عيد السد العالى
ثلاثة وخمسون عاما مرت على وضع حجر أساس السد العالى، إنه عيد حقيقى لجميع المصريين.
فور إعلان الرئيس «جمال عبد الناصر» عزمه بناء السد العالى هاجت القوى الدولية الكبرى وماجت، وبدأت تضع العراقيل، التى كان أهمها "التمويل" وشاء الله أن يلتف الشعب حول قائده، ويتم وضع حجر الأساس وقت أن كان المصريون يتوهجون ويلتفون حول مشروع وطنى لا بد من إنجازه، وتبدأ شركة «المقاولون العرب» وضع معداتها بالمنطقة، ويستمر العمل 24 ساعة يوميا، فى ملحمة نضالية تفوق فيها المصريون على عقبات هندسية وجغرافية، بالأمل والعمل.
عمال مصر ومهندسوها سطروا ملاحم بطولية رائعة، وتم بناء السد العالى بعد جهود مضنية، ليكون واحدا من أعظم عشرة مشاريع هندسية فى العالم يحمى مصر من الفيضان ويزيد الرقعة الزراعية بثلاثة ملايين فدان ويزود مصر بعشرة مليارات كيلو وات ساعة من الكهرباء.
هذه المساحات الزراعية الجديدة مكنت مصر من الاكتفاء الذاتى من المحاصيل آنذاك، أما القدرات الكهربية الهائلة فقد كانت ضرورة لإقامة آلاف المصانع فى طول البلاد وعرضها، ونتج عنها إتاحة ملايين من فرص العمل، ووجود إنتاج ضخم للغاية كان يتم تصدير فائضه للخارج، لذا كان سعر الدولار الأمريكى أربعين قرشا مصريا، أما الآن وبعد منظومة الفساد والإفساد التى استمرت عقودا متتالية فقد بلغ سعر الدولار الأمريكى ستة جنيهات ونصف الجنيه، قابلة للزيادة.
وأتاحت بحيرة ناصر تخزين مليارات الأمتار المكعبة من المياه لاستخدامها وقت الجفاف، وبالطبع أنتجت البحيرة كميات هائلة من الأسماك لكن أصحاب المصالح يهدرون إمكانات مصر ويوجهونها إلى حيث مصالحهم الخاصة، فقد تم البناء على الأرض الزراعية فشح الغذاء وأصبحت مصر تستورد ثلاثة أرباع غذاء الشعب، ثم يحدث ما لا يتفق مع العقل والمنطق باستصلاح أراض صحراوية بدلا من الأراضى التى لا يزال يتم البناء عليها واستيراد الأسماك من دول ذات مساحات شاطئية محدودة، بالرغم من وقوع مصر على سواحل تزيد عن ألفى كيلو متر، ووجود بحيرات كثيرة أضخمها بحيرة ناصر.
ونحن نحتفل بعيد السد العالى يجب أن نلتف جميعا حول مشروع وطنى يعيد للمصريين توهجهم، ليصبح الجنيه بدولارين ونصف الدولار، كما كان.