رئيس التحرير
عصام كامل

30 عاماً في رحاب الذكر الحكيم.. رحلة رضا عبد السلام أشهر مُذيعي القرآن الكريم

رضا عبدالسلام
رضا عبدالسلام
«أيها الإخوة المؤمنون السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وهذه فقرة إذاعية جديدة من فقرات إذاعة القرآن الكريم من القاهرة.. يسعد بصحبتكم من أسرة المذيعين رضا عبد السلام»، من منا لم يستمع إلى هذا الصوت ولو مرة واحدة في حياته صادرًا من جهاز الراديو بسيارته أو غرفة نومه أو أي ركن من أركان المنزل أو حتى صادفه في أحد المحال التجارية أثناء مروره.


فصاحب هذا الصوت هو رجل ظل على مدار ثلاثين عامًا واحدًا من أهم رواد الإذاعة المصرية، وإذاعة القرآن الكريم على وجه التحديد، رضا عبدالسلام بصوته الهادئ ولغته المنمقة والسليمة.



إلى جانب صوته الهادئ ونبراته المطمئنة التي ترتبط في أذهاننا دائماً بالسكينة التي تسكن قلوبنا، فقد تميز بالقدر الذي يجعلنا نتحدث عنه في إطار احتفال العالم أجمع باليوم العالمي للإذاعة الذي يصادف هذا اليوم من كل عام. 

فبالرغم من إعاقته التي تمنعه عن ممارسة حياته العادية بفقدانه لكلتا يديه فقد وُلد رضا عبدالسلام بلا ذراعين، إلا أن ذلك لم يمنعه من حلم الجلوس خلف المايكروفون.



أعمل في إذاعة القرآن الكريم منذ أكثر من ثلاثين عامًا، قدمت خلالها كافة أنواع البرامج المتعلقة بالقرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، منها البرامج الحوارية ونقل الإذاعات الخارجية من مصر وخارجها، كان كل ذلك بمثابة الحلم بالنسبة لي، هكذا قال لنا عبدالسلام.

فما زال رضا عبد السلام الذي التقينا به في إطار الاحتفال باليوم العالمي للإذاعة يتذكر سنواته الثلاثين بين أروقة هذا الاستديو الكائن بالطابق الخامس في مبنى ماسبيرو على كورنيش النيل، هذا الاستديو المُخصص لتسجيل برامج إذاعة القرآن الكريم، فهنا في هذا المكان وعلى مدار ما يقرب من عشرين عاماً قدم رضا عبدالسلام برنامجه "سيرة ومسيرة"، والتي تناول خلاله حكايات لكبار علماء الدين الإسلامي حتى أنه جمع تلك الحكايات في كتاب وعنونه باسم البرنامج نفسه.



وتابع: "بدايتي مع الإذاعة المصرية كانت صعبة للغاية بسبب إعاقتي الظاهرة للجميع، حينها ظن الكثيرون أنه لا يمكن أن أعمل في الإذاعة ولكني ظللت على مدى عامين أثبت ذاتي، حتى أصبحت هناك موافقة في النهاية عملت في إذاعة شرق الدلتا ثم بعد ذلك انتقلت في نهاية الثمانينات وعملت في إذاعة القرآن الكريم وكان هذا حلمي الأكبر والأهم".

وتحدث رضا عبدالسلام ابن مدينة قويسنا بمحافظة المنوفية، عن تربيته في منزل ريفي  يحرص ربُه على تحفيظ أبنائه القرآن الكريم" "أردت أن أجاور القرآن وأعمل به وأظل على مدار ساعات العمل بجانب القرآن الكريم، اشتغلت على نفسي فترة إلى أن جلست في ستديو الهواء كأول مذيع في العالم بهذا الشكل يعمل مذيعا للهواء، وأقدم العديد من البرامج المختلفة من خلال هذا الاستديو وتحدثت وتناولت جميع المجالات".



على مدار عامين دخل رضا عبدالسلام إلى العديد من الاختبارات من أجل الجلوس أمام المايكروفون وتقديم برامجه الإذاعية والحوارية، أخفق عدة مرات وجد الكثيرون استحالة عمله في الإذاعة المصرية وإذاعة القرآن الكريم، قائلاً: "دخلت على لجنة الاختبار في الامتحان الأخير الذي اجتزته وخلعت الجاكيت وارتديته مرة أخرى أمسكت القلم بفمي وكتبت أمام اللجنة، علموا وقتها بأنني يمكن أن أصبح واحدا ضمن فريق عمل إذاعة القرآن الكريم، أقوى المحطات الإذاعية في العالم العربي، فأنا اعتدت الكتابة بفمي منذ نعومة أظافري وحتى الآن".

وبعد أيام قليلة وجد رضا نفسه وقد قُبل طلبه بالعمل كمذيع للهواء بإذاعة القرآن الكريم.



بداية عمل رضا عبدالسلام في إذاعة القرآن الكريم كانت من خلال برنامج "مساجد لها تاريخ" الذي ظل على مدار أكثر من 15 سنة يتحدث في كل حلقة منه عن مسجد في مصر وتاريخ وظروف نشأته: "تحدثت في هذا البرنامج الذي كان نقطة انطلاقي في عالم الإذاعة في هذا المكان العريق وسط أكثر من 18 استديو لمختلف المحطات الإذاعية، عن أكثر من 500 مسجد، وبعدها تطرقت للعديد من البرامج المختلفة وكنت كل يوم اتقرب للقرآن الكريم وأعمل في خدمته وذكر آياته على مدار 8 ساعات يوميًا لمدة أربعة أيام في الأسبوع".

"لن أنسى شعوري أثناء جلستي الأولى أمام الميكروفون، كنت في حالة من عدم التصديق أن الناس كلها جالسة تستمع إليّ، تعب عامين انتهى تماما حينما نطقت كلمة إذاعة القرآن الكريم من القاهرة، أصبحت أقدم بعد مرور 30 عاما أهم برنامج من برامج إذاعة القرآن الكريم على الإطلاق، أصبحت بصوتي متميز لدى جميع المسلمين في كافة أنحاء جمهورية مصر العربية ".
  
يرى رضا عبدالسلام أن عمله في إذاعة القرآن الكريم في فترته الخاصة التي تستمر أكثر من ساعتين بمثابة بابه إلى الجنة فهو بمجاورته لكتاب الله سبحانه وتعالى الذي يظل في الكرسي المجاور له يرى أنه من المقربين إلى الله سبحانه وتعالى" "هذه الجِلسة هي روحي وأدعو الله أن يتقبلنا جميعا، ولكن كونك تعملين في إذاعة القرآن فهذه نعمة كبيرة لا تضاهيها نعمة أخرى".


الجريدة الرسمية