فيتو.. جريدة بحجم وطن
فى زمن يسعى فيه البعض لتحقيق وهمه المستحيل وهو تخفيض حجم الوطن ليصبح بحجم جماعة صغرت أو كبرت أو ليصبح بحجم قبضتها الضيقة المتهاوية، جاءت جريدة «فيتو» لتمنحنا متنفسا طالما تلمسنا الطريق إليه.
لم تكن معارك السياسة والرأى التى خاضتها «فيتو» بالأمر الهين واليسير فى وقت يقف فيه البرابرة الجدد موقف المتربص بكل من (شق عصا الطاعة وفارق الجماعة) الوحيدة التى أعرف عن يقين حجم قلقها وهلعها من أصحاب الرأى الحر نظرا لعجزها عن مقارعة الحجة بالحجة والرأى بالرأى.
لم يكن أخى وصديقى «عصام كامل» هو أول فارس للحرية عثرت عليه ولن يكون آخرهم فى وطن أراده الله أن يكون ساحة تحتضن الأمة بأسرها فأحجام الأوطان لا تقاس فقط بمساحتها الجغرافية ولا بثرواتها المالية بل تقاس بقدراتها على العطاء الفكرى ومواقفها التى تناضل من أجلها ولأن الْعِلْمَ كما قال الإمام على بن أبى طالب (خَيْرٌ مِنَ الْمَالِ الْعِلْمُ يَحْرُسُكَ وَأَنْتَ تَحْرُسُ الْمَالَ وَالْمَالُ تَنْقُصُهُ النَّفَقَةُ وَالْعِلْمُ يَزْكُوا عَلَى الْإِنْفَاقِ وَصَنِيعُ الْمَالِ يَزُولُ بِزَوَالِهِ، يَا كُمَيْلَ بْنَ زِيَادٍ مَعْرِفَةُ الْعِلْمِ دِينٌ يُدَانُ بِهِ، بِهِ يَكْسِبُ الْإِنْسَانُ الطَّاعَةَ فِى حَيَاتِهِ وَجَمِيلَ الْأُحْدُوثَةِ بَعْدَ وَفَاتِهِ وَ الْعِلْمُ حَاكِمٌ وَالْمَالُ مَحْكُومٌ عَلَيْهِ يَا كُمَيْلُ هَلَكَ خُزَّانُ الْأَمْوَالِ وَهُمْ أَحْيَاءٌ وَالْعُلَمَاءُ بَاقُونَ مَا بَقِى الدَّهْرُ أَعْيَانُهُمْ مَفْقُودَةٌ وَأَمْثَالُهُمْ فِى الْقُلُوبِ).
كان هذا قدر مصر الذى سعت إليه من قبل شامخة عارفة ومدركة لمقامها بين الأمم حتى جاء البرابرة الجدد وعرقلوا مسيرها، لكنهم أبدا لم ولن يوقفوه وستنهض مصر من كبوتها لتواصل مسير التقدم والنهوض الحضارى معتمدة على ما تبقى من رصيدها الأخلاقى والعلمى وستزول حقبة البرابرة الجدد ورعاتهم حملة براميل النفط صناع الفتن ومستحلى دماء الأبرياء خدام الصهاينة والناتو.
العالِم من عرف قدر نفسه ووطنه والجاهل من جهل قدر ذاته وأذل وطنه ووقف متوسلا العون على أبواب الحفاة رعاء الشاة الذين تطاولوا فى البنيان، وقدم نفسه حارسا لشهواتهم وملذاتهم (باسم الأمن القومى) من أجل بعض الفتات ممن لا يفون بوعد ولا يحترمون العهد.
أوقن أن علماء مصر ومفكريها بشتى أطيافهم وأفكارهم هم وحدهم القادرون على صنع مستقبلها وتنوير الطريق أمام شعبها الصابر والمصابر انتظارا لقيادة واعية و(لَا يُقِيمُ أَمْرَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ إِلَّا مَنْ لَا يُصَانِعُ وَلَا يُضَارِعُ وَلَا يَتَّبِعُ الْمَطَامِعَ).