محمد غريب: نرفض تحويل "الزراعة" إلى "علوم".. والبيولوجيون هم خريجو العلوم فقط
حالة من الاستياء العارم
والغضب الشديد اجتاحت أعضاء نقابة المهن العلمية، إثر تقديم مقترح من كلية الزراعة
بجامعة القاهرة لتحويلها إلى كلية علوم الحياة (بيولوجي).. وكأن مشاكل مصر
الزراعية قد انتهت فجأة، وتبقى لها خطوة وحيدة لإنهائها: وهي تحويل كلية الزراعة لكلية
علوم بالمخالفة للهدف الذي أنشأت الدولة لأجله كلية الزراعة العريقة، وهي تخريج
مهندسين زراعيين وليس بيولوجيين Biologists.
يعرف علم البيولوجي بأنه دراسة الكائنات الحية: نبات – حيوان – إنسان، وبالتالي فإن توابع هذا القرار المرفوض سيمكَّن الزراعيين من دراسة العينات البيولوجية البشرية على مستويات الماجستير والدكتوراه، وهو أمر مقصور على البيولوجيين العلميين والأطباء والصيادلة (والبحوث الإكلينيكية غير التحاليل الطبية) طبقاً لقانون البحوث الإكلينيكية 214 لسنة 2020.
والواقع أن أحد أهم أهداف وزارة التعليم العالي لإنشاء كليات العلوم في مصر، أن تكون قاعدة علمية أصيلة في مختلف تخصصات العلوم البحتة والتطبيقية المتقدمة (وليس البحتة فقط كما يصور بعض السذج) وهي المحددة بقانون نقابة المهن العلمية 69 لسنة 80 في شعبها السبعة، والتي لا يقيد بها إلا الأخصائيون العلميون Scientists الحاصلين على درجة البكالوريوس في العلوم من إحدى كليات العلوم أو ما يعادلها؛ طبقاً لأحكام المواد 2 و3 و6 و11.. وهذه الشعب هي:
(1) شعبة الكيمياء ويقيد بها الكيميائيون.
(2) شعبة البيولوجي ويقيد بها البيولوجيون.
(3) شعبة الجيولوجيا ويقيد بها الجيولوجيون.
(4) الرياضة والفيزياء والفلك، ويقيد بها الرياضيون والإحصائيون والفيزيائيون والفلكيون.
(5) العلوم الطبية ويقيد بها العلميون الطبيون.
(6) علوم الحاسبات والمعلومات ويقيد بها علميين الحاسبات والمعلومات. (7) الإدارة العلمية.
وقد اعتمد هذه التخصصات وزير التعليم العالي بقرارات وزارية طبقاً للوائح كليات العلوم الثلاثين.
إن هذه المحاولة البائسة لهي تعدي صارخ على كليات العلوم في مصر وعلى طلبة وخريجي وأساتذة كليات العلوم من تخصصات علوم الحياة (البيولوجيا)، لأنها ستمكن الزراعيين من العمل كبيولوجيين في مختلف قطاع ومؤسسات ووزارات الدولة وهو الأمر المحظور عليهم، لأنه طبقاً للقرار الوزاري 215 لسنة 97 في تعريف من هو "البيولوجي" بالمواد 8 و9، أنه من حصل على درجة بكالوريوس العلوم في أحد تخصصات البيولوجيا من إحدى كليات العلوم، وبالتالي سيتم التعدي على المهن العلمية من قبل نقابة الزراعيين، وهو الأمر المخالف لصحيح نصوص الدستور في مادتيه 77 و78 إذ منع الدستور تمثيل وتنظيم المهنة بأكثر من نقابة مهنية، وبالتالي لا يحق لنقابة الزراعيين تمثيل أو تنظيم المهن البيولوجية بأية حال.
وتيمة العلوم هي تطورها المستمر وهنا ظهرت العلوم البينية Interdisciplinary Sciences من بين جنباتها، فمثلاً لا توجد أقسام علمية للرياضيات والحاسبات بكليات الزراعة فكيف تمنح درجات في البيولوجيا الحاسوبية أو الميكانيكا الحيوية؟؟ كذلك لا توجد أقسام علمية للفيزياء بكليات الزراعة فكيف ستمنح درجات في الفيزياء العصبية أو الفيزياء الطبية ؟! بالمثل لا يوجد قسم للجيولوجيا فكيف ستمنح درجات في الجيولوجيا الطبية أو البيولوجيا الجيولوجية ؟! وأيضاً لا يوجد قسم علوم فلك فكيف ستمنح درجات في البيولوجيا الفلكية ؟!.. إلخ.
ومما يزيد الطين بلة أن تحويل كلية الزراعة لكلية علوم بجامعة القاهرة، سيؤدي لتخريج فئتين من الطلبة بنفس المسمى ونفس عدد سنوات الدراسة من كليتين مختلفتين العلوم والزراعة، مما يسبب إهداراً للمال العام؛ على وجه أن تجهيز معامل كليات الزراعة وتأهيل مدرسيها وأساتذتها علمياً، لتدريس البيولوجيا، وبالتالي تخريج بيولوجيين، لهو تكرار واستنساخ لمعامل وأساتذة كليات العلوم بلا داع، ومن جهة أخرى سيسبب فوضى عارمة بسوق العمل وكوارث مهنية محققة بسبب عمق وتشعب وحساسية أعمال البيولوجيين. ولو نظرنا إلى جميع كليات العلوم بإنجلترا وكندا وأمريكا لوجدنا أن أقسام البيولوجي تتبع كلية العلوم بالقطع لا كليات الزراعة، كما في كليات العلوم جامعات أكسفورد وهارفارد وستانفورد وبركلي وإنجلينا روزكان.. إلخ.
وكان الأجدى أن يركز أساتذة كليات الزراعة بتطوير العلوم الفلاحية لتخريج مهندسين زراعيين قادريين على زيادة الانتاجية النباتية، ومنها التوسع الرأسي والأفقي بمحاصيل ضرورية: كالجوافة والبرتقال والمشمش والكنتالوب، ناهيك عن مجالات البستنة والتشجير والإشراف على المزارعين بالحقول وأيضاً أعمال الإرشاد الزراعي؛ لذا أدعو رئيس قطاع العلوم الأساسية بالمجلس الأعلى للجامعات لرفض المقترح المنحول وإعادة الأمور لنصابها الصحيح للحيلولة دون القفز أو الإفتئات على مقدرات الآلاف من البيولوجيين العلميين.
----------------------------------
( * ) الجيولوجي محمد غريب، وكيل نقابة المهن العلمية
يعرف علم البيولوجي بأنه دراسة الكائنات الحية: نبات – حيوان – إنسان، وبالتالي فإن توابع هذا القرار المرفوض سيمكَّن الزراعيين من دراسة العينات البيولوجية البشرية على مستويات الماجستير والدكتوراه، وهو أمر مقصور على البيولوجيين العلميين والأطباء والصيادلة (والبحوث الإكلينيكية غير التحاليل الطبية) طبقاً لقانون البحوث الإكلينيكية 214 لسنة 2020.
والواقع أن أحد أهم أهداف وزارة التعليم العالي لإنشاء كليات العلوم في مصر، أن تكون قاعدة علمية أصيلة في مختلف تخصصات العلوم البحتة والتطبيقية المتقدمة (وليس البحتة فقط كما يصور بعض السذج) وهي المحددة بقانون نقابة المهن العلمية 69 لسنة 80 في شعبها السبعة، والتي لا يقيد بها إلا الأخصائيون العلميون Scientists الحاصلين على درجة البكالوريوس في العلوم من إحدى كليات العلوم أو ما يعادلها؛ طبقاً لأحكام المواد 2 و3 و6 و11.. وهذه الشعب هي:
(1) شعبة الكيمياء ويقيد بها الكيميائيون.
(2) شعبة البيولوجي ويقيد بها البيولوجيون.
(3) شعبة الجيولوجيا ويقيد بها الجيولوجيون.
(4) الرياضة والفيزياء والفلك، ويقيد بها الرياضيون والإحصائيون والفيزيائيون والفلكيون.
(5) العلوم الطبية ويقيد بها العلميون الطبيون.
(6) علوم الحاسبات والمعلومات ويقيد بها علميين الحاسبات والمعلومات. (7) الإدارة العلمية.
وقد اعتمد هذه التخصصات وزير التعليم العالي بقرارات وزارية طبقاً للوائح كليات العلوم الثلاثين.
إن هذه المحاولة البائسة لهي تعدي صارخ على كليات العلوم في مصر وعلى طلبة وخريجي وأساتذة كليات العلوم من تخصصات علوم الحياة (البيولوجيا)، لأنها ستمكن الزراعيين من العمل كبيولوجيين في مختلف قطاع ومؤسسات ووزارات الدولة وهو الأمر المحظور عليهم، لأنه طبقاً للقرار الوزاري 215 لسنة 97 في تعريف من هو "البيولوجي" بالمواد 8 و9، أنه من حصل على درجة بكالوريوس العلوم في أحد تخصصات البيولوجيا من إحدى كليات العلوم، وبالتالي سيتم التعدي على المهن العلمية من قبل نقابة الزراعيين، وهو الأمر المخالف لصحيح نصوص الدستور في مادتيه 77 و78 إذ منع الدستور تمثيل وتنظيم المهنة بأكثر من نقابة مهنية، وبالتالي لا يحق لنقابة الزراعيين تمثيل أو تنظيم المهن البيولوجية بأية حال.
وتيمة العلوم هي تطورها المستمر وهنا ظهرت العلوم البينية Interdisciplinary Sciences من بين جنباتها، فمثلاً لا توجد أقسام علمية للرياضيات والحاسبات بكليات الزراعة فكيف تمنح درجات في البيولوجيا الحاسوبية أو الميكانيكا الحيوية؟؟ كذلك لا توجد أقسام علمية للفيزياء بكليات الزراعة فكيف ستمنح درجات في الفيزياء العصبية أو الفيزياء الطبية ؟! بالمثل لا يوجد قسم للجيولوجيا فكيف ستمنح درجات في الجيولوجيا الطبية أو البيولوجيا الجيولوجية ؟! وأيضاً لا يوجد قسم علوم فلك فكيف ستمنح درجات في البيولوجيا الفلكية ؟!.. إلخ.
ومما يزيد الطين بلة أن تحويل كلية الزراعة لكلية علوم بجامعة القاهرة، سيؤدي لتخريج فئتين من الطلبة بنفس المسمى ونفس عدد سنوات الدراسة من كليتين مختلفتين العلوم والزراعة، مما يسبب إهداراً للمال العام؛ على وجه أن تجهيز معامل كليات الزراعة وتأهيل مدرسيها وأساتذتها علمياً، لتدريس البيولوجيا، وبالتالي تخريج بيولوجيين، لهو تكرار واستنساخ لمعامل وأساتذة كليات العلوم بلا داع، ومن جهة أخرى سيسبب فوضى عارمة بسوق العمل وكوارث مهنية محققة بسبب عمق وتشعب وحساسية أعمال البيولوجيين. ولو نظرنا إلى جميع كليات العلوم بإنجلترا وكندا وأمريكا لوجدنا أن أقسام البيولوجي تتبع كلية العلوم بالقطع لا كليات الزراعة، كما في كليات العلوم جامعات أكسفورد وهارفارد وستانفورد وبركلي وإنجلينا روزكان.. إلخ.
وكان الأجدى أن يركز أساتذة كليات الزراعة بتطوير العلوم الفلاحية لتخريج مهندسين زراعيين قادريين على زيادة الانتاجية النباتية، ومنها التوسع الرأسي والأفقي بمحاصيل ضرورية: كالجوافة والبرتقال والمشمش والكنتالوب، ناهيك عن مجالات البستنة والتشجير والإشراف على المزارعين بالحقول وأيضاً أعمال الإرشاد الزراعي؛ لذا أدعو رئيس قطاع العلوم الأساسية بالمجلس الأعلى للجامعات لرفض المقترح المنحول وإعادة الأمور لنصابها الصحيح للحيلولة دون القفز أو الإفتئات على مقدرات الآلاف من البيولوجيين العلميين.
----------------------------------
( * ) الجيولوجي محمد غريب، وكيل نقابة المهن العلمية