رئيس التحرير
عصام كامل

نشطاء ثوريون يعلنون بيان التنحي... هدف الثورة العلو فوق الأيديولوجيات وكسر الاستقطاب الديني... إسلام لطفي: "مرسي" يجتهد لبناء سلطوية جديدة

 إسلام لطفي، أحد
إسلام لطفي، أحد مؤسسي حزب "التيار المصري"

أعلن أحد النشطاء البارزين في ثورة 25 يناير ما وصفه بـ "التنحي" عن المشهد السياسي الحالي في مصر، بعد أن بات المشهد يؤدي إلى أحد خيارين يرفضهما، إما الرضا باستمرار نظام الرئيس محمد مرسي، أو بإزاحته عن الحكم والرضا بالعودة إلى حكم الجيش.

ويرى بعض المحللين أن المبررات التي أوردها الناشط السياسي فيما أسماه بـ "بيان التنحي"، اليوم، تعبر عن آراء قطاع كبير من الشعب المصري الذي بات "حائرا" بين الأطراف المتخاصمة في اللحظة الراهنة، و"الخائف" من أن تسير الأمور نحو "حرب شوارع".
واستعرض إسلام لطفي، أحد مؤسسي حزب "التيار المصري"، في البيان مسيرته ودوره منذ بداية الثورة التي اندلعت في 25 يناير عام 2011 بدعوى من مجموعات شبابية من تيارات وأطراف متنوعة، وكان من بينهم لطفي كأحد ممثلي شباب جماعة الإخوان المسلمين، قبل أن تقوم الجماعة بفصله هو وعدد آخر من رفاقه في وقت لاحق بدعوى المشاركة في مظاهرات مناهضة لحكم الجيش في عام 2011 دون الاتفاق مع الجماعة.
وأشار إلى أن "الاصطفاف الوطني"، و"سلمية الثورة"، و"التوافق على الأهداف" كانا من أبرز الأسباب التي "هزَّت" أركان نظام الرئيس السابق حسني مبارك، وأجبرته على التنحي بعد مظاهرات واحتجاجات دامت 18 يوما.
وتابع، أنه في سبيل الحفاظ على الأهداف التي قامت من أجلها الثورة، وهي "دولة العدل في مقابل دولة الظلم ودولة الإنسان في مقابل دولة القمع"، أسس مع زملاء له من تيارات عدة ائتلاف شباب الثورة، ثم شارك في تأسيس حزب التيار المصري بعد فتح باب تشكيل الأحزاب عام 2011، وكان الهدف منهما "العلو فوق الأيديولوجيات" وكسر "الاستقطاب الديني- العلماني المفتعل" لصالح توجيه الصراع نحو تحقيق الأهداف المشتركة للثورة.
وائتلاف شباب الثورة الذي تشكل داخل اعتصام ميدان التحرير في الأيام الأولى للثورة، كان يعتبره البعض، وخاصة من الشباب لسانا للثورة، وكان صاحب الدعوات للعديد من المليونيات التي ساهمت في استمرار الاعتصام حتى الإطاحة بمبارك، ثم مليونيات لاحقة ضد استمرار تولي المجلس العسكري (قيادة الجيش) حكم البلاد في الفترة الانتقالية.
كما عدَّد لطفي مشاركاته الشخصية ومشاركات الائتلاف والحزب على مدى نحو عامين ونصف في إنهاء حكم الجيش والوصول بالبلاد إلى الحكم المدني عبر انتخابات رئاسية، ناصروا فيها بداية المرشح الرئاسي السابق، عبد المنعم أبو الفتوح، ثم ناصروا محمد مرسي، مرشح جماعة الإخوان المسلمين، "مضطرين" أمام أحمد شفيق المحسوب على أركان نظام مبارك، آخذين من الأول تعهدات تخص عدم استحواذ جماعته على الحكم وألا يستعين بفاسد، ثم تبين أن الجماعة "غير جادة" في الوفاء بهذه التعهدات.
واستدل على ذلك بإصدار الرئيس إعلانا دستوريا في نوفمبر الماضي بدون التشاور مع بقية القوى، والذي حصَّن فيه قراراته وبعض المؤسسات المنتخبة من الطعن أمام القضاء، وهو ما فجَّر احتجاجات عارمة ضده، سالت فيها دماء قتلى وجرحى في أول مواجهات دامية بين مصريين مدنيين من نوعها منذ اندلاع الثورة.
وعلى إثر هذه الأحداث شارك إسلام لطفي وحزبه في مبادرة لنبذ العنف تحت رعاية شيخ الأزهر، غير أنها لم تجدِ نفعا، بحسب وصفه، حتى وصلت مصر إلى "أقصىلا ما يمكن أن تصل إليه دولة مركزية من فشل وتمزق"، سواء على المستوى الاجتماعي أو السياسي.
واتهم لطفي نظام محمد مرسي بأنه "يتشكل على نفس هيئة النظام الفاسد السابق"، وبأنه "يجتهد كي يبني سلطوية جديدة".
ومن الناحية الأخرى، أبدى لطفي عدم رضاه عن وضع القوى المعارضة الحالية، التي وصفها بـ "السائلة"، و"التي لم تسع إلى بناء تنظيمات حزبية وقواعد شعبية حقيقية؛ فانتهى بها المطاف إلى التخبط بين طلب العون العسكري لإقامة حياة مدنية! وما بين قبول إعادة رموز وفلول الحزب الوطني (الحاكم في زمن مبارك والمنحل حاليا) إلى المشهد".
ويشير الناشط السياسي في ذلك إلى نداء صدرت من بعض قيادات المعارضة للجيش بالتدخل لإزاحة نظام مرسي المنتخب وإدارة شئون البلاد لحين إجراء انتخابات مبكرة، وإلى ظهور بعض قيادات النظام السابق في احتجاجات المعارضة على نظام مرسي
ومعبرا عن رأي قطاع من الشباب إزاء هذا المشهد قال، وأما عن "شباب مصر وأبطال ثورتها - فإنهم بين صريع وجريح - قد وجدوا أنفسهم بين شقي الرحى يتاجر كل طرف بدمائهم.. والشباب هو الذي يدفع الثمن الأكبر، في حين تتقاسم الكتل المتصارعة المكاسب دون اعتبار لمصلحة وطن، أو أرواح شهداء، أو صفحات سود سيسطرها التاريخ عنهم جميعا".

ومن منطلق هذا المشهد "العبثي الحزين"، قال لطفي إنه "كمصري مسئول أمام الله عن قراراته وتصرفاته" يعلن أنه "ضد سياسات نظام الإخوان"، وأن الرئيس مرسي "أضاع فرصا تارخية كثيرة لبناء البلد ولبناء صف وطني، ولم يتخذ خطوات تجاه تطهير مؤسسات الدولة، ولم يقدم خطة للنهضة بمصر".
كما أعلن أنه "ضد العنف وكل من دعا إليه"، و"ضد فلول مبارك وأشباههم وأشياعهم وإعادة بعثهم للحياة السياسية"، وأن المعارضة والقوى الثورية "فشلت على مدى العامين والنصف" في إيجاد قيادة موحدة تقود مصر بعد سقوط الرئيس الحالي أو اللاحق.
وأوضح أنه بات على "قناعة شخصية تامة"، بأن تحقيق أهداف الثورة لن يتم عبر الأشكال السياسية التقليدية، وأن الواجب الآن هو التحرك خارج الإطار الحزبي، وعلى "قناعة" بأن شرعية الجماهير "أكبر وأهم" من شرعية الصندوق، خاصة وأن الأخيرة تنبني على الوفاء بالتعهدات.
وبناء عليه طالب لطفي الرئيس مرسي بأن "يدفع ثمن تلك الأخطاء"، وأن يدعو لانتخابات رئاسية مبكرة، أو على الأقل أن يقوم باستفتاء الشعب حول إجراء الانتخابات.
وعلى المستوى الشخصي، قال الناشط السياسي إنه لن يشارك في فعاليات الغد المعروفة إعلاميا باسم مظاهرات 30 يونيو/ التي دعت إليها قوى معارضة لمطالبة مرسي بانتخابات رئاسية مبكرة، قائلا إن ذلك "استبراءً من ممارسات سلطة ومعارضة اختلت بينهما بوصلة الوطن".
كما أعلن استقالته من حزب التيار المصري "كي لا أحمله تبعة مواقف أو قرارات قد لا تكون متفقة كما ينبغي مع مواقف وقرارات هيئات الحزب المنتخبة الواجبة الاحترام"، مشيرا إلى أنه سيحتاج بعض الوقت كي يعيد التفكير في الممارسة الأنسب والأصلح لخدة مصر في الفترة المقبلة.
وتترقب مصر بقلق مظاهرات متوقع أن تكون حاشدة غدا الأحد، لمعارضي مرسي، يقابلها مظاهرات حاشدة أخرى في نفس اليوم لمؤيديه، سبقتها اشتباكات دامية بين مؤيدين ومعارضين على مدى الأسبوع المنصرم سقط فيها 9 قتلى ومئات المصابين.
الجريدة الرسمية