رئيس التحرير
عصام كامل

جلال الحمامصي.. قصة ثائر صحفي تصدى للنحاس باشا ورصد عهد عبد الناصر في "إحنا بتوع الأتوبيس"

جلال الدين الحمامصى
جلال الدين الحمامصى
أستاذ أجيال صحفية متعددة لقّب بمهندس الصحافة المصرية وهو صاحب المدرسة الصحفية الجادة ، لم تكن كلماته مجرد دخان فى الهواء، بل كانت دائمًا رصاصات تكشف عن كواليس ما وراء الحوار، تخترق أسوار السياسة ومجتمع الصحافة. 



أستاذ لأجيال من الصحفيين والكتاب، جلبت عليه جرأته فى الكتابة الكثير من المتاعب، عاش ثائرا معارضا منذ ترك الهندسة وعمل بالصحافة بدأ رحلته من كتابة الخبر وصولا إلى تقديم الموضوع الصحفى، مشواره الصحفى مليئا بحكايات الصدام والصراع مع السلطة والعزل بعيدا عن الصحافة بل والاعتقال أيضا.

ففى مثل هذا اليوم 20 يناير ١٩٨٨رحل الكاتب الصحفى الكبير جلال الدين الحمامصى ، بدأ العمل الصحفى منذ كان طالبا عام 1929 بجريدة كوكب الشرق ثم محررا بدار الهلال ثم جريدة المصرى .

درس الهندسة وطبق ما تعلمه فى تنظيم صفحات الصحف التى عمل بها ، عمل ناقدا رياضيا فى مجلات روز اليوسف وآخر ساعة ، وأنشأ مجلة الأسبوع عام 1946 ثم تولى رئاسة تحرير جريدة الزمان ثم الأخبار وكان أحد رؤساء تحريرها عند صدورها عام 1952 ، وأسند إليه الرئيس جمال عبد الناصر مهمة تأسيس وكالة أنباء الشرق الأوسط عام 1959 ثم تركها بعد التأميم وعاد إلى الأخبار واشتهر بكتابة عمود "دخان فى الهواء" .


انتخب جلال الدين الحمامصى نائبا فى البرلمان عام 1942 وفصل منه بسبب تأييده لمكرم عبيد فى صراعه مع النحاس باشا.


بسبب آرائه الجريئة منعته الحكومة عن كتابة عموده "دخان فى الهواء "لمدة 14 سنة ثم عاد إلى الكتابة عام 1974 يناقش قضايا وهموم الوطن.
 
ساهم فى تأسيس معهد الاعلام جامعة القاهرة وقام بالتدريس فيه وتخرج على يديه الثلاث دفعات الأولى من الكلية ثم تحول إلى كلية للإعلام.

عن بداية مشواره الصحفى الطويل قال الحمامصى فى صحيفة الأخبار عام 1974:" بدأت مرحلة الاحتراف الصحفى فى مجلة روز اليوسف مع أستاذنا محمد التابعى وكنت لا أزال طالبا بالجامعة حتى إنى أرسلت إلى لندن عام 1936 لحضور احتفال توقيع معاهدة 1936 فكانت اول مهمة عمل لى بالخارج".
 
ويكشف ابنه المهندس كامل جلال الدين الحمامصى عن تفاصيل من رحلة والده مهندس الصحافة المصرية فقال:" نقاط الضوء فى مسيرة والدى كثيرة، فالكاتب الراحل كان صاحب أياد بيضاء كثيرة على مهنة الصحافة، أهمها تأسيسه وكالة أنباء الشرق الأوسط التى كانت فتحا صحفيا آنذاك، غير شكل العمل الصحفى وقتها بجانب مؤلفاته التى قدمت تأريخا وتاريخا لأحداث هامة، لكن تظل النقطة الأبرز فى سيرته تتمثل فى تأسيسه كلية الإعلام التى كانت فترات عمله بها واحدة من أسعد وأخصب لحظاته". 

وأضاف: "أما الوجه الآخر فى حياته أن كل تفصيلة من حياته من لحظة الميلاد حتى الدقائق الأخيرة من حياته كانت مليئة بالدراما، وكان أبى ديمقراطيا لأقصى مدى، ولم يكن ديكتاتورا فى أفكاره، لكنه حين يتخذ قرارا يتحول إلى شخص شديد الحزم فى تنفيذه".

وتابع:" فى وقت ما جمعته صداقة قوية بالسيدة أم كلثوم، وذلك خلال حقبة الأربعينيات، وكانا يتبادلان اللقاءات، وقد حضرت حفل زفافه كمدعوة وصديقة، وهو كانت لديه ملكة فنية فقد كتب للسينما بعض القصص منها قصة فيلم "إحنا بتوع الأتوبيس"، الذى يرصد وقائع حقيقية جرت أحداثها بالكامل خلال العهد الناصري.

وأردف: "أعتقد أن الشغف بالعمل الصحفى لم ينقطع عند والدى طيلة حياته، فعندما سألته لماذا لا يكتب مذكراته؟ قال إنه لم يصل للسطر الأخير لتجربته مع صاحبة الجلالة، وفى السنوات الأخيرة من حياته كان يستعد لإصدار جريدة دولية من باريس تخاطب المنطقة العربية والعرب المقيمين بأوروبا.. لكن جاء الرحيل" .

الجريدة الرسمية