هل يتدخل صندوق النقد الدولي لإنقاذ البرازيل من الإفلاس؟
بعد إعلان الرئيس البرازيلي جايير بولسونارو أمس الأربعاء، عن إفلاس بلاده، طرحت العديد من التساؤلات حول كيفية إنقاذ اقتصاد البرازيل وما هي المؤسسات الدولية التي يمكنها مساندة البلاد في عثرتها؟.
ووفقا للرئيس البرازيلي، فإن سبب إفلاس بلاده يرجع لفيروس كورونا المستجد الذي اجتاح العالم وأثر على كبريات الاقتصادات فيه، وقال بولسونارو: "البرازيل مفلسة.. ليس هناك ما يمكنني القيام به.. السبب هذا الفيروس الذي غذاه الإعلام"، مضيفا: "أردت تعديل الشرائح الضريبية، لكن جاء الفيروس الذي يغذيه الإعلام الذي لدينا، هذا الإعلام الذي لا فائدة منه".
ويرى بولسونارو، أن الانهيار الاقتصادي للبلاد مرتبط بالقيود التي فرضها الحكام للحد من انتشار فيروس كورونا المستجد الذي أودى بحياة ما يقرب من 198 ألف شخص في البرازيل.
وتأتي تصريحات الرئيس البرازيلي للإشارة إلى الإصلاح المتعلق برفع مستوى الدخل المعفي من الضرائب، وهو وعد انتخابي أطلقه خلال حملته الانتخابية ضمن برنامج اقتصادي ليبرالي، ويرى المحللون أن إعلان الرئيس البرازيلي إفلاس بلاده، يأتي في إطار محاولة التهرب من الوعود الانتخابية التي أطلقها خلال الحملة الانتخابية.
كما اعتبر المحللون أن المساعدات الطارئة التي قدمتها الحكومة البرازيلية منذ بدء تفشي جائحة كورونا، ساهمت في إنهاك اقتصاد الدولة اللاتينية.
وللبرازيل قصة سابقة مع صندوق النقد الدولي، فخلال العقود الأخيرة كانت قد نجحت في التحول من دولة هددها الصندوق بإعلان إفلاسها إلى دولة منحت قروضًا للصندوق نفسه خلال خمس سنوات من خط الإفلاس.
ففي الثمانينيات مرت البرازيل بأزمة اقتصادية طاحنة لإيجاد حل لأزمتها، وذهبت للاقتراض من صندوق النقد الدولي معتقدة أنه الحل لأزمتها الاقتصادية، وبالتأكيد طُبقت حزمة الشروط المجحفة؛ ما أدى إلى تسريح ملايين العمال، وخفض أجور باقي العاملين، وإلغاء الدعم.
وكنتيجة لذلك انهار الاقتصاد البرازيلي، ووصل الأمر إلى تدخُّل دول أخرى في السياسات الداخلية للبرازيل، وفرض البنك الدولي على الدولة أن تضيف إلى دستورها مجموعة من المواد، منها تعديل الحد الأدنى للرواتب؛ ما تسبب في اشتعال الأوضاع السياسية الداخلية.
ورغم استجابة البرازيل لكل الشروط إلا أن الأزمة تفاقمت أكثر وأكثر، وأصبح 1 % فقط من البرازيليين يحصلون على نصف الدخل القومي، وهبط ملايين المواطنين تحت خط الفقر؛ الأمر الذي دفع قادة البرازيل إلى الاقتراض من الصندوق مرة أخرى بواقع 5 مليارات دولار معتقدين أنه الطريق للخروج من الأزمة؛ فتدهورت الأمور أكثر، وأصبحت البرازيل الدولة الأكثر فسادًا وطردًا للمهاجرين، ومن الأعلى حول العالم في معدل الجريمة وتعاطي المخدرات والديون؛ إذ تضاعف الدَّين العام تسع مرات في 12 سنة فقط!
وفي نهاية 2002 هدد صندوق النقد الدولي بأنه سيقوم بإعلان إفلاس البرازيل إذا لم تسدد فوائد القروض، ورفض إقراضها أي مبالغ إضافية؛ فانهارت العملة؛ ليصبح الدولار يساوي 11 ألف ريال برازيلي، حتى تحولت إلى دولة تحتضر!
وفي عام 2003 انتخب البرازيليون رئيسهم لولا دا سيلفا، وكان فقيرًا، وعانى بنفسه الجوع وظلم الاعتقال، وكان يعمل ماسح أحذية، ومنذ أن تسلم زمام الحكم الكل خاف منه، ورجال الأعمال توقعوا أنه سوف يحصل على أموالهم، وسينقلب إلى لص لتعويض الحرمان.. لكنهم كلهم كانوا مخطئين! ففي أول خطاب له قال كلمته الشهيرة: التقشف ليس أن أفقر الجميع.. بل هو أن الدولة تستغني عن كثير من الرفاهيات لدعم الفقراء، وقال كلمته الشهيرة أيضًا: لم ينجح أبدًا صندوق النقد إلا في تدمير البلدان. وسبب تلك التصاريح النارية؛ لأنه يؤمن بأن كثيرًا من الديون تسبب الكسل والتدمير، بدأ بالاعتماد على أهل بلده.
ووضع دا سيلفا بندا جديدًا في الموازنة العامة للدولة، اسمه الإعانات الاجتماعية المباشرة، وقيمته 0.5 % من الناتج القومي للدولة، ويصرف بصورة رواتب مالية مباشرة للأسر الفقيرة، يعنى ببساطة استبدل الدعم العيني بدعم نقدي، وهذا الدعم كان يدفع لـ11 مليون أسرة، تشمل 64 مليون برازيلي.
ومن هنا بدأت العملة في الارتفاع، وكان الدعم يعادل 735 دولارًا أي نحو 13 ألف ريال برازيلي لكل أسرة شهريًّا، وجاء ذلك الدعم لأنه رفع ضرائب الدخل على الكل ما عدا المدعومين ببرنامج الإعانات، بمعنى رفع الضرائب على رجال الأعمال والفئات الغنية من الشعب.
ورغم ذلك كان رجال الأعمال سعداء، لأنه منحهم تسهيلات كبيرة في الاستثمار، وآلية تشغيل وتسيير أعمالهم، ومنح الأراضي مجانًا، وقام بتسهيل التراخيص، وإعطاء قروض بفوائد بسيطة لمساعدتهم في فتح أسواق جديدة، ونتج من ذلك أن دخل الفقراء بدأ يرتفع، وزادت عملية شراء منتجات رجال الأعمال؛ فتضاعف حجم مبيعاتهم، ولا يعتبرون هذا الإجراء جباية أموال، بل كانوا يدفعوا الضرائب، ويعتبرونها رسومًا للتسهيلات، وأصبحوا يكسبون أكثر بسببها.
وبعد ثلاث سنوات فقط عاد مليونا مهاجر برازيلي و1.5 مليون أجنبي للاستثمار والحياة في البرازيل، وتم خلال السنوات الأربع سداد كل مديونيات صندوق النقد، وبقدرة قادر تحول الصندوق الدولي الذي كان ينوي إشهار إفلاس البرازيل إلى اقتراض 14 مليار دولار منها، وذلك أثناء الأزمة العالمية في 2008 بعد 5 سنوات فقط من حكم لولا دا سيلفا.
وركّز دا سيلفا على أربعة أمور، هي: الصناعة والتعدين والزراعة، وبدون أدنى شك التعليم.
ووصلت البرازيل لسادس أغنى دولة في العالم في آخر سنوات حكمه 2011، وأصبحت تصنِّع الطائرات "أسطول طائرات الإمبريار برازيلية الصنع"، وكانت أحد أعمدة دول الـBRIC، وهي البرازيل وروسيا والهند والصين، وأظهرت التوقعات أنها ستصبح في أعلى قائمة أقوى الاقتصادات في العالم بحلول 2030، ولكن الأمور تغيرت كثيرًا؛ فالدستور هناك يسمح للرئيس بفترتين رئاسيتين كحد أقصى، وكل فترة مدتها 4 سنوات.
وفي 2011 انتهت الفترة الرئاسية للرئيس لولا داسيلفا، وبعد أن انتهت ولايتي حكم "لولا" في 2011، وبعد كل هذه الإنجازات التي غيرت واقع الدولة طلب منه الشعب أن يستمر، وأن يعدلوا الدستور الذي يمنعه من فترة رئاسية ثالثة، فرفض بشدة، وقال كلمته الشهيرة: "البرازيل ستنجب مليون لولا، ولكنها تملك دستورًا واحدًا"، ثم ترك مكتب الرئاسة.
ووفقا للرئيس البرازيلي، فإن سبب إفلاس بلاده يرجع لفيروس كورونا المستجد الذي اجتاح العالم وأثر على كبريات الاقتصادات فيه، وقال بولسونارو: "البرازيل مفلسة.. ليس هناك ما يمكنني القيام به.. السبب هذا الفيروس الذي غذاه الإعلام"، مضيفا: "أردت تعديل الشرائح الضريبية، لكن جاء الفيروس الذي يغذيه الإعلام الذي لدينا، هذا الإعلام الذي لا فائدة منه".
ويرى بولسونارو، أن الانهيار الاقتصادي للبلاد مرتبط بالقيود التي فرضها الحكام للحد من انتشار فيروس كورونا المستجد الذي أودى بحياة ما يقرب من 198 ألف شخص في البرازيل.
وتأتي تصريحات الرئيس البرازيلي للإشارة إلى الإصلاح المتعلق برفع مستوى الدخل المعفي من الضرائب، وهو وعد انتخابي أطلقه خلال حملته الانتخابية ضمن برنامج اقتصادي ليبرالي، ويرى المحللون أن إعلان الرئيس البرازيلي إفلاس بلاده، يأتي في إطار محاولة التهرب من الوعود الانتخابية التي أطلقها خلال الحملة الانتخابية.
كما اعتبر المحللون أن المساعدات الطارئة التي قدمتها الحكومة البرازيلية منذ بدء تفشي جائحة كورونا، ساهمت في إنهاك اقتصاد الدولة اللاتينية.
وللبرازيل قصة سابقة مع صندوق النقد الدولي، فخلال العقود الأخيرة كانت قد نجحت في التحول من دولة هددها الصندوق بإعلان إفلاسها إلى دولة منحت قروضًا للصندوق نفسه خلال خمس سنوات من خط الإفلاس.
ففي الثمانينيات مرت البرازيل بأزمة اقتصادية طاحنة لإيجاد حل لأزمتها، وذهبت للاقتراض من صندوق النقد الدولي معتقدة أنه الحل لأزمتها الاقتصادية، وبالتأكيد طُبقت حزمة الشروط المجحفة؛ ما أدى إلى تسريح ملايين العمال، وخفض أجور باقي العاملين، وإلغاء الدعم.
وكنتيجة لذلك انهار الاقتصاد البرازيلي، ووصل الأمر إلى تدخُّل دول أخرى في السياسات الداخلية للبرازيل، وفرض البنك الدولي على الدولة أن تضيف إلى دستورها مجموعة من المواد، منها تعديل الحد الأدنى للرواتب؛ ما تسبب في اشتعال الأوضاع السياسية الداخلية.
ورغم استجابة البرازيل لكل الشروط إلا أن الأزمة تفاقمت أكثر وأكثر، وأصبح 1 % فقط من البرازيليين يحصلون على نصف الدخل القومي، وهبط ملايين المواطنين تحت خط الفقر؛ الأمر الذي دفع قادة البرازيل إلى الاقتراض من الصندوق مرة أخرى بواقع 5 مليارات دولار معتقدين أنه الطريق للخروج من الأزمة؛ فتدهورت الأمور أكثر، وأصبحت البرازيل الدولة الأكثر فسادًا وطردًا للمهاجرين، ومن الأعلى حول العالم في معدل الجريمة وتعاطي المخدرات والديون؛ إذ تضاعف الدَّين العام تسع مرات في 12 سنة فقط!
وفي نهاية 2002 هدد صندوق النقد الدولي بأنه سيقوم بإعلان إفلاس البرازيل إذا لم تسدد فوائد القروض، ورفض إقراضها أي مبالغ إضافية؛ فانهارت العملة؛ ليصبح الدولار يساوي 11 ألف ريال برازيلي، حتى تحولت إلى دولة تحتضر!
وفي عام 2003 انتخب البرازيليون رئيسهم لولا دا سيلفا، وكان فقيرًا، وعانى بنفسه الجوع وظلم الاعتقال، وكان يعمل ماسح أحذية، ومنذ أن تسلم زمام الحكم الكل خاف منه، ورجال الأعمال توقعوا أنه سوف يحصل على أموالهم، وسينقلب إلى لص لتعويض الحرمان.. لكنهم كلهم كانوا مخطئين! ففي أول خطاب له قال كلمته الشهيرة: التقشف ليس أن أفقر الجميع.. بل هو أن الدولة تستغني عن كثير من الرفاهيات لدعم الفقراء، وقال كلمته الشهيرة أيضًا: لم ينجح أبدًا صندوق النقد إلا في تدمير البلدان. وسبب تلك التصاريح النارية؛ لأنه يؤمن بأن كثيرًا من الديون تسبب الكسل والتدمير، بدأ بالاعتماد على أهل بلده.
ووضع دا سيلفا بندا جديدًا في الموازنة العامة للدولة، اسمه الإعانات الاجتماعية المباشرة، وقيمته 0.5 % من الناتج القومي للدولة، ويصرف بصورة رواتب مالية مباشرة للأسر الفقيرة، يعنى ببساطة استبدل الدعم العيني بدعم نقدي، وهذا الدعم كان يدفع لـ11 مليون أسرة، تشمل 64 مليون برازيلي.
ومن هنا بدأت العملة في الارتفاع، وكان الدعم يعادل 735 دولارًا أي نحو 13 ألف ريال برازيلي لكل أسرة شهريًّا، وجاء ذلك الدعم لأنه رفع ضرائب الدخل على الكل ما عدا المدعومين ببرنامج الإعانات، بمعنى رفع الضرائب على رجال الأعمال والفئات الغنية من الشعب.
ورغم ذلك كان رجال الأعمال سعداء، لأنه منحهم تسهيلات كبيرة في الاستثمار، وآلية تشغيل وتسيير أعمالهم، ومنح الأراضي مجانًا، وقام بتسهيل التراخيص، وإعطاء قروض بفوائد بسيطة لمساعدتهم في فتح أسواق جديدة، ونتج من ذلك أن دخل الفقراء بدأ يرتفع، وزادت عملية شراء منتجات رجال الأعمال؛ فتضاعف حجم مبيعاتهم، ولا يعتبرون هذا الإجراء جباية أموال، بل كانوا يدفعوا الضرائب، ويعتبرونها رسومًا للتسهيلات، وأصبحوا يكسبون أكثر بسببها.
وبعد ثلاث سنوات فقط عاد مليونا مهاجر برازيلي و1.5 مليون أجنبي للاستثمار والحياة في البرازيل، وتم خلال السنوات الأربع سداد كل مديونيات صندوق النقد، وبقدرة قادر تحول الصندوق الدولي الذي كان ينوي إشهار إفلاس البرازيل إلى اقتراض 14 مليار دولار منها، وذلك أثناء الأزمة العالمية في 2008 بعد 5 سنوات فقط من حكم لولا دا سيلفا.
وركّز دا سيلفا على أربعة أمور، هي: الصناعة والتعدين والزراعة، وبدون أدنى شك التعليم.
ووصلت البرازيل لسادس أغنى دولة في العالم في آخر سنوات حكمه 2011، وأصبحت تصنِّع الطائرات "أسطول طائرات الإمبريار برازيلية الصنع"، وكانت أحد أعمدة دول الـBRIC، وهي البرازيل وروسيا والهند والصين، وأظهرت التوقعات أنها ستصبح في أعلى قائمة أقوى الاقتصادات في العالم بحلول 2030، ولكن الأمور تغيرت كثيرًا؛ فالدستور هناك يسمح للرئيس بفترتين رئاسيتين كحد أقصى، وكل فترة مدتها 4 سنوات.
وفي 2011 انتهت الفترة الرئاسية للرئيس لولا داسيلفا، وبعد أن انتهت ولايتي حكم "لولا" في 2011، وبعد كل هذه الإنجازات التي غيرت واقع الدولة طلب منه الشعب أن يستمر، وأن يعدلوا الدستور الذي يمنعه من فترة رئاسية ثالثة، فرفض بشدة، وقال كلمته الشهيرة: "البرازيل ستنجب مليون لولا، ولكنها تملك دستورًا واحدًا"، ثم ترك مكتب الرئاسة.