رئيس التحرير
عصام كامل

«مرسي» التطور الطبيعي لـ«مبارك».. انتهاك استقلال القضاء.. تقييد حريات المنظمات الأهلية.. التضييق على الصحافة وتصفية الإعلاميين.. سحل المتظاهرين.. وحبس المعارضين للنظام أبرز إنجازات

الرئيس محمد مرسي
الرئيس محمد مرسي

"بدأ من حيث انتهى مبارك" مقولة رددها الكثيرون عقب تصاعد وتيرة انتهاكات حقوق الإنسان وجرائم العنف في مصر في عهد الرئيس محمد مرسى، تعددت ما بين انتهاك استقلال السلطة القضائية وتقييد حرية المجتمع المدنى بقانون جديد يتعارض مع المعايير الدولية والاعتداء على الصحفيين واستهداف حرية الصحافة والاعتداء على المتظاهرين السلميين، والقبض على النشطاء السياسيين المعارضين للنظام.

البداية كانت الهجوم على استقلال السلطة القضائية، من خلال محاصرة المحكمة الدستورية العليا من قبل أنصار تيار الإسلام السياسي ومنع قضاتها من مباشرة أعمالهم، خوفا من إصدار أحكام في القوانين المنظورة أمامهم، وأبرزها الحكم في دعاوى بطلان مجلس الشورى والجمعية التأسيسية للدستور، في مخالفة صريحة لكافة المواثيق والمعاهدات الدولية التي وقعت عليها مصر فيما يخص حماية استقلال القضاء، وأيضا نقض لتعهد الرئيس مرسى بأن يحافظ على استقلال القضاء، وهو ما فسره البعض بأن جماعة الإخوان المسلمين تحاول الانتقام من السلطة القضائية بسبب سنوات السجن التي عانت منها.

وجاءت ثانى الانتهاكات مع تقديم مشروع مقيد لحرية العمل الأهلي، يتعارض مع المعايير الدولية ويستهدف تصفية المجتمع المدنى وتأميمه وتكريس الهيمنة والوصاية الإدارية الكاملة على كل مناحى العمل الأهلي، وذلك رغم الانتقادات التي وجهت لمشروع القانون من قبل منظمات المجتمع المدنى.

ثالث الانتهاكات التي استشرت في عهد الرئيس محمد مرسى كانت الاعتداء على الصحفيين، وأبرزها واقعة مقتل الصحفى الحسينى أبو ضيف، أثناء أحداث الاشتباكات وأعمال العنف التي جرت في محيط قصر الاتحادية، وكذلك محاصرة مدينة الإنتاج الإعلامى أكثر من مرة من قبل أنصار حازم صلاح أبو إسماعيل، والاعتداء على الصحفيين أمام مكتب الإرشاد بالمقطم من قبل جماعة الإخوان المسلمين.

المجموعة المتحدة "محامون ومستشارون قانونيون" رصدت إقامة 29 دعوى ضد الصحفيين والإعلاميين في الفترة ما بين مايو 2012 حتى يناير 2013، من بينها 24 قضية إهانة للرئيس، 6 منها مقدمة من رئاسة الجمهورية.

كان من بين الإعلاميين الذين قاضتهم مؤسسة الرئاسة بتهمة إهانة رئيس الجمهورية، الإعلامى محمود سعد، وذلك بعد استضافته للطبيبة النفسية منال عمر ببرنامج "آخر النهار"، حين قامت الأخيرة بإجراء تحليل نفسى لبعض السياسيين من بينهم الدكتور مرسى، ما اعتبرته الرئاسة تعريضا برئيس الجمهورية.

كما رصدت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان تعرض أكثر من 28 من إعلاميى ماسبيرو لأشكال مختلفة من التضييق باستخدام أدوات الإدارة البيروقراطية، تراوحت بين إحالة 8 إعلاميين للنيابة العامة في حالة واحدة، والتحويل للتحقيق الإدارى مع توقيع جزاءات تعسفية بالخصم من الراتب والوقف عن العمل والمنع من دخول مبنى الإذاعة والتليفزيون وإلغاء البرامج أو تغيير صفتها من برامج تبث على الهواء إلى برامج مسجلة في 18 حالة مختلفة، وذلك خلال 8 شهور من تولى صلاح عبد المقصود مهام منصبه كوزير للإعلام.

ورصدت مذكرة قدمتها 22 منظمة حقوقية مصرية للمفوضية السامية لحقوق الإنسان حول انتهاكات حقوق الإنسان خلال فترة حكم الرئيس مرسى تعرض المتظاهرين السلميين ومعارضى الرئيس لاعتداءات بدنية وجسدية واستهداف ممنهج، بلغ حد الاغتصاب الجماعى للمتظاهرات، وتصاعد استخدام قوات الشرطة للقوة المميتة في تعاملها مع التظاهرات والاحتجاجات، ففى مدينة بورسعيد خلال الفترة من 26 - 28 يناير 2013 أسقطت قوات الشرطة ما يزيد عن 40 قتيلا.. ويبقى سحل المواطن حمادة صابر، أمام قصر الاتحادية من قبل قوات الأمن المركزى وضربه ضربا مبرحا وتجريده من ملابسه أبرز الوقائع التي شهدت على التعدى الصارخ على حقوق الإنسان.

ومؤخرا تم الحكم على الناشط أحمد دومة بالحبس 6 شهور وكفالة 5 آلاف جنيه لوقف تنفيذ الحكم بتهمة إهانة الرئيس، وتكدير السلم العام أثناء تظاهرة ضد الرئيس، وتوجيه ما اعتبره الدكتور مرسى إهانات وسبا وقذفا في حقه خلال لقاءات وحوارات أجراها دومة في بعض الفضائيات.. 

كما رصد مركز النديم لتأهيل ضحايا التعذيب في تقريره "100 يوم من الاعتقال والتعذيب وفض الاعتصامات بالقوة والقتل خارج القانون"، 247 حالة انتهاك وذلك بعد انتهاء المائة يوم في حكم مرسى، تتراوح بين القتل والتعذيب وهتك العرض والخطف والاعتقال العشوائى وفض الاعتصامات بالقوة. 

التقرير قال إنه خلال تلك الفترة توفى ما يقرب من 34 شخصا على أيدى رجال شرطة، منها حوادث قتل في أقسام الشرطة وفى السجون، كما اختلفت طريقة القتل بين استخدام سلاح ناري أو الوفاة نتيجة التعذيب.. 

وكان من بين المواطنين الذين تعرضوا للقتل سيدة تدعى "رزة شعث"، والتي توفت دهسا تحت عجلات سيارة شرطة أثناء القبض على نجلها في حكم غيابى، وشهدت ذات الواقعة تعذيب نجل ونجلة السيدة، كما قتل مواطن تعرض لإطلاق نار على رأسه من قبل أمين شرطة، وهى الواقعة التي وثقت في اليوم الخامس من حكم مرسى.. 

وبلغ عدد حالات التعذيب 88 حالة، بعضها كان تعذيبا أو اعتداء على متظاهرين، وأبرزها ما تعرض له بعض المواطنين من تعذيب خلال أحداث السفارة الأمريكية بعد احتجازهم في معسكر الأمن المركزى.. التقرير رصد وقوع 7 حالات هتك عرض لمواطنين، معظمها بحق رجال وقصر وحالة واحدة بحق سيدة هتك عرضها داخل حجز أحد الأقسام، وكان من بينهم شاب في التاسعة عشر من عمره قام عدد من الذكور في زى مدنى بهتك عرضه وتصويره بالفيديو أثناء جريمتهم، وهددوه بفضحه ونشر الفيديو إذا تحدث عن الأمر، وذلك بعد تراشق باللفظ بينه وبين أحد رجال الشرطة في محيط السفارة السورية، تبعه اصطحابه للقسم الذي لم يثبت دخوله، ووقعت بعدها حادثة هتك العرض - بحسب شهادة الشاب.

ورصد وقوع 8 حوادث خطف على الأقل لنشطاء تم احتجاز معظمهم في أماكن مجهولة والتحقيق معهم من قبل مجهولين، وتعرض معظمهم للضرب والتعذيب والتهديد، وكان من بينهم الشاب أنس العسال، والذي تم خطفه لثلاثة أيام احتجز خلالها في مكان وصفه بالسجن، وتم حقنه بكميات كبيرة من الترامادول أدت لإصابته بالتسمم.. 

التقرير الذي أكد أن المائة يوم الأولى من حكم الرئيس مرسى شهدت فض 10 اعتصامات بالقوة منها فض اعتصام طلاب جامعة النيل، رصد أيضا 65 واقعة اعتقال عشوائى على الأقل أغلبها لعمال وطلاب ومدرسين من المعتصمين، والذين تعرض عدد منهم كذلك لفض الاعتصامات بالقوة.. 

وكشف تقرير أعده مركز النديم لمساعدة ضحايا التعذيب، عن 24 حالة وفاة، منها 16 بالطلق الناري بينهم 9 برصاص الشرطة في حوادث متفرقة في 5 محافظات فقط - أسيوط والمنيا وسوهاج والأقصر والبحيرة - إضافة إلى مقتل متظاهر بعيار ناري في اشتباكات مع أعضاء جماعة الإخوان أمام دار القضاء العالى، ومقتل 6 برصاص الأهالي أغلبهم في اشتباكات الخصوص والكاتدرائية الطائفية. 

كما رصد تعذيب 51 آخرين على يد قوات وأفراد الشرطة وأعضاء جماعة الإخوان والأهالي خلال شهر أبريل الماضى، كما كشف عن مقتل محتجزين في سجون الشرطة، ادعت وزارة الداخلية انتحارهم داخل الحجز، إضافة إلى مصرع محتجز جراء إصابته بهبوط في الدورة الدموية بقسم شرطة إمبابة.

تقرير مركز النديم رصد أيضًا 51 واقعة تعذيب، 26 منها كان على يد الشرطة، واستهدفت نشطاء ومواطنين، و18 حالة على يد جماعة الإخوان المسلمين ضد صحفيين ونشطاء ومواطنين ومتظاهرين بينهم فتيات، و5 وقائع تعذيب على يد الأهالي.

كما كشف تقرير أعده نفس المركز حول أهم ما نشرته الصحف والمواقع الإخبارية عن جرائم التعذيب وأحداث العنف خلال شهر أبريل الماضى، 12 حالة وفاة، منها 8 حالات برصاص الشرطة، و74 حالة تعذيب وسوء معاملة في أقسام الشرطة والسجون و3 حالات تعذيب أهالي.

وتعد واقعة مقتل الناشط محمد الجندى -عضو التيار الشعبى- الذي اختفى في أحداث الذكرى الثانية للثورة، من أبرز وقائع التعذيب، حيث تم العثور على "الجندى" في مستشفى الهلال مصابا بجروح بالغة لقي على إثرها مصرعه بعد عدة أيام، وأثارت تلك الواقعة لغطا شديدا نتيجة تضارب تقارير الطب الشرعى مع أقوال الطبيبين الذين استقبلاه فور وصوله مستشفى الهلال، والذين أكدا أنه تعرض لتعذيب وصعق بالكهرباء، فيما أكد تقرير الطب الشرعى أن وفاته جاءت نتيجة حادث سيارة وهو نفس الكلام الذي قاله المستشار أحمد مكى وزير العدل قبل خروج التقرير، ما أعطى إيحاء بأن الحكومة تريد أن تنتهى القضية عند هذا الحد، وفى استباق صارخ لنتائج التقرير، وهى الواقعة التي تعد نسخة مكررة من حادثة مقتل الشاب السكندرى خالد سعيد، والتي كانت أقوى شرارات ثورة 25 يناير.

الجريدة الرسمية