وأصبحت مضطرة للقياس قبل الأكل وبعده بساعتين ولا يمكن التخلي عن القياس، مع الأخذ في الاعتبار أن سكر النوع الأول مختلف عن الثاني وكل وجبة طعام تكون بحساب.

الأسعار

كما أكدت أن «الجهاز متوفر في مصر منذ عدة أشهر للقادرين على شرائه، لكنه لم يدرج بعد في التأمين الصحي وتبلغ تكلفته الإجمالية لشرائه لأول مرة ٣ آلاف جنيه ثم ٢٠٨٠ جنيها شهريا لتغيير القطعة التي تركب في الذراع للطفل وليس مكلفا مقارنة بالشرائط التي يتراوح سعرها من ١٨٠ إلى ٣٠٠ جنيه العبوة، ويمكن أن يحتاج الطفل إلى ٦ عبوات شهريًا، والجهاز يقلل معاناة الأطفال من الوخز.

وكذلك يجنب خطر الدخول في غيبوبة ارتفاع أو انخفاض سكر مفاجئ، كما أن أطفال السكر من النوع الأول يتحملون ما لا يستطيع الكبار تحمله، مؤكدة أنهم أبطال يستحقون الأفضل وما ينير طفولتهم المليئة بالآلام والوخز والحرمان».

من جهتها قالت أماني الجبالي، والدة طفلة مصابة بـ«السكر»: ابنتي أصيبت بالمرض فجأة قبل أن تكمل عامها الأول، حيث كانت تبكي كثيرًا وتتبول بصورة غير طبيعية ومع إجراء التحاليل اكتشفنا إصابتها بمرض السكر.

وكثير من الأطفال يصل بهم الأمر إلى غيبوبة ويكتشفون بعدها الإصابة بالمرض، والسكر من النوع الأول الذي يصيب الأطفال مرض مناعي ليس شرطا أن يكون له عوامل وراثية، وفيه لا يتعرف الجهاز المناعي على البنكرياس ويبدأ مهاجمته، وابنتي تعيش على الأنسولين مدي الحياة وتحتاج إلى ضبط معدل السكر في الدم وقياس السكر باستمرار، نظرا لأن الطفل يحتاج أن يحصل على انسولين حسب وزنه وفي حالة زيادة كمية الأنسولين عن الوزن يمكن أن يتعرض لمقاومة أنسولين.

التأمين الصحي

وأضافت: أي طعام يحصل عليه الطفل يجب قياس السكر قبل وبعد، كما أن الحالة النفسية للطفل تؤثر على حالته ويمكن أن تتسبب في ارتفاع السكر ومع زيادته عن الحد المسموح به إلى غيبوبة سكر للطفل، وأطفال السكري يخضعون للتأمين الصحي ويوفر لهم شرائط أنسولين ٣ عبوات لكل طفل والعبوة الرابعة بـ ٥٠ جنيها وتكلفتها في الخارج تتراوح ما بين ٢٠٠ إلى ٢٨٠ جنيها لقياس السكر.

وكذلك يوفر العلاج، إلا أن الأطفال يجدون صعوبة في القياس بالشرائط بسبب كثرة الوخز، لذا نطالب بتوفير جهاز الاستشعار عن السكر بدون وخز ليكون متاحا لكل الأطفال خاصة غير القادرين على شرائه.

وتابعت: «بنتي كانت هتروح مني عدة مرات، بتكون قاعدة طبيعي وفجأة تصاب بهبوط السكر وبحتاج قياس السكر عدة مرات، جهاز قياس السكر بدون وخز يمنع تعرض الأطفال لمضاعفات كما يمكن تركيبه على أي مكان في الجسم دون أن يراه الطفل حتى لا تتأثر نفسيته ويرفض القياس».

«أماني» أشارت إلى أن الأمهات تطالبن بتوفير الجهاز في التأمين الصحي ومساعدة رجال الأعمال ومساعدة الدولة في توفير تكاليفه لحماية الأطفال، وهناك مجموعة من الأمهات تواصلن مع المسئولين في وزارة الصحة الذين أكدوا أن الأمر تحت الدراسة.

تحت الدراسة

بدورها.. كشفت الدكتورة منى سالم، أستاذ طب الأطفال والسكر والغدد الصماء بكلية الطب جامعة عين شمس، رئيس الجمعية المصرية للغدد الصماء والسكر في الأطفال، أن هناك إحصائية أثبتت أن نسبة الانتشار لمرض السكري بين الأطفال تصل إلى 0.8 لكل ألف طفل أما نسبة الإصابات الجديدة فتصل إلى ٣.٥ من ١٠٠ ألف طفل.

وقالت: تشخيص الطفل المصاب بالسكر يجب أن يكون مبكرا، ويجب على الأم أن تنتبه عند ظهور هذه الأعراض (التبول كثيرا، التبول اللاإرادي، ظهور الدمامل، حكة لدى البنات، التركيز ضعيف)، والإهمال في هذه الأعراض وعدم الاكتشاف مبكرا قد تصل إلى حدوث غيبوبة كيتونية للطفل.

وأضافت: إدراج جهاز قياس السكر بدون وخز في التأمين الصحى قيد الدراسة بالفعل، ولجان السكر بالتأمين الصحي تهتم به وتسعي لتوفيره وقريبا سيكون متاحا للأطفال، وثمن الجهاز يصل إلى 1400 جنيه يشتري لمرة واحدة، وثمن قطعة أخرى في الجهاز توضع غلى ذراع الطفل يتم تغييرها مرتين في الشهر يصل إلى 1040 جنيها، لذلك عند دخول الجهاز في التأمين الصحي يجب على الأم الحفاظ عليه.

أسباب إصابة الأطفال بالسكر

«د.منى» أوضحت أن هناك عدة عوامل وراء إصابة الطفل بالسكر كالعوامل الوراثية والضغط العصبى، وتناول طعام به ميكروبات، في حين أن الطعام الصحى المتوازن والرياضة من طرق الوقاية، مشيرة إلى أن الأطفال المصابة بمرض السكر النوع الأول تقل كفاءة البنكرياس لديهم ويكون مصاحبا للطفل على مدار حياته حتى يكتشف الطب علاجا أو تطعيما للسكر من النوع الأول.

من جهته قال الدكتور تامر سليم، استشارى طب الأطفال، رئيس قسم الأطفال بمستشفى الهلال: أسباب إصابة الأطفال بالسكر من النوع الثاني نتيجة السمنة والتغذية غير الصحية ومع وضع نظام صحى قد يشفى الطفل، والطفل المصاب بالسكر النوع الأول إصابته تكون لعدة عوامل غير معروفة حتى الآن.

«د.تامر» أشار أيضا إلى أن الإصابة بالسكر النوع الأول تكون مصاحبة للطفل طوال عمره، لذلك يسمى الطفل المصاحب للسكر، وليس هناك وقاية من هذا النوع من السكر، لافتا إلى أن الطفل يظل طوال عمره معتمدا على جرعات الأنسولين، وأنه عقب 2018 حدث طفرة بالتأمين الصحى.

وتم توفير أحدث أنواع الأنسولين وأجودها للأطفال وجميع الأدوية، وصرف ما يقرب من 3 عبوات شرائط للطفل لقياس نسبة السكر شهريا، وتابع: الطفل المصاحب للسكر يتم قياس السكر له ما يقرب من 6: 10 مرات في اليوم، عند الوجبات الثلاثة وعند الفجر، وفى حالات الطوارئ، لذلك فهو معرض للشكشكة 10 مرات يوميا، بخلاف شكشكة جرعات الأنسولين.

كما أن الطفل المصاحب للسكر يجب تهيئته نفسيا من أجل تقبل المرض والعلاج، لذلك يتم تنظيم معسكرات للأطفال، وبداية من فبراير الماضى دخل جهاز قياس السكر بدون وخز مصر وأصبح له وكيلا بالقاهرة.

وبالفعل تم رفع مطالب الأمهات لتوفير الجهاز بالتأمين الصحى إلى اللجنة العليا للسكر، ونسبة دعم الجهاز تتوقف على عقود التفاوض، ونأمل أن يتم توفيره مجانا وخلال الشهور المقبلة، لأنه هناك بعض الأسر لا تستطيع تحمل ثمن جرعة الأنسولين الشهرية التي تصل إلى 25 جنيها، وهناك ما يقرب من 600 ألف طفل مريض سكر بالنوع الأول في مصر.

نقلًا عن العدد الورقي...
الجريدة الرسمية