ثورة الريف المصري.. القرية المصرية 2030.. تطوير البنية التحتية في المقدمة.. والارتقاء بحياة 55 مليون مواطن
أخيرًا.. دخل الريف بقراه ونجوعه اهتمامات الدولة المصرية، بعدما ظل عقودًا متتالية نسيًا منسيًا. لا حديث خلال الأيام القليلة الماضية سوى عن مخطط تطوير الريف المصرى والارتقاء بمستواه وحياة أبنائه.
ثورة الريف المصري
توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي بتنفيذ مشروع تطوير قرى الريف المصري والذي يهدف إلى تطوير 1500 قرية وتوابعها كمرحلة أولى، تتبعها مراحل أخرى تشمل مراكز وقرى ونجوع 26 محافظة، بعد استثناء القاهرة لخلوها من القرى.
ويبلغ عدد القرى المستهدف تطويرها في المشروع بالكامل 4741 قرية وتوابعها 30888 عزبة وكفرًا ونجعًا، في إطار التغيير الجذري لحال وواقع قرى الريف وتوابعها من عزب وكفور ونجوع من كافة جوانب البنية الأساسية والخدمات، والنواحي المعيشية والاجتماعية والصحية.
مراحل التنفيذ
يتم تنفيذ هذا المشروع على ثلاث مراحل، الأولى تشمل القرى ذات نسب الفقر من 70% فيما أكثر، والثانية تشمل القرى ذات نسب الفقر من 50% إلى 70%، والثالثة تضم القرى ذات نسب الفقر أقل من 50%. ويتم تحديد القرى الأكثر احتياجًا وفقًا لمعايير حاكمة أبرزها: ضعف الخدمات الأساسية من شبكات الصرف الصحي وشبكات المياه، وانخفاض نسبة التعليم، وارتفاع كثافة فصول المدارس.
والاحتياج إلى خدمات صحية مكثفة لسد احتياجات الرعاية الصحية، وسوء أحوال شبكات الطرق، وارتفاع نسبة فقر الأسر القاطنة في تلك القرى. ويأخذ هذا المشروع القومى طابعًا متكاملًا، فلا يقتصر على بُعد أو قطاع معين، لكنه يسعى لتحقيق تنمية شاملة لقرى الصعيد الذي ظل محرومًا من كل شيء ومعزولًا عن أي شيء.
"فيتو".. تفتح هذا الملف وتناقش أبعاد المشروع والسبل الأمثل لتنفيذه والمردود المتوقع منه في المستقبل..
المعادلة الصعبة
الأرض لو عطشانة نرويها بدماءنا.. أغنية من كلمات نبيلة قنديل وألحان على إسماعيل، توثق مدي ارتباط الفلاح بأرضه ودفاعه عنها كعرضه، ومع تقدم الزمن وتقلص الرقعة الزراعية وإهمال الخدمات المقدمة للفلاح، تزايدت الهجرة إلى المدن.
وتأثرت الثقافة الريفية شيئا فشيء بالمجتمعات المحيطة ففقدت رونقها، وهو ما لفت انتباه المسئولين لتسليط الضوء على القري الريفية وتطويرها، فكيف يمكن تحقيق المعادلة الصعبة بالحفاظ على رونق الريف وتحقيق تطوره؟
هذا ما كشفه خبراء التخطيط العمراني، يقول الدكتور سيف الدين فراج أستاذ التخطيط العمراني، تطوير القرى الريفية في مشروع ١٥٠٠ قرية التابع لمبادرة حياة كريمة سيتم تنفيذه خلال ٣ سنين وسيخدم ١٨ مليون مواطن.
مؤكدا أن التنمية العمرانية في الريف تختلف عن المدن من حيث المدخلات الاقتصادية المختلفة، ففي الوقت الذي تعتمد فيه المدن على الصناعة والتصنيع، يعتمد الريف على الزراعة والأراضي الزراعية، وتربية الثروة الحيوانية من مواشٍ ودواجن، وفي الأماكن التي بها ظهير مائي تهتم بالثروة السمكية، بالإضافة إلى أن أنواعا معينة من المصانع لن تضر الأراضي الزراعية.
كمصانع التغليف التي توفر الكثير من الجهود بتغليف المواد الزراعية بالقرب من أماكن حصدها تمهيدا لتصديرها للخارج والاهتمام بمتطلبات التصدير، فعلي سبيل المثال الشيح البابوني والذي يصدر لألمانيا بكميات كبيرة، يوفر فرص عمل للقرى الريفية وينتج عنه مردود اقتصادي مباشر على الدولة وتوفير عملة صعبة، وتحسن جودة حياة المواطن المصري.
قضاء على العشوائيات
تلك الخطوة مهمة جدا وستحقق الكثير من الطموحات وستواجه الكثير من الأزمات، موضحا أن السبب الأساسي في ظهور العشوائيات هو الهجرة الداخلية من الريف إلى المدن، بسبب إهمال الريف الناتج عن سوء توزيع الاستثمار الاقتصادي التي كانت توزع بين القاهرة والجيزة والإسكندرية، وبتلك الخطوة سوف تشهد تلك الاستثمارات توزيعا عادلا على القرى والريف.
البنية التحتية الجديدة
أما عن البنية التحتية المفترض الاهتمام بها، فقال "فراج" لابد من الاهتمام بالطرق والكبارى خلال تشييد البنية التحتية للقرى، فهي من أهم المحاور الأساسية التي لابد من الاهتمام بها خلال التشييد والبناء، لتسهيل نقل المواد الغذائية الزراعية إلى الحضر.
فضلا عن الاهتمام بتوفير الكهرباء والغاز والمياه والصرف الصحي وشبكات الإنترنت، والاهتمام بالتعليم والتعليم الزراعي لإحداث نقلة حضارية ريفية للمواطن الريفي، الغرض منها رفع كفاءة الفرد والإنتاجية.
منوها الاهتمام بالحياة الشخصية للمواطن الريفي والبيئة التي يعيش فيها سيقلل من فرص إصابته بالأمراض بما يقلل الضغط على المستشفيات، موضحا الاهتمام بحياة وجودة المواطن الريفي سيقلل الضغط على ميزانية الصحة والمستشفيات.
كما أن إهمال الريف يخلق مواطنا إرهابيا أو عنيفا، والهدف من التنمية الريفية بعد التنمية الحضرية هو المواطن المصري لرفع جودة حياته وإنتاجيته، مع العلم أن الريف يحتضن نصف عدد سكان مصر، لذلك لابد من أن تقوم تنمية الريف على 3 معايير هي تحسين الخدمة والسكن وفرص العمل، وعدم إهمال المصالح الحكومية بداخله من مدارس ومستشفيات ومؤسسات إدارية.
التصميم الشكلي
أما عن التصميم الشكلي في القرى، فأكد أن المباني لابد أن تكون على مستوى أفقي تشمل دور أو دورين، وتحتوي على فتحات تتناسب مع طبيعة جو البيئة المحيطة، مؤكدا أن تصميم الريف سيختلف من قرية لأخري وفق متطلبات القرية.
على سبيل المثال التصميم في أسوان يختلف عن البحيرة، ففي أسوان تصمم البيوت بأسقف عالية وفتحات كبيرة أما في البحيرة فتضم أسقفا منخفضة بفتحات أكبر.
وذكر سيف أن كل منطقة لها خصوصيتها التي تحدد بناء على ما تعززه قاعدتها الاقتصادية، فهناك قرية نشاطها الأساسي يتمركز في المزارع السمكية، وقرية أخرى الزراعة أساس عملها، وعلي الجانب الآخر يجب الاستفادة من مواد البناء الخاصة بكل قرية على حدة، والتي تختلف من منطقة لأخرى مثل سيوة تمتلك مواد بناء تختلف عن البحر الأحمر عن أسوان وحلايب وشلاتين والبحيرة، بما سيحقق وفرة اقتصادية.
كما يجب الاهتمام بإبراز الطابع والسمات الخاصة بالقرية في معمارها وخلال تصميمها، كما أن الألوان تختلف من منطقة لأخري أيضا مثل قرية النبع في أسوان تمتلك ألوانا زاهية إلا أنها جذابة ومثيرة، في حين قرى كفر الشيخ من الممكن أن تكون بألوان بسيطة.
التخطيط العمراني
وعلى الجانب الآخر، أوضح محمد إبراهيم أستاذ نظريات العمارة وعلوم العمارة كلية الهندسة بجامعة عين شمس، أن التخطيط العمراني يختلف بين القري والريف وفق لثقافات كل مكان، مع الأخذ في الاعتبار أن الإنسان يولد بفطرة تسوقه إلى الارتقاء بنفسه من مرتبة لأخرى، ومع تأثره بالمجتمعات المحيطة والواقع المعيشي يسعى للتكيف معه.
وهو ما يطلق عليه مفهوم التحضر في الارتقاء الثقافي بين المجتمعات، لذلك لا يمكن القول بأن الريف المصرى في الثمانينيات مثل الريف المصري الآن، فمن المستحيل إعادة ثقافة سكان الريف لطبيعتها، فعجلة الزمن لا تعود للخلف.
وتابع قائلا: بدأ سكان الريف للهجرة إلى المدن وذلك نتيجة لتقلص مساحة الأراضي الزراعية، فضلا عن أن فكرة التحضر والفرار إلى المدينة مسيطرة على أذهان ساكني القرى، مضيفا أن فكرة القرية بدأت تتغير على مر الزمان، فقد حدث امتزاج القرية بالطابع المعماري للمدينة، لذلك نجد الآن بالقرية الكتل الخرسانية حلت مكان المنازل القديمة، مما يعطي الشعور بأنك داخل مدينة وليس قرية.
لافتا إلى ضرورة مراعاة أن النظرة وفكرة القرية قد تغيرت ويجب مراعاة ذلك في التصميمات المعمارية بأن مفهوم الثقافة قد تغير على مر العصور.
وتابع "جبر": من هنا يجب وضع تعريف محدد للريف المصري الآن، ودراسة هوية القرية الريفية، من قبل متخصصين في علم النفس والاجتماع والتخطيط العمراني، بما سيساعد في إدراك حقيقة التحولات الفكرية والثقافية للقرى المصري، ووضع خطط البناء العمراني وفق لها، مع الأخذ في الاعتبار الاهتمام بروح الريف المصري ومسايرته للتكنولوجيا الحديثة.
وتابع قائلا: بعض القرى المصرية في الريف ما زالت محتفظة برونفها الريفي، ويشجعهم على ذلك أن تلك الأصول والسمات تحقق مكاسب اقتصادية لهم.
كما في النوبة بأسوان يحتفظ الأهالي بتصميم القرى بطرق معينة لأنها مصدر جذب للسياح، لذلك لابد من أخذ تلك الأمور في الاعتبار، بترغيب الرجل الريفي في أصول وثقافة الريف من خلال تحقيقه مكاسب من وراء ذلك، مع توفير كل الخدمات التي تحقق له الارتقاء بمعيشته، لمنع شعوره بأنه أقل رقي من المدينة.
واختتم قائلا: إعادة تطوير الريف لابد أن يكون بناء على دراسات لطبيعة هوية سكان تلك المنطقة، وضرورة وضع تصور لهوية القرية عند التطوير وذلك نتيجة لتغير مؤشر المجتمعات القروية وما طرأ عليها من متغيرات ثقافية متأثرة بالمدينة والتي تختلف من قرية ريفية لأخري ويتم بلورة هذه المتغيرات حتى تتماشى مع رؤية التطوير الذي تريد الدولة تنفيذه في سياق الموارد الأساسية للقرية.
لافتا إلى ضرورة الاستعانة بذوي الخبرة لتنفيذ تلك الرؤية ويتم توثيق هذه الاشتراطات العمرانية في نطاق التطوير مع الأخذ في الاعتبار ثلاثة محاور وهي: أن يرتبط بالتحولات الثقافية للقرية، وبطبيعة الأنشطة الاقتصادية لها، وكذلك التخطيط العمراني وطبيعة الأحوزة العمرانية وهويتها في المجمل.
نقلًا عن العدد الورقي...
ثورة الريف المصري
توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي بتنفيذ مشروع تطوير قرى الريف المصري والذي يهدف إلى تطوير 1500 قرية وتوابعها كمرحلة أولى، تتبعها مراحل أخرى تشمل مراكز وقرى ونجوع 26 محافظة، بعد استثناء القاهرة لخلوها من القرى.
ويبلغ عدد القرى المستهدف تطويرها في المشروع بالكامل 4741 قرية وتوابعها 30888 عزبة وكفرًا ونجعًا، في إطار التغيير الجذري لحال وواقع قرى الريف وتوابعها من عزب وكفور ونجوع من كافة جوانب البنية الأساسية والخدمات، والنواحي المعيشية والاجتماعية والصحية.
مراحل التنفيذ
يتم تنفيذ هذا المشروع على ثلاث مراحل، الأولى تشمل القرى ذات نسب الفقر من 70% فيما أكثر، والثانية تشمل القرى ذات نسب الفقر من 50% إلى 70%، والثالثة تضم القرى ذات نسب الفقر أقل من 50%. ويتم تحديد القرى الأكثر احتياجًا وفقًا لمعايير حاكمة أبرزها: ضعف الخدمات الأساسية من شبكات الصرف الصحي وشبكات المياه، وانخفاض نسبة التعليم، وارتفاع كثافة فصول المدارس.
والاحتياج إلى خدمات صحية مكثفة لسد احتياجات الرعاية الصحية، وسوء أحوال شبكات الطرق، وارتفاع نسبة فقر الأسر القاطنة في تلك القرى. ويأخذ هذا المشروع القومى طابعًا متكاملًا، فلا يقتصر على بُعد أو قطاع معين، لكنه يسعى لتحقيق تنمية شاملة لقرى الصعيد الذي ظل محرومًا من كل شيء ومعزولًا عن أي شيء.
"فيتو".. تفتح هذا الملف وتناقش أبعاد المشروع والسبل الأمثل لتنفيذه والمردود المتوقع منه في المستقبل..
المعادلة الصعبة
الأرض لو عطشانة نرويها بدماءنا.. أغنية من كلمات نبيلة قنديل وألحان على إسماعيل، توثق مدي ارتباط الفلاح بأرضه ودفاعه عنها كعرضه، ومع تقدم الزمن وتقلص الرقعة الزراعية وإهمال الخدمات المقدمة للفلاح، تزايدت الهجرة إلى المدن.
وتأثرت الثقافة الريفية شيئا فشيء بالمجتمعات المحيطة ففقدت رونقها، وهو ما لفت انتباه المسئولين لتسليط الضوء على القري الريفية وتطويرها، فكيف يمكن تحقيق المعادلة الصعبة بالحفاظ على رونق الريف وتحقيق تطوره؟
هذا ما كشفه خبراء التخطيط العمراني، يقول الدكتور سيف الدين فراج أستاذ التخطيط العمراني، تطوير القرى الريفية في مشروع ١٥٠٠ قرية التابع لمبادرة حياة كريمة سيتم تنفيذه خلال ٣ سنين وسيخدم ١٨ مليون مواطن.
مؤكدا أن التنمية العمرانية في الريف تختلف عن المدن من حيث المدخلات الاقتصادية المختلفة، ففي الوقت الذي تعتمد فيه المدن على الصناعة والتصنيع، يعتمد الريف على الزراعة والأراضي الزراعية، وتربية الثروة الحيوانية من مواشٍ ودواجن، وفي الأماكن التي بها ظهير مائي تهتم بالثروة السمكية، بالإضافة إلى أن أنواعا معينة من المصانع لن تضر الأراضي الزراعية.
كمصانع التغليف التي توفر الكثير من الجهود بتغليف المواد الزراعية بالقرب من أماكن حصدها تمهيدا لتصديرها للخارج والاهتمام بمتطلبات التصدير، فعلي سبيل المثال الشيح البابوني والذي يصدر لألمانيا بكميات كبيرة، يوفر فرص عمل للقرى الريفية وينتج عنه مردود اقتصادي مباشر على الدولة وتوفير عملة صعبة، وتحسن جودة حياة المواطن المصري.
قضاء على العشوائيات
تلك الخطوة مهمة جدا وستحقق الكثير من الطموحات وستواجه الكثير من الأزمات، موضحا أن السبب الأساسي في ظهور العشوائيات هو الهجرة الداخلية من الريف إلى المدن، بسبب إهمال الريف الناتج عن سوء توزيع الاستثمار الاقتصادي التي كانت توزع بين القاهرة والجيزة والإسكندرية، وبتلك الخطوة سوف تشهد تلك الاستثمارات توزيعا عادلا على القرى والريف.
البنية التحتية الجديدة
أما عن البنية التحتية المفترض الاهتمام بها، فقال "فراج" لابد من الاهتمام بالطرق والكبارى خلال تشييد البنية التحتية للقرى، فهي من أهم المحاور الأساسية التي لابد من الاهتمام بها خلال التشييد والبناء، لتسهيل نقل المواد الغذائية الزراعية إلى الحضر.
فضلا عن الاهتمام بتوفير الكهرباء والغاز والمياه والصرف الصحي وشبكات الإنترنت، والاهتمام بالتعليم والتعليم الزراعي لإحداث نقلة حضارية ريفية للمواطن الريفي، الغرض منها رفع كفاءة الفرد والإنتاجية.
منوها الاهتمام بالحياة الشخصية للمواطن الريفي والبيئة التي يعيش فيها سيقلل من فرص إصابته بالأمراض بما يقلل الضغط على المستشفيات، موضحا الاهتمام بحياة وجودة المواطن الريفي سيقلل الضغط على ميزانية الصحة والمستشفيات.
كما أن إهمال الريف يخلق مواطنا إرهابيا أو عنيفا، والهدف من التنمية الريفية بعد التنمية الحضرية هو المواطن المصري لرفع جودة حياته وإنتاجيته، مع العلم أن الريف يحتضن نصف عدد سكان مصر، لذلك لابد من أن تقوم تنمية الريف على 3 معايير هي تحسين الخدمة والسكن وفرص العمل، وعدم إهمال المصالح الحكومية بداخله من مدارس ومستشفيات ومؤسسات إدارية.
التصميم الشكلي
أما عن التصميم الشكلي في القرى، فأكد أن المباني لابد أن تكون على مستوى أفقي تشمل دور أو دورين، وتحتوي على فتحات تتناسب مع طبيعة جو البيئة المحيطة، مؤكدا أن تصميم الريف سيختلف من قرية لأخري وفق متطلبات القرية.
على سبيل المثال التصميم في أسوان يختلف عن البحيرة، ففي أسوان تصمم البيوت بأسقف عالية وفتحات كبيرة أما في البحيرة فتضم أسقفا منخفضة بفتحات أكبر.
وذكر سيف أن كل منطقة لها خصوصيتها التي تحدد بناء على ما تعززه قاعدتها الاقتصادية، فهناك قرية نشاطها الأساسي يتمركز في المزارع السمكية، وقرية أخرى الزراعة أساس عملها، وعلي الجانب الآخر يجب الاستفادة من مواد البناء الخاصة بكل قرية على حدة، والتي تختلف من منطقة لأخرى مثل سيوة تمتلك مواد بناء تختلف عن البحر الأحمر عن أسوان وحلايب وشلاتين والبحيرة، بما سيحقق وفرة اقتصادية.
كما يجب الاهتمام بإبراز الطابع والسمات الخاصة بالقرية في معمارها وخلال تصميمها، كما أن الألوان تختلف من منطقة لأخري أيضا مثل قرية النبع في أسوان تمتلك ألوانا زاهية إلا أنها جذابة ومثيرة، في حين قرى كفر الشيخ من الممكن أن تكون بألوان بسيطة.
التخطيط العمراني
وعلى الجانب الآخر، أوضح محمد إبراهيم أستاذ نظريات العمارة وعلوم العمارة كلية الهندسة بجامعة عين شمس، أن التخطيط العمراني يختلف بين القري والريف وفق لثقافات كل مكان، مع الأخذ في الاعتبار أن الإنسان يولد بفطرة تسوقه إلى الارتقاء بنفسه من مرتبة لأخرى، ومع تأثره بالمجتمعات المحيطة والواقع المعيشي يسعى للتكيف معه.
وهو ما يطلق عليه مفهوم التحضر في الارتقاء الثقافي بين المجتمعات، لذلك لا يمكن القول بأن الريف المصرى في الثمانينيات مثل الريف المصري الآن، فمن المستحيل إعادة ثقافة سكان الريف لطبيعتها، فعجلة الزمن لا تعود للخلف.
وتابع قائلا: بدأ سكان الريف للهجرة إلى المدن وذلك نتيجة لتقلص مساحة الأراضي الزراعية، فضلا عن أن فكرة التحضر والفرار إلى المدينة مسيطرة على أذهان ساكني القرى، مضيفا أن فكرة القرية بدأت تتغير على مر الزمان، فقد حدث امتزاج القرية بالطابع المعماري للمدينة، لذلك نجد الآن بالقرية الكتل الخرسانية حلت مكان المنازل القديمة، مما يعطي الشعور بأنك داخل مدينة وليس قرية.
لافتا إلى ضرورة مراعاة أن النظرة وفكرة القرية قد تغيرت ويجب مراعاة ذلك في التصميمات المعمارية بأن مفهوم الثقافة قد تغير على مر العصور.
وتابع "جبر": من هنا يجب وضع تعريف محدد للريف المصري الآن، ودراسة هوية القرية الريفية، من قبل متخصصين في علم النفس والاجتماع والتخطيط العمراني، بما سيساعد في إدراك حقيقة التحولات الفكرية والثقافية للقرى المصري، ووضع خطط البناء العمراني وفق لها، مع الأخذ في الاعتبار الاهتمام بروح الريف المصري ومسايرته للتكنولوجيا الحديثة.
وتابع قائلا: بعض القرى المصرية في الريف ما زالت محتفظة برونفها الريفي، ويشجعهم على ذلك أن تلك الأصول والسمات تحقق مكاسب اقتصادية لهم.
كما في النوبة بأسوان يحتفظ الأهالي بتصميم القرى بطرق معينة لأنها مصدر جذب للسياح، لذلك لابد من أخذ تلك الأمور في الاعتبار، بترغيب الرجل الريفي في أصول وثقافة الريف من خلال تحقيقه مكاسب من وراء ذلك، مع توفير كل الخدمات التي تحقق له الارتقاء بمعيشته، لمنع شعوره بأنه أقل رقي من المدينة.
واختتم قائلا: إعادة تطوير الريف لابد أن يكون بناء على دراسات لطبيعة هوية سكان تلك المنطقة، وضرورة وضع تصور لهوية القرية عند التطوير وذلك نتيجة لتغير مؤشر المجتمعات القروية وما طرأ عليها من متغيرات ثقافية متأثرة بالمدينة والتي تختلف من قرية ريفية لأخري ويتم بلورة هذه المتغيرات حتى تتماشى مع رؤية التطوير الذي تريد الدولة تنفيذه في سياق الموارد الأساسية للقرية.
لافتا إلى ضرورة الاستعانة بذوي الخبرة لتنفيذ تلك الرؤية ويتم توثيق هذه الاشتراطات العمرانية في نطاق التطوير مع الأخذ في الاعتبار ثلاثة محاور وهي: أن يرتبط بالتحولات الثقافية للقرية، وبطبيعة الأنشطة الاقتصادية لها، وكذلك التخطيط العمراني وطبيعة الأحوزة العمرانية وهويتها في المجمل.
نقلًا عن العدد الورقي...