رئيس التحرير
عصام كامل

رفعنا حجرا وجدنا عقربا.. سياسة بايدن تجاه العرب لن تختلف عن ترامب

ترامب وبايدن
ترامب وبايدن
تحليلات سياسية كثيرة، وتكهنات داخلية على مستوي الحكام بدول المنطقة العربية، جميعها تهدف لفهم سلوك الإدارة الأمريكية الجديدة للرئيس الديمقراطى، جو بايدن، الذي تولى مهمام منصبه رسميا قبل ساعات.


وبات الجميع ينظر إلى العاصمة الأمريكية "واشنطن" مترقبا لموقف رجل البيت الأبيض الجديد، وما سيوقعه من قرارات متعلقة بدول الشرق الأوسط وقضاياها داخل المكتب البيضاوي، وأخر ينتظر الإعلان عن أول دول عربية يحرص بايدن على زيارتها، وأي الزعماء سيختارهم للتحالفات وأي منهم سيناصبه العداء.

ملفات الشرق الأوسط
وكعادة العرب يتعاملون مع أمريكا على أنه منحصرة فى شخص الرئيس على غرار سلوكها السياسي، وتغفل دائما فكرة الخطط طويلة المدى النى تضعها "واشنطن"، وتعتبر المؤسسات هناك رئيس البلاد مجرد موظف قائم على تنفيذ هذه السياسات، ربما تترك له الدول العميقة هامش مناوراة فى السياسية الداخلية لتحقيق برنامج الحزب الذي يمثله، لكن صاحب المنصب الرفيع يظل أداة بيد "المؤسسات" فيما يتعلق بالسياسة الخارجية ولا تسمح له بتعدى الخط المرسوم منذ عقود طويلة، لذلك لن تختلف خطط إدارة بايدن تجاه الإقليم والعرب عن سلفه فى المنصب دونالد ترامب رغم اختلاف طريقة التعامل، فالديمقراطيون يميلون لسياسة تقليدية هادئة، بينما يتميز الجمهوريين بالاندفاعية وهى السياسة التى بلغت ذروتها فى عهد ترامب الذي تخلى عن البروتوكولات وتحدث بلسان رجل الصفقات.

وبطبيعة الحال فإن الشرق الأوسط يدور فى فلكه أربعة قضايا يتعامل معها الرئيس الأمريكى أي كان اسمه، بنفس النهج المحدد وخطط الاستخبارات ومصير مكاسب مجتمع "وول ستريت"، هذه القضايا تتمثل فى القضية الفلسطينية وإسرائيل، الملف النووي الإيرانى، محاربة التنظيمات الإرهابية، وأخيرا تأتى قضية الحريات فى ذيل القائمة كورقة ضغط على الأنظمة.. وفى السطور التالية نوضح أبعاد هذه الملفات وطريقة تعاطى الرئيس الأمريكى الجديد معها.

نووي إيران

سياسة بايدن تجاه الملف النووي الإيرانى لن تختلف عن ترامب بشكل جذري، سوى فى طريقة التعامل، فالرئيس الأمريكى الجديد من المرجح سيره على نهج إدارة باراك أوباما، والانحياز للدبلوماسية الناعمة فى معالجة الملف الشائك بهدف ترضية حلفاء الخليج وإسرائيل، من خلال العودة إلى المفاوضات المعروفة بمجموعة 5+1 بهدف إدخال طهران "بيت الطاعة"، على العكس من إدارة ترامب التى اختارات الخروج من الاتفاق والضغط على إيران بالتصريحات فقط، ولم تختلف كثيرا عن الإدارات السابقة ولم يسمع فى الخلاف بين طهران وواشنطن صوت الرصاص، ومن المرجح طبقا للتاريخ الأمريكى انتهاء ولاية بايدن الأولى بدون جديد يقال فى هذا الملف الذي تجيد الولايات المتحدة استغلاله فى ابتزاز دول الجوار، بعدما استبدلت العداء تجاه إسرائيل إلى الجمهورية الإسلامية.

الجماعات الإرهابية

اعتاد سكان البيت الأبيض خصوصا فى العصر الحديث، على جعل ملف الجماعات الإرهابية ذريعة للتواجد العكسري الأمريكى فى الإقليم، ومغناطيس لجذب الأموال من خزائن العرب لصالح شركة "لوكيهد مارتن" فى واشنطن.

ولكل رئيس أمريكى اسم جماعة إرهابية تولد من رحم المجهول، سواء القاعدة أو داعش أو أنصار الشريعة أو حركة الشباب أو الإخوان، جميعها مسميات لتنظيمات تعلمها وتعلمها أمريكا لخدمة مصالحها وتمتلك مفاتيح تشغيلها وتعطلها وقتما تشاء، ولن يختلف بايدن عن أسلافه فى السلطة فى استغلال هذا الملف لابتزاز الجميع بعروض الحماية.

فلسطين وإسرائيل

اعتراف الرئيس الأسبق للولايات المتحدة، باراك أوباما فى كتابه الأخير "أرض الميعاد" بنفوذ اللوبى اليهودي ومدى تأثيره على السياسة الأمريكية، ربما يكون اعتراف بايدن الذي عمل بايدن نائبا له خلال فترة حكمه، دليلا دامغا على عدم اختلاف بايدن من سياسية ترامب الداعمة للاحتلال الإسرائيلي.

وأكد أنتوني بلينكن الذي سماه الرئيس الأمريكي جو بايدن لتولي وزارة الخارجية، خلال جلسة المصادقة على تعيينه في مجلس الشيوخ، أن التسوية الوحيدة القابلة للاستمرار في النزاع الفلسطيني الإسرائيلي هي "حل الدولتين" لكنه شكك بإمكان انجاز هذا الحل على المدى القصير -الأمر الذي يعنى استمرار النهج فى تطويل أمد الصراع لصالح الاحتلال-.

حتى على مستوى اتفاقات التطبيع "إبراهام" بين بعض الدول العربية وإسرائيل، كشفت تقارير صحفية سابقة أن الرئيس الجديد سوف يعمل على استكمالها، واستبعدت هذه التقارير تراجع بايدن عن الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية لها.

ملف الحريات

عادة ما تستخدم الولايات المتحدة خصوصا الإدارات الديمقراطية ملف الحريات فى الشرق الأوسط كـ"قميص عثمان"، بهدف الضغط على أنظمة حكم، من خلال فرض عقوبات أو دعم حركات مدنية، لكنها تتحدث عنه فى المقابلات الصحفية والتصريحات التلفزيونية لحين رضوخ الحكام بعدها تدير ظهرها للجميع غير منشغلة بحرية أو تنكيل، وتضع مصالحها فوق الجميع.. وبعد مضي الأربعة سنوات هى مدة ولاية أولى كل رئيس أمريكي جديد نكتشف وجود عقرب تحت الحجر الذي تم رفعه سابقا.
الجريدة الرسمية