سيناريوهات المصالحة بين مصر وتركيا.. القاهرة "تضع الشروط".. والأزمات الداخلية تجبر "أردوغان" على التراجع.. و"تصفير مشكلاته"
«مصر وتركيا.. ومد خط المصالحة بين القاهرة وأنقرة».. سيناريو ذهب البعض إلى الحديث عنه، لا سيما بعد الإعلان عن عودة العلاقات الدبلوماسية بين مصر وقطر، وتبادل مذكرتين رسميتين، اتفقتا بموجبهما على استئناف العلاقات الدبلوماسية، ضمن الخطوات التنفيذية للالتزامات المتبادلة الواردة ببيان العلا، الذي تمخض عن القمة الخليجية التي استضافتها مدينة العلا بالرياض.
وباتت الأنظار موجهة إلى مستقبل علاقات مصر مع تركيا حليفة قطر، خاصة بعد خفض وتيرة الحملة السعودية الداخلية التي كانت تطالب بمقاطعة المنتجات التركية، وتصريح فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي، بأن «الرياض لديها علاقات طيبة ورائعة مع أنقرة»، وكذلك وصف أنور قرقاش، وزير الدولة للشئون الخارجية الإماراتي، بلاده بـ«الشريك التجاري الأساسي» لتركيا في الشرق الأوسط، وعدم الاعتزاز بالعداء معها.
ملفات على الطاولة
ووفقًا لشهادات عدة، ترتبط أي خطوة في ملف المصالحة الجديد، بالعديد من الحسابات ذات الصلة بالنفوذ التركي بالشرق الأوسط والخليج، ودعم تركيا لجماعة الإخوان الإرهابية، وتدخلها المتكرر في شئون الدول، ويزيد الملف صعوبة فيما يخص العلاقات مع مصر بالأخص، بسبب استضافة «أنقرة» لقيادات الجماعة الإرهابية والسماح لهم بالظهور من خلال بعض المنابر الإعلامية على أراضيها، وطبيعة خلاف مصر الجوهري مع أيديولوجية حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا.
وذلك رغم تخفيف حدة التوتر بين البلدين خلال الأشهر الأخيرة فيما يخص الشأن الليبي، وتراجع احتمالية تصعيد الأمور إلى أوضاع لا يرغب الطرفين في الوصول إليها، مع الاحتفاظ بحقوق مصر في تأمين الحدود الغربية، وعدم تحويل ليبيا إلى بوابة سهلة العبور للإرهابيين.
وخلال الفترة الماضية، أسست مصر «منتدى غاز شرق المتوسط»، الذي ضم كل من إيطاليا واليونان وقبرص والأردن والإمارات وفلسطين وإسرائيل، وأبرمت اتفاقات ترسيم حدود مع قبرص واليونان، بما سهل الاتفاق على تنفيذ مشروعات استخراج الغاز والموارد الطبيعية الأخرى.
تحالفات
وأقبلت الإمارات أيضًا على توقيع مذكرة تعاون دفاعي وعسكري وإستراتيجي مع قبرص، في وقت تتصاعد فيه خلافات تركيا مع اليونان وقبرص حول الحقوق في المناطق الغنية بالطاقة شرق المتوسط من جهة، وكذلك الخلاف بين تركيا وقبرص حول شمال قبرص المنشقة، والذي يستمر منذ فترة طويلة.
بما جعل التحالفات الثنائية والثلاثية التي عقدتها مصر بالتعاون مع فرنسا، حائط صد أمام طموحات أردوغان في تحقيق مزيد من التوسعات بالمنطقة، وفي هذا السياق يرى محللون أن تركيا ربما تقبل على إعادة ترتيب بعض أوراقها في منطقة الشرق الأوسط، في إطار تخفيف حدة العداء الدولي الذي تسببت فيه سياسات أردوغان على مدار السنوات الماضية.
وتعويض الخسائر الكبيرة التي أثرت بشدة على الداخل التركي، وحالة الغضب التي بات يشعر بها المواطنين الأتراك نتيجة لتراجع اقتصاد بلادهم ودفع تكلفة الخطوات الطائشة للنظام التركي.
وساطة قطرية
ومن جانبه، قال محمد حامد، مدير منتدى شرق المتوسط للدراسات السياسية والإستراتيجية: مصر ليست في حاجة إلى وساطة قطرية للحوار مع تركيا، لا سيما أن هناك حوار غير معلن بين البلدين، بدأ منذ أكثر من ثلاثة أشهر، بحسب تصريحات لأردوغان، وتبقى العلاقات الاقتصادية مستمرة كما هي.
أما العلاقات السياسية والدبلوماسية وعلى المستوى الرئاسي، لن تتغير في الفترة المقبلة ولا توجد مؤشرات على ذلك في ظل تمسك كل من الطرفين بمواقفهما من القضايا الإقليمية، ومصر ليست في حاجة إلى عودة العلاقات مع أنقرة مادام دورها الإقليمي مؤذيا للقاهرة، خاصة في شرق المتوسط وليبيا، بما يمثل تهديدا للأمن القومي بشكل مباشر، وفي سوريا والعراق بشكل غير مباشر، ومصر ترفض الدور التركي في الإقليم وترغب في تسوية وحلحلة لكل الخلافات بشكل عادل وليس مبنيا على الغش أو أنصاف الحلول.
تصفير المشكلات
وأضاف: مع قدوم «بايدن» على رأس الإدارة الأمريكية، ورحيل إدارة دونالد ترامب، تسعى تركيا لتصفير مشاكلها مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وعدم خلق أبواب للصراع مرة أخرى، بما قد يطرح أمامنا إمكانية أن تفتح تركيا باب المصالحة مع مصر وسوريا، وتكون الخطوة التالية لخفض تصعيد التوتر الذي جرى على مدار السنوات الماضية مع دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية.
من جهته قال محمد ربيع الديهي، الباحث في الشأن التركي: المصالحة العربية مع قطر خطوة هامة في إطار السعي المصري لتحقيق التكامل العربي ودعم جميع أشكال المتكامل بين الدول العربية، أما العلاقات المصرية التركية تظل أكثر تعقيدا في الوقت الحالي، بسبب الدعم التركي للإرهاب والتدخل في الأزمة الليبية بهدف فرض حالة من عدم الاستقرار هناك، فضلا عن إرسال المرتزقة والإرهابيين إلى هناك.
شروط القاهرة
وتابع: فكرة وجود تفاوض أو تفاهم مع تركيا، أمر وارد للغاية ولكن بشروط مصر، والتي تأتي في مقدمتها ملف النظام التركي عن التدخل في الشئون الداخلية للدول العربية، ووقف تمويل الجماعات المسلحة في المنطقة، لذلك فربما تلعب قطر دورا مهما في عملية التفاهم بين البلدين خاصة وأن النظام التركي يخضع لرغبات وأهواء النظام القطري الذي يدعمها اقتصاديا وأنقذها أكثر من مرة من هاوية الإفلاس.
كما شدد «الديهي» على أن «تركيا تدرك أهمية مصر إقليميا ودوليا؛ فعملية التقارب السياسي بين القاهرة وأنقرة، وقبول تركيا مبدأ مصر المتمثل في وقف التدخل في الشئون الداخلية للدول، من الممكن أن يساهم في تحسين سمعتها دوليا بعد دعمها للإرهاب وتدخلها في الأزمة الليبية والسورية».
موضحًا أن «الأزمة الليبية تمثل عائق أمام عملية التقارب، فضلا عن دور تركيا في شرق المتوسط، والتدخل المستمر في بعض الدول، ودعم الإرهاب في المنطقة.
وفي حال تراجعت تركياعن تلك السياسات سوف تنتهي كافة العوائق في طريق التهدئة مع مصر، هذا فضلا عن أن العالم بات سريع التغير، وهناك تغيرات دولية كثيرة تحدث في المنطقة والإقليم والعالم مثل هذه التغيرات سوف تلقى بظلالها على مجريات العملية السياسية.
هذا إلى جانب الوضع الاقتصادي المتأزم في أنقرة، والذي يجعل من التهدئة والسلوك المعتدل لتركيا طوق نجاة من شبح الإفلاس وافلات من العقوبات على تركيا».
نقلًا عن العدد الورقي...،
وباتت الأنظار موجهة إلى مستقبل علاقات مصر مع تركيا حليفة قطر، خاصة بعد خفض وتيرة الحملة السعودية الداخلية التي كانت تطالب بمقاطعة المنتجات التركية، وتصريح فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي، بأن «الرياض لديها علاقات طيبة ورائعة مع أنقرة»، وكذلك وصف أنور قرقاش، وزير الدولة للشئون الخارجية الإماراتي، بلاده بـ«الشريك التجاري الأساسي» لتركيا في الشرق الأوسط، وعدم الاعتزاز بالعداء معها.
ملفات على الطاولة
ووفقًا لشهادات عدة، ترتبط أي خطوة في ملف المصالحة الجديد، بالعديد من الحسابات ذات الصلة بالنفوذ التركي بالشرق الأوسط والخليج، ودعم تركيا لجماعة الإخوان الإرهابية، وتدخلها المتكرر في شئون الدول، ويزيد الملف صعوبة فيما يخص العلاقات مع مصر بالأخص، بسبب استضافة «أنقرة» لقيادات الجماعة الإرهابية والسماح لهم بالظهور من خلال بعض المنابر الإعلامية على أراضيها، وطبيعة خلاف مصر الجوهري مع أيديولوجية حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا.
وذلك رغم تخفيف حدة التوتر بين البلدين خلال الأشهر الأخيرة فيما يخص الشأن الليبي، وتراجع احتمالية تصعيد الأمور إلى أوضاع لا يرغب الطرفين في الوصول إليها، مع الاحتفاظ بحقوق مصر في تأمين الحدود الغربية، وعدم تحويل ليبيا إلى بوابة سهلة العبور للإرهابيين.
وخلال الفترة الماضية، أسست مصر «منتدى غاز شرق المتوسط»، الذي ضم كل من إيطاليا واليونان وقبرص والأردن والإمارات وفلسطين وإسرائيل، وأبرمت اتفاقات ترسيم حدود مع قبرص واليونان، بما سهل الاتفاق على تنفيذ مشروعات استخراج الغاز والموارد الطبيعية الأخرى.
تحالفات
وأقبلت الإمارات أيضًا على توقيع مذكرة تعاون دفاعي وعسكري وإستراتيجي مع قبرص، في وقت تتصاعد فيه خلافات تركيا مع اليونان وقبرص حول الحقوق في المناطق الغنية بالطاقة شرق المتوسط من جهة، وكذلك الخلاف بين تركيا وقبرص حول شمال قبرص المنشقة، والذي يستمر منذ فترة طويلة.
بما جعل التحالفات الثنائية والثلاثية التي عقدتها مصر بالتعاون مع فرنسا، حائط صد أمام طموحات أردوغان في تحقيق مزيد من التوسعات بالمنطقة، وفي هذا السياق يرى محللون أن تركيا ربما تقبل على إعادة ترتيب بعض أوراقها في منطقة الشرق الأوسط، في إطار تخفيف حدة العداء الدولي الذي تسببت فيه سياسات أردوغان على مدار السنوات الماضية.
وتعويض الخسائر الكبيرة التي أثرت بشدة على الداخل التركي، وحالة الغضب التي بات يشعر بها المواطنين الأتراك نتيجة لتراجع اقتصاد بلادهم ودفع تكلفة الخطوات الطائشة للنظام التركي.
وساطة قطرية
ومن جانبه، قال محمد حامد، مدير منتدى شرق المتوسط للدراسات السياسية والإستراتيجية: مصر ليست في حاجة إلى وساطة قطرية للحوار مع تركيا، لا سيما أن هناك حوار غير معلن بين البلدين، بدأ منذ أكثر من ثلاثة أشهر، بحسب تصريحات لأردوغان، وتبقى العلاقات الاقتصادية مستمرة كما هي.
أما العلاقات السياسية والدبلوماسية وعلى المستوى الرئاسي، لن تتغير في الفترة المقبلة ولا توجد مؤشرات على ذلك في ظل تمسك كل من الطرفين بمواقفهما من القضايا الإقليمية، ومصر ليست في حاجة إلى عودة العلاقات مع أنقرة مادام دورها الإقليمي مؤذيا للقاهرة، خاصة في شرق المتوسط وليبيا، بما يمثل تهديدا للأمن القومي بشكل مباشر، وفي سوريا والعراق بشكل غير مباشر، ومصر ترفض الدور التركي في الإقليم وترغب في تسوية وحلحلة لكل الخلافات بشكل عادل وليس مبنيا على الغش أو أنصاف الحلول.
تصفير المشكلات
وأضاف: مع قدوم «بايدن» على رأس الإدارة الأمريكية، ورحيل إدارة دونالد ترامب، تسعى تركيا لتصفير مشاكلها مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وعدم خلق أبواب للصراع مرة أخرى، بما قد يطرح أمامنا إمكانية أن تفتح تركيا باب المصالحة مع مصر وسوريا، وتكون الخطوة التالية لخفض تصعيد التوتر الذي جرى على مدار السنوات الماضية مع دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية.
من جهته قال محمد ربيع الديهي، الباحث في الشأن التركي: المصالحة العربية مع قطر خطوة هامة في إطار السعي المصري لتحقيق التكامل العربي ودعم جميع أشكال المتكامل بين الدول العربية، أما العلاقات المصرية التركية تظل أكثر تعقيدا في الوقت الحالي، بسبب الدعم التركي للإرهاب والتدخل في الأزمة الليبية بهدف فرض حالة من عدم الاستقرار هناك، فضلا عن إرسال المرتزقة والإرهابيين إلى هناك.
شروط القاهرة
وتابع: فكرة وجود تفاوض أو تفاهم مع تركيا، أمر وارد للغاية ولكن بشروط مصر، والتي تأتي في مقدمتها ملف النظام التركي عن التدخل في الشئون الداخلية للدول العربية، ووقف تمويل الجماعات المسلحة في المنطقة، لذلك فربما تلعب قطر دورا مهما في عملية التفاهم بين البلدين خاصة وأن النظام التركي يخضع لرغبات وأهواء النظام القطري الذي يدعمها اقتصاديا وأنقذها أكثر من مرة من هاوية الإفلاس.
كما شدد «الديهي» على أن «تركيا تدرك أهمية مصر إقليميا ودوليا؛ فعملية التقارب السياسي بين القاهرة وأنقرة، وقبول تركيا مبدأ مصر المتمثل في وقف التدخل في الشئون الداخلية للدول، من الممكن أن يساهم في تحسين سمعتها دوليا بعد دعمها للإرهاب وتدخلها في الأزمة الليبية والسورية».
موضحًا أن «الأزمة الليبية تمثل عائق أمام عملية التقارب، فضلا عن دور تركيا في شرق المتوسط، والتدخل المستمر في بعض الدول، ودعم الإرهاب في المنطقة.
وفي حال تراجعت تركياعن تلك السياسات سوف تنتهي كافة العوائق في طريق التهدئة مع مصر، هذا فضلا عن أن العالم بات سريع التغير، وهناك تغيرات دولية كثيرة تحدث في المنطقة والإقليم والعالم مثل هذه التغيرات سوف تلقى بظلالها على مجريات العملية السياسية.
هذا إلى جانب الوضع الاقتصادي المتأزم في أنقرة، والذي يجعل من التهدئة والسلوك المعتدل لتركيا طوق نجاة من شبح الإفلاس وافلات من العقوبات على تركيا».
نقلًا عن العدد الورقي...،