عار كورونا
من لم يمت
بفيروس كورونا عاش مطارداً بعاره، شعار ما زال أهالينا في الريف يرفعونه، ضاربين
عرض الحائط بجرعات يومية من وعي أصبحت القاسم المشترك بين وسائل الإعلام المحلية والعالمية،
ومتناسين أن الفيروس الذي يفرون من عاره لا من الموت بسببه طال رؤساء دول عظمى
وكبار الشخصيات العامة، وليس هناك ما يدعو للخجل من إعلان الإصابة به.
ولا خجل أيضاً من سرد تجارب شخصية ربما تسهم في معركة وعي هي رأس حربة في مواجهة فيروس احتار مع تحوره العالم.
أبلغوني أن شقيقتي وزوجها أصابهما الفيروس، ظننت أن الأزمة ستكون نقصا في أنابيب الأكسجين أو في عدم وجود غرفة مجهزة في مستشفى، أو في تدهور حالة شقيقتي المصابة مسبقاً بأكثر من جلطة، تبخرت ظنوني عندما علمت أن أنابيب الأكسجين متوفرة في المستشفى المركزي ببلدنا (أولاد صقر) وأن غرف العناية المركزة تكفي المصابين الذين يتناوبون عليها، وأن الجمعيات الأهلية بمحافظة الشرقية تسهم في تزويد المستشفيات بنواقصها، وقيل لي إن زوج شقيقتي يلقى الرعاية الكافية من الأطباء وطواقم التمريض، أما شقيقتي فاختارت أن تظل في منزلها مع الالتزام بالبروتوكول العلاجي.
أزمة شقيقتي وزوجها وأبنائهما وأحفادهما كانت في كلام الناس، وفي جيرانهم الذين تعمدوا عدم المرور أمام منزلهم خوفاً من انتقال العدوى إليهم، ابن شقيقتي قال إنهم حاولوا أن يتكتموا على الخبر، وأن تسريبه لأهالي القرية جعله (يضرب أخماساً في أسداس) وتبادل مع أشقائه اتهامات امتدت للأحفاد.
أما شقيقتي فتحاملت على نفسها وأصرت على الوقوف في شرفة المنزل لتنفي عن نفسها تهمة الإصابة عندما يراها المارة من بعيد، وزوجها كان مصراً على عدم الذهاب إلى المستشفى حتى لا يعرف الناس أنه مصاب بكورونا.
توجهت إلى القرية وجلست أمام منزل شقيقتي التي رفضت دخولي، واكتفت بالخروج إلى الشرفة لأراها من بعيد، يوجعني أنينها، وموجوعة هي بمرضها وبلهفتي على حضنها، وامتثلنا سوياً للغة الإشارة التي فرضها علينا كورونا.
انتهى اللقاء، وبدأ لقائي مع أبنائها وأحفادها، أبلغتهم أن الإصابة بكورونا ليست عاراً، وأن غضبهم من الجيران غير مبرر، وعليهم أن يلتمسوا العذر لمن قاطعهم، وأن يحتاطوا حتى لا تنتقل إليهم العدوى، وأن يتحدثوا عن تجربة والديهم المريرة والمستمرة مع الفيروس ليتعرف الآخرين على أعراضه وكيفية التعامل معه، ثم انصرفت من القرية وكلي يقين أن معركتنا الأهم ليست في كورونا، لكنها في تغيير ثقافة المجتمع وتدريبه على كيفية التعاطي معه، ومع المصابين به، إنها معركة الوعي التي تحتاج منا مزيداً من الجهد.
besheerhassan7@gmail.com
ولا خجل أيضاً من سرد تجارب شخصية ربما تسهم في معركة وعي هي رأس حربة في مواجهة فيروس احتار مع تحوره العالم.
أبلغوني أن شقيقتي وزوجها أصابهما الفيروس، ظننت أن الأزمة ستكون نقصا في أنابيب الأكسجين أو في عدم وجود غرفة مجهزة في مستشفى، أو في تدهور حالة شقيقتي المصابة مسبقاً بأكثر من جلطة، تبخرت ظنوني عندما علمت أن أنابيب الأكسجين متوفرة في المستشفى المركزي ببلدنا (أولاد صقر) وأن غرف العناية المركزة تكفي المصابين الذين يتناوبون عليها، وأن الجمعيات الأهلية بمحافظة الشرقية تسهم في تزويد المستشفيات بنواقصها، وقيل لي إن زوج شقيقتي يلقى الرعاية الكافية من الأطباء وطواقم التمريض، أما شقيقتي فاختارت أن تظل في منزلها مع الالتزام بالبروتوكول العلاجي.
أزمة شقيقتي وزوجها وأبنائهما وأحفادهما كانت في كلام الناس، وفي جيرانهم الذين تعمدوا عدم المرور أمام منزلهم خوفاً من انتقال العدوى إليهم، ابن شقيقتي قال إنهم حاولوا أن يتكتموا على الخبر، وأن تسريبه لأهالي القرية جعله (يضرب أخماساً في أسداس) وتبادل مع أشقائه اتهامات امتدت للأحفاد.
أما شقيقتي فتحاملت على نفسها وأصرت على الوقوف في شرفة المنزل لتنفي عن نفسها تهمة الإصابة عندما يراها المارة من بعيد، وزوجها كان مصراً على عدم الذهاب إلى المستشفى حتى لا يعرف الناس أنه مصاب بكورونا.
توجهت إلى القرية وجلست أمام منزل شقيقتي التي رفضت دخولي، واكتفت بالخروج إلى الشرفة لأراها من بعيد، يوجعني أنينها، وموجوعة هي بمرضها وبلهفتي على حضنها، وامتثلنا سوياً للغة الإشارة التي فرضها علينا كورونا.
انتهى اللقاء، وبدأ لقائي مع أبنائها وأحفادها، أبلغتهم أن الإصابة بكورونا ليست عاراً، وأن غضبهم من الجيران غير مبرر، وعليهم أن يلتمسوا العذر لمن قاطعهم، وأن يحتاطوا حتى لا تنتقل إليهم العدوى، وأن يتحدثوا عن تجربة والديهم المريرة والمستمرة مع الفيروس ليتعرف الآخرين على أعراضه وكيفية التعامل معه، ثم انصرفت من القرية وكلي يقين أن معركتنا الأهم ليست في كورونا، لكنها في تغيير ثقافة المجتمع وتدريبه على كيفية التعاطي معه، ومع المصابين به، إنها معركة الوعي التي تحتاج منا مزيداً من الجهد.
besheerhassan7@gmail.com