«رسائل المخابرات الأمريكية للإخوان».. اقتحام «الاتحادية» في «30 يونيو» نهاية حكم الإخوان.. باترسون لـ«الشاطر»: إياكم والعنف.. «ياسين» يدير حربًا نفسية
يدرك قادة جماعة الإخوان المسلمين أن «30 يونيو» يمثل يوما فاصلا في تاريخ الجماعة، فإما أن تكون أو لا تكون، وإما أن تبسط حكمها أو أن تتلاشى ويكون مصيرها كمصير الديناصور العملاق الذي بات من الحيوانات المنقرضة.
الجماعة «العفية» التي ظلت ما يربو على الثمانين عاما تبحث عن الوصول لسدة الحكم والتربع على عرشه، وجدت نفسها فجأة أمام تحدٍ خطير للغاية، خاصة وأنها تواجه المجهول هذه المرة ولا تدرك أبعاد ما يحدث، لكنها تعمل جاهدة على ألا يحدث ذلك مهما كلفها الأمر من نفقات وتحركات.
ووفقا للمعلومات التي حصلت عليها «فيتو»، فإن الإخوان وافقوا على تخصيص ميزانية مفتوحة لإفشال مظاهرات 30 يونيو وتقليل الحشد لهذه المظاهرات، وفي التفاصيل دوما تكمن المفاجآت.
سيناريو «تشاوشيسكو»
تخشى جماعة الإخوان المسلمين أن يتكرر سيناريو الإطاحة بالديكتاتور الروماني « نيكولاي تشاوشيسكو»، حينما خرجت جموع الشعب الروماني في عام 1989 في ثورة عارمة تعلن رفضها حكم الرئيس الديكتاتور نيكولاي تشاوشيسكو الذي حكم بلاده على مدى 15 عامًا بالحديد والنار، نهب خلالها ثروات البلاد بينما شعبه يعانى من ويلات في الفقر.
مظاهرات الطلبة خرجت في 20 ديسمبر من عام 1989 وكانت مظاهرات عنيفة وصلت إلى قصر الرئيس الفخم، فخرج تشاوشيسكو يخطب فيهم، لكن المتظاهرين كانوا يهتفون ضده مما اضطره إلى قطع خطبته.
وفي اليوم التالي، ازدادت المظاهرات حدة برغم عدد القتلى الذي فاق المئات والجرحى، فغصت المستشفيات بهم واستطاع المتظاهرون حصار القصر وأخذت أصوات المتظاهرين تهدر مما أصاب تشاوشيسكو بالرعب فاضطر للهرب عن طريق الممرات السرية لقصره وبواسطة طائرة هليكوبتر حطت به هو وزوجته خارج المدينة، فيما كان الثوار قد دخلوا القصر ليعلنوا نهاية حكم الديكتاتور.
يبدو سيناريو «تشاوشيسكو» حاضرا بقوة في أذهان قادة الإخوان وهو ما يصيبهم بالرعب، خاصة أنهم أمام خيارين لا ثالث لهما، أولهما أن تلتزم الجماعة الصمت ولا تقوم بمواجهة متظاهري 30 يونيو، وهو ما يعني أن يقتحم الثوار قصر الاتحادية ووقتها يسقط حكم الإخوان للأبد، أما الخيار الثاني فيتمثل في أن تحدث المواجهات على أبواب قصر الاتحادية وتسيل الدماء بالقرب من أسوار القصر، ووقتها سيصبح لزاما على الجماعة أن تترك الحكم وترحل لأن المجتمع الدولي لن يرحمها إذا ما سالت نقطة دم واحدة بالقرب من قصر الاتحادية.
وزير الشباب يدير الأزمة
خوفا من تكرار سيناريو الديكتاتور الروماني «تشاوشيسكو»، أسند مكتب الإرشاد ملف إدارة أزمة 30 يونيو إلى الدكتور «أسامة ياسين» وزير الشباب، الذي قام بتشكيل لجنة لإدارة الأزمة أسماها «لجنة الحرب النفسية»، وتضم هذه اللجنة أساتذة متخصصين في الطب النفسي وعلم الاجتماع السياسي، وعقدت الجماعة عدة اجتماعات لمناقشة تطورات إدارة الأزمة وناقشت الجماعة دراسة أعدتها «لجنة ياسين».
وهي الدراسة التي انتهت إلى أن أخطر شيء من الممكن أن يواجه الإخوان هو توجه الجماهير الحاشدة إلى قصر الاتحادية وأن «القصر دونه الموت».
الدراسة التي أعدها «ياسين» قالت إنه في عصر مبارك حينما احتشدت الجماهير في ميدان التحرير كان الرئيس السابق يواجه هذه الحشود بالمساومات والمراوغات، لكن كل شيء انتهى في 10 فبراير، حينما بدأ بعض المتظاهرين في التوجه إلى القصر الرئاسي.
وأكدت الدراسة أنه كانت هناك فرصة كبيرة أمام معارضي حكم الإخوان لإقصاء الجماعة من الحكم يوم الثلاثاء 4 ديسمبر 2012، حينما حاصرت الجماهير قصر الاتحادية قبل حضور شباب الإخوان للدفاع عن القصر ووقوع أحداث الأربعاء الدامي، التي قام فيها الإخوان وأنصارهم بالبدء في قتل المتظاهرين وفقا لقاعدة «الضرورات تبيح المحظورات».
نهاية الشرعية..
انتهت الدراسة التي عرضها «ياسين»على مكتب إرشاد الإخوان إلى ضرورة وضع خطة لمنع الجماهير من الذهاب لقصر الاتحادية وتوجيه أنظارهم إلى الاعتصام في ميدان التحرير أو أمام مقر الإخوان بالمقطم، فالخطر كله ينبع من توجههم إلى الاتحادية وحصارهم للقصر.
وأشارت الدراسة إلى أن حصار الجماهير للاتحادية واقتحامهم له يعني سقوط دولة الإخوان، وتكرارا للثورة الرومانية وسيناريو الإطاحة بـ«تشاوشيسكو»، خاصة وأن ثقافة الغرب تؤمن بأن دخول الجماهير للقصر الرئاسي تعني أن الرئيس يصبح بلا أي شرعية.
خطة إفشال 30 يونيو..
وبعد الدراسة التي أعدها «أسامة ياسين» وعرضها على مكتب الإرشاد، قررت الجماعة تشكيل لجنة يديرها أسامة ياسين ويعاونه فيها 5 من أساتذة الطب النفسي وعلم الاجتماع السياسي، وهي اللجنة التي أخذت على عاتقها إثارة مخاوف الجماهير من الاقتراب من القصر الرئاسي.
وقررت الجماعة الاستعانة بشخص إنجليزي من أساتذة معهد «تافيستوك» البريطاني وهو أشهر المعاهد المتخصصة في إدارة السلوك لمعاونة ياسين في مهمته.
ورأت هذه اللجنة أنهم إذا ما وقفوا أمام الثوار ستسيل الدماء، وهذا شكل من أشكال سقوط صاحب القصر، فلا يجب أن تسيل الدماء أمام قصر الاتحادية لأنه وقتها سيصبح ملطخا بالدماء وستسقط شرعية الرئيس أمام الغرب.
وحملت اللجنة على عاتقها مهمة إثارة الشائعات عبر استغلال مواقع التواصل الاجتماعي واستغلال بعض رجال الإعلام ودفعهم للتشكيك في حركة «تمرد»، والحديث عن تشكيل مجلس رئاسي والدعوة للنزول في موعد آخر غير 30 يونيو.
ليس ذلك فحسب، بل إن هذه اللجنة استطاعت تجنيد بعض الساسة وبعض العاملين في جهات سيادية سابقا، منهم من ينسب لنفسه أنه كان مسئولا عن عملية «الكربون الأسود» في حين أن من كان مسئولا عنها هو اللواء حسام خيرت المتوفي من 3 شهور تقريبا، وهذا الشخص استغله الإخوان في الترويج لشائعات منها أن الإخوان استأجروا 30 شقة أمام الاتحادية وأن الدماء ستسيل في 30 يونيو.
وهذا الكلام غير صحيح، فمصادر سيادية أكدت لـ«فيتو» أن المنطقة المحيطة بقصر الاتحادية مرصودة ومراقبة بصورة دقيقة وأن إثارة الشائعات الغرض منها إخافة الجماهير.
وتؤكد المصادر أن مليونية «نبذ العنف» التي حشدت فيها الجماعة أنصارها في ميدان رابعة العدوية بمدينة نصر، كانت تريد تصدير الخوف ليخشى الناس من النزول في 30 يونيو، ومن أجل هذا الغرض استغلت الجماعة بعض رجالها ووجهتهم للقيام بتدريبات على رياضة الكونغ فو أمام الكاميرات ليتم نقل ذلك على الهواء، ويتم تصدير رسالة رعب للراغبين في النزول ضد حكم الجماعة.
المثير في الأمر أن تدريبات الكونغ فو كانت من بنات أفكار الدكتور أسامة ياسين وزير الشباب ونفذها ذراعه اليمنى ويدعى حسام عبدالرحمن.
واعتمدت خطة «ياسين»على تكثيف ظهور بعض قادة الجماعة في مختلف وسائل الإعلام والاستعانة بأشخاص معروف عنهم العنف والتهور كعاصم عبدالماجد وصفوت حجازي.
واستهدف «ياسين» من خطته ترويع البسطاء الكارهين لحكم الإخوان وتخويفهم من النزول يوم 30 يونيو، وتصدير سيناريو ما يحدث في سوريا ليصبح حاضرا في أذهانهم.
وما يلفت الانتباه أيضًا وفقا للمعلومات، أن «ياسين» أنفق أكثر من 50 مليون جنيه على حملة الترويع والتخويف وهذه الأموال من وزارة الشباب.
من ناحية أخرى، شهدت الأسابيع الماضية اتصالات سرية مكثفة بين الإخوان والأمريكان بإشراف جهاز المخابرات الأمريكية «سى آى إيه»، ووصل الأمر لقيام مبعوث أمريكي بزيارة سرية لمصر التقى فيها بعض قيادات الإخوان وأبلغهم أن يفعلوا ما بوسعهم لإبعاد الجماهير عن قصر الرئاسة لتتمكن الإدارة الأمريكية من مساعدة الإخوان، لأنه إذا ما نجحت الجماهير في اقتحام القصر فإن البيت الأبيض لن يعد في يديه ما يقدمه للجماعة، وهو التحذير الذي أبلغه المبعوث الأمريكي للمهندس خيرت الشاطر نائب المرشد العام للجماعة.
نفس كلام المبعوث الأمريكى أكدته آن باترسون سفيرة أمريكا بالقاهرة خلال لقائها بنائب المرشد في مكتبه بمدينة نصر والتي قالت للشاطر "افعلوا أي شيء لمنع المتظاهرين من اقتحام قصر الرئاسة" وشددت على أن إدارتها لن تستطيع فعل أي شيء حال دخول الثوار إلى القصر وتضطر إلى التخلى عن الإخوان في تلك اللحظة.
" نقلا عن العدد الورقي"..