د. أحمد البرعى: هذه أسباب قبولي منصب وزير القوى العاملة بحكومة ما بعد ثورة يناير.. ولم أواجه "الدولة العميقة" | حوار
عصام شرف لم يكن رئيس وزراء ضعيفا بل كان حكيما
سعيت لخروج مصر من القائمة السوداء بمنظمة العمل الدولية
والاحتجاجات الفئوية كانت أكبر التحديات
عشر سنوات بالتمام والكمال مرت على ثورة 25 يناير التي أحدثت بلا شك حراكًا في الشارع المصرى على المستويات كافة، سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا.
ورغم أن الثورة أطاحت بنظام حُكم، اعتبره القطاع الأكبر من المصريين قد شاخ وفقد صلاحيته، إلا أن هناك من يرون أنها لم تكن ثورة من الأساس، كما أن هناك قطاعًا لا يُستهان به من المؤمنين بها والمدافعين عنها والذين ظلوا في الميادين أيامًا وليالىَ، كفروا بها وحنثوا بعدها وخرجوا من تحت لوائها، واستغفروا من المشاركة فيها.
ولا شك أن مرور عقد كامل على تلك الثورة التي أعادت صياغة المشهد السياسي، بعد 4 عقود متصلة من الجمود، يكفى للحُكم عليها، بما لها وما عليها، بمحاسنها ومفاسدها، شرط ألا يكون الحكم مرتبطًا بمنفعة أو مضرة شخصية؛ فالثورات لا تقوم من أجل الأشخاص ولكن من أجل الأوطان، ومن ثم فلا يخدعنك هتاف القوم بالوطن؛ فالقوم في السر غير القوم في العلن.
"فيتو" حاورت عددا من الوزراء الذين شاركوا في الحكومات التي أعقبتها مباشرة، وهم من تيارات وأيدلوجيات مختلفة، واستمعت – بحكم مناصبهم الرفيعة وقربهم من الأحداث- لشهاداتهم التي سوف تخلو بطبيعة الحال هذه المرة من المجاملات والمؤامات التي كانت تشوبها في السنوات الماضية، عندما كان نقد الثورة يصل إلى درجة الخيانة العظمى.
أحد هؤلاء الوزراء هو الدكتور أحمد البرعى الذى تولى منصب وزير القوى العاملة في حكومة الدكتور عصام شرف والذي وصف شرف في هذا الحوار بمناسبة الذكرى العاشرة لثورة 25 يناير بأنه كان رجلا حكيما.
وبمنظور مختلف جدا يروى البرعى جانبا من شهادته عن تلك الفترة وعن ملابسات استوزاره فيها والمعوقات التي واجهته، وهل لا يزال مقتنعا بثورة 25 يناير أم أن نظرته تغيرت بتقادم السنوات..وإلى نص الحوار :
*هل وافقت على تولي وزارة القوى العاملة والهجرة، أثناء حكومة ما بعد ثورة يناير أم كانت هناك مفاوضات؟
قبلت فورا، باتصال من الدكتور يحيى الجمل، نائب رئيس الحكومة آنذاك، لسببين، أولهما: سبب عام، وهو أن مصر كانت على القائمة السوداء، بمنظمة العمل الدولية، وأنا كنت أعمل خبيرًا للمنظمة لمدة 9 سنوات، وكنت أرى أنه باستطاعتي أن تخرج مصر من القائمة وبالتالي لم أتردد أبدًا، وذلك من مقتضى المسئولية الوطنية.
وهناك سبب خاص، وهو اتصال الدكتور يحيى الجمل، الذي له في قلبي مكانة خاصة، ولاسيما أنني أحد تلامذته، فهو درس لي قانون إداري بالفرقة الثالثة في كلية الحقوق، جامعة القاهرة.
• ما أبرز التحديات التي واجهتك أثناء تولي وزارة القوى العاملة بعد ثورة أطاحت بنظام استمر 30 عامًا؟
أبرز هذه التحديات وأهمها، هو السعي لخروج مصر من القائمة السوداء بمنظمة العمل الدولية، وكان التحدي الثاني هو الاحتجاجات الفئوية التي كانت على أشدها عقب الثورة، ولاسيما أن أحد أهم أهدافنا التي وقعت على عاتق الوزارة، هو توفيق الأوضاع بين صاحب العمل والعمال، لحصول العمال على كامل حقوقهم، ولكن الإضرابات والاحتجاجات كانت عائقا كبيرا حيال تحقيق ذلك ولاسيما أن الكثير من الشركات والمصانع تعطلت، إلا أننا نحجنا قدر استطاعتنا في اقتناص حقوق العمال في هذا الفترة الوجيزة.
أما التحدي الثالث الذي واجهته الوزارة، فهو المشكلات الاجتماعية التي تراكمت لعقود، وكذلك ظروف الثورة، في ظل استمرار الوزارة لمدة 11 شهرا فقط.
•وهل واجهت أزمة محاربة المنتمين للنظام السابق لاستراتيجيتك داخل الوزارة؟
لا، في حقيقة الأمر لم تكن هناك عقوبة داخل الوزارة، فأنا متردد عليها منذ سنوات طويلة قبل الثورة، فكنت خبيرا ضمن مجموعة قانون العمل الجديد 2003، وكان بعض القيادات داخل الوزارة، تلامذتي، حتى رؤساء المديريات كانوا متعاونين للغاية، وبالتالي لم أواجه ما عرف باسم " الدولة العميقة"
•انتقادات عديدة وجهت للدكتور عصام شرف، رئيس أول حكومة بعد ثورة يناير، جميعها كانت تذهب إلى ضعف أدائه؟
شهادة للتاريخ، لم يكن الدكتور عصام شرف، يوما ما ضعيفًا بل كان حكيمًا، وكان متخوفا تماما من انقسام يحدث بين التيار المدني، وتيار الإسلام السياسي آنذاك، وهذا لم يفهمه البعض.
• ماذا لو عرض عليك تولي وزارة القوى العاملة أو التضامن مجددًا، ستقبل أم سترفض؟ أم اكتفيت أن تكون أكاديميا وخبيرا دوليا فقط؟
لن أقبل، ليس لأنني أكتفيت بمهامي الحالية التي اعتز بها، ولكن لإيماني الشديد بالجيل الشاب الذي يجب أن يأخذ مساحة، ولا يحجب عن المناصب الوزارية، وأنا على استعداد للعمل كمستشار لأي وزير شاب.
•هل توجه اللوم للعديد من الشخصيات العامة والأكاديمية التي رفضت تولي حقبة وزارية عقب الثورة مباشرة، وبماذا تفسر موقفهم؟
مسألة القبول أو الرفض مسألة شخصية بحتة، يجب احترامها، فكل منها له تفكيره وظروفه، ولا يجب أن ننتقد موقفهم حينها، والجميع وطني ويخدم بلده بالطريقة التي يراها أنسب.
أخيرا..أين ترى ثورة يناير بعد 10 سنوات؟
أراها في عقول وفكر الجيل الحالي من الشباب، فهو إفراز لثورة يناير، ويجب أن نعطيه أولوية لتفجير طاقاته، بفكر عصري متحضر وواع، فنحن على سبيل المثال، بعد التوجيهية – الثانوية العامة حاليًا- كنا نطمح للالتحاق بكلية الحقوق أو الطب، ولكن الشباب الآن له تطلعات أخرى مختلفة، فإلى جانب التعليم له مشروعه الخاص، وبالتالي في رأيي هذا أهم ما أفرزته ثورة يناير المجيدة.
الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ "فيتو".
سعيت لخروج مصر من القائمة السوداء بمنظمة العمل الدولية
والاحتجاجات الفئوية كانت أكبر التحديات
عشر سنوات بالتمام والكمال مرت على ثورة 25 يناير التي أحدثت بلا شك حراكًا في الشارع المصرى على المستويات كافة، سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا.
ورغم أن الثورة أطاحت بنظام حُكم، اعتبره القطاع الأكبر من المصريين قد شاخ وفقد صلاحيته، إلا أن هناك من يرون أنها لم تكن ثورة من الأساس، كما أن هناك قطاعًا لا يُستهان به من المؤمنين بها والمدافعين عنها والذين ظلوا في الميادين أيامًا وليالىَ، كفروا بها وحنثوا بعدها وخرجوا من تحت لوائها، واستغفروا من المشاركة فيها.
ولا شك أن مرور عقد كامل على تلك الثورة التي أعادت صياغة المشهد السياسي، بعد 4 عقود متصلة من الجمود، يكفى للحُكم عليها، بما لها وما عليها، بمحاسنها ومفاسدها، شرط ألا يكون الحكم مرتبطًا بمنفعة أو مضرة شخصية؛ فالثورات لا تقوم من أجل الأشخاص ولكن من أجل الأوطان، ومن ثم فلا يخدعنك هتاف القوم بالوطن؛ فالقوم في السر غير القوم في العلن.
"فيتو" حاورت عددا من الوزراء الذين شاركوا في الحكومات التي أعقبتها مباشرة، وهم من تيارات وأيدلوجيات مختلفة، واستمعت – بحكم مناصبهم الرفيعة وقربهم من الأحداث- لشهاداتهم التي سوف تخلو بطبيعة الحال هذه المرة من المجاملات والمؤامات التي كانت تشوبها في السنوات الماضية، عندما كان نقد الثورة يصل إلى درجة الخيانة العظمى.
أحد هؤلاء الوزراء هو الدكتور أحمد البرعى الذى تولى منصب وزير القوى العاملة في حكومة الدكتور عصام شرف والذي وصف شرف في هذا الحوار بمناسبة الذكرى العاشرة لثورة 25 يناير بأنه كان رجلا حكيما.
وبمنظور مختلف جدا يروى البرعى جانبا من شهادته عن تلك الفترة وعن ملابسات استوزاره فيها والمعوقات التي واجهته، وهل لا يزال مقتنعا بثورة 25 يناير أم أن نظرته تغيرت بتقادم السنوات..وإلى نص الحوار :
*هل وافقت على تولي وزارة القوى العاملة والهجرة، أثناء حكومة ما بعد ثورة يناير أم كانت هناك مفاوضات؟
قبلت فورا، باتصال من الدكتور يحيى الجمل، نائب رئيس الحكومة آنذاك، لسببين، أولهما: سبب عام، وهو أن مصر كانت على القائمة السوداء، بمنظمة العمل الدولية، وأنا كنت أعمل خبيرًا للمنظمة لمدة 9 سنوات، وكنت أرى أنه باستطاعتي أن تخرج مصر من القائمة وبالتالي لم أتردد أبدًا، وذلك من مقتضى المسئولية الوطنية.
وهناك سبب خاص، وهو اتصال الدكتور يحيى الجمل، الذي له في قلبي مكانة خاصة، ولاسيما أنني أحد تلامذته، فهو درس لي قانون إداري بالفرقة الثالثة في كلية الحقوق، جامعة القاهرة.
• ما أبرز التحديات التي واجهتك أثناء تولي وزارة القوى العاملة بعد ثورة أطاحت بنظام استمر 30 عامًا؟
أبرز هذه التحديات وأهمها، هو السعي لخروج مصر من القائمة السوداء بمنظمة العمل الدولية، وكان التحدي الثاني هو الاحتجاجات الفئوية التي كانت على أشدها عقب الثورة، ولاسيما أن أحد أهم أهدافنا التي وقعت على عاتق الوزارة، هو توفيق الأوضاع بين صاحب العمل والعمال، لحصول العمال على كامل حقوقهم، ولكن الإضرابات والاحتجاجات كانت عائقا كبيرا حيال تحقيق ذلك ولاسيما أن الكثير من الشركات والمصانع تعطلت، إلا أننا نحجنا قدر استطاعتنا في اقتناص حقوق العمال في هذا الفترة الوجيزة.
أما التحدي الثالث الذي واجهته الوزارة، فهو المشكلات الاجتماعية التي تراكمت لعقود، وكذلك ظروف الثورة، في ظل استمرار الوزارة لمدة 11 شهرا فقط.
•وهل واجهت أزمة محاربة المنتمين للنظام السابق لاستراتيجيتك داخل الوزارة؟
لا، في حقيقة الأمر لم تكن هناك عقوبة داخل الوزارة، فأنا متردد عليها منذ سنوات طويلة قبل الثورة، فكنت خبيرا ضمن مجموعة قانون العمل الجديد 2003، وكان بعض القيادات داخل الوزارة، تلامذتي، حتى رؤساء المديريات كانوا متعاونين للغاية، وبالتالي لم أواجه ما عرف باسم " الدولة العميقة"
•انتقادات عديدة وجهت للدكتور عصام شرف، رئيس أول حكومة بعد ثورة يناير، جميعها كانت تذهب إلى ضعف أدائه؟
شهادة للتاريخ، لم يكن الدكتور عصام شرف، يوما ما ضعيفًا بل كان حكيمًا، وكان متخوفا تماما من انقسام يحدث بين التيار المدني، وتيار الإسلام السياسي آنذاك، وهذا لم يفهمه البعض.
• ماذا لو عرض عليك تولي وزارة القوى العاملة أو التضامن مجددًا، ستقبل أم سترفض؟ أم اكتفيت أن تكون أكاديميا وخبيرا دوليا فقط؟
لن أقبل، ليس لأنني أكتفيت بمهامي الحالية التي اعتز بها، ولكن لإيماني الشديد بالجيل الشاب الذي يجب أن يأخذ مساحة، ولا يحجب عن المناصب الوزارية، وأنا على استعداد للعمل كمستشار لأي وزير شاب.
•هل توجه اللوم للعديد من الشخصيات العامة والأكاديمية التي رفضت تولي حقبة وزارية عقب الثورة مباشرة، وبماذا تفسر موقفهم؟
مسألة القبول أو الرفض مسألة شخصية بحتة، يجب احترامها، فكل منها له تفكيره وظروفه، ولا يجب أن ننتقد موقفهم حينها، والجميع وطني ويخدم بلده بالطريقة التي يراها أنسب.
أخيرا..أين ترى ثورة يناير بعد 10 سنوات؟
أراها في عقول وفكر الجيل الحالي من الشباب، فهو إفراز لثورة يناير، ويجب أن نعطيه أولوية لتفجير طاقاته، بفكر عصري متحضر وواع، فنحن على سبيل المثال، بعد التوجيهية – الثانوية العامة حاليًا- كنا نطمح للالتحاق بكلية الحقوق أو الطب، ولكن الشباب الآن له تطلعات أخرى مختلفة، فإلى جانب التعليم له مشروعه الخاص، وبالتالي في رأيي هذا أهم ما أفرزته ثورة يناير المجيدة.
الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ "فيتو".