"الإخوان" تخطط لـ"غزوة المثقفين".. الجماعة تغازل إدارة "بايدن" الأمريكية بـ"مركز جديد".. وتستعين برئيسة أمريكية لتمرير رسائلها
«رهان جديد وخطوة كبيرة».. إستراتيجية اعتمدتها جماعة الإخوان الإرهابية خلال الأسابيع القليلة الماضية، بهدف «جس نبض» الإدارة الأمريكية الجديدة التي ستحكم البيت الأبيض بعد 20 يناير الجاري.
مركز بحثي جديد
وتمثلت الخطوة الإخوانية، في إعلان الجماعة عن تدشين أول مركز أبحاث في الولايات المتحدة، يضم بين صفوفه رموزا من تيارات مختلفة للإسلام السياسي لأول مرة منذ 6 سنوات، ولكن برئيسة أمريكية بإمكانها تمرير الرسائل للمجتمع الغربي، وهو ما يكشف عن إصرار الجماعة على تجنيد المثقفين لتبني قضيتها.
يتلاعب الإخوان دائما بالمفاهيم الغامضة الإسلاموية، يروجونها على أنها أيديولوجية معاصرة قوية تهدف لإنشاء مشروع عالمي يستخدم الدين وأخلاقياته كبيئة معيشية مشروعة للفرد والمجتمع.
من هذا المدخل يحاول الإخوان استقطاب المثقفين وخاصة من التيارات اليسارية من خلال خطاب يتوافق مع مجتمعاتهم، وعبر تمرير العديد من المؤلفات التي تحوي أفكارا تحض على التعايش، فضلا عن تسويق ضعف الديمقراطية في المنطقة العربية والإسلامية للتأكيد على حالة الظلم والتشويه التي يتعرضون لها.
كما تعمل الجماعة على تمرير رسائل تزعم أن التنظيم كيان اجتماعي قبل أن يكون سياسيًا، يطور حضورًا جماعيًا مهمًا في الميدان من أجل تعزيز النهضة الإسلامية حسب مقتضيات العصر، ويسوق دائما النظام التركي في شكله القديم، باعتباره شهادة على قدرة الإسلاميين على تقديم نموذج عصري حتى لو كان محافظا فكريا واجتماعيا مثل أردوغان.
الرابطة الإسلامية العالمية
وفي سبيل تحقيق هدفها تستغل «الإخوان» الرابطة الإسلامية العالمية كهيئة مركزية لاستقطاب المثقفين، والتي تعتبر أداة دبلوماسية لتنظيم التعاون مع رموز المجتمعات الأوروبية الفكرية في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية.
كما تستخدم الندوة العالمية للشباب الإسلامي بجانب هيئة الإغاثة الإسلامية العالمية، يضاف إلى ذلك منظمة المؤتمر الإسلامي التي تخلق دائما قضايا سياسية واقتصادية وعلمية، وكل هذه المنابر هدفها الحديث مع المثقفين وخلق تفاهم معهم، ويعتبروها نواة لرغبتهم في الحوار وعدم الإقصاء مثلما يروج عنهم في الإعلام المعادي لهم.
ومع أن الهدف النهائي للإخوان المسلمين مبني على مشروع توسعي حتى في أوروبا، إلا أنهم يدافعون عن المواقف السياسية والاجتماعية والحقوقية في المجتمعات الغربية، ويقفون دائما بجانب التيارات اليسارية، وهو ما أوجد حالة من الارتباط بين الجماعة والمثقفين من هذه التيارات.
يذكر هنا أن الجماعة بدأت تنفيذ هذا النهج منذ ثمانينيات القرن الماضي، وتحديدا بعد أن نجحت في الاستيلاء على قضايا الجاليات المسلمة في أوروبا، لا سيما قضايا الهوية والتعليم ومواجهة الـ«إسلاموفوبيا»، مستغلة قدرتها على تعبئة المجتمع الإسلامي وتشكيل الشبكات والجمعيات والاتحادات العامة أو القطاعية على مستويات مختلفة لإجبار الجميع على رؤية قوتهم ومن ثم التفاوض معهم.
غزوة المثقفين
ويطمح الإخوان دائما لتمثيل هذا المجتمع مع البلديات والدول والاتحاد الأوروبي، وهو ما حدث بالفعل، لكن كان هناك حاجة لمجتمع الباحثين والمثقفين من أصحاب الأيديولوجيات التي يمكن أن تتفق معهم ووجدوا ضالتهم دائما في اليسار.
تحرك الإخوان للعب على تناقضات الخطاب السلفي، حتى يثبتوا لمجتمع المثقفين أنهم التيار الأجدر بالحوار والتحالف معه، استغلوا صعود أسهم قناة الجزيرة في الغرب، وقدرتها على تقديم عرض غير مسبوق للنقاش السياسي في العالم العربي، وجعلوا منها نظاما دعائيًا يهدف إلى الترويج للإخوان وزعيمهم يوسف القرضاوي.
واستقطبت الجماعة الجميع للظهور على الفضائية العربية الوليدة التي اشتهرت في الغرب أنها تقيم حوارا مع العقل، بالنسبة لهم هي بيئة إعلامية مناسبة لفهم الآخر من حيث مناقشة قضايا مثل أسئلة الحلال والحرام بالنسبة للمنطق الإسلامي، والحجاب في أوروبا.
شبكات التواصل الاجتماعي كانت هي الأخرى وسيلة خطيرة استخدمها الإخوان للظهور على حسابات المثقفين وإقامة علاقات أكثر دفئا معهم، وكان مشاهير الجماعة يتواجدون على حسابات المثقفين الغربيين بحساباتهم المليونية على مواقع التواصل، حتى يظهرون لهم عشرات الآلاف من الـ«لايك والشير» في كل تغريدة.
وهو مدخل مهم لمعرفة مع من يتحدثون، ولا سيما أن الحسابات يتابعها أيضا مغردون مسلمون من كل البلدان الغربية، وهو ما كان يضفي طابعا يفيد بالإحساس بالتنوع لدى المثقفين الغربيين.
وعمل الإخوان على الترويج لقيم الجمهوريات الغربية، ودعموا حقوق الأقليات لإثبات المشتركات الكبيرة بينهم وبين الغرب، كما استمروا في اللعب على حشد المؤسسات العلمية والثقافية في نداوتهم لإلقاء نظرة فاحصة على أفكارهم وقناعاتهم، حتى لو استخدموا نوعا من الدهاء السياسي في ذلك.
فأغلب نقاشات الإخوان حول المسائل الدينية المتضاربة، والتي كانوا يظهرون فيها قدرا كبيرا من البراجماتية، إذ أيد إبراهيم منير المرشد الحالي للجماعة على سبيل المثال «المثلية الجنسية» في أحد لقاءاته مع البرلمان الإنجليزي.
وأكد لهم إيمانهم بالحقوق الفردية وأن منهجهم يسر وليس عسر، مع إنهم هنا يجرمون المختلف معهم سياسيا وليس على الهوية أو الجنس !
عريب الرنتاوي، الباحث في شئون الجماعات الإسلامية، يرى أن مواقف جماعة الإخوان الإرهابية، ومواقفها من المثقفين تمثل إشكالية كبرى تزيد وتعمق الغموض بشأنها، موضحًا أن «علاقات الجماعة بالغرب ملتبسة، وتقف بين التحالف معهم في زمن الحرب الباردة، وتصل إلى التوتر في مراحل لاحقة».
وأشار «الرنتاوي» إلى أن الجماعة ينظر إليها بوصفها الرحم الكبير الذي ولِدت منه حركات الإسلام السياسي، ولهذا لم تقدر أمريكا على تصنيفها حركة إرهابية خلال فترة الرئيس ترامب، كما أن الجماعة تلعب دائما على كل المتناقضات، وتأخذ بجميع هذه التعقيدات بعين الاعتبار حتى تستطيع حشد المثقفين المؤدلجين إلى جانبها.
مؤسسات صنع القرار
بدوره.. أكد الدكتور حسام الحداد، الباحث بالمركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات، أن تغلغل الإخوان داخل مؤسسات صنع القرار في الأوساط الاجتماعية والميديا الغربية، خلفه لجوء التنظيم إلى الجامعات المنتشرة في دول الغرب والتي يتواجد بين طلابها جاليات عربية وإسلامية.
وكشف «الحداد» أن «الجماعة رصدت أموالًا طائلة بهدف تشكيل عدد من اللجان الإدارية، تكون مهمتها التنسيق مع بعض الجامعات البريطانية والأمريكية، من أجل عقد ندوات ومؤتمرات للوفود الإخوانية، لافتا إلى الدور الذي يلعبه كل من الائتلاف العالمي للحقوق والحريات، والائتلاف المصري الأمريكي من أجل الشرعية، والائتلاف العالمي للمصريين في الخارج من أجل الديمقراطية، والتي تسعى جميعها إلى تحقيق هدف واحد وهو نسخ علاقات قوية بمراكز الأبحاث والجامعات الأمريكية والأوروبية.
وشراء بعض القائمين عليها من أجل الوصول إلى الأهداف المرجوة»، مشددًا أيضا على أن «الجماعة تعرف جيدا كيف تستخدم المال السياسي في توجيه بعض الكتاب والباحثين العاملين في المؤسسات الإعلامية والمراكز البحثية لخدمة أهدافها وسياستها، وستستمر في ذلك».
نقلًا عن العدد الورقي...
مركز بحثي جديد
وتمثلت الخطوة الإخوانية، في إعلان الجماعة عن تدشين أول مركز أبحاث في الولايات المتحدة، يضم بين صفوفه رموزا من تيارات مختلفة للإسلام السياسي لأول مرة منذ 6 سنوات، ولكن برئيسة أمريكية بإمكانها تمرير الرسائل للمجتمع الغربي، وهو ما يكشف عن إصرار الجماعة على تجنيد المثقفين لتبني قضيتها.
يتلاعب الإخوان دائما بالمفاهيم الغامضة الإسلاموية، يروجونها على أنها أيديولوجية معاصرة قوية تهدف لإنشاء مشروع عالمي يستخدم الدين وأخلاقياته كبيئة معيشية مشروعة للفرد والمجتمع.
من هذا المدخل يحاول الإخوان استقطاب المثقفين وخاصة من التيارات اليسارية من خلال خطاب يتوافق مع مجتمعاتهم، وعبر تمرير العديد من المؤلفات التي تحوي أفكارا تحض على التعايش، فضلا عن تسويق ضعف الديمقراطية في المنطقة العربية والإسلامية للتأكيد على حالة الظلم والتشويه التي يتعرضون لها.
كما تعمل الجماعة على تمرير رسائل تزعم أن التنظيم كيان اجتماعي قبل أن يكون سياسيًا، يطور حضورًا جماعيًا مهمًا في الميدان من أجل تعزيز النهضة الإسلامية حسب مقتضيات العصر، ويسوق دائما النظام التركي في شكله القديم، باعتباره شهادة على قدرة الإسلاميين على تقديم نموذج عصري حتى لو كان محافظا فكريا واجتماعيا مثل أردوغان.
الرابطة الإسلامية العالمية
وفي سبيل تحقيق هدفها تستغل «الإخوان» الرابطة الإسلامية العالمية كهيئة مركزية لاستقطاب المثقفين، والتي تعتبر أداة دبلوماسية لتنظيم التعاون مع رموز المجتمعات الأوروبية الفكرية في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية.
كما تستخدم الندوة العالمية للشباب الإسلامي بجانب هيئة الإغاثة الإسلامية العالمية، يضاف إلى ذلك منظمة المؤتمر الإسلامي التي تخلق دائما قضايا سياسية واقتصادية وعلمية، وكل هذه المنابر هدفها الحديث مع المثقفين وخلق تفاهم معهم، ويعتبروها نواة لرغبتهم في الحوار وعدم الإقصاء مثلما يروج عنهم في الإعلام المعادي لهم.
ومع أن الهدف النهائي للإخوان المسلمين مبني على مشروع توسعي حتى في أوروبا، إلا أنهم يدافعون عن المواقف السياسية والاجتماعية والحقوقية في المجتمعات الغربية، ويقفون دائما بجانب التيارات اليسارية، وهو ما أوجد حالة من الارتباط بين الجماعة والمثقفين من هذه التيارات.
يذكر هنا أن الجماعة بدأت تنفيذ هذا النهج منذ ثمانينيات القرن الماضي، وتحديدا بعد أن نجحت في الاستيلاء على قضايا الجاليات المسلمة في أوروبا، لا سيما قضايا الهوية والتعليم ومواجهة الـ«إسلاموفوبيا»، مستغلة قدرتها على تعبئة المجتمع الإسلامي وتشكيل الشبكات والجمعيات والاتحادات العامة أو القطاعية على مستويات مختلفة لإجبار الجميع على رؤية قوتهم ومن ثم التفاوض معهم.
غزوة المثقفين
ويطمح الإخوان دائما لتمثيل هذا المجتمع مع البلديات والدول والاتحاد الأوروبي، وهو ما حدث بالفعل، لكن كان هناك حاجة لمجتمع الباحثين والمثقفين من أصحاب الأيديولوجيات التي يمكن أن تتفق معهم ووجدوا ضالتهم دائما في اليسار.
تحرك الإخوان للعب على تناقضات الخطاب السلفي، حتى يثبتوا لمجتمع المثقفين أنهم التيار الأجدر بالحوار والتحالف معه، استغلوا صعود أسهم قناة الجزيرة في الغرب، وقدرتها على تقديم عرض غير مسبوق للنقاش السياسي في العالم العربي، وجعلوا منها نظاما دعائيًا يهدف إلى الترويج للإخوان وزعيمهم يوسف القرضاوي.
واستقطبت الجماعة الجميع للظهور على الفضائية العربية الوليدة التي اشتهرت في الغرب أنها تقيم حوارا مع العقل، بالنسبة لهم هي بيئة إعلامية مناسبة لفهم الآخر من حيث مناقشة قضايا مثل أسئلة الحلال والحرام بالنسبة للمنطق الإسلامي، والحجاب في أوروبا.
شبكات التواصل الاجتماعي كانت هي الأخرى وسيلة خطيرة استخدمها الإخوان للظهور على حسابات المثقفين وإقامة علاقات أكثر دفئا معهم، وكان مشاهير الجماعة يتواجدون على حسابات المثقفين الغربيين بحساباتهم المليونية على مواقع التواصل، حتى يظهرون لهم عشرات الآلاف من الـ«لايك والشير» في كل تغريدة.
وهو مدخل مهم لمعرفة مع من يتحدثون، ولا سيما أن الحسابات يتابعها أيضا مغردون مسلمون من كل البلدان الغربية، وهو ما كان يضفي طابعا يفيد بالإحساس بالتنوع لدى المثقفين الغربيين.
وعمل الإخوان على الترويج لقيم الجمهوريات الغربية، ودعموا حقوق الأقليات لإثبات المشتركات الكبيرة بينهم وبين الغرب، كما استمروا في اللعب على حشد المؤسسات العلمية والثقافية في نداوتهم لإلقاء نظرة فاحصة على أفكارهم وقناعاتهم، حتى لو استخدموا نوعا من الدهاء السياسي في ذلك.
فأغلب نقاشات الإخوان حول المسائل الدينية المتضاربة، والتي كانوا يظهرون فيها قدرا كبيرا من البراجماتية، إذ أيد إبراهيم منير المرشد الحالي للجماعة على سبيل المثال «المثلية الجنسية» في أحد لقاءاته مع البرلمان الإنجليزي.
وأكد لهم إيمانهم بالحقوق الفردية وأن منهجهم يسر وليس عسر، مع إنهم هنا يجرمون المختلف معهم سياسيا وليس على الهوية أو الجنس !
عريب الرنتاوي، الباحث في شئون الجماعات الإسلامية، يرى أن مواقف جماعة الإخوان الإرهابية، ومواقفها من المثقفين تمثل إشكالية كبرى تزيد وتعمق الغموض بشأنها، موضحًا أن «علاقات الجماعة بالغرب ملتبسة، وتقف بين التحالف معهم في زمن الحرب الباردة، وتصل إلى التوتر في مراحل لاحقة».
وأشار «الرنتاوي» إلى أن الجماعة ينظر إليها بوصفها الرحم الكبير الذي ولِدت منه حركات الإسلام السياسي، ولهذا لم تقدر أمريكا على تصنيفها حركة إرهابية خلال فترة الرئيس ترامب، كما أن الجماعة تلعب دائما على كل المتناقضات، وتأخذ بجميع هذه التعقيدات بعين الاعتبار حتى تستطيع حشد المثقفين المؤدلجين إلى جانبها.
مؤسسات صنع القرار
بدوره.. أكد الدكتور حسام الحداد، الباحث بالمركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات، أن تغلغل الإخوان داخل مؤسسات صنع القرار في الأوساط الاجتماعية والميديا الغربية، خلفه لجوء التنظيم إلى الجامعات المنتشرة في دول الغرب والتي يتواجد بين طلابها جاليات عربية وإسلامية.
وكشف «الحداد» أن «الجماعة رصدت أموالًا طائلة بهدف تشكيل عدد من اللجان الإدارية، تكون مهمتها التنسيق مع بعض الجامعات البريطانية والأمريكية، من أجل عقد ندوات ومؤتمرات للوفود الإخوانية، لافتا إلى الدور الذي يلعبه كل من الائتلاف العالمي للحقوق والحريات، والائتلاف المصري الأمريكي من أجل الشرعية، والائتلاف العالمي للمصريين في الخارج من أجل الديمقراطية، والتي تسعى جميعها إلى تحقيق هدف واحد وهو نسخ علاقات قوية بمراكز الأبحاث والجامعات الأمريكية والأوروبية.
وشراء بعض القائمين عليها من أجل الوصول إلى الأهداف المرجوة»، مشددًا أيضا على أن «الجماعة تعرف جيدا كيف تستخدم المال السياسي في توجيه بعض الكتاب والباحثين العاملين في المؤسسات الإعلامية والمراكز البحثية لخدمة أهدافها وسياستها، وستستمر في ذلك».
نقلًا عن العدد الورقي...