د . جودة عبد الخالق: 25 يناير كانت ثورة شعبية وليست حركة أو فوضى أو مؤامرة لكنها تعرضت للسرقة من "الجماعة الإرهابية" ( حوار )
كل الثورات تمر بمراحل انتصار وانكسار وهذا ليس نهاية المطاف
الإخوان لا يؤمنون بفصل الدين عن السياسة و«عايزين يحشروا نفسهم في كل شىء» لتحقيق مصالحهم المادية
تصديت لمستوردى الأنواع الرديئة والمسرطنة من القمح وبيعها بأسعار مبالغ فيها للدولة
حددنا سعرا للقمح باعتباره من أهم المحاصيل الإستراتيجية وعملنا على استلامه من الفلاحين
تركت دراسة مستفيضة عن كيفية إصلاح منظومة الخبز.
قال الدكتور جودة عبد الخالق أستاذ الاقتصاد ووزير التموين الأسبق وأحد وزراء 25 يناير: إن 25 يناير ثورة شعبية بكل ما تحمله الكلمة وترددت أصداؤها في كل ربوع مصر من أسوان للإسكندرية للسلوم لكنها سرقت من قبل جماعة الإخوان الإرهابية كما سُرقت الثورات الفرنسية والأمريكية والإنجليزية.
وكان«عبد الخالق»، قد استعرض ذكريات ثورة يناير2011 خلال ندوة له بمعرض القاهرة للكتاب الأخير بدورته الـ51، قائلًا: لماذا نقول أن 25 يناير ثورة؟؛ لأن الثورة في التعريف العام هي انقطاع مفاجيء عن الماضي وهو ما حدث بالفعل، ولأن الثورة تؤذن بعصر جديد، وخلال أيامها قد آذن المؤذنون بالملايين من الشباب والشيوخ والسيدات هاتفين، «عيش حرية عدالة اجتماعية»، و«ارحل، ارحل»، وغيرها من الشعارات.
وهي ثورة لأنها كانت تقضي على مساؤي النظام القديم، وقد نجحت في القضاء على بعضها بالفعل، وهى ثورة لأنها تحفر هوة عميقة بين القديم والجديد، وتدفع المجتمع من وضع توازنه القائم إلى وضع توازنه الجديد، وهي المرحلة التي أشبهٌها بإنطلاق طائرة من على المدرج حتى تصل إلى مستوى التحليق، وهى أخطر مراحل الطيران بالفعل.
وقال: «الثورة تعرضت للسرقة مرتين الأولى على يد الإخوان في 2012، والمرة الثانية كانت على يد أنصار الثورة المضادة مبارك وشركاه منذ العام 2014 ، ويعلمنا تاريخ الثورات أن كل الثورات تتعرض للسرقة، والنظام القديم يعود ليتسيد المشهد ولكن طال الزمن أو قصر لا بد أن يصل المجتمع إلى توازن جديد ونظام مختلف عن القائم».
وأدلى «جودة»، فى حوار لـ "فيتو" بمناسبة الذكرى العاشرة لثورة 25 يناير، بشهادته عن تلك الفترة بملابساتها، كاشفا عن المحطات التي مر بها خلال فترة وجوده كوزير للتموين بعد ثورة 25 يناير كان على رأسها مواجهة مافيا امتصاص دماء المواطن من تجار السوق السوداء ومافيا استيراد القمح وكان أغلبهم من الإخوان.. وإلى نص الحوار :
في البداية ماذا
تقول عن ثورة 25 يناير في ذكراها العاشرة؟
أقول إن 25 يناير كانت ثورة شعبية بكل ما تحمله
الكلمة من معنى، وترددت أصداؤها في كل أنحاء مصر من أسوان للإسكندرية للسلوم وحتى منطقة
القناة، وبالتالى ليست كما يطلق عليها البعض بأنها حركة أو فوضى، ولكن كان لها مطالب
محددة وهى (عيش - حرية - عدالة اجتماعية - كرامة إنسانية) تحقق منها البعض.
ولكن للأسف
تمت سرقتها على يد الإخوان، واستردت في 30
يونيو ثم سرقت مرة أخرى على يد بقايا وأنصار نظام مبارك، وهو ما أدى إلى جعل العديد
من شعارات 25 يناير مجرد شعارات دون تطبيق على أرض الواقع ، وبمناسبة الذكرى العاشرة
لثورة 25 يناير ستتم مراجعة الكثير من الأمور بالتأكيد وخاصة البرامج والقيادة والظهير
الشعبى.
فالبرامج غير موجودة وهو ما نتوقع وجوده الفترة القادمة، خاصة ونحن نرى إرهاصات
لذلك من خلال الاعتراض على تصفية شركة الحديد والصلب ومجمع الألومنيوم بنجع حمادى وقبلهم
شركة المراجل البخارية ، كل هذا يخلق واقعا سياسيا جديدا سيودى إلى برنامج وقيادة.
هل
لا تزال مقتنعا بأنها ثورة بعد هذه السنوات أم أن رأيك تغير؟
بالطبع
مازلت مقتنعا أن 25 يناير ثورة وكل من يدعى غير ذلك زاعما أنها حركة أو مؤامرة أو شىء
آخر جانبه الصواب وكل هذا محاولات لتفريغ ثورة 25 يناير من محتواها، ووفقا للمعنى العلمى
للثورة فهى ضمت كل طوائف الشعب من أقصى البلاد إلى أقصاها، وتمثلت في شكل حقيقى في
الشارع المصرى، وترتب عليها إسقاط راس الدولة ونظامه، وكونها سُرقت فهذا ليس غريبا
لأن معظم الثورات تعرضت لسرقة مثل الثورات الفرنسية والأمريكية والإنجليزية.
وبالتالى
الثورات تمر بمراحل انتصار ومراحل انكسار وهذا ليس نهاية المطاف
تركت
عملك الوزارى في فترة الإخوان.. فما الشواهد التي وقعت منهم ودفعتك لترك منصبك؟
ما
حدث ليس لأننى مختلف معهم سياسيًا، لأننى شخص أؤمن بالتنوع الفكرى والمهم في الأمر
أن نتحاور ونتناقش لنصل إلى نتيجة كمواطنين، وكثيرا ما دافعت عن حقهم في نزول الملعب
السياسي، ولكن بشرط أن يفصلوا بين الدين والسياسة، لأن الاثنين لا يجتمعان مثل المياه
المالحة والعذبة.
أنا من المشاركين في الثورة، ولكنى شعرت أنهم سرقوها، وهذا بدا لى
عندما بدأت التعامل معهم وهم في البرلمان فكانت هناك مواجهات عديدة، إضافة إلى أنهم
لا يؤمنون بفصل الدين عن السياسة «عايزين يحشروا نفسهم في كل شىء»، لتحقيق مصالحهم
المادية للأسف الشديد، والأمر الثانى من ناحية الفكر الاقتصادى فهم مثل الحزب الوطنى
لا يوجد مكان لممارستهم العدالة الاجتماعية، وهى أمر مهم جدا ويهمنى بشكل شخصى فأنا
مهتم بتوصيل الدعم لمستحقيه.
وما تفاصيل الفترة التي قضيتها بالمنصب الوزارى؟
فترة
وجودى بالوزارة يمكن تقسيمها لمحطات، الأولى كانت المناقشات التي دارت معى لتولى الحقيبه
الوزارية، وكان سؤالى ما سلطاتى فكان الرد سلطتك ليس لها حدود ولا يتدخل أحد في عملك
وعرض قراراتك على مجلس الوزراء.
ثم كانت المرحلة الثانية وهى التعرف على ملفات الوزارة
خاصة وأنني أستاذ جامعى رغم ممارستى للسياسة بحزب التجمع، ثم كانت المرحلة الثالثة
وهى الخطيرة ومواجهة عصابات مص دماء الشعب وتحديدا مجموعة استيراد القمح من الخارج
الذين ياتون بأنواع رديئة ومسرطنة وبيعها بأسعار مبالغ فيها للدولة فكان يجب التصدى
لهم، وكان قراري أن التجار ليس لهم حق استيراد القمح وإنما تقوم به هيئة السلع التموينية،
والمحطة الأهم هي أننى اعترضت على الإعلان الدستورى الذي أعلنه مرسي وقررت حينها ترك
الوزارة إلا أن ظروف البلد منعتنى ثم كانت المواجهة مع مجلس النواب لاستمرار التجاوزات.
وهل
الجماعة الإرهابية حاولت عرقلة جهودك خلال تلك الفترة ؟
هذا
صحيح فالإخوان كانوا يتاجرون في كل شىء وخاصة السلع التموينية، وللأسف كانوا نوابا
بمجلس الشعب وكانوا يتمتعون بحصانه برلمانية وطلبت من البرلمان رفع الحصانة عنهم ومحاسبتهم
إلا أن المجلس رفض رغم ثبوت تجارتهم في السولار والمواد التموينية مما يهدر الدعم،
وهذا جعلهم يشنون حربا ضدى من خلال طلبات الإحاطة وخاصة في الخبز فهم غير فاهمين لطبيعة
المشكلات وبالتالى كان استمرارى بالوزارة صعبا.
والآن
هل أنت راض عن هذه الفترة التي قضيتها كوزير للتموين؟
بالطبع..
راض تماما ولو عادت الأيام للوراء سآخذ نفس الاتجاه لأننا قمنا بضبط منظومة التموين
والسلع التموينية وقدمنا السلع للمواطن في رمضان مرتين وبنصف الثمن، وحددنا سعر للقمح
باعتباره من أهم المحاصيل الإستراتيجية، وكان السعر المحدد مجزيا للفلاح، كما عملنا
على استلام القمح من الفلاحين، وتابعت بنفسى الأمر، وأخيرا تركت دراسة مستفيضة عن كيفية
إصلاح منظومة الخبز.
الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ "فيتو"