الإذاعة.. صناع السحر والخيال

احتفل العالم في الأسبوع الماضي باليوم العالمي للإذاعة وهي فرصة لتوجيه الشكر للأبطال الذين ملأوا قلوبنا بالمتعة، وعقولنا بالوعي، ومشاعرنا بالرقة، وخيالنا بالإبداع.

كان الاستماع إلى الإذاعة جزءا من الروتين اليومي لجيلنا الذي تمثل في أبناء التمانينات والتسعينات. لم يكن لدينا موبايلات أو مواقع اجتماعية أما الكمبيوتر والإنترنت فكان متواجدًا على استحياء لذا تشكل عالمنا عبر الروايات والقصص أما السحر بأكمله فقد كان في ترقب حركة مؤشر الراديو متنقلًا بين المحطات.. باحثًا عن الإشارة.. مصدرًا ضجيج في طريقه للبحث عن محطة إذاعية.. قبل أن يستقر على أحد الإذاعات لينساب صوتها في خلفية استعدادنا للذهاب إلى المدرسة..

اعتدنا أن يبدأ يومنا الجديد على صوت أم كلثوم تغني (يا صباح الخير ياللي معانا).. قبل أن يتعالى صوت محمد قنديل قائلًا (يا حلو صبح يا حلو طل.. يا حلو صبح نهارنا فل).

لا تصنعوا محاكم أونلاين

هذه ليست مجرد أغنيات لكنها الإعلان الرسمي لبدء يوم جديد.. ارتباط اليوم الجديد بالإذاعة وأغانيها جعلنا نظن أن بداية النهار ينحصر بين شروق الشمس ومؤشر الإذاعة! أما إيناس جوهر فكانت تخبرنا من كلمات صلاح جاهين (غمض عينيك وامشي بخفة ودلع.. الدنيا هي الشابة وأنت الجدع).. برامج مختلفة حُفرت في الذاكرة.. بعضها لم يعاصره جيلنا لكن عشقنا للإذاعة جعلنا نبحث عما فاتنا لنعيد الاستماع إلى حلقاته.

الشغف عند الاستماع إلى "قال الفيلسوف" و"تسالي" و"غنوة وحدوتة" و"كلمتين وبس" و"ألف ليلة وليلة".. أو الضحكة الصافية مع "ساعة لقلبك" أو "موهوب وسلامة".. رهبة عند انتظار الحلقة الجديدة من مسلسل (من أرشيف المحاكم) أو ترقب للحلقات الجديدة من مسلسل (أغرب القضايا) أو برنامج (من الحياة).

كبرنا قليلًا وتطور العالم من حولنا ليبعدنا التطور التقني والتكنولوجي قليلًا عن الإذاعة لنخصص أوقاتًا أطول لوسائل اتصال أخرى على رأسها "السوشيال ميديا" لكن جيلنا الذي عاش كل هذا الإبداع لا يزال مدركًا للفارق الجوهري بين تأثير الإذاعة والسوشيال ميديا.. فالأولى أعطت لأرواحنا الخيال أما الثانية فقد استنزفتها.