مصر وقطر.. مصالحة فوق حقل ألغام
"لا أثق بهم أبدا إنهم يعملون لمصلحتهم
وليس مهماً لديهم الآخرون".. كانت هذه العبارة آخر ما وصف به الرئيس الراحل
حسني مبارك النظام القطري وتقييمه كرئيس لمصر طيلة عهده تجاه الدوحة، بعدما تبنت
الأخيرة حملة ممنهجة ضد الدولة المصرية وسخرت قناة الجزيرة لهذا الهدف.
وخلال العام 2010 تدخلت أطراف إقليمية لتلطيف السنوات العجاف في سجل العلاقات بهدف المصالحة، وبالفعل استجاب مبارك حينها وقام في نهاية نوفمبر من نفس العام بزيارة وصفت بالتاريخية إلى العاصمة "الدوحة"، وشمل جدول الزيارة تفقد مبارك لمبنى قناة الجزيرة التي ناصبته العداء منذ تدشينها وكأنها خرجت مخصوصا لاستهداف الدول الكبيرة بالإقليم وكانت العراق وقتها ضمن قائمة الأهداف.
زيارة مبارك بهدف طي صفحة الخلافات ومصالحة الشقيقة العربية الصغرى، بالرغم من قيامه بها في نهاية العام 2010 لم تشفع له لدى أمير قطر السابق حمد بن خليفة آل ثاني، وبمجرد اندلاع أحداث ثورة يناير 2011، عادت الدوحة لنفس السلوك تجاه القاهرة وتحت غطاء "دعم الديمقراطية" مارست "الإباحية الإعلامية" بكافة صورها سواء لتسهيل مهمة خلع النظام المصري، وما أن تحقق المراد استكملت الإمارة الخليجية ذات النهج مع المجلس العسكري، وكشفت هدفها الكامل فى مساعيها عبر السنوات لتمكين جماعة الإخوان من حكم مصر وفرض الهيمنة عليها.
تقليب صفحات الماضي في كتاب تاريخ العلاقات بين مصر وقطر، لا يعني موقفنا سلبيا مسبقا تجاه ما أعلن يوم أمس في مدينة العلا السعودية حول توقيع اتفاق مصالحة بمشاركة دول الخليج العربي المقاطعة "السعودية والإمارات والبحرين" إلى جانب مصر، لطي صفحة خلافات أزمة المقاطعة التي تفجرت في 5 يونيو 2017، خصوصا أن المنطقة العربية لديها من الهموم ما يكفيها على الصعيد السياسي والأمني والاقتصادي، وتكاتفها فرض عين على الجميع لمواجهة تحديات داخلية متمثلة في الإرهاب، وخارجية متمثلة في مشاريع خارجية تستهدف الإقليم.
ومصر على مدار السنوات إبان حكم مبارك ابتلعت حبة الدواء المر، وفضلت استمرار العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية عن القطيعة، ولم تلجأ له سوى في ركاب عربي كامل بعدما طفح كيل الجميع من سلوك الدوحة وتجرعت عواصم الخليج مرارة التدخلات القطرية في شئونها الداخلية، وعندما رأت بعض هذه العواصم المقاطعة أو كلها منح الفرصة للنظام القطري على أمل توفر حسن النوايا بعد أزمة دبلوماسية طاحنة مع الجارة العربية، وضعت القاهرة أيضا مصلحة الأمة العربية فوق مصلحتها الخاصة، وأوفدت وزير خارجيتها سامح شكري، للمشاركة بالقمة الخليجية والتوقيع إلى جانب باقي دول المقاطعة على اتفاق مصالحة لم يعلن عنه شيئا ولم تتكشف بنوده حتى الآن، الواضح منه فقط أن "بيان العلا" ركز على مبدأ عدم التدخل في شئون الآخرين وعدم الإضرار بهم والتعاون لمحاربة التطرف والإرهاب، مع حسن النوايا في تنفيذ هذا المبادئ.
فهل عادت المياه بين القاهرة والدوحة إلى مجاريها، وهل زيارة وزير المالية القطري للقاهرة لافتتاح أحد الفنادق المملوكة لشركة الديار القطرية على كورنيش النيل دليل على وصل حبل الود الدبلوماسي؟ جميعها أسئلة يجيب عنها المستقبل حال توفرت النوايا لذلك ولا أحد يستطيع حسم الإجابة عنها خصوصا مع غياب تفاصيل كواليس اتصالات اللحظات الأخيرة وما قبلها والتي لا تعلن عادة كونها من أعمال السيادة للدول فى مثل هذه الأزمات.
لكن من المؤكد أن التقارب بين مصر وقطر يشوبه الحذر لحين اتضاح الصورة كاملة، فمن المرجع عودة العلاقات الدبلوماسية مع الدوحة كجارة عربية وإنهاء الحظر الجوي وتبادل السفراء، لكن من المؤكد أيضا أن عودة العلاقات سياسيا كتبادل زيارات الزعماء والتنسيق في القضايا الإقليمية أمر صعب وربما مستحيل، فتعقيدات الماضي تقف حائط صد أمام هذه التقارب على مستوى رأس هرم السلطة في كلا البلدين.
فالنظام المصري له إيديولوجيات الخاصة الرافضة للإسلام السياسي والإرهاب بشكل عام، ويكافح لمحاربة المشاريع الأخري لدول إقليمية تهدف للسيطرة على مقدرات الأمة العربية، تركيا وإيران.
في المقابل النظام القطري منخرط في دعم جماعة الإخوان بطريقة تعقد إمكانية انفصاله كليا عن هذا المشروع، علاوة على انغماسه في تحالفات مع أنقرة وظهران وصلت لحد الاستعانة بهذه الأنظمة عسكريا وفتح أراضيها لتشييد القواعد، ولا يستطيع عاقل تصور إمكانية طلب الأمير تميم بن حمد، من الرئيس التركي سحب قواته التي تمركزت بأرض عربية وباتت تصوب مدافعها تجاه عواصم خليجية تناصبها العداء.
من هذا المنطلق يمكن تصور ملامح المستقبل بين البلدين، واحتمالية عودة الأوضاع الدبلوماسية إلى ما كانت عليه قبل 5 يونيو 2017، وترك التكهنات المتعلقة بتطبيع العلاقات على مستوى القادة والمضي قدما فى تقديم البراهين على فتح صفحة جديدة تكتب بحبر حسن النوايا والتوافق على الشروط المطروحة فى كواليس الاتفاق.
وخلال العام 2010 تدخلت أطراف إقليمية لتلطيف السنوات العجاف في سجل العلاقات بهدف المصالحة، وبالفعل استجاب مبارك حينها وقام في نهاية نوفمبر من نفس العام بزيارة وصفت بالتاريخية إلى العاصمة "الدوحة"، وشمل جدول الزيارة تفقد مبارك لمبنى قناة الجزيرة التي ناصبته العداء منذ تدشينها وكأنها خرجت مخصوصا لاستهداف الدول الكبيرة بالإقليم وكانت العراق وقتها ضمن قائمة الأهداف.
زيارة مبارك بهدف طي صفحة الخلافات ومصالحة الشقيقة العربية الصغرى، بالرغم من قيامه بها في نهاية العام 2010 لم تشفع له لدى أمير قطر السابق حمد بن خليفة آل ثاني، وبمجرد اندلاع أحداث ثورة يناير 2011، عادت الدوحة لنفس السلوك تجاه القاهرة وتحت غطاء "دعم الديمقراطية" مارست "الإباحية الإعلامية" بكافة صورها سواء لتسهيل مهمة خلع النظام المصري، وما أن تحقق المراد استكملت الإمارة الخليجية ذات النهج مع المجلس العسكري، وكشفت هدفها الكامل فى مساعيها عبر السنوات لتمكين جماعة الإخوان من حكم مصر وفرض الهيمنة عليها.
تقليب صفحات الماضي في كتاب تاريخ العلاقات بين مصر وقطر، لا يعني موقفنا سلبيا مسبقا تجاه ما أعلن يوم أمس في مدينة العلا السعودية حول توقيع اتفاق مصالحة بمشاركة دول الخليج العربي المقاطعة "السعودية والإمارات والبحرين" إلى جانب مصر، لطي صفحة خلافات أزمة المقاطعة التي تفجرت في 5 يونيو 2017، خصوصا أن المنطقة العربية لديها من الهموم ما يكفيها على الصعيد السياسي والأمني والاقتصادي، وتكاتفها فرض عين على الجميع لمواجهة تحديات داخلية متمثلة في الإرهاب، وخارجية متمثلة في مشاريع خارجية تستهدف الإقليم.
ومصر على مدار السنوات إبان حكم مبارك ابتلعت حبة الدواء المر، وفضلت استمرار العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية عن القطيعة، ولم تلجأ له سوى في ركاب عربي كامل بعدما طفح كيل الجميع من سلوك الدوحة وتجرعت عواصم الخليج مرارة التدخلات القطرية في شئونها الداخلية، وعندما رأت بعض هذه العواصم المقاطعة أو كلها منح الفرصة للنظام القطري على أمل توفر حسن النوايا بعد أزمة دبلوماسية طاحنة مع الجارة العربية، وضعت القاهرة أيضا مصلحة الأمة العربية فوق مصلحتها الخاصة، وأوفدت وزير خارجيتها سامح شكري، للمشاركة بالقمة الخليجية والتوقيع إلى جانب باقي دول المقاطعة على اتفاق مصالحة لم يعلن عنه شيئا ولم تتكشف بنوده حتى الآن، الواضح منه فقط أن "بيان العلا" ركز على مبدأ عدم التدخل في شئون الآخرين وعدم الإضرار بهم والتعاون لمحاربة التطرف والإرهاب، مع حسن النوايا في تنفيذ هذا المبادئ.
فهل عادت المياه بين القاهرة والدوحة إلى مجاريها، وهل زيارة وزير المالية القطري للقاهرة لافتتاح أحد الفنادق المملوكة لشركة الديار القطرية على كورنيش النيل دليل على وصل حبل الود الدبلوماسي؟ جميعها أسئلة يجيب عنها المستقبل حال توفرت النوايا لذلك ولا أحد يستطيع حسم الإجابة عنها خصوصا مع غياب تفاصيل كواليس اتصالات اللحظات الأخيرة وما قبلها والتي لا تعلن عادة كونها من أعمال السيادة للدول فى مثل هذه الأزمات.
لكن من المؤكد أن التقارب بين مصر وقطر يشوبه الحذر لحين اتضاح الصورة كاملة، فمن المرجع عودة العلاقات الدبلوماسية مع الدوحة كجارة عربية وإنهاء الحظر الجوي وتبادل السفراء، لكن من المؤكد أيضا أن عودة العلاقات سياسيا كتبادل زيارات الزعماء والتنسيق في القضايا الإقليمية أمر صعب وربما مستحيل، فتعقيدات الماضي تقف حائط صد أمام هذه التقارب على مستوى رأس هرم السلطة في كلا البلدين.
فالنظام المصري له إيديولوجيات الخاصة الرافضة للإسلام السياسي والإرهاب بشكل عام، ويكافح لمحاربة المشاريع الأخري لدول إقليمية تهدف للسيطرة على مقدرات الأمة العربية، تركيا وإيران.
في المقابل النظام القطري منخرط في دعم جماعة الإخوان بطريقة تعقد إمكانية انفصاله كليا عن هذا المشروع، علاوة على انغماسه في تحالفات مع أنقرة وظهران وصلت لحد الاستعانة بهذه الأنظمة عسكريا وفتح أراضيها لتشييد القواعد، ولا يستطيع عاقل تصور إمكانية طلب الأمير تميم بن حمد، من الرئيس التركي سحب قواته التي تمركزت بأرض عربية وباتت تصوب مدافعها تجاه عواصم خليجية تناصبها العداء.
من هذا المنطلق يمكن تصور ملامح المستقبل بين البلدين، واحتمالية عودة الأوضاع الدبلوماسية إلى ما كانت عليه قبل 5 يونيو 2017، وترك التكهنات المتعلقة بتطبيع العلاقات على مستوى القادة والمضي قدما فى تقديم البراهين على فتح صفحة جديدة تكتب بحبر حسن النوايا والتوافق على الشروط المطروحة فى كواليس الاتفاق.