لماذا يقدس الإخوان «التقية» ولايتنازلون عنها ؟ .. حسن البنا اعتبرها من أصول العمل الحركى .. ساعدتهم على المناورة والمراوغة
يجمع العديد من الباحثين في شئون الجماعات الإسلامية، على أن جماعة الإخوان الإرهابية هي الأكثر غموضا وقدرة على المراوغة بين كل التيارات الإسلامية الأخرى.
ويعود ذلك لإجادتهم التخفي والتقية، التي تمنحهم قبولا مؤقتا عند الآخر الذي لايعرفهم، لكن المطلع على الأدبيات التنظيمية التي يتربى عليها النشء في الجماعة، يعلم جيدا أنها تجعلهم يعادون تمامًا كل مختلف عنهم، حتى لو كان من داخل الحركة الإسلامية.
على مدار عقود، كان الإخوان يتهربون من الأسئلة التي تطالبهم بتوضيح شكل الدولة التي يرغبون فيها، وما هي المدنية عندهم، وكيف يمكن إقامة حياة ديمقراطية بشعار على شاكلة "الإسلام هو الحل"، ما يعني أنهم يصنفون الناس حسب العقيدة والدين، وهذا يعني أكثر خصومة مع كل مختلف سواء من داخل الإسلام أو خارجه.
لكن عندما تمكنوا من الحكم رفعوا شعار الشريعة في وجه كل مخالف وانقلبوا تماما على الدولة المدنية وأهدافها والأسس التي يجب أن تبنى عليها والتي طالما ساروا في ركاب المنادين بها.
تضليل مستمر
ثروت الخرباوي المفكر المصري، والمتخصص في شئون الجماعات الإسلامية، يرى أن التقية عند الإخوان قصة مستمرة منذ عهد المؤسس حسن البنا إلى وقتنا هذا، ويلفت إلى أن الإخوان لم يتخلون عن تقيتهم فى أى لحظة من اللحظات.
يوضح الخرباوي أن حسن البنا كان يعتبرها من أصول العمل الحركى للجماعة، ولهذا آمن بها كل من جاء بعده، لافتا إلى أن تقية الإخوان لا تختلف عن تقية الشيعة فى شىء، فهم يعتبرونها وسيلة من وسائل التمكين مردفا: التنظيم استخدم التقية فى مواجهة المجتمع المصرى بأكمله.
جماعة غامضة
أما عماد عبد الحافظ، الكاتب والباحث في شئون الجماعات الإسلامية، فيرى أن الإخوان من أكثر الجماعات غموضا وقدرة على المراوغة، سواء في مواقفها أو أفكارها وآرائها، أو علاقتها بأعضائها والأطراف الأخرى.
أوضح عبد الحافظ أن الإخوان تتخذ مسارا ثم تغيره ثم تعود له مرة أخرى إذا اقتضى الأمر، وقد يكون لها رأي وتتخذ سلوكا عكسه في الواقع إذا اقتضت المصلحة ودون مراجعة فكرية.
وأضاف: قد تقول شيئا في الغرف المغلقة وتقول عكسه في العلن، وقد يكون حديثها لأعضائها شيئا ويكون بين عدد قليل من قياداتها شيء آخر، وقد تبرم اتفاقات في السر وتتخذ مواقف مخالفة لها في العلن، حتى منهج التغيير لديها ملتبس للغاية، فقد يفهم منه على أنها ترفض العنف وقد يفهم تبنيها له كخيار.
ولفت عبد الحافظ إلى أن الإخوان تختلف عن العديد من الجماعات الإسلامية الأخرى ذات المنهج الواضح، فالحركات الجهادية تتبنى العنف بشكل واضح، وهناك تيارات سلفية ترفضه بشكل واضح.
يختتم عبد الحافظ مؤكدا أن التقية والغموض قد تكون ساعدت الجماعة على الاستمرار لفترة طويلة من الزمن نتيجة قدرتها على المراوغة والمناورة، لكنه بالتأكيد كان سببا في مزيد من تفتتها مستقبلا، كما أنه أحد أسباب عدم تحقيقها لأي شيء على حد قوله.