رئيس التحرير
عصام كامل

سنة أولى مرسي.. مصر ترجع إلى الخلف

الدكتور محمد مرسي
الدكتور محمد مرسي

دخل الدكتور محمد مرسي ماراثون الانتخابات الرئاسية في 2012 ببرنامج طموح للغاية خدع به المصريين وسرق به كرسي الرئاسة، مثلما سرق الإخوان ثورة يناير من أبطالها الحقيقيين.


فبعد عام كامل من حكم مرسي تبخر وعده للمصريين بنظام ديمقراطي ودولة عصرية ومرجعية إسلامية، فعلى صعيد المرجعية والديمقراطية حصر مرسي المرجعية في فكر جماعة الإخوان المسلمين وجعلها مرجعية إخوانية صرفة، وفوجئ الناس بأنه مستبد عن مبارك وبأن نظامه لا يحترم الدستور والقانون بدليل إقالته للنائب العام السابق وإصداره إعلانا دستوريا على هواه الشخصي وفرض دستور ديني طائفي على هوى أهله وعشيرته.

وعلى صعيد الدولة العصرية جاءت سياسات مرسي وقراراته على مدى العام لتكرس العودة إلى دولة التخلف والظلام بفرض أفكار وتصورات تأخذ بالبلاد إلى العصور الوسطى، وليس أدل على ذلك أكثر من الهيمنة الإخوانية على وزارات التعليم والإعلام والثقافة والسياحة التي كلف لإدارتها وزير من الجماعة الإسلامية.

وتعهد مرسي في برنامجه بالقضاء على 5 أزمات ملحة في مائة يوم وهي النظافة والوقود والانفلات الأمني ورغيف العيش والمرور ولم يقدر على تحقيق ما وعد به في المائة يوم وعندما تظاهر الناس ضده قال الإخوان أعطوه فرصة، وهاهو يمر عام كامل والانفلات الأمني على أشده وهناك أزمة طاحنة وغير مسبوقة في الوقود وعجز في الخبز في بعض المناطق، ولم يقدر مرسي حتى الآن على حل مشكلة القمامة.

وبعد أن تعهد مرسي في برنامجه بتحقيق العدالة الاجتماعية ضمن برنامح النهضة الذي كان أشبه بالتنويم المغناطيسي استيقظ المواطنون على هول الصدمة وهي أن العدالة الاجتماعية في فكر مرسي وجماعته لا تتعدى ما يعرف بالبر والإحسان وعطاءات الأسياد للعبيد، فلم يشعر المواطنون بتطبيق قانون الحد الأدنى والأقصى للأجور، وهو وعد أشبه في تبخره بوعد مرسي بالقصاص لشهداء ومصابي الثورة والذي تبخر بفعل مهرجان البراءة للجميع.

ومن الوعود البراقة التي قالها مرسي ولم يتحقق منها شيء على أرض الواقع أنه وعد بمحاربة الغلاء وإذا بالشعب المصري ينكوي بموجة غلاء غير مسبوقة بعد عام كامل من حكمه، وبالتزامن مع اتساع نطاق البطالة وازدياد معدلها وانتشار الفقر بشكل أكبر، بعدما كان قد وعد المصريين بمحاربة الغلاء ومواجهة البطالة وتحسين وضع العشوائيات وتطويرها.

ولم يأت في مصر رئيس يلعب على مشاعر الفلاحين أكثر من الدكتور محمد مرسي، حيث وعدهم بنهضة زراعية وجعل لها أولوية بنص دستوري وتعهد بتوفير الأسمدة بسعر التكلفة مع هامش ربح بسيط، وبعد مرور عام كامل على حكمه أصبح الفلاح في "حيص بيص" وأصبح الفلاح ولأول مرة وبسبب فشل جماعة غير مؤهلة للحكم يواجه أزمة نقص في مياه الري تؤدي إلى بوار أراضيه.

وإمعانا منه في خداع المصريين رفع مرسي شعارا براقا وهو شعار التمكين المجتمعي، وبدلا من وضع خطط وإستراتيجيات تنموية يتم توزيع عوائدها بالعدل لتحويل الشعار إلى واقع ملموس، نفذ الرئيس شعاره البراق على هوى مكتب إرشاد جماعته صاحبة الفضل في وصوله لكرسي الحكم، وذلك من خلال برنامج سري ومعلن لأخونة الدولة كلها ووضعها في جيوب جماعته، وذلك عن طريق تعيين إخوان وزراء للأوقاف والشباب والتعليم والإعلام والثقافة والسياحة والتنمية المحلية، فضلا عن رئيس حكومته الإخواني.

وقد ألهب مرسي وجماعته حماس الجماهير إبان الانتخابات الرئاسية الماضية بمشروعات اقتصادية طموحة تصور المواطن من خلالها أن مصر ستكون دولة عظمى، وتبين بعد مرور عام كامل أنها مجرد "طق حنك"، ومنها مشروعات الريادة المحلية التي لم نجد لها أثرا حتى الآن والمشروعات القومية ومنها محور قناة السويس المشكوك في أمره والمرفوض مجتمعيا، وكلها مشروعات أصبح لدى المواطن شكوك واسعة في إمكانية تحقيقها من جانب رئيس فشل حتى الآن في حل مشكلة «الزبالة»، ناهيك عن مشروعات مرسي الوهمية الأخرى مثل مشروع تنمية سيناء ومشاريع أودية التكنولوجيا..

وبعيدا عن وعود مرسي الاقتصادية "الفشنك"، وبالتدقيق في وعوده السياسية يتضح أنه خدع وكذب على الجميع، فقد تعهد بأن يكون على مسافة واحدة من كل الأحزاب والقوى السياسية، وبعد فوزه بالرئاسة ارتمى في أحضان أهله وعشيرته واستقوى بهم على معارضيه، بل وحرضهم ضد رفقاء الثورة التي أتت به إلى الحكم، وذلك بخطابه الشهير الذي ألقاه عقب إعلانه الدستوري أمام قصر الاتحادية في حضور حشد من الإخوان، وهو المشهد الذي قادنا بفعل دعوات خادعة وكاذبة للحوار الوطني إلى يوم الخلاص المرتقب، يوم 30 يونيو.
الجريدة الرسمية