قصة كفاح ليلى بنس.. من تحت أنقاض السويس إلى قمة أمريكا
أثناء حرب عام 1967، هرعت الطفلة ليلى إبراهيم وعائلتها
مرعوبين إلى منزلهم في السويس، عندما بدأت القنابل تتساقط على المدينة ودمرت غرفتها
الخاصة ودفنت أحلامها تحت الأنقاض.
وقتها كانت ليلى بعمر 12 عاما، وتقول إن عائلتها كانت تعيش "حياة هانئة" قبل اندلاع الحرب وفي منزل جميل، ولكن بينما كانت العائلة على مائدة الإفطار سمع أفرادها صوت صافرات الإنذار تدوي، فسارعت العائلة إلى الهرب بسرعة للاختباء، وبعد انتهاء الغارة الجوية التي شنها طيران الاحتلال الإسرائيلي، عادت العائلة إلى منزلها بسرعة لحزم أمتعتهم الخفيفة وملابسهم ومغادرة المنزل إلى مكان آمن، بيد أن صفارات الإنذار دوت من جديد للمرة الثانية لحظة محاولتهم الخروج من المنزل ثم سمعوا دوي سقوط قنبلة ثانية، سقطت في الغرقة التي كانت متواجدة بها قبل لحظات ودمرت المنزل بكامله.
نجت ليلى وعائلتها المكونة من والديها وأخواتها الثلاث بأعجوبة، بعدما ابتعدوا عن المنزل بمسافة كافية فلم يتعرضوا للأذى لكنهم فقدوا كل شيء في لحظات.
تستذكر هذه الأحداث بعد مضي الأعوام وتصدرها المركز الأول بقائمة مجلة "فوربس" لأفضل مستشاري إدارة الثروات على مستوى الولايات الأمريكية لعام 2021 وتحديدا في جنوب كاليفورنيا، وهي اليوم صاحبة شركة للاستشارات المالية تقدر قيمتها بعدة مليارات من الدولارات ومقرها قرب لوس أنجلوس، وترى أن هذا الرعب الذي عاشته في وقت مبكر من حياتها كان دافعا لها للنجاح في حياتها المقبلة، لأنه غذا شجاعتها وجعلها لا تخاف من شيء وتقول "عندما تفقد كل شيء لا يعود ثمة ما تخاف عليه".
بالعودة إلى الماضي تسرد ليلى إبراهيم، قصة حياتها في تصريحات سابقة للهيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" وتقول، انتقلت وعائلتي في أعقاب قصف منزلهم بالسويس إلى القاهرة، لكنهم وجدوا أنها مدينة مزدحمة ومن الصعب عليهم تدبير حياتهم فيها، وأدرك والدا ليلى أنهما في حاجة إلى بداية جديدة تماما، لذا قررا الهجرة إلى أمريكا.
عمل والد ليلى في القطاع المصرفي ولديه زملاء وأصدقاء في نيويورك، لذا تقدم بطلب للهجرة والاستقرار هناك، لم تجر أمور الانتقال بيسر، فقبيل شهر من السفر كسرت ساق والدها، لذا اتخذت العائلة قرارا بسفر ليلى ووالدتها وحدهما قبل الجميع لأنهم كانوا يخشون أن تنتهي فترة تأشيرة الدخول الممنوحة لهما قبل أن يشفى رب الأسرة من الكسر الذي أصابه.
وتمكن والد ليلى، في النهاية من اللحاق بهما بعد عام ونصف لاحقا، بينما قررت أخواتها الثلاث الأخريات الأكبر عمرا البقاء في مصر.
ليلى التي أصبحت محط أنظار العالم ووجهت لها وزيرة الهجرة نبيلة مكرم التهنئة قبل أيام على اختيارها ضمن قائمة "فوربس"، وصلت وقتها هي وأمها إلى جزيرة ستاتن، التي تعد أحد أحياء نيويورك الخمسة وتقع إلى الجنوب من منهاتن، وقد واجهتا تحديات لم تكونا تتخيلانها.
تحكي ليلى تفاصيل الرحلة الشاقة: "لقد كان وقتا عصيبا حقا فلم تكن هي أو أمها يتحدثان أي كلمة بالإنجليزية، ولم يكن معهما ما يكفي من المال فاضطرتا إلى العيش في غرفة واحدة مع عائلة من بورتوريكو".
وعانت ليلى كثيرا في برد نيويورك القارس التي لم تكن معتادة على جوها، عندما كانت تقطع الحي في طريقها الى المدرسة. تستذكر ليلى: "لن أنسى ذلك أبدا، كنت لا أشعر بأذني أو أصابعي وأنا أقف هناك في انتظار الباص تحت الطقس القارس".
في المدرسة ارتبطت بعلاقة صداقة مع فتاة مصرية أخرى كانت في ذات الفصل الدراسي، وقد ساعدتها زميلتها تلك في إيجاد عمل بعد دوام المدرسة لبيع "النقانق" في عبّارة جزيرة ستاتن، وكانت العبارات البحرية تنقل العاملين من جزيرة ستاتن عبر ميناء نيويورك إلى أماكن عملهم في "وول ستريت" ومناطق منهاتن الأخرى، ثم تعيدهم في نهاية اليوم.
وخلال الـ 25 دقيقة التي تستغرقها رحلة عودة العبارة إلى جزيرة ستاتن، تجهد ليلى نفسها في تلبية طلبات الزبائن العائدين من النقانق والكينش -وجبة سريعة أقرب إلى الباستا-، "لم أكن أعرف حتى ما هو الكينش" تقول ليلى ضاحكة إنها تعلمت لاحقا كيف تقدم خدماتها بسرعة من دون أن تفارق الابتسامة وجهها.
وعبر عملها هذا كانت تحصل على أجر نحو 3 دولارات في الساعة، استخدمته لمساعدة عائلتها في دفع إيجار السكن، هذه التجربة ساعدتها كثيرا في حياتها المهنية في القطاع المالي فقد علمتها الحاجة إلى أن تولي عنايتها دائما لزبائنها، "علمتني كيف أخدم "الزبائن" وما الذي ينبغي علي فعله بعد ذلك.
وبعد أن أكملت الفتاة المصرية المهاجرة دراستها الثانوية انتقلت لتدرس الاقتصاد في جامعة كاليفورنيا، لوس أنجلوس، وتوضح أن المناخ الدافئ على مدار العام كان ملائما لها أكثر من طقس نيويورك القارس، عملت نادلة كي تغطي نفقات دراستها، وبدأت بتعلم أسس التخطيط المالي، وفي السنة الأخيرة من دراستها الجامعية وجدت أول زبائنها وهي امرأة أعطتها مبلغ 20 ألف دولار لاستثماره.
وصفت فى حديثها تلك اللحظة، "كنت سعيدة جدا ولم أستطع النوم في تلك الليلة" وتضيف "لم أكن أصدق أن شخصا ما سيعطيني ثقته ويقدم لي 20 ألف دولار من مال كسبه بعرق جبينه"، ولم يكن قد مضى عليها سوى 8 سنوات في أمريكا.
وقد كافأت هذه الزبونة ليلى بالعمل معها في علاقة عمل احترافية طويلة الأمد "لقد ظلت هذه الزبونة معي 17 عاما، قبل أن تتوفى".
تزوجت ليلى إبراهيم بعد إكمال دراستها الجامعية من رجل يدعى درايدن بنس، وهو سبب اسمها الحالى –ليلى بنس- وأسسا معا في عام 1980 شركتهما لتقديم خدمات الاستشارات المالية تحت اسم "بَنس ويلث مانجمنت"
ولكي يبنى الزوجان قاعدة زبائن لشركتهما، كان على ليلى بنس أن تقدم عددا من الندوات التعريفية، عدة مرات في الأسبوع، وتشير ليلى أنها كانت قوية بما يكفي لتجاهل كل النزعات الشوفينية التي واجهتها.
وتابعت، "كان لون بشرتي أكثر سمرة، وكنت أجنبية وامرأة. ثلاث صدمات، أليس كذلك؟" لكنى لم أترك هذه الأمور تعطلني. هذه أرض الفرص، وأعتقد أن الناس يمكن أن يعرفوا في النهايةعندما يكون الإنسان مخلصا".
ولم ينته التمييز الجنسي الذي تعرضت ليلى له لكونها امرأة وعندما كانت حاملا في 2002 " قال لها رجل إنه سيسحب حسابه من شركتها لانه ستكون مشغولة في العناية بطفلها القادم، وقتها سألت زوجها زوجها إن كانت ستفقد أي زبائن آخرين خلال فترة حملها "وقال لي إن أي شخص يحمل مثل هذا الموقف لا يستحق أن يكون من زبائننا".
وبعد نحو أربعة عقود من العمل المخلص، أصبحت شركة ليلى ودرايدن اليوم تمتلك 1500 عميلاً وأكثر من 1.5 مليار ممن الأصول المالية تحت إدارة الشركة. وقد وضعت مجلة فوربس ليلى في المرتبة الرابعة في قائمتها لأفضل المستشارات الماليات في الولايات المتحدة عام 2019، ووقع عليها الاختيار مؤخرًا لترأس قائمة فوربس كأفضل مستشاري إدارة الثروات في 2021.
وقتها كانت ليلى بعمر 12 عاما، وتقول إن عائلتها كانت تعيش "حياة هانئة" قبل اندلاع الحرب وفي منزل جميل، ولكن بينما كانت العائلة على مائدة الإفطار سمع أفرادها صوت صافرات الإنذار تدوي، فسارعت العائلة إلى الهرب بسرعة للاختباء، وبعد انتهاء الغارة الجوية التي شنها طيران الاحتلال الإسرائيلي، عادت العائلة إلى منزلها بسرعة لحزم أمتعتهم الخفيفة وملابسهم ومغادرة المنزل إلى مكان آمن، بيد أن صفارات الإنذار دوت من جديد للمرة الثانية لحظة محاولتهم الخروج من المنزل ثم سمعوا دوي سقوط قنبلة ثانية، سقطت في الغرقة التي كانت متواجدة بها قبل لحظات ودمرت المنزل بكامله.
نجت ليلى وعائلتها المكونة من والديها وأخواتها الثلاث بأعجوبة، بعدما ابتعدوا عن المنزل بمسافة كافية فلم يتعرضوا للأذى لكنهم فقدوا كل شيء في لحظات.
تستذكر هذه الأحداث بعد مضي الأعوام وتصدرها المركز الأول بقائمة مجلة "فوربس" لأفضل مستشاري إدارة الثروات على مستوى الولايات الأمريكية لعام 2021 وتحديدا في جنوب كاليفورنيا، وهي اليوم صاحبة شركة للاستشارات المالية تقدر قيمتها بعدة مليارات من الدولارات ومقرها قرب لوس أنجلوس، وترى أن هذا الرعب الذي عاشته في وقت مبكر من حياتها كان دافعا لها للنجاح في حياتها المقبلة، لأنه غذا شجاعتها وجعلها لا تخاف من شيء وتقول "عندما تفقد كل شيء لا يعود ثمة ما تخاف عليه".
بالعودة إلى الماضي تسرد ليلى إبراهيم، قصة حياتها في تصريحات سابقة للهيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" وتقول، انتقلت وعائلتي في أعقاب قصف منزلهم بالسويس إلى القاهرة، لكنهم وجدوا أنها مدينة مزدحمة ومن الصعب عليهم تدبير حياتهم فيها، وأدرك والدا ليلى أنهما في حاجة إلى بداية جديدة تماما، لذا قررا الهجرة إلى أمريكا.
عمل والد ليلى في القطاع المصرفي ولديه زملاء وأصدقاء في نيويورك، لذا تقدم بطلب للهجرة والاستقرار هناك، لم تجر أمور الانتقال بيسر، فقبيل شهر من السفر كسرت ساق والدها، لذا اتخذت العائلة قرارا بسفر ليلى ووالدتها وحدهما قبل الجميع لأنهم كانوا يخشون أن تنتهي فترة تأشيرة الدخول الممنوحة لهما قبل أن يشفى رب الأسرة من الكسر الذي أصابه.
وتمكن والد ليلى، في النهاية من اللحاق بهما بعد عام ونصف لاحقا، بينما قررت أخواتها الثلاث الأخريات الأكبر عمرا البقاء في مصر.
ليلى التي أصبحت محط أنظار العالم ووجهت لها وزيرة الهجرة نبيلة مكرم التهنئة قبل أيام على اختيارها ضمن قائمة "فوربس"، وصلت وقتها هي وأمها إلى جزيرة ستاتن، التي تعد أحد أحياء نيويورك الخمسة وتقع إلى الجنوب من منهاتن، وقد واجهتا تحديات لم تكونا تتخيلانها.
تحكي ليلى تفاصيل الرحلة الشاقة: "لقد كان وقتا عصيبا حقا فلم تكن هي أو أمها يتحدثان أي كلمة بالإنجليزية، ولم يكن معهما ما يكفي من المال فاضطرتا إلى العيش في غرفة واحدة مع عائلة من بورتوريكو".
وعانت ليلى كثيرا في برد نيويورك القارس التي لم تكن معتادة على جوها، عندما كانت تقطع الحي في طريقها الى المدرسة. تستذكر ليلى: "لن أنسى ذلك أبدا، كنت لا أشعر بأذني أو أصابعي وأنا أقف هناك في انتظار الباص تحت الطقس القارس".
في المدرسة ارتبطت بعلاقة صداقة مع فتاة مصرية أخرى كانت في ذات الفصل الدراسي، وقد ساعدتها زميلتها تلك في إيجاد عمل بعد دوام المدرسة لبيع "النقانق" في عبّارة جزيرة ستاتن، وكانت العبارات البحرية تنقل العاملين من جزيرة ستاتن عبر ميناء نيويورك إلى أماكن عملهم في "وول ستريت" ومناطق منهاتن الأخرى، ثم تعيدهم في نهاية اليوم.
وخلال الـ 25 دقيقة التي تستغرقها رحلة عودة العبارة إلى جزيرة ستاتن، تجهد ليلى نفسها في تلبية طلبات الزبائن العائدين من النقانق والكينش -وجبة سريعة أقرب إلى الباستا-، "لم أكن أعرف حتى ما هو الكينش" تقول ليلى ضاحكة إنها تعلمت لاحقا كيف تقدم خدماتها بسرعة من دون أن تفارق الابتسامة وجهها.
وعبر عملها هذا كانت تحصل على أجر نحو 3 دولارات في الساعة، استخدمته لمساعدة عائلتها في دفع إيجار السكن، هذه التجربة ساعدتها كثيرا في حياتها المهنية في القطاع المالي فقد علمتها الحاجة إلى أن تولي عنايتها دائما لزبائنها، "علمتني كيف أخدم "الزبائن" وما الذي ينبغي علي فعله بعد ذلك.
وبعد أن أكملت الفتاة المصرية المهاجرة دراستها الثانوية انتقلت لتدرس الاقتصاد في جامعة كاليفورنيا، لوس أنجلوس، وتوضح أن المناخ الدافئ على مدار العام كان ملائما لها أكثر من طقس نيويورك القارس، عملت نادلة كي تغطي نفقات دراستها، وبدأت بتعلم أسس التخطيط المالي، وفي السنة الأخيرة من دراستها الجامعية وجدت أول زبائنها وهي امرأة أعطتها مبلغ 20 ألف دولار لاستثماره.
وصفت فى حديثها تلك اللحظة، "كنت سعيدة جدا ولم أستطع النوم في تلك الليلة" وتضيف "لم أكن أصدق أن شخصا ما سيعطيني ثقته ويقدم لي 20 ألف دولار من مال كسبه بعرق جبينه"، ولم يكن قد مضى عليها سوى 8 سنوات في أمريكا.
وقد كافأت هذه الزبونة ليلى بالعمل معها في علاقة عمل احترافية طويلة الأمد "لقد ظلت هذه الزبونة معي 17 عاما، قبل أن تتوفى".
تزوجت ليلى إبراهيم بعد إكمال دراستها الجامعية من رجل يدعى درايدن بنس، وهو سبب اسمها الحالى –ليلى بنس- وأسسا معا في عام 1980 شركتهما لتقديم خدمات الاستشارات المالية تحت اسم "بَنس ويلث مانجمنت"
ولكي يبنى الزوجان قاعدة زبائن لشركتهما، كان على ليلى بنس أن تقدم عددا من الندوات التعريفية، عدة مرات في الأسبوع، وتشير ليلى أنها كانت قوية بما يكفي لتجاهل كل النزعات الشوفينية التي واجهتها.
وتابعت، "كان لون بشرتي أكثر سمرة، وكنت أجنبية وامرأة. ثلاث صدمات، أليس كذلك؟" لكنى لم أترك هذه الأمور تعطلني. هذه أرض الفرص، وأعتقد أن الناس يمكن أن يعرفوا في النهايةعندما يكون الإنسان مخلصا".
ولم ينته التمييز الجنسي الذي تعرضت ليلى له لكونها امرأة وعندما كانت حاملا في 2002 " قال لها رجل إنه سيسحب حسابه من شركتها لانه ستكون مشغولة في العناية بطفلها القادم، وقتها سألت زوجها زوجها إن كانت ستفقد أي زبائن آخرين خلال فترة حملها "وقال لي إن أي شخص يحمل مثل هذا الموقف لا يستحق أن يكون من زبائننا".
وبعد نحو أربعة عقود من العمل المخلص، أصبحت شركة ليلى ودرايدن اليوم تمتلك 1500 عميلاً وأكثر من 1.5 مليار ممن الأصول المالية تحت إدارة الشركة. وقد وضعت مجلة فوربس ليلى في المرتبة الرابعة في قائمتها لأفضل المستشارات الماليات في الولايات المتحدة عام 2019، ووقع عليها الاختيار مؤخرًا لترأس قائمة فوربس كأفضل مستشاري إدارة الثروات في 2021.