رئيس التحرير
عصام كامل

مصر والهاوية


الروح الخلاقة وسلمية ميدان التحرير كانت محور إبداع لمصر في ثورة عام 2011، ووصل الرئيس محمد مرسي إلى الرئاسة من خلال انتخابات حرة قبل سنة، وتعهد بأن يكون رئيسا لكل المصريين، لكنه أخلف وعده، تحت تأثير جماعة الإخوان المسلمين التي ينتمي إليها، وانتهج سياسات فرقت الشعب، وبالنتيجة فالشارع المصري الآن يغلي ولجأ للاحتجاجات تعبيرًا عن غضبه.


وشهدت البلد بين عشية وضحها مظاهرات حاشدة مناهضة للحكومة، اتسمت بالعنف في جميع أنحاء البلاد، وانتشار خوف بين المصريين العاديين من التداعيات المحتملة للمواجهة المتوقعة وشيكة الحدوث بين المؤيدين والمعارضين لمرسي.

المصريون يجدون أنفسهم بلا حول ولا قوة، والشهود تؤكد أن كلا من المعارضة ومؤيدي الحكومة تهدد باحتمال اندلاع أعمال عنف. وحذر كل من وزارة الداخلية والسفارات الأجنبية بشأن العنف المحتمل في العاصمة. بالفعل لقد توفي أربعة أشخاص على الأقل خلال الأسبوع الماضي في اشتباكات بين مؤيدي ومعارضي مرسي. في القاهرة يوم الجمعة، تجمع الإسلاميون في حي مدينة نصر لحشد المؤيدين للحكومة قبل الأحد.

وزاد التوتر بعد تلميح مباشر من الجيش بأنه سيتدخل في حدوث عنف، وإذا خرج الوضع عن نطاق السيطرة، والفصائل السياسية لا تخطو للعمل بإيجاد حل وسط.

كما أن الخطوة الوحيدة التي أقدم عليها مرسي ونالت رضى الناس وكسب بها احترامهم كانت تنحيته جنرالات الجيش انقلبت عليه في النهاية لأنها أفقدته حظوتها عند قادة الجيش وأفشلت تحالفا محتملا معهم.

مرسي وحلفاؤه من جماعة الإخوان، في السلطة بعد عقود من العزلة السياسية، ويجتاحهم الخوف من أن قوات قوية تطيح بهم وأن تقع البلاد على شفا كارثة.

وما لا شك فيه أن الانتقال من الديكتاتورية إلى الديمقراطية عملية معقدة بلا شك، ولم تكن مهمة مرسي سهلة، فقد ورث نظاما انهار فيه الأمن العام، وبدلا من توحيد الشعب والاستناد على شعب موحد ارتأى هو وجماعته الاستئثار بالسلطة والسيطرة على المؤسسات، كمؤسسة القضاء مثلا.

كما زادت المشاكل على المواطن المصري الذي يعاني من ارتفاع الأسعار ونقص الوقود، وقطع التيار الكهربائي، وحالة الاستقطاب التي وصلت إلى حد الاقتتال السياسي الذي يهدد التجربة الديمقراطية الوليدة في مصر، ويهدد الأمة كلها أن تصاب بحالة من الشلل والفوضي.

مرسي واجهة لحكم جماعة الإخوان المسلمين التي تدير حكومة موازية، وبذلك يصبح رهينة في أيديهم بدلا أن يتحمل مسئوليته أمام الشعب كله.
نقلًا عن فاينانشال تايمز
الجريدة الرسمية