رئيس التحرير
عصام كامل

أم كريم بائعة الأنابيب.. 60 عاماً من العمل الشاق ومجاهدة الحياة

أم كريم بائعة الأنابيب
أم كريم بائعة الأنابيب
"بشتغل كل حاجة علشان أوفر لقمة العيش لأولادي وأحفادي، ونفسي أشوف الرئيس"، بهذه الكلمات الحزينة وقلب مليء بالرضا والصبر وتحمل المعاناة على مدار حياتها، تروي أم كريم، البالغة من العمر 62 عاماً، حكايتها مع العمل بمختلف مهن الرجال من أجل البحث عن حياة كريمة، وتوفير معيشة مستقرة لابنائها وأحفادها. 


بمنطقة سيدي بشر أحد المناطق الشعبية، تقف أم كريم منذ ما يقرب من 40 عاماً على إحدى الأرصفة، ويحيطها العشرات من أنابيب البوتجازات تقوم بتحضيرهم وتجهيزهم، انتظاراً لحملهم على وبيعهم في المنازل، مؤكدة أنها لم تشعر بالراحة منذ طفولتها وتحملها المسئولية والإنفاق على أسرتها وأبنائها الـ 7. 

وتابعت، أنها خرجت لممارسة العمل منذ طفولتها ولم تستكمل تعليمها لعدم قدرتها على تحمل المتطلبات المدرسية في هذا التوقيت، مضيفةً أنها أخذت في خوض الكثير من المهن الشاقة في بداية عمرها خلال إقامتها بمحافظة القاهرة، وإنجاب 7 أبناء والانتقال من مهنة إلى أخرى بحثاً عن لقمة العيش، وتوفير حياة كريمة لأبنائها واستكمال تعليمهم.

وأضافت، أنه منذ انفصالها عن زوجها ووفاته لم تنقطع عن ممارسة الكثير من المهن، وكان بدايتها حمل شكاير النشارة، وتوزيعها على الأفران بالسبتية، ومن ثم الانتقال لممارسة العمل في تقطيع الأخشاب وتجهيزها فى الورش المتخصصة بتصنيع الأخشاب، ومن بعدها العمل كسباكة فى المنازل، وأخرى العمل في أحد مصانع الحلوى، وتجهيز الحلويات من الحمصية والسمسمية وعروسة المولد. 

واستكملت، أنه على مدار حياتها لم تشعر بالراحة واخذت في تحمل المسئولية، قائلة "اللى شوفته فى حياتى مفيش سيدة شافته في حياتها، واتحرمت من طفولتي وحياتي الزوجية، مضيفةً أنه منذ  وفاة  زوجها، تتحمل مسئولية ٧ أبناء، قائلة  "أنا مكنتش أعرف أركب أنبوبة حتى في الأول، وأول ما اتعرض عليا شغل توزيع الأنابيب مرفضتش لأني كنت محتاجة، وكل الشغل صعب والمسئولية تقيلة".

ولفتت، إلى أنها أخذت فى تحمل الكثير من المعاناة الشاقة طوال حياتها، حتى انتهى بها المطاف للعمل كبائعة للأنابيب على الرغم من إصابتها في الكتف الأيسر، وإجراء عملية جراحية، متابعة: لم تحقق العملية النتيجة المطلوبة، ومازالت أعاني من الإصابة وعدم القدرة على حمل أسطوانات الأنابيب عليها، وكثيرا ما اعتمد على الكتف الأيسر للصعود للمنازل والانتقال من عقار إلى أخر لبيع أسطونات الأنابيب .

وتابعت، أن رحلة العمل تحتاج إلى صبر وجهد لتوفير لقمة العيش وتربية الأبناء ومواصلة تعليمهم، قائلة: خرجت من التعليم لعدم القدرة على شراء الشهادة الابتدائية من المدرسة، مؤكداً أنها أخذت على عاتقها تحمل مسؤولية تعليم ابنائها وحصولهم على الشهادات التعليمية المختلفة، قائلة: دي فرحتي وشهادة التضحية اللي اخذتها من الدنيا.
واستردت أم كريم، أنها تبدأ عملها في بيع  أسطوانات البوتاجاز منذ ٨ صباحاً وعلى مدار ما يقرب من ١٥ ساعة، ولم يتوفر الوقت لتناول الطعام والبحث عن قصد من الراحة الجسدية في المنزل، قائلة: "اللي متحمل المسئولية ميعرفش راحة". 

وأكدت، أن كفاحها متواصل منذ أن كان زوجها على قيد الحياة، وحتى وفاته منذ عام 2007، مشيرة إلى أنها منذ ذلك الوقت تحمل معاناة كبيرة، وكان الاعتماد على المعاش لم يكفي لتوفير المتطلبات الأسرية، قائلة: أبنائي طلبوا مني استكمال تعليمهم وإطعامهم.





ونوهت أنه قبل وفاة زوجها، كان دائم التطاول عليها وأبنائها بالضرب باستخدام الأسلاك الكهربائية، مضيفةً أنها اخذت في التصدي لمحاولة الضرب على جسدها مما أصابها بعجز فى الكتف، قائلة راضية بالعذاب وتحملت من أجل أبنائي، وشلت الأنابيب، وبطلع بها المنازل علشان اشتغل بالحلال وأنفق على ابنائي.



وأشارت أم كريم، إلى تعرضها في البداية للمضايقات خلال العمل ببعض المهن من الرجال لعملها بهذه الطريقة، قائلة: كنت بتحمل كل الظروف شتاء أو صيف، وحمل الأنابيب والصعود للمنازل، ولا امتلك غير الصبر والمسئولية، متابعةً: مع مرور الوقت تقبل أهالي المنطقة فكرة عملي وكفاحي لإطعام أبنائي، وأطلقوا عليها " المعلمة صباح".

تتمنى أم كريم، بائعة الأنابيب، لقاء الرئيس عبدالفتاح السيسي رئيس الجمهورية، قائلة: "عندى كلام كثير نفسي احكيه للرئيس، وهذا يعد بمثابة تكريم لي، وأعلم أنه يقابل الكثير من النماذج الشقيانة، وعاوزة اترحم من شيل الأنابيب".
الجريدة الرسمية