رئيس التحرير
عصام كامل

مكرم ومرسي


يكشف خطاب الرئيس محمد مرسي، اﻷربعاء الماضي، أنه صاحب خصومة محتدمة مع الماضي.. حين يعيش المرء حاملا الضغينة، لا تطلب منه التسامح، ولا تتوقع منه غير التحامل واللسان المنقوع في المر.. الضغينة والمرارة يمضغان حامل الفيروس.


فوجئ الناس بهجوم استهلالي شاذ ضد الكاتب الكبير، أستاذ المهنة وشيخها، مكرم محمد أحمد، نقيب صحفيي مصر لدورات كثيرة، قدم فيها الكثير الغزير ﻷبنائه وتلاميذه وللمهنة.. قدم الاحترام والموضوعية والتعبير الحر الشجاع عن هموم الوطن وقضاياه، متجردا من مصلحة مع حاكم، غير متهيب من حنق وسخط السلطان.

من أول لحظة، هاجم رئيس الدولة كاتبا بوزن مكرم، بحجة أنه ليس من الثوار، ومن ثم لا يحق له أن يكتب رأيه ناقدا للحاكم! نقد اﻷخير امتياز خاص للثوار.. الآخرون يذهبون للسجون! طب هو أنت من الثوار يارئيس مرسي؟! أنت بحكم المحكمة رجل هارب مهرب - بفتح الراء - من سجن النطرون ومعك 33 مثلك.

مالك أيها الرئيس وعالم الإبداع والصحافة والكتاب.. أنت عابر طارئ، وهو باق مقيم بالوجدان في أعظم مكان.. حقه.. أنت ستذهب إلى حيث تستحق، وهو سيبقي كما بقي طه حسين والعقاد ونجيب محفوظ والشعراوي ومحمد التابعي ومصطفى وعلي أمين.. أنت مؤقت، هم خالدون ولو ماتوا.

ما لا يعرفه المستبدون عادة أن الكتابة النافعة للناس أمكث في اﻷرض من كرسي خشب أو ذهب.. كرسي السلطة وهم.. القلم حقيقة.. الحكام أعداء الكلمة هم هوامش في كتب التاريخ.. مكرم محمد أحمد واجه رصاصات الإرهاب وفشلوا في اغتياله.. دعا إلى مراجعة العقل الإرهابي، ﻷن الإرهابي ليس المسدس فحسب، بل الحشو المغرض الخاطئ، ولقد شُفي إرهابيون كثيرون، تقبلهم المجتمع وسامحهم، إلا أن المتقاعد عاصم لا يزال يكره التسامح والعقل.. يحب الترويع.

مكرم ليس ثائرا وبنفس المنطق، ليس كل شعب مصر ثائرا، لكن ميدان التحرير والهروب من سجن النطرون وغيره ليسا تأشيرة الثورة المباركة.. الذين رفضوا الفساد في عهد مبارك وقاوموه وكشفوا لصوص النظام السابق، هم ثوار قبل الثوار وهم يستحقون التحية ﻷنهم مهدوا اﻷرض لما جرى.. هم أشرف ممن سرق الثورة وأرسل الشباب إلى السجون.

لا يجوز لرئيس الدولة أن يشهر بالناس اسما اسما؛ ففي ذلك تعريض وتحريض..لا يزال المصريون يتذكرون بكل الضيق والرفض، للبطل أنور السادات كلمته" آهو مرمي في السجن زي الكلب" متحدثا بمرارة وانفعال عن شيخ.. لا تحزن أستاذنا، أنت قلم وهو سلطة .. يبقى القلم وتذهب السلطة.. ومن لا يقرأ يجهل!
الجريدة الرسمية