عاش عاما كاملا في قلب الوباء..عالم مصري رفض مغادرة "ووهان" يروي كيف تجاوزت الصين محنة كورونا
أكمل الدكتور السيد نشيوي الباحث بجامعة وسط
الصين الزراعية عامه الأول في المدينة الصينية الأشهر مؤخرا "ووهان"، في
مواجهة وكر وفر من فيروس كورونا المستجد الذي أنطلق من سوق لبيع الحيوانات البرية
في المدينة الواقعة وسط الصين وأجبر العالم على الاختباء خلف الأبواب المغلقة خشية
المرض والموت.
فمنذ تفشي كورونا في نهاية عام 2019 ولما يغادر السيد المدينة التي ارتبطت صورتها في ذهن العالم بالرعب المطلق، والواقع أن هذا العام ليس الأول فعليا للنشيوي في الصين فهو ضيف دائم منذ عام 2010 عندما ودع مركز بحوث الصحراء بالقاهرة الذي بدأ فيه مسيرته مع البحث العلمي، ليطير إلى بلاد التنين يبحث عن الاستزادة من علوم الزراعة الحديثة.
ما حدث لم يكن لخطر على بال، فطوال 10 سنوات كان السيد شاهدا على التطور الكبير الذي تعيشه ووهان أحد أهم المدن في الصين والتي تشهد معدلات نمو غير عادية، فوفقا للنشيوي فإن وجودك في ووهان يصيبك بالارتباك لأن يوميا يضاف للمدينة الجديد من الخدمات المميزة وتتوسع مساحتها بشكل لا يصدق، وهو تطبيق حرفي لشعار "ووهان مختلفة كل يوم" الذي أطلقته الحكومة المركزية للمقاطعة وتراه معلقا في كل مكان داخل المدينة، فقبل عشر سنوات لم يكن داخل ووهان إلا خط واحد للمترو بينما الآن تنتشر 10 خطوط بطول المدينة وعرضها بالإضافة إلى مطار دولي تنطلق منه رحلات إلى كافة دول العالم بلا استثناء.
وسط حركة العمران والتطور العلمي المستمرة التي تعيشها ووهان جاءت جائحة فيروس كورونا المستجد بمنزلة اختبار قاس لإمكانات الصين وقدرتها على الصمود والعبور من الأزمة التي عصفت بالنمط المعتاد لحياة البشر وحطمت معها مفاصل الاقتصاد العالمي، في لحظة تحولت ووهان إلى مدينة أشباح، حيث الجميع تحت الحجر الصحي وصارت نوافذ المنازل هي السبيل الوحيد للبشر لرؤية العالم الذي كانت تدهس أقدامهم أرضه قبل أيام بلا توقف.
مع مبادرة الدولة المصرية لإجلاء المصريين المتواجدين في ووهان من وسط جحيم كورونا، كان للدكتور السيد نشيوي حساباته الخاصة، وقرر بشكل نهائي أن البقاء وسط الوباء هو الخيار الأفضل بالنسبة له.
ويقول" القرار لم يكن سهلا، البقاء هنا وسط حالة الرعب من الوباء وتفشيه بشكل سريع جدا هو درب من الجنون لكن خياري كان منطقيا بالنسبة لي، خاصة وأن آسرتي كانت تتواجد في مصر خلال تلك الفترة وهو الدافع الأول الذي جعلني أفكر في البقاء، إلى جانب عملي البحثي الذي كان يتقدم بشكل جيد ويتبقى عام من عمر أحد المشروعات البحثية المهمة التي حصلت عليها وما كان يمكن أن أتركه وأرحل، هذا إلى جانب عامل أخر هام جدا وهو حبي لووهان وأهلها فخلال عشر سنوات عشتها في المدينة تكونت بداخلي علاقة خاصة معها ومع سكانها دفعتني إلى أن أبقى معهم في ظل محنتهم إلى جانب ثقتي الكبيرة في أن الصين ستعبر تلك الأزمة بسلام، لإيماني الكبير في عمق الانتماء الوطني داخل الشعب الصيني وطبيعتهم المميزة في خوض التحديات بقوة وصبر والمرور منها منتصرين.
بعد قرار البقاء جاء القرار الأصعب وهو عيش حياة العزلة والانقطاع عن كافة مصادر الأخبار حتى تكون الحياة ممكنة وسط الوباء، فخلال عام كامل تجاهل الدكتور السيد نشيوي أخبار زيادة أعداد الإصابات والوضع الوبائي لفيروس كورونا في الصين وخاصة ووهان التي فرض عليها حجر كامل واختار الانشغال بالعمل واستكمال مشروعه العلمي الذي يعمل عليه منذ عام كامل قبل الجائحة.
الانقطاع عن الأخبار ونمط العزلة أفقدوا الدكتور نشيوي الإحساس بالزمن، فالدخول إلى دائرة مفرغة من العمل فقط والتزام المنزل أضاع حسابات الأيام والشهور فكان يمر الوقت عليه دون أن ينتبه لأيام الأسبوع، فتأثير الحجر الصحي ورغم قسوته لكنه كان ضروريا لتخطي الأزمة.
التنظيم وسرعة القرارات كانت السبب الرئيسي في أن تعود الحياة الآن بكامل طاقتها داخل مدينة ووهان التي كانت تعتبر منطقة "منكوبة" قبل عام واحد فقط، فينقل لنا الدكتور السيد نشيوي المشهد داخل ووهان الآن فرغم التدابير الاحترازية المشددة لكن كل شيء يسير على ما يرام حاليا، فالشركات والمصانع عادت للعمل بكامل طاقتها، وحتى الجامعات والمدارس عادت ولكن بالتواصل عن بعد عبر وسائل التعليم الرقمي باستثناء بعض الأمور التي قد تحتاج إلى التواصل المباشر في الدراسة.
وجودك في الصين الآن يعني أنك تملك كود طبي خاص بك وضعته حكومة مقاطعة خوبي التي تقع فيها ووهان وهو نظام تتبع إلكتروني صارم لكل مواطن يتواجد في ووهان، ويتم الاستعلام عن البيانات المسجلة عليه عند دخول أي منشأة حكومية لمعرفة حالتك الصحية في آخر 14 يوما وهل دخلت أي مستشفى أو تواجدت في منطقة بها مصابين بالفيروس، كما توجد لجان في كل حي تفحص درجة حرارة المواطنين وتستعلم عن بيانات الكود الصحي وفي حالة الاشتباه في أي شخص يتم إرساله فوراً إلى المستشفى إجباريا، غير أن أي مصاب بأمراض أخرى خلاف الكورونا يجب أن يجري تحليل كوفيد 19 قبل أن تقدم له الخدمة الطبية التي يقصدها وهو إجراء تتبعه الصين حاليا لحماية الطواقم الطبية، التي تلقى الدعم الكامل من الدولة ومن الشعب هنا
في ثلاث نقاط يلخص نشيوي سبب تخطي ووهان محنتها، وأولها هو التحول الإلكتروني الكامل للتعاملات المالية في المدينة منذ عام 2015 ومساهمته في تحقيق مبدأ التباعد الاجتماعي وعدم تداول العملات وهو احد أسباب نقل العدوى وانتشارها، وثانيها هو مستشفيات العزل التي صممت وشيدت خلال أيام لتخصيصها للحالات المصابة بكورونا حتى لا تلوث المستشفيات العادية بالفيروس حماية لأصحاب الامراض المزمنة من الاختلاط بالمصابين بكورونا، والثالثة هو الإلتزام الكامل من المواطنين بقرارات الحجر الصحي الصارمة والتي ساهمت بشكل أساسي في وقف انتشار الفيروس خاصة مع تعليق حركة المواصلات الداخلية والسفر، وعزل المناطق المصابة بشكل كامل إلى حين تعافي سكانها.
ولفت النشيوي إلى أن ووهان تعتبر من أهم المدن الصينية التي تساهم في تخريج كوادر فنية وعلمية مميزة في المجالات المختلفة، فتعتبر جامعة وسط الصين من أهم الكيانات العلمية في تخصصات الزراعة الحديثة في العالم وهي الآن تحتل المركز الخامس عالميا في تخصصها وخلال سنوات قليلة ستحتل الصدارة نظراً لحالة التطور الكبيرة في نظم الدراسة والبحث العلمي داخلها، كما تضم ووهان أكبر المعاهد في تخصصات الغزل والنسيج وجامعة متخصصة في تدريس صناعة السيارات وأكثر من جامعة للعلوم والتكنولوجيا ويوجد فيها معهد شركة هاواوي العالمية.
يتيمز الصينيون وفق رؤية النشيوي بمبدأ عدم تصدير المشكلات في حايتهم الخاصة أو العملية، فكل مواطن سواء في منزلة أو في محل عمله مكلف بأن يحل المشكلات التي تواجهه على كمل وجه حتى لو استغرق منه ذلك وقت ومجهود كبير فالأهم أن يحل المشكلة التي تواجهه وهو مبدأ يخلق إنسان مسئول ومميز في المستقبل، ويمكن أن نعد ذلك ضمن الأسباب التي عجلت بتخطي الصين لمحنة كورونا.
فمنذ تفشي كورونا في نهاية عام 2019 ولما يغادر السيد المدينة التي ارتبطت صورتها في ذهن العالم بالرعب المطلق، والواقع أن هذا العام ليس الأول فعليا للنشيوي في الصين فهو ضيف دائم منذ عام 2010 عندما ودع مركز بحوث الصحراء بالقاهرة الذي بدأ فيه مسيرته مع البحث العلمي، ليطير إلى بلاد التنين يبحث عن الاستزادة من علوم الزراعة الحديثة.
ما حدث لم يكن لخطر على بال، فطوال 10 سنوات كان السيد شاهدا على التطور الكبير الذي تعيشه ووهان أحد أهم المدن في الصين والتي تشهد معدلات نمو غير عادية، فوفقا للنشيوي فإن وجودك في ووهان يصيبك بالارتباك لأن يوميا يضاف للمدينة الجديد من الخدمات المميزة وتتوسع مساحتها بشكل لا يصدق، وهو تطبيق حرفي لشعار "ووهان مختلفة كل يوم" الذي أطلقته الحكومة المركزية للمقاطعة وتراه معلقا في كل مكان داخل المدينة، فقبل عشر سنوات لم يكن داخل ووهان إلا خط واحد للمترو بينما الآن تنتشر 10 خطوط بطول المدينة وعرضها بالإضافة إلى مطار دولي تنطلق منه رحلات إلى كافة دول العالم بلا استثناء.
وسط حركة العمران والتطور العلمي المستمرة التي تعيشها ووهان جاءت جائحة فيروس كورونا المستجد بمنزلة اختبار قاس لإمكانات الصين وقدرتها على الصمود والعبور من الأزمة التي عصفت بالنمط المعتاد لحياة البشر وحطمت معها مفاصل الاقتصاد العالمي، في لحظة تحولت ووهان إلى مدينة أشباح، حيث الجميع تحت الحجر الصحي وصارت نوافذ المنازل هي السبيل الوحيد للبشر لرؤية العالم الذي كانت تدهس أقدامهم أرضه قبل أيام بلا توقف.
مع مبادرة الدولة المصرية لإجلاء المصريين المتواجدين في ووهان من وسط جحيم كورونا، كان للدكتور السيد نشيوي حساباته الخاصة، وقرر بشكل نهائي أن البقاء وسط الوباء هو الخيار الأفضل بالنسبة له.
ويقول" القرار لم يكن سهلا، البقاء هنا وسط حالة الرعب من الوباء وتفشيه بشكل سريع جدا هو درب من الجنون لكن خياري كان منطقيا بالنسبة لي، خاصة وأن آسرتي كانت تتواجد في مصر خلال تلك الفترة وهو الدافع الأول الذي جعلني أفكر في البقاء، إلى جانب عملي البحثي الذي كان يتقدم بشكل جيد ويتبقى عام من عمر أحد المشروعات البحثية المهمة التي حصلت عليها وما كان يمكن أن أتركه وأرحل، هذا إلى جانب عامل أخر هام جدا وهو حبي لووهان وأهلها فخلال عشر سنوات عشتها في المدينة تكونت بداخلي علاقة خاصة معها ومع سكانها دفعتني إلى أن أبقى معهم في ظل محنتهم إلى جانب ثقتي الكبيرة في أن الصين ستعبر تلك الأزمة بسلام، لإيماني الكبير في عمق الانتماء الوطني داخل الشعب الصيني وطبيعتهم المميزة في خوض التحديات بقوة وصبر والمرور منها منتصرين.
بعد قرار البقاء جاء القرار الأصعب وهو عيش حياة العزلة والانقطاع عن كافة مصادر الأخبار حتى تكون الحياة ممكنة وسط الوباء، فخلال عام كامل تجاهل الدكتور السيد نشيوي أخبار زيادة أعداد الإصابات والوضع الوبائي لفيروس كورونا في الصين وخاصة ووهان التي فرض عليها حجر كامل واختار الانشغال بالعمل واستكمال مشروعه العلمي الذي يعمل عليه منذ عام كامل قبل الجائحة.
الانقطاع عن الأخبار ونمط العزلة أفقدوا الدكتور نشيوي الإحساس بالزمن، فالدخول إلى دائرة مفرغة من العمل فقط والتزام المنزل أضاع حسابات الأيام والشهور فكان يمر الوقت عليه دون أن ينتبه لأيام الأسبوع، فتأثير الحجر الصحي ورغم قسوته لكنه كان ضروريا لتخطي الأزمة.
التنظيم وسرعة القرارات كانت السبب الرئيسي في أن تعود الحياة الآن بكامل طاقتها داخل مدينة ووهان التي كانت تعتبر منطقة "منكوبة" قبل عام واحد فقط، فينقل لنا الدكتور السيد نشيوي المشهد داخل ووهان الآن فرغم التدابير الاحترازية المشددة لكن كل شيء يسير على ما يرام حاليا، فالشركات والمصانع عادت للعمل بكامل طاقتها، وحتى الجامعات والمدارس عادت ولكن بالتواصل عن بعد عبر وسائل التعليم الرقمي باستثناء بعض الأمور التي قد تحتاج إلى التواصل المباشر في الدراسة.
وجودك في الصين الآن يعني أنك تملك كود طبي خاص بك وضعته حكومة مقاطعة خوبي التي تقع فيها ووهان وهو نظام تتبع إلكتروني صارم لكل مواطن يتواجد في ووهان، ويتم الاستعلام عن البيانات المسجلة عليه عند دخول أي منشأة حكومية لمعرفة حالتك الصحية في آخر 14 يوما وهل دخلت أي مستشفى أو تواجدت في منطقة بها مصابين بالفيروس، كما توجد لجان في كل حي تفحص درجة حرارة المواطنين وتستعلم عن بيانات الكود الصحي وفي حالة الاشتباه في أي شخص يتم إرساله فوراً إلى المستشفى إجباريا، غير أن أي مصاب بأمراض أخرى خلاف الكورونا يجب أن يجري تحليل كوفيد 19 قبل أن تقدم له الخدمة الطبية التي يقصدها وهو إجراء تتبعه الصين حاليا لحماية الطواقم الطبية، التي تلقى الدعم الكامل من الدولة ومن الشعب هنا
في ثلاث نقاط يلخص نشيوي سبب تخطي ووهان محنتها، وأولها هو التحول الإلكتروني الكامل للتعاملات المالية في المدينة منذ عام 2015 ومساهمته في تحقيق مبدأ التباعد الاجتماعي وعدم تداول العملات وهو احد أسباب نقل العدوى وانتشارها، وثانيها هو مستشفيات العزل التي صممت وشيدت خلال أيام لتخصيصها للحالات المصابة بكورونا حتى لا تلوث المستشفيات العادية بالفيروس حماية لأصحاب الامراض المزمنة من الاختلاط بالمصابين بكورونا، والثالثة هو الإلتزام الكامل من المواطنين بقرارات الحجر الصحي الصارمة والتي ساهمت بشكل أساسي في وقف انتشار الفيروس خاصة مع تعليق حركة المواصلات الداخلية والسفر، وعزل المناطق المصابة بشكل كامل إلى حين تعافي سكانها.
ولفت النشيوي إلى أن ووهان تعتبر من أهم المدن الصينية التي تساهم في تخريج كوادر فنية وعلمية مميزة في المجالات المختلفة، فتعتبر جامعة وسط الصين من أهم الكيانات العلمية في تخصصات الزراعة الحديثة في العالم وهي الآن تحتل المركز الخامس عالميا في تخصصها وخلال سنوات قليلة ستحتل الصدارة نظراً لحالة التطور الكبيرة في نظم الدراسة والبحث العلمي داخلها، كما تضم ووهان أكبر المعاهد في تخصصات الغزل والنسيج وجامعة متخصصة في تدريس صناعة السيارات وأكثر من جامعة للعلوم والتكنولوجيا ويوجد فيها معهد شركة هاواوي العالمية.
يتيمز الصينيون وفق رؤية النشيوي بمبدأ عدم تصدير المشكلات في حايتهم الخاصة أو العملية، فكل مواطن سواء في منزلة أو في محل عمله مكلف بأن يحل المشكلات التي تواجهه على كمل وجه حتى لو استغرق منه ذلك وقت ومجهود كبير فالأهم أن يحل المشكلة التي تواجهه وهو مبدأ يخلق إنسان مسئول ومميز في المستقبل، ويمكن أن نعد ذلك ضمن الأسباب التي عجلت بتخطي الصين لمحنة كورونا.