هل أصبح عزل الإخوان الحل الوحيد لإنقاذ تونس ؟
تعيش تونس حالة من الاضطراب السياسي المتزايد بسبب الأزمة الخانقة التي تحياها البلاد، من جراء رفض أغلب القوى السياسية التعاون مع الإخوان ـ حركة النهضة ـ وزعيمها راشد الغنوشي، بعد أن تبين لها رغبة الرجل في الاستحواذ على كل شيء، وفرض منطق إخواني على الهوية التونسية وروح الحكم في البلاد، ما دفعه للصراع مع الرئيس قيس سعيد .
وتتزايد نداءات عزل الإخوان وإعلانهم جماعة إرهابية للتضييق على النهضة والغنوشي وغلق الطريق أمام تمدد المشروع الإخواني، وتم تدشين عريضتين في البرلمان لنفس السبب، ما جعل الكثير من الخبراء يؤكدون على أهمية حظر الإخوان وإزاحة الغنوشي كمخرج وحيد لحل الأزمة التونسية المشتعلة التي تهدد بتدمير التجربة الديمقراطية التونسية.
يقول الدكتور عبد الجليل معالي، الكاتب والباحث أن تفاقم الأزمة السياسية التونسية، وتحولها إلى انسداد حقيقي، انعكس على الواقع الاقتصادي والاجتماعي للتونسيين، وأكد أن المشكلة في التناقض العميق بين الإخوان ـ حركة النهضة ـ ومؤسسات الدولة.
لفت معالي إلى أن الغالبية أصبحوا على قناعة، أن الحل يبدأ من سحب الثقة من راشد الغنوشي رئيس البرلمان، والدليل على ذلك، مسارعة تمرير العريضة الثانية بعد عريضة شهر يوليو من العام الماضي، وما يميز هذه المحاولة الجديدة، حرصها توكيل مجموعته من النواب غير المنتمين إلى كتل سياسية لعملية التنسيق وتجميع الإمضاءات.
أضاف: سحب الثقة من رئيس البرلمان ينقي الأجواء السياسية ويعيد التوازن إلى المشهد السياسي، وينتهي بمراجعة القانون الانتخابي والتسريع بتشكيل المحكمة الدستورية.
أوضح أن راشد الغنوشي فقد كل مصداقيته السياسية بعد أن حاول الدوس على صلاحيات الرئيس سياسيّاً ودبلوماسيّاً، وأسهم في تحويل البرلمان إلى ميدان للاحتقان المتواصل.
تابع: التحرك البرلماني من أجل سحب الثقة من الغنوشي أكد وجود وعي سياسي، بأن الأخير يتحمل مسؤولية كبرى في هذا الأزمة، وأن إبعاده عن رئاسة البرلمان منطلق حقيقي للحل، لأن وجوده تحول إلى عبء في ظل رفض غالبية الأطياف السياسية له.
أما عماد عبد الحافظ، الكاتب والباحث فيرى إن مرحلة ما بعد الربيع العربي تمثل نهاية تجرِبة الحركة الإسلامية بشكلها التقليدي والتي نشأت وامتدت طوال القرن الماضي.
أوضح "عبد الحافظ" أن الإخوان تعتقد أن سر قوتها يكمن في قوة التنظيم، الذي ينبع من احتوائه عددا كبيرا من الأفراد، تستطيع مجموعة صغيرة من القيادات أن تتحكم في حركتهم وتوجههم كيفما تشاء، وبذلك تكتسب الجماعة قدرة كبيرة على التأثير بالمقارنة بأي فصيل أو تيار أو حزب آخر، فتستطيع تحقيق وجودها باستمرار وفرض إرادتها والحصول على العديد من المكتسبات.
تابع: الإخوان بشكلها الحالي ليست في حاجة إلى فرد يفكر وينتقد ولديه القدرة على الحركة الذاتية، ولكنها بحاجة إلى فرد منفذ يسمع ويطيع ويثق بشكل مطلق في قيادته، ويفعل كل ذلك بدافع ديني معتقدًا أن هذا واجب عليه، بناءً على أسلوب الجماعة الذي تستخدمه في إنزال بعض النصوص الدينية عليها كمفهوم الطاعة والبيعة والجماعة.
أضاف: لكن هذا الأسلوب كانت له نتائج كارثية، حيث أفقد الفرد نفسه إرادته وملكاته الفكرية التي وهبه الله تعالى إياها، كما أصاب عقل الجماعة بالضمور وأفقدها حيويتها فحال بينها وبين القدرة على التطور، كما جعل من ذلك الفرد كائنًا متعصبًا لفكر الجماعة ومواقفها، يدافع عنها في الحق والباطل، سواءً علم بأنه باطل أم لا، فأضحى سببًا من أسباب الانقسام في المجتمع.
استكمل: كان لهذا الأسلوب تأثيره الكبير في عدم قدرة البعض على الخروج من الجماعة رغم رؤيته للعديد من الأخطاء فيها، لكنه ونتيجة لتلك التربية كان يعتقد أن الخطأ في عدم قدرته هو على إدراك ما تدركه قيادة الجماعة، فيعود أدراجه في صفوفها مستسلمًا ملتزمًا بفعل ما لا يقتنع به، فقط لأنه تربى على أنه ليس عليه سوى التنفيذ، أما الباقي فهو من شأن القيادة التي ترى ما لا يراه أحد.
اختتم: يأخذون الفرد في مسار خاطئ، ويهدرون ما اكتسبه وتعلمه من أمور حسنة، لأن الفرد في النهاية لا يكون إلا جزء من التنظيم، وترسا في ماكينته.