رئيس التحرير
عصام كامل

القصر المهجور.. آلاف القصور في أنحاء مصر تعاني الإهمال.. بعضها تحول إلى مقالب قمامة.. وتجربة البارون طوق نجاة

قصر البارون
قصر البارون
حالة من الجدل أثيرت في الأيام الماضية، بعدما انتشرت ترددت أنباء بشأن هدم قصر "برسوم باشا حنا"، الذي يرجع تاريخ بنائه إلى القرن التاسع عشر الميلادي.


برسوم باشا

كانت بداية الأزمة، عندما فوجئ شريف حنا، حفيد برسوم باشا، بعدد من المهندسين التابعين لإحدى شركات المقاولات الشهيرة ينتشرون حول مقر إقامته الكائن في شارع العباسية، ويلتقطون الصور لمختلف الجوانب والزوايا، ويرفعون القياسات الهندسية، وعندما استفسر عن السبب، أخبروه بأنه وفقا للرسومات التي بحوزتهم، فإن منزله معرض للإزالة بسبب أعمال «محور الفردوس»، حيث سيقع تماما عند منزل الكوبرى.




هذه الواقعة كانت دافعًا لنا لنفتح ملف القصور الأثرية والتاريخية، وتحديد أبرزها والكشف عن أهميتها الحضارية التي من الصعب التخلي عنها، والتصدي لوقف هدمها، بعدما تعرض عدد منها للإزالة أو الإهمال.

قصور مهجورة

الكاتبة والمؤرخة سهير عبد الحميد كشفت عن أبرز قصور مصر، التي تم هجرها وأصبحت مهددة بالإزالة ويأتي أبرزها قصر شامبليون، قصر إسماعيل المفتش، وقصر الأمير عمر طوسون، مشيرة في تصريحات لـ"فيتو": مصر تملك الكثير من القصور التي تعتبر تحفًا معمارية وقيمة جمالية، إلا أنه يتم التفريط فيها بكل سهولة.

ومنها أيضًا قصر "برسوم باشا" المهدد بالهدم الذي تم إنشاؤه منذ عام 1846. "عبد الحميد" قالت إنها رصدت أبرز القصور الأثرية في مصر، مشيرة إلى أن ما تم رصده حتى كتابة هذه السطور بلغ 67 قصرًا، وهى إحصائية مرشحة للزيادة.

أما عن سبب هدم القصور وتدهور حالها، فأفادت "عبد الحميد" بأن السبب الرئيسى هو توزيع مسؤوليتها على عدة جهات رسمية، الأمر الذي وصفته بـ"الجريمة في حق المصريين"، مردفة: "القصور ليست ملك أحد، فجميعها تراث مصر وملك المصريين".

واختتمت سميرة عبد الحميد: التنسيق الحضاري هو المسئول الأكبر عن هذه الأزمات والإهمال في ترميم القصور والحفاظ عليها، من السرقة والنهب الذي تعرضت له.

إرث حضاري ومعماري

بجانب تاريخنا الفرعوني العظيم، يظل هناك تاريخ مصري حديث من نوع خاص، حيث شهدت مصر في آخر 200 عام، تشييد الكثير من القلاع والقصور، لتشكل المعمار التاريخى والحضارى الذي يضم بين جنباته العديد من الثقافات المتلاحقة عليه، بدءا من قلعة صلاح الدين مرورًا بقصور أسرة محمد على، والعديد من الشخصيات التي عاشت في مصر.

وشيدت قصورًا تحمل أسماء أصحابها، قبل أن يجور على معظمها الزمان ليعانى الإهمال، أو يتحول إلى مقلب قمامة، فيما صار بعضها مهددًا بالهدم!

وزارة الآثار

الكاتبة والمؤرخة الدكتورة لطيفة محمد سالم قالت لـ"فيتو": القصور التي تخطى عمرها 200 بل 300 عام تسجل بوزارة الآثار، ولكنها تظل تحت إشراف الحكومة وليست الآثار، وبالتالي يكون الاهتمام بها أقل، مردفة : قصورنا لا حصر لها، ففي الحقيقة هي أكثر مما نتخيل، بداية من قصور الطبقة الحاكمة في القاهرة والصعيد والإسكندرية، مثلًا كقصر عابدين وقصر الطاهرة، ثم قصور الزعماء كبيت الأمة، وقصر الصفا، وقصر التباهي.

وأضافت لطيفة: يجب وضع خطة للاستفادة منها سواء من خلال تطوير المحيط الخاص بها أو تحويلها إلى متحف للجمهور، مثلما حدث مع قصر البارون، في حي مصر الجديدة بالقاهرة، الذي أعيد للحياة من جديد بعد عملية ترميم دامت لمدة عامين، وأعيد افتتاحه أواخر يونيو الماضي.

أستاذ التاريخ الحديث الدكتور خلف عبد العظيم الميري يقول إن القصور الموجودة منذ القرن الماضي ما زالت بحالة جيدة من حيث الزخارف والطرز المعمارية المميزة لها، التي تعد قيمة أثرية كبيرة.

التاريخ الحديث

مشيرًا في تصريحات لـ «فيتو»: حان الآن الالتفات للتاريخ الحديث جانبًا إلى جانب مع التاريخ الفرعوني، فقصورنا التراثية تحوي على الرموز والآثار البديعة وتعود إلى حقب متعددة تضم: القبطية والإسلامية، ونحن بحاجة إلى أن نعيد إحياء قصورنا التراثية كمتحف حضاري مفتوح على مدار العام.

يشار إلى أن بداية إنشاء القصور المصرية، وفق طرز مميزة في العصر الحديث، تعود إلى استعانة حاكم مصر محمد على باشا بمهندسين أجانب، لتتخذ القاهرة ملامح الطابع الأوروبي، وتم تقسيم تلك القصور إلى 3 فترات: قبل حكم الخديو إسماعيل، وعهد الخديو إسماعيل، وما بعده.

وبرغم الإبداع الفني الذي تحمله القصور إلا أن الإهمال يفسد كل شئ، فأصبح تاريخ مصر الحديث مع الأسف «جمالًا مهجورًا» يختبئ وراءه الغبار؛ ومنها قصر البرنس سعيد حليم المعروف باسم "قصر شامبليون" ويقع في منطقة وسط البلد، لصاحبه محمد سعيد حليم، الرائد في دراسات الفكر الإسلامي، وقصر فؤاد سراج الدين باشا بمنطقة "جاردن سيتي".

وقصر الجوهرة في قلعة محمد على، وقصر السكاكيني باشا في حي الظاهر، وقصر فاطمة شنن المعروف باسم قصر غنيم في مدينة سمنود بالغربية، وقصر أمين حجاجي في إسنا، وفيلا كاسداجلي في جاردن سيتي، وقصر الأمير طوسون باشا بحي روض الفرج الذي أصبح أشبه بـ «بيت الأشباح» وغيرها من القصور التراثية المنسية.

نقلًا عن العدد الورقي...
الجريدة الرسمية