رئيس التحرير
عصام كامل

سر استمرار الإخوان في تصعيد تريند مقاطعة البضائع الفرنسية .. تضغط لإفشال ميثاق جديد يحاصر الإسلاميين ويدمر مشروعهم في الغرب

مقاطعة المنتجات الفرنسية
مقاطعة المنتجات الفرنسية

رغم انخفاض وهج تريند مقاطعة البضائع الفرنسية في المنطقة العربية، ومساهمة محور الاستقرار بقيادة مصر في تقريب وجهات النظر ولاسيما أن فرنسا تحارب التنظيمات الدينية وليس الإسلام كما تروج التيارات الدينية، إلا أن استمرار الإسلاميين وحدهم في التحريض، يأخذنا إلى ضرورة تفسير القضية، وتداعياتها في الداخل الفرنسي.



ملاحقات مستمرة 

يعيش الإسلاميون أشهر من الملاحقة بسبب الإصرار على هدم منظومة التطرف داخل فرنسا، ولازالت الدولة تحقق الكثير من الأهداف في مرمى التيارات الدينية.

فرضت الدولة بقيادة الرئيس إيمانويل ماكرون الإصلاح على تيارات لم تجرب بنفسها ولو لمرة واحدة فهما آخر للإسلام، فكانت النتيجة الحتمية فرضه عليهم من الخارج، لهذا يحاول إسلاميو الداخل وفي مقدمتهم الإخوان الضغط على الدولة الفرنسية، ولكن لم تساهم هذه الطريقة في أي ضعوط تذكر، بل تسرع من تفعيل ميثاق المبادئ الجديد الذي يأخذ طريقه للتطبيق.

سر الاعتراض 

البحث في بنود الميثاق الفرنسي الجديد، يجعلنا لانستغرب من التصعيد ضد فرنسا على وسائل التواصل، فهو يلبي تقريبا كل مطالب التيارات الإصلاحية في المنطقة العربية.

يرفض التمييز بين الرجل والمرأة، يلزم الجميع بالمساواة الكاملة، يرفض تحويل الدين إلى منصات سياسية، كما يرفض رهن الشأن العام بتفسيرات الإسلاميين للدين، والتي أثبت التجربة جنوحها للتطرف والإقصاء والعنف، بجانب إلزام الجميع بالاحتكام للدستور والقوانين المدنية.

ترتيبات أمنية

يقول عمران سلمان، الكاتب والباحث، إن الحكومة الفرنسية تنظم الوجود الإسلامي في البلاد، ولاتحارب المسلمين كما يدعى الإخوان والتنظيمات الإسلامية، موضحا أن الترتيبات الأمنية الجديدة لمحاصرة التيارات الديينية، وهو إصلاح طال انتظاره.

أوضح سلمان أن فرنسا أصبحت تشدد على رفض توظيف الإسلام لغايات سياسية، فضلًا عن منع الدول الأجنبية من التدخل في شؤون الجالية المسلمة، كما كانت تفعل تركيا وقطر دائما، لافتا إلى أن القوانين الفرنسية تنص على حرية الدين والمعتقد ورفض جميع أشكال العنصرية والتمييز وكراهية الآخرين.

أشار الباحث إلى أن المنظمات التي اعترضت على الميثاق الفرنسي، اثنتان منها تابعتان لتركيا وهي اللجنة التنسيقية للمسلمين الأتراك في فرنسا، والاتحاد الإسلامي مللي غوروش في فرنسا، وثالثة تدعى حركة إيمان وممارسة، وهي أحد فروع جماعة التبليغ العالمية، وتشرف على عدد من المساجد في منطقة باريس، ومعظم قياداتها من الجزائريين.

أضاف: اعترضت هذه المنظمات على قضيتين، هما تعريف التدخل الأجنبي، وتعريف الإسلام السياسي أو تسييس الدين،  فالمسألة الأولى تقطع عن هذه المنظمات الدعم الأجنبي، والثانية تجردها من قدرتها على ترويج الإيديولوجيا الدينية، وحرمانها من القدرة على تحقيق مكاسب سياسية باسم الدين.

خدمة تاريخية

لفت الباحث إلى أن ما لايعرفه هؤلاء، أن الدولة الفرنسية تقدم للمؤسسات الإسلامية خدمة كبرى لتكييف نشاطها وخطابها مع القوانين المحلية والدستور الفرنسي، وإنهاء نشاط الأئمة الأتراك الذي كانوا يسيطرون على المسلمين الفرنسيين ويبعدونهم عن وطنهم.

أردف: صبرت الدولة الفرنسية طويلا على الجمعيات الدينية، لكن بعد ذبح مدرس التاريخ صامويل باتي في أكتوبر الماضي قرب باريس، والهجوم الإرهابي بعد ذلك بأسبوعين على كنيسة في نيس، والذي أوقع ثلاثة قتلى، ما عّجل بحسم الملف.

الإجبار هو الحل 

لفت الباحث إلى أن التيارات الدينية لاتعمل إلا بالإجبار، هو الطريق الوحيد لإلزامهم بعملية الإصلاح، مردفا: لو بادروا منذ عقود ومن تلقاء نفسهم إلى تطوير فهمهم للإسلام بما ينسجم مع قيم العصر والقوانين الفرنسية، وامتنعوا عن تسييس الدين ولم يساهموا  في زيادة نفوذ وتأثير الدول الأجنبية عليهم، لما اضطرت الحكومة الفرنسية للتدخل.

اختتم: المبادئ التي تطبقها فرنسا، هي نفسها التي يطلبها الإصلاحيون في كل مكان، من مساواة بين الرجل والمرأة، وإبعاد الدين عن السياسة والكف عن المتاجرة به، وعدم التمييز بين الناس، وتنمية المواطنة وليس تدميرها، والاحتكام للقانون والدستور.

الجريدة الرسمية