سر تكاتف الإخوان لإخفاء إرث جمال البنا .. سلب الجماعة أسلحة الوصاية على المجتمع .. انتقموا من مشروعه الفكري والديني

قبل أيام كانت ذكرى وفاة المفكر جمال البنا، شقيق حسن البنا، مؤسس جماعة الإخوان الإرهابية، وعلى قدر ما أثار من جدل خلال حياته بسبب أفكار يختلف عليها الكثيرون، على قدر ما أثار من جدل بعد رحيله،  بسبب جحود الإخوان ومحاولتهم طمس أفكاره وإنهاء سيرته للأبد.

 
من هو؟ 

ملف جمال البنا، يقول إنه مواليد  15 ديسمبر 1920، وتوفي 30 يناير 2013 القاهرة، وهو مفكر إسلامي يختلف جذريا مع فكر الإخوان ولهذا ناصبوه العداء حيا وميتا . 

ولد البنا الصغير في المحمودية بمحافظة البحيرة، وأصدر كتابه الأول عام 1945، ناقش فيه رؤيته للإصلاح وفى عام 1946 أصدر كتابا آخر عن الديمقراطية من منظور قرآني، واستعرض فيه فكرة المصلحة كما قدمها الإمام الطوفي، وكان الكتاب بداية نقده لفكرة الإخوان. 

كان «الإنسان» أهم أركان مشروع جمال البنا، جعله القاعدة التي يجب أن يؤسس عليها إحياء المشروع الإسلامي، بعد الإنسان يأتي كل شيء، وبعد ثورة 1952 أصدر البنا كتاب آخر، ارتكز أيضا على معارضة الإخوان الذين تضامنوا معها، واعتبرها انقلابا وليس ثورة حسب تعريف سيد قطب، وكان ذلك سببا في مصادرة الكتاب. 

تفرغ جمال البنا للاهتمام بالحركة النقابية خلال الحقبة الناصرية للابتعاد عن الصدام مع السلطة، وأصبح واحدا من أهم مراجعها في العالم، نشر وترجم الكثير من الكتب، التي وجدت اهتماما عالميا، إذ نشرتها وترجمتها منظمة العدل الدولية وغيرها من المؤسسات الدولية والإقليمية المهتمة بالحركة العمالية، وواصل مسيرته حتى ساهم عام 1981 في تأسيس الاتحاد الإسلامي الدولي للعمل.

الشأن العام 

عاد البنا إلى الاهتمام بالشأن العام خلال حقبة الرئيس السادات، الذي سمح بهامش كبير من الحرية للتيارات الإسلامية المختلفة، كتب عن «روح الإســـلام» و«الأصــلان العظيمان .. الكتاب والسُنة» وتصاعد إنتاجه في البحث والكتب منذ بداية التسعينات، وبدأ في الاتجاه لتنقيح الفقه وهو ما جلب عليه العديد من الصدامات مع الإسلاميين وأولهم الإخوان، كما تصادم مع الأزهر أيضا.   

كانت زوجة «جمال» توفت عام 1987 وقرر عدم الزواج بعدها وفاء لها، وحول شقتهما إلى مكتبة اتسعت لتضم قرابة خمسة عشر ألف كتاب عربي، وثلاثة آلاف باللغة الإنجليزية، كما ضمت إرث والده وأشقاءه وزود المكتبة بقاعة اطلاع وآلة تصوير ووحدة كمبيوتر .

رؤية حرة 

أصدر البنا ما يزيد على مائة كتاب، منهم حوالي عشرة كتب مترجمة، وأغلب كتبه تضمنت رؤية حرة للإسلام، بعيدة كل البعد عن منطق التنظيمات، وتقدح بشكل مباشر في شرعية التيارات الدينية وأولهم الإخوان. 

كان البنا الصغير يرفض حجاب المرأة ويراه ليس فرضا، كما رفض حد الردة على المسلمين الذين يعتنقون أديانا آخرى أو يرفضون الدين بالأساس.

كما رفض أن يطلق الرجل زوجته بإراده منفردة دون أن يحصل على موافقتها، وهو سبب نقمة الجماعة عليه، إذ جردها من كل أسلحة الوصاية على المجتمعات الإسلامية، التي كانت تستخدمها في المنافسة على السلطة وتشويه المعارضين لإخلاء الساحة لها تماما.

نكران وجحود 

ينقل الإعلامي الذي طرد مؤخرا من قناة الشرق، محمد طلبة رضوان شهادات بعض تلاميذ جمال البنا عن جرائم الجماعة في حقه، ويؤكد أنهم تكاتفوا لإخفاء مشروعه الفكري بعد أن أغلقوا منزله.

يكشف رضوان أنهم رفضوا إعطاء كتبه لأي من المكتبات القديمة أو الحديثة في محاولة متعمدة لطمس تاريخ رجل اعتبروه «عار وفضيحة» لتنتهي سيرة البنا وخاصة بعد إعلان الجماعة إرهابية في مصر، ورفض قطاع واسع من الإعلاميين والمثقفين التعرض لسيرة الرجل بسبب قرابته لمرشد جماعة كانت ومازالت تعيش على الإرهاب الفكري والمعنوي لكل مخالف حتى لو كان أقرب الناس لهم.