كيفية التأهيل النفسي للمتعافي من كورونا.. 18% من الناجين ظهرت عليهم أعراض نفسية.. إعادة ترتيب الأولويات والاشخاص المقربين.. ونقل الخبرات للآخرين
بعض المصابين بكورونا يلجأون للانتحار للتخلص من حياتهم والبعض الآخر يصاب باكتئاب حاد وأزمات نفسية ومشكلات تستمر معهم عقب التعافي، ولا يمكن التغلب عليها إلا بالعرض على طبيب نفسي، وصقلت تلك الرؤية الكثير من الأبحاث والدراسات التي أكدت أن الإصابة بكورونا تؤثر نفسيا على المصاب.
أوضحت دراسة حديثة أن الكثير من الناجين من فيروس كورونا عرضة على الأرجح للإصابة بأمراض نفسية، بعدما خلصت دراسة موسعة إلى أن 20 بالمئة من المصابين جرى تشخيص إصابتهم باضطراب نفسي في غضون 90 يوما، وكان القلق والاكتئاب والأرق أكثر شيوعا بين المتعافين.
وقال بول هاريسون أستاذ الطب النفسي بجامعة أوكسفورد في بريطانيا: "كان الناس يشعرون بالقلق من أن يصبح الناجون من كوفيد-19 أكثر عرضة للإصابة بمشاكل الصحة النفسية، ونتائجنا تظهر أن هذا أمر مرجح".
وبحسب البحث المنشور في مجلة "The Lancet Psychiatry" الأمريكية، فقد اكتشف الباحثون من جامعة "أكسفورد" ومركز "أكسفورد" للأبحاث الطبية الحيوية في تحليل نتائج الأبحاث أن حوالي 18% فقط من الناجين من مرض "كوفيد 19" (فيروس كورونا) قد ظهرت عليهم أعراض أمراض نفسية خلال مدة تصل إلى 3 أشهر من تاريخ الشفاء.
وبينت الدراسة أن المتعافين من فيروس كورونا ظهرت لديهم مشاكل عقلية ونفسية مختلفة المستويات، تبدأ من الأرق والاكتئاب والقلق وهي الأكثر شيوعا وتصل إلى حد الأمراض النفسية الخطيرة مثل الخرف وحالة ضعف الدماغ.
صدمة ما بعد المرض
ومن هنا كان لابد من التعرف علي كيفية إعادة التأهيل النفسي للمتعافي من كورونا، يقول محمد هاني استشاري الصحة النفسية: إن كورونا مرض ويصيب كغيره من الأوبئة بصدمة ما بعد المرض، وخاصة أن المصاب كان بين الحياة والموت بما يؤثر علي نفسيته، لذلك لابد من إعادة تأهيلهم نفسيا، ليستطيعوا التعايش مع الحياة، ويكون ذلك بمساعدتهم علي إعادة ترتيب أوراقهم وأولوياتهم وحتى الأشخاص المقربين منهم.
وتابع قائلا: الإصابة بفيروس كورونا أزمة يخرج منها الشخص بمؤثرات مختلفة، نظرته الحياة قبله تختلف عن نظرته بعدها، لذلك ينبغي أن نساعده في أن يبدأ حياة جديدة ويكتشف النفس من جديد، ويخلق هدف للحياة.
ونصح "هاني" المتعافين من كورونا بالتدريب البدني على الحركة وإعادة إيحاءات الجسد الحقيقية، منوها إلى أن التنفيس عن النفس مهم جدا في إعادة التأهيل بالاستماع إليه وهو يتحدث عن تجربته مع المرض، وإتاحة الفرصة له بتوجيه نصائحه وتجاربه للمصابين الجدد، مشيرا إلى أنه يوجد قسم دعم نفسي في وزارة الصحة للعمل في سبيل ذلك.
عوامل المرض النفسي
وفي نفس السياق، يقول جمال فرويز الطبيب النفسي،: تختلف الحالة النفسية للمتعافين من كورونا علي عدة عوامل أبرزها حدة الإصابة والمواقف التي مر بها خلال فترة الإصابة وأيضا إذا كانت لديه جينات بذور مرض نفسي، وهو ما يفسر أن بعض المتعافين يكونون بصحة نفسية جيدة بعد الشفاء وآخرين يميلون للاكتئاب وفريق ثالث من الممكن أن يتجه للانتحار.
وتابع قائلا: لذلك وضعت منظمة الصحة العالمية دواء علاج نفسي ضمن برتوكولات العلاج من كورونا، فالبعض يلزم ذهابه للطبيب للحصول علي علاج للاكتئاب، والبعض الآخر من الممكن تأهيله نفسيا من خلال التعبير عن ما بيداخله وممارسات الأنشطة التي يحبها مثل الرسم، سماع الموسيقي، ممارسة ألعاب تحث على التفكير ننشط بها الادراك والاسترجاع، وشراء لبس جديد، وغيرها من الممارسات التي تشعره بقيمته وأنه كائن فاعل مرغوب فيه.