رئيس التحرير
عصام كامل

بريطانيا درست شراءها.. أسرار جديدة عن الجزر المتنازع عليها بين إيران والإمارات

خريطة الجزر المتنازع
خريطة الجزر المتنازع عليها
نشرت شبكة "بي بي سي"، اليوم، وثائق سرية تشير إلى أن بريطانيا درست شراء الجزر المتنازع عليها في الخليج من العرب وإهداءها لنظام الشاه أو تأجيرها له، بهدف تسوية النزاع وضمان الاستقرار في المنطقة.


وأشارت الوثائق إلى أن الحكومة البريطانية كانت على دراية كاملة بقرار إيران "احتلال" الجزر بالقوة العسكرية بمجرد انتهاء الحماية البريطانية، وأنها نبهت حكام إمارات الخليج إلى هذا بوضوح.

وجاء اقتراح شراء الجزر، بحسب "بي بي سي"، ضمن ثلاثة سيناريوهات لحل الأزمة بين نظام شاه إيران محمد رضا بهلوي وإمارتي الشارقة ورأس الخيمة بشأن السيادة على جزر أبو موسى وطنب الصغرى وطنب الكبرى، التي كانت بريطانيا تعترف بالسيادة العربية عليها منذ عشرات السنين.

وطُرحت السيناريوهات الثلاثة في تقرير كتبه سير ويليام لوس، المبعوث البريطاني الخاص إلى المنطقة، بعد جولة مكوكية طويلة انتهت بلقاء شاه إيران، وجاءت الجولة ضمن مساع قادها لوس بعد إعلان بريطانيا رسميا في شهر يناير عام 1968 عزمها الانسحاب من المنطقة بحلول نهاية عام 1971.

وأشار لوس، في تقريره، إلى أنه في ظل المعطيات المتوفرة، فإن الحلول المتاحة هي: التوصل إلى اتفاق، أو فرض اتفاق، أو خيار عدم التحرك، وفي التقرير، الموجه إلى وكيل وزارة الخارجية الدائم والإدارات الأخرى المعنية، شرح لوس كل حل على حدة.

ففيما يتعلق بالتوصل إلى اتفاق، فإنه شمل وسائل مختلفة منها شراء بريطانيا للجزر ثم إهداءها للشاه، أو تأجيرها لفترة طويلة لإيران، أو السيادة المشتركة بين العرب والإيرانيين عليها، أو ترتيبات أمنية مشتركة فيها.

وقال التقرير "يمكننا أن نحاول شراء الجزر من الحاكمين المعنيين ثم نسلمها إلى إيران سواء مقابل تعويض مالي أو مجانا. وقد يشمل ذلك بدائل منها تأجير بحق الانتفاع لفترة طويلة (100 سنة) للجزر من الحاكمين، ثم " نؤجرها نحن من الباطن" للشاه".

ولأن هذا الحل يتطلب ملايين الجنيهات الإسترلينية ستدفع إلى حاكمي الشارقة ورأس الخيمة من الخزانة البريطانية، طُرح تساؤلان: هل يقبل الشاه هذا الحل؟ وكيف سيسدد المبلغ إن قبل مبدأ الشراء أو التأجير من البريطانيين؟

وتوقع لوس رفض الشاه أن يدفع مقابل "ما يعلن لشعبه صراحة أنها حقوق إيران". غير أن المبعوث البريطاني اقترح أن "تُقدّم الصفقة إلى الشاه على إنها إعادة ممتلكات مستحقة لإيران مقابل تعويض خفي تحت غطاء صفقة سلاح حالية أو عبر صفقة تجارية ما".

وبعد عرض كل التفاصيل، توقع لوس أن يرفض حاكما إمارة الشارقة (التي تتبعها جزيرة أبو موسى) وإمارة رأس الخيمة (التي تتبعها جزيرتا طنب الكبرى وطنب الصغرى) عرض البيع أو حتى التأجير طويل الأمد.

وحذر من أن تقديم العرض للحاكمين "يحمل مخاطرة هي أنهما ربما يكشفان نهجنا بما ينطوي عليه من ضرر لاحق في علاقاتنا مع العرب الآخرين". ورجح أن يرفض حاكما الشارقة ورأس الخيمة الفكرة بسبب "تركيز الاهتمام في العالم العربي على هذه المسألة".

وخلص المبعوث البريطاني إلى أن هذا الحل "غير عملي بسبب التطورات الأخيرة في موقفي حاكمي الإمارتين والشاه".

وكي يكون الحل الثاني، أي فرض اتفاق، فعالا، فإنه يجب أن يتضمن، وفق تقرير لوس لجوء بريطانيا إلى نقل السيادة على الجزر إلى إيران بالقوة. وهذا يخالف موقف بريطانيا الراسخ والمستمر طوال الـ 80 عاما الماضية بأن الجزر عربية.

ونبه لوس إلى أن دراسته لهذا الخيار انتهت إلى أنه "لن يكون في مصلحة بريطانيا إهانة الرأي العربي والدولي لهذه الدرجة". وعبر عن اعتقاده بأن "كل الوزراء البريطانيين المعنيين بهذا الملف يوافقونه الرأي".

وبقي الخيار الثالث، الذي قال لوس إن بلاده لا تزال تتابعه وهو" السعي إلى تسوية عبر التفاوض بين الحاكمين والشاه. وفي حالة فشل المساعي "لا تتخذ بريطانيا أي خطوات استباقية لمنع إيران من الاستيلاء على الجزر بعد انتهاء الحماية البريطانية".
الجريدة الرسمية