عبد الرحمن عباس يكتب: الذين ثاروا ثم حاروا.. بعد 10 سنوات.. هل ندم أبناء 25 يناير على ثورتهم؟
25 يناير 2012
سنة أولى ثورة.. الميدان في قبضتنا.. صوتنا الأعلى.. «سأبحر عندما أكبر، أمر بشاطئ البحرين في ليبيا، وأجني التمر من بغداد في سوريا، وأعبر من موريتانيا إلى السودان، أسافر عبر مقديشيو إلى لبنان».
25 يناير 2013
جماعة تحتكر الدين وتحكم باسم الرب.. تسجن باسم الرب.. تقتل باسم الرب، صوتنا لا يزال قويًا، لم نترك الميدان رغم وفوده الجديدة التي نُدرك أنها لن تكون منا، نتغاضى عن ذلك، نردد سرا بعيون مبتسمة: «إحنا شعبين شعبين شعبين.. شوف الأول فين والتاني فين، وآدي الخط ما بين الاتنين بيفوت».
25 يناير 2014
«انتهى زمن الفوضى».. هكذا أخبرونا، لم نسأل أي فوضى يقصدون ولم يوضحوا، فتبادلنا سوء الظن، وبعضه إثم والبعض الآخر نجاح، ينفلت الميدان، يُسجن بعض الثوار، يمنحون ثورتنا صفة الرسمية بوضعها في الدستور، نردد محاولين إثبات شيء ما لأنفسنا «إحنا الصوت ساعة ما تحبوا الدنيا سكوت».
25 يناير 2015
سوء الظن المتبادل يتحول لحقيقة واقعة، «ممنوع دخول الميدان، هذا عصر البناء».. هكذا ايضًا أخبرونا، هل بناء الإنسان أم الدولة، هناك فارق، كالعادة لم يوضحوا وكالعادة لم نسأل، اتهامات الخيانة لكن من شارك في الثورة تتزايد، نردد: «أنا كنت جيشك يوم ما مماليكك باعوكي وكنت يوسف لما عشتي سنين عجاف».
25 يناير 2016
إرهاب من كل جانب، لحى تقتلنا.. يخافون علينا من الحياة المرهقة فيحلون مشاكلنا بالسلاح، «ما فضلش غير الشوك في شجر الورد.. غلط الربيع ودخل في أغبي كمين».
25 يناير 2017
سنرفع الأسعار من أجل توفير حياة كريمة، لم يخبرونا كيف.. ولم نسألهم، ننظر إلى الميدان، صار بعيدًا.. بعيدًا جدًا ولن نصل إليه لنقول «لا»، تتزايد الاتهامات، تتعالى المباني الخراسانية لتشعرنا بضآلتنا، نصمت، الخبز قبل الحنين، دم الغلابة بيتحرق ف التانك…شامم ريحتهم و انتا بتفوّل ؟
25 يناير 2018
من عانى من ارتفاع الأسعار يشتمنا، من قتل باسم الدين يشتمنا، من نقول له لا يشتمنا، والجميع يحملنا ما كان وما كائن وما سيكون، وأنا .. «أنا مش معاهم كلهم أنا جاي وحدي، وسط البلد وحشتني من غير الحواجز والحجارة، أنا كنت بمشي زمان مكنتش أعرف أن في الشارع وزارة».
25 يناير 2019
التأريخ بالثورة، هي التي تسببت في كل شيء،ونحن المتسببون في الكارثة «لو حد زعلان إني ثورت أديني غرت.. بطلت ثورة وبطلت نيلة وشيلت ع راسي التقيلة».
25 يناير 2020
كل منا يحمل همه الخاص، يكمل حياته وفي قلبه غصة، كلما جاءت الذكرى تجدد السؤال، نُقر في أسى «آه يا البت اللي بتتلوى، ولا في الرقص عرفتي تهزي ولا في الثورة عرفتي تثوري».
25 يناير 2021
مررنا بكل هذا، عمر آخر،« عاد اللي يعجّز ثائر ..غير اللي يعجز ضيف»، مع الاعتذار للشاعر الراحل عبد الرحمن الأبنودي، صارت الثورة بعيدة إلى الحد الذي نقول إنها حدثت منذ 10 سنوات.
لن نتحدث هنا عن الذين حلقّوا فوق الميدان، ينتظرون الغنيمة.. منصب هنا و«سبوبة» هناك، ومائدة يأكلون عليها المتردية والنطيحة وما أكل السبع، لن نتحدث عن الذين «طاروا» بل عن الذين «ثاروا».
هل ندمنا على ما فعلنا، سؤال يتكرر كل عام، مقارنة الأحلام بالواقع لا تشعرك بالخيبة فقط بل الخذلان، كلما طلت الذكرى تجدد السؤال ووجدنا أنفسنا محل دفاع، يرضى القتيل وليس يرضى القاتل.
لن نعدد مكاسب على شاكلة تشكيل وعي سياسي، أو تنسم هواء الحرية الذي سرعان ما تعكر، لن نحاول المواربة ولنقل خسرنا كل شيء أو نحيلها للقدر ونقول «مقدر ومكتوب».
خسارتنا ليست جديدة، لكنها تحتمل التأويل، في كتابه «وعّاظ السلاطين» يقول المفكر العراقي الكبير على الوردي، «الُحكم على الحسين يستلزم أن نعرف أين موقعك من الحدث لتقرر من خسر ومن كسب».
يكمل «الوردي» إنه «من منطلق المكاسب المادية وآليات الحكم، ربح يزيد، وطد حكمه وأسس مملكته ورسخ قاعدة التوريث وربما يزيدون كـ(يزيدهم) بأنه فتح البلاد شرقًا وغربًا.
لكن من منطلق الثورة والحديث لـ«الوردي» فقد ربح الحسين، دافع عن فكرته، وهبها روحه، رفض الظلم حتى مات شهيدًا، وأشعل ثورة ظلت نيرانها تشتعل لتؤرق كرسي «بني أمية» وكرسي«أي ظالم»، وبذرته التي رماها شكلت دول تحكم حتى الآن.
يلخص «الوردي» ليس المطلوب من الثائر أن يربح بل أن يثور ويجعل من يأتي يكمل، وليس المطلوب أن يفقد كل حاكم كرسيه بسبب ثورة.
انتهى حديث «الوردي» لكن تبقى كلمة «نجم» متممة لما سبق: خلاصة الكلام يزيد ولا الحسين؟