ما حكم سب الدين في حالة الغضب الشديد؟
نهى الإسلام عن اللجوء إلى التَّفحُّش في القول والفعل، وقد ورد ذلك في قول النبيّ صلّى الله عليه وسلم: (إنَّ اللَّهَ يبغضُ الفحشَ والتَّفحُّشَ، والَّذي نَفسُ محمَّدٍ بيدِهِ لا تقومُ السَّاعةُ حتَّى يُخَوَّنَ الأمينُ ويؤتَمنَ الخائنُ، حتَّى يَظهرَ الفُحشُ والتَّفحُّشُ، وقَطيعةُ الأرحامِ، وسوءُ الجوارِ، والَّذي نفسُ محمَّدٍ بيدِهِ إنَّ مَثَلَ المؤمنِ لَكَمثلِ القطعةِ مِنَ الذَّهبِ نفَخَ عليها صاحبُها فلم تَغيَّرْ ولم تَنقُصْ، والَّذي نفسُ محمَّدٍ بيدِهِ إنَّ مثلَ المؤمنِ لَكَمثلِ النَّحلةِ أَكَلَت طيِّباً ووضعت طيِّباً، ووقعت فلم تَكْسر ولم تُفسِد).
ولهذا فإنّ المؤمن لا يصدر عنه إلا طيِبُ الكلام وطيبُ الفعل، فإذا ما تعامل المسلم بالسبّ، والقَذْف، والشّتم، فإنّه يكون قد ارتكب محظوراً من المحظورات الشرعيّة التي تُرتّب عليه العقاب الأُخرويّ، أمّا إن كان سبُّه وشتمه مُوجَّهاً لخالقه وربِّه الذي أوجده، أو مُوجَّهاً لدّينه الذي ارتضاه له الله؛ فإنّ ذلك يكون في الإثم أبلغ، وفي الإفساد أعظم وأشنع، فما حُكم من سبَّ الدّين في الإسلام، وما كفّارة ذلك شرعاً، وماذا ينبني على فعله من أحكام شرعيّة؟ هذا ما سيتمّ بيانه في هذه المقالة.
حُكم سبِّ الدّين
لم يختلف العلماء مُطلقاً في حُكم من سبَّدينه، أو سبَّخالقه وشتَمه، سواءً كان ذلك السبُ مباشراً بشتم الذّات الإلهيّة أو الدّين الإسلاميّ، أم كان غير مباشر عن طريق الاستهانة بتعاليم الله، وأحكامه، وكتبه، ورُسله، أو الاستهزاء بما جاء به أنبياؤه، فقد اتّفق أهل العلم جميعهم أنَّ من سبَّ الدّين أو الذّات الإلهيّة فهو كافرٌ مُرتَدّ عن الإسلام إن كان مسلماً، وقد جاء بيان حُكم سبِّ الدّين أو الاستهزاء به في كتاب الله عزَّ وجلَّ؛ حيث جاء في سورة التوبة قول الله تعالى: (وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ ۚ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ*لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ ۚ إِن نَّعْفُ عَن طَائِفَةٍ مِّنكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ)، فمن سبَّ الله، أو سبَّ رسوله، أو سبَّ دين الله، أو استهزأ به يكون كافراً خارجاً من ملّة الإسلام كما جاء في صريح كلام الله.
حكم سبّ الدّين في حالة الغضب
إذا صدر من المسلم إساءةٌ للإسلام أو لأحد رموزه العُظمى بعد أن وصل إلى حالة غضبٍ شديدٍ أخرجته عن حالته الطبيعيّة؛ بحيث لم يدرك ما يقول وما يفعل، فهل يترتّب على ما يصدر عنه حُكمٌ شرعيٌّ أم أنّه لا يكون مُؤاخذاً؟ يرى الفقهاء أنّ من سبَّ الدّين الإسلاميّ أو الذّات الإلهيّة، أو أساء إلى الله أو رسوله فعلاً أو قولاً بعد أن وصل إلى حالة غضبٍ شديدٍ؛ بحيث لم يعلم ما صدر عنه من أفعال أو كلمات فإنّه لا يؤاخذ على ما صدر منه ولا يترتّب عليه شيءٌعن ذلك حتّى لو فعل ما فعل، ويمكن أن التحقُّق من حالته بسؤاله عمّا فعل، فإن ذكره فإنّما يكون مُدرِكاً لفعله وقوله، فيترتّب عليه الحُكم كما مرَّبيانه سالفاً، أمّا إن لم يَذكُر ما فعله أو قاله فيكون قد خرج عن طوره، ولم يعِ أقواله وأفعاله، فيدخل بذلك في حُكم المدهوش.
قبول توبة سابّ الدّين اختلف أهل العلم في قبول توبة سابّ الدّين أو سابّ الله على قولين، هما:
الرّأي الأوّل: إنّ توبته لا تُقبَل، بل يُحكَم عليه بالقتل لكفره، ولا تجوز الصّلاة عليه، ولا الدُّعاء له بالرّحمة، ولا يُدفَن في مقابر المسلمين، وقد ذهب إلى ذلك فُقهاء الحنابلة.
الرّأي الثاني: تُقبّل توبته إذا عُلِم عنه صِدق توبته إلى الله، وأقرَّ بأنّه قد أخطأ بحقّ الله وحقّ نفسه، ثمّ وصف الله -سبحانه وتعالى- بما يليق به من صفات الكمال والتّعظيم.
شروط توبة سابّ الدّين قال الله سبحانه وتعالى: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)، فإذا تاب سابُّ الدّين من فعله، أو قوله فإنّ الله يتوب عليه ما دامت توبته صحيحةً مُستوفيةً الشّروط الشرعيّة، فهو كغيره من العصاة والمرتدّين؛ إن تابوا قُبلت توبتهم، أمّا شروط التّوبة النَّصوح التي ينبغي توفّرها فيمن يُريد التوبة من شتم الدّين الإسلاميّ، فهي:
أن تكون التوبة خالصةً لله سبحانه وتعالى؛ وذلك بألّا يكون القصد من التوبة الرِّياء أو السُّمعة، أو مخافة مخلوق، أو رجاء نعمةٍ دنيويّة ينالها كأن تكون وظيفةً، أو مالاً، أو منصباً، فإذا أخلص التائب في توبته لله، وكان الدافع لها تقوى الله عزّ وجلّ، ومخافة عقابه، ورجاء ثوابه يكون قد حقّق الشرط الأوّل الأهمّ في صحّة التّوبة.
أن يندم الذي سبَّ الدّين الإسلاميّ أو الذات الإلهيّة على ما فعل من الشتائم، والاستهانة بالإسلام وأحكامه وشرائعه، أو شتمه لشيءٍ من ذلك، بحيث يجد في قلبه حسرةً لما فعل، وحزناً على ما بدر منه، وأن يرى أنّ ما فعله سابقاً كان كبيرةً من الكبائر، ويجب عليه التوبة عنها، وترك العودة إليها قَطعاً.
أن يعزم على الإقلاع عمّا فعله من شتم الدّين، والإساءة إلى أحكام الإسلام، فلا يبقى مُصرّاً على فعله، يُعيده مرّةً بعد مرّة.
أن يعزم التائب على ألّا يعود إلى ذلك الفعل بعد ذلك في المستقبل مهما جرت الظروف، ومهما تغيّرت الأحوال؛ وذلك بأن ينوي بقلبه متيقّناً، ويعزم مؤكّداً أنّه لن يعود إلى تلك المعصية ما دام على قيد الحياة.
أن تكون التوبة في الأوقات التي تُقبَل فيها، وهي جميع الأوقات باستثناء تلك الأوقات التي جاء التصريح بعدم قبول التوبة فيها، مثل: ظهور إحدى علامات الساعة الكُبرى، كأن تخرج الشمس من مغربها، أو أن يتوب التائب إذا أدرك أنّ الأجل قد وافاه، أو إن كان في حالة النّزع، لقول الله تعالى: (هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا أَن تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ ۗ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا ۗ قُلِ انتَظِرُوا إِنَّا مُنتَظِرُونَ)، ولقول الله تعالى: (وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّىٰ إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ ۚ أُولَٰئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا).
ولهذا فإنّ المؤمن لا يصدر عنه إلا طيِبُ الكلام وطيبُ الفعل، فإذا ما تعامل المسلم بالسبّ، والقَذْف، والشّتم، فإنّه يكون قد ارتكب محظوراً من المحظورات الشرعيّة التي تُرتّب عليه العقاب الأُخرويّ، أمّا إن كان سبُّه وشتمه مُوجَّهاً لخالقه وربِّه الذي أوجده، أو مُوجَّهاً لدّينه الذي ارتضاه له الله؛ فإنّ ذلك يكون في الإثم أبلغ، وفي الإفساد أعظم وأشنع، فما حُكم من سبَّ الدّين في الإسلام، وما كفّارة ذلك شرعاً، وماذا ينبني على فعله من أحكام شرعيّة؟ هذا ما سيتمّ بيانه في هذه المقالة.
حُكم سبِّ الدّين
لم يختلف العلماء مُطلقاً في حُكم من سبَّدينه، أو سبَّخالقه وشتَمه، سواءً كان ذلك السبُ مباشراً بشتم الذّات الإلهيّة أو الدّين الإسلاميّ، أم كان غير مباشر عن طريق الاستهانة بتعاليم الله، وأحكامه، وكتبه، ورُسله، أو الاستهزاء بما جاء به أنبياؤه، فقد اتّفق أهل العلم جميعهم أنَّ من سبَّ الدّين أو الذّات الإلهيّة فهو كافرٌ مُرتَدّ عن الإسلام إن كان مسلماً، وقد جاء بيان حُكم سبِّ الدّين أو الاستهزاء به في كتاب الله عزَّ وجلَّ؛ حيث جاء في سورة التوبة قول الله تعالى: (وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ ۚ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ*لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ ۚ إِن نَّعْفُ عَن طَائِفَةٍ مِّنكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ)، فمن سبَّ الله، أو سبَّ رسوله، أو سبَّ دين الله، أو استهزأ به يكون كافراً خارجاً من ملّة الإسلام كما جاء في صريح كلام الله.
حكم سبّ الدّين في حالة الغضب
إذا صدر من المسلم إساءةٌ للإسلام أو لأحد رموزه العُظمى بعد أن وصل إلى حالة غضبٍ شديدٍ أخرجته عن حالته الطبيعيّة؛ بحيث لم يدرك ما يقول وما يفعل، فهل يترتّب على ما يصدر عنه حُكمٌ شرعيٌّ أم أنّه لا يكون مُؤاخذاً؟ يرى الفقهاء أنّ من سبَّ الدّين الإسلاميّ أو الذّات الإلهيّة، أو أساء إلى الله أو رسوله فعلاً أو قولاً بعد أن وصل إلى حالة غضبٍ شديدٍ؛ بحيث لم يعلم ما صدر عنه من أفعال أو كلمات فإنّه لا يؤاخذ على ما صدر منه ولا يترتّب عليه شيءٌعن ذلك حتّى لو فعل ما فعل، ويمكن أن التحقُّق من حالته بسؤاله عمّا فعل، فإن ذكره فإنّما يكون مُدرِكاً لفعله وقوله، فيترتّب عليه الحُكم كما مرَّبيانه سالفاً، أمّا إن لم يَذكُر ما فعله أو قاله فيكون قد خرج عن طوره، ولم يعِ أقواله وأفعاله، فيدخل بذلك في حُكم المدهوش.
قبول توبة سابّ الدّين اختلف أهل العلم في قبول توبة سابّ الدّين أو سابّ الله على قولين، هما:
الرّأي الأوّل: إنّ توبته لا تُقبَل، بل يُحكَم عليه بالقتل لكفره، ولا تجوز الصّلاة عليه، ولا الدُّعاء له بالرّحمة، ولا يُدفَن في مقابر المسلمين، وقد ذهب إلى ذلك فُقهاء الحنابلة.
الرّأي الثاني: تُقبّل توبته إذا عُلِم عنه صِدق توبته إلى الله، وأقرَّ بأنّه قد أخطأ بحقّ الله وحقّ نفسه، ثمّ وصف الله -سبحانه وتعالى- بما يليق به من صفات الكمال والتّعظيم.
شروط توبة سابّ الدّين قال الله سبحانه وتعالى: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)، فإذا تاب سابُّ الدّين من فعله، أو قوله فإنّ الله يتوب عليه ما دامت توبته صحيحةً مُستوفيةً الشّروط الشرعيّة، فهو كغيره من العصاة والمرتدّين؛ إن تابوا قُبلت توبتهم، أمّا شروط التّوبة النَّصوح التي ينبغي توفّرها فيمن يُريد التوبة من شتم الدّين الإسلاميّ، فهي:
أن تكون التوبة خالصةً لله سبحانه وتعالى؛ وذلك بألّا يكون القصد من التوبة الرِّياء أو السُّمعة، أو مخافة مخلوق، أو رجاء نعمةٍ دنيويّة ينالها كأن تكون وظيفةً، أو مالاً، أو منصباً، فإذا أخلص التائب في توبته لله، وكان الدافع لها تقوى الله عزّ وجلّ، ومخافة عقابه، ورجاء ثوابه يكون قد حقّق الشرط الأوّل الأهمّ في صحّة التّوبة.
أن يندم الذي سبَّ الدّين الإسلاميّ أو الذات الإلهيّة على ما فعل من الشتائم، والاستهانة بالإسلام وأحكامه وشرائعه، أو شتمه لشيءٍ من ذلك، بحيث يجد في قلبه حسرةً لما فعل، وحزناً على ما بدر منه، وأن يرى أنّ ما فعله سابقاً كان كبيرةً من الكبائر، ويجب عليه التوبة عنها، وترك العودة إليها قَطعاً.
أن يعزم على الإقلاع عمّا فعله من شتم الدّين، والإساءة إلى أحكام الإسلام، فلا يبقى مُصرّاً على فعله، يُعيده مرّةً بعد مرّة.
أن يعزم التائب على ألّا يعود إلى ذلك الفعل بعد ذلك في المستقبل مهما جرت الظروف، ومهما تغيّرت الأحوال؛ وذلك بأن ينوي بقلبه متيقّناً، ويعزم مؤكّداً أنّه لن يعود إلى تلك المعصية ما دام على قيد الحياة.
أن تكون التوبة في الأوقات التي تُقبَل فيها، وهي جميع الأوقات باستثناء تلك الأوقات التي جاء التصريح بعدم قبول التوبة فيها، مثل: ظهور إحدى علامات الساعة الكُبرى، كأن تخرج الشمس من مغربها، أو أن يتوب التائب إذا أدرك أنّ الأجل قد وافاه، أو إن كان في حالة النّزع، لقول الله تعالى: (هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا أَن تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ ۗ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا ۗ قُلِ انتَظِرُوا إِنَّا مُنتَظِرُونَ)، ولقول الله تعالى: (وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّىٰ إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ ۚ أُولَٰئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا).