رئيس التحرير
عصام كامل

رياض سيف النصر.. يترجل عن صهوة جواده.. عمل أكثر من 50 عامًا في "صاحبة الجلالة".. وكان عنوانًا للشرف والنزاهة والصدق

رياض سيف النصر
رياض سيف النصر
بعد رحلة كفاح طويلة استمرت ما يقرب من نصف قرن في بلاط صاحبة الجلالة رحل الكاتب الصحفى رياض سيف النصر مدير التحرير السابق في جريدتى الجمهورية والأهالي.


الراحل الذي ينتمى لعائلة سيف النصر بالفيوم، انطلق في بلاط صاحبة الجلالة منذ عام 1967، وكان انتماؤه الأول لمصر ولمهنة الصحافة وقيمها النبيلة، انتهج الفكر الاشتراكى فتضامن في كتاباته مع الطبقة البسيطة من العمال والفلاحين، وتفاعل في كتاباته مع هموم الناس.

مسيرة مهنية

عمل رياض سيف النصر في بداية حياته الصحفية مراسلا حربيا في جريدة الجمهورية في ستينيات القرن الماضى، ثم تخصص في تغطية أخبار المحافظات والمحليات، وكانت له صولات وجولات وحملات صحفية في المحافظات، مما جعله من أكثر خبراء شئون المحليات من أقصى المحروسة إلى أدناها.

اضطر سيف النصر إلى العمل بالديسك؛ حتى لا يحتك برئيس التحرير آنذاك محسن محمد، الذي أساء معاملته، بحجة أن الراحل محمد أنور السادات طلب منه تطهير الجمهورية من الشيوعيين.

تدرج رياض سيف النصر في المناصب الصحفية حتى أصبح رئيسا مساعدا لرئيس تحرير الجمهورية، كما حظى طوال مسيرته باحترام القراء وتلاميذه من الصحفيين الشرفاء، وكلها علاقات تأسست على الأستاذية والثقة العميقة والاحترام المتبادل، فقد طبق في عمله الصحفى طوال حياته مقولة إحسان عبدالقدوس: "اجرح دون إسالة الدماء".

عاش الكاتب الراحل حياته شخصا غير مرضى عنه من الحكومة، خاصة أنه كانت له آراء جريئة في حرية الصحافة واستقلالها وضرورة الكشف المبكر عن الفساد، وكان قدوته في الحياة العالم المفكر الراحل محمود أمين العالم ، حيث رأى فيه معلما للأجيال، ومناضلا فكريا كبيرا واتفق معه في إيمانه بأن رفع مستوى الوعى لدى المصريين هو الوسيلة الأساسية للتصدى لجشع ضعاف النفوس من أبناء البلد.

تعرض سيف النصر للفصل من جريدة الجمهورية برفقة الصحفى صلاح عيسى لمدة ثمانى سنوات عام 1979 بقرار من رئيس تحريرها محسن محمد الذي تولى تحريرها بعد وفاة جمال عبد الناصر، وخروج الكاتب مصطفى بهجت بدوى من رئاسة تحريرها الذي كانت تربطه به علاقة احترام وإعجاب بمهنيته، كما تولى منصب مدير تحرير جريدة الأحرار سنوات من فترة الفصل ليصدر العدد نصف الأسبوعى للجريدة التي كانت تصدر أسبوعيا.

ثم انتقل منها مديرا لتحرير جريدة الأهالي الصادرة عن حزب التجمع، إلى أن تدخل الكاتب الصحفى إبراهيم نافع، وكان مرشحا لمنصب نقيب الصحفيين بإصراره على عودة رياض سيف النصر وصلاح عيسى شرطا لقبوله الترشح.

عاد سيف النصر إلى الجمهورية ليكتب مجموعة مقالات صحفية تحت عنوان (نصف قرن في بلاط الجمهورية) تناول فيها تجربته الذاتية مع الصحافة والسلطة، وكتب فيها عن رفقاء مرحلته من الصحفيين حتى الذين اختلف معهم، وكرمته نقابة الصحفيين كرائد من رواد الصحفيين بإهدائه درع النقابة، وبعد خروجه إلى المعاش تفرغ لكتابة مقالاته بجريدة فيتو منذ إنشائها يناير عام 2012.

طالب سيف النصر في كتاباته بضرورة أن يراعى الصحفيون في كتاباتهم الصدق والموضوعية، ومخاطبة الجمهور والتعامل مع ملف الأقليات بموضوعية بعيدا عن التهويل والتركيز على دور الإعلام المهم في الحد من تفشى العنف في المجتمع.

الرحيل

وفور وفاته.. نعاه عدد من رفقاء الدرب وتلاميذه، مؤكدين أنه كان واحدا من نبلاء المهنة وشرفائها، حيث كتب الكاتب الكبير عبد القادر شهيب: "ظل اسم رياض سيف النصر دوما عنوانا للصحافة المحترمة التي لا تغش أو تخدع القارئ ولا تضلله ولا تروج للأكاذيب ولا تنافق بغية حفنة من المال أو منصب أو مكسب صغيرا كان أو كبيرا.. وكان اسمه أيضا عنوانا لكل القيم الجميلة.. قيم الحق والخير والجمال والمواطنة والمساواة والعيش المشترك.

كما كان اسمه أيضا عنوانا للانحياز دوما للوطن ولمصالحه العليا وأمنه القومى وللفقراء والبسطاء والمهمشين فيه.. كذلك كان اسمه دوما عنوانا لنظافة اليد واللسان معا وصفاء الروح.. فلم يجرح قلمه أو لسانه أحدا رغم جسارته في الدفاع عن الحق وإصراره على التمسك بالحقيقة.. ومن هنا فإن خسارتنا بفقده هي خسارة كبيرة".

فيما كتب الصحفى يسرى حسان: "رياض سيف النصر من أنبل ماعرفت والصحافي المهني البليغ الذي تعرض لهجمة التتار خلال حكم السادات، وتم إخراجه من الجمهورية عقابا على وطنية ومحبة لمصر والتاريخ، وانتقم منه محسن محمد بفصله من عمله، وتعرض لمحنة مع صلاح عيسى خلال مذبحة معروفة.. وداعا يا من دافع عن شرف ومهنة، واسمك يبرق في سماء الرجولة الحقة، لك الرحمة والجنة.. فقد عشت كريما في زمن ليس كذلك".

كما كتب حسين شعلان: "وداعا صديق العمر وزميل الصحافة الكاتب الصحفى رياض سيف النصر.. صحفى بارز من جيل الستينيات بأحلامه الوطنية الكبيرة العادلة..غيابه خسارة في لوحة المحبين المخلصين للوطن والصحافة..سوف تبقى سيرته عنوانا لمعانٍ إنسانية جميلة وطيبة في حياتنا".

نقلًا عن العدد الورقي..،
الجريدة الرسمية