"فتاوى الوباء" تتصدر نشاط المؤسسات الدينية.. الإفتاء توضح السند الشرعي لغرامات مخالفة الإجراءات الاحترازية... والأزهر يحذر من احتكار السلع الطبية
مع انتشار فيروس كورونا المستجد وحصده للعديد من الأرواح خلال الفترة الماضية، كثفت المؤسسات الدينية في مصر حملاتها التوعوية لتحذير المواطنين من خطر الاستهانة بالالتزام بالإجراءات الاحترازية الصادرة عن وزارة الصحة والجهات المعنية.
وعلى مدار اليومين الماضيين كثف الأزهر الشريف ودار الإفتاء جهودهما في عملية تكرار مطالبة الشعب المصري بضرورة الالتزام بالتعليمات التي تصدر يوميا من قبل المسؤولين عن إدارة الأزمة، بجانب بيان الحكم الشرعي في أبرز المسائل المتعلقة بالوباء.
دار الإفتاء
من جانبها، أكدت دار الإفتاء أن إلقاء الكمامة الطبية بعد استعمالها في الطريق العام في غير الأماكن الـمُخَصَّصة لها مما يضر بالـمارة ويؤذي الآخرين؛ عَمَلٌ مُحَرَّم شرعًا.
وذلك لأنَّ الأصل في الشرع حرمة الإيذاء بكل صوره وأشكاله؛ قال تعالى: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا} [الأحزاب: 58].
وأضافت أنه مِن الإيذاء: إلحاق الضرر بإلقاء الكمامة بعد استعمالها في غير الأماكن المخصصة لها. وهو أمرٌ مُجَرَّم قانونًا أيضًا.
وشددت الدار على أنه لا يجوز للإنسان أن يرتكب ما يضر بغيره ضررًا مباشرًا؛ لا سيما مع حرص الجهات الصحية على التوعية من مخاطر إلقاء الكمامات في غير الموضع المخصص لها.
حكم تقرير غرامة على المخالفين
وكانت دار الإفتاء أكدت في وقت سابق أكدت أن إلزام الحكومة المواطنين بدفع غرامات مالية عند مخالفتهم الإجراءات الوقائية الخاصة بفيروس "كورونا" أمر مشروع لأنه يحقق المقاصد الشرعية العليا في ضبط النظام العام.
وأضافت الدار في فتوى أصدرتها أن الغرامات المالية على مخالفي الإجراءات الوقائية التي يُنْصَح باتباعها للحد من العدوى بـ«فيروس كورونا»؛ تدخل ضمن التعازير الشرعية، التي هي في حقيقتها عقوبات غير مقدَّرة شرعًا يُقَدِّرها ولي الأمر، وتجب في كل معصيةٍ لم يرد فيها حَدًّا ولا كفارة غالبًا، فهي عقوبات مِن شأنها أن تدفع الجاني وترده عن ارتكاب الجرائم أو العودة إليها.
وأوضحت الإفتاء في فتواها أن من صور العقوبات التعزيرية: التغريم بالمال، وهو جائز على أحد قولي الحنفية، وهو قول الشافعي في القديم، وقولٌ عند المالكية وأحمد في مواضع مخصوصة من مذهبيهما، ومن الأدلة على جواز الغرامة المالية: قوله تعالى: ﴿لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ﴾ [المائدة: 89]، فهذه الآية أصل دال على مشروعية التغريم بالمال شرعًا؛ إذ الحنث معصية ليست لها عقوبة مقدَّرة تماثلها في الصورة.
واستدلت الدار في فتواها بنصوص من السنة النبوية المطهرة، منها ما رواه أبو داود والنسائي والحاكم بسندهم عن عبد الله بن عمرو عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه سئل عن الثَّمر المعلَّق؟ فقال: «من أصاب بفيه من ذي حاجة غير متخذ خُبْنَة فلا شيء عليه، ومن خرج بشيء منه فعليه غرامة مثليه والعقوبة»، والخُبْنَة: مِعطَف الإزار وطَرَف الثوب، وهو ما يأخذه الرجل في ثوبه فيرفعه إلى فوق، والمعنى أن مَن أكل مِن ثمر مضطرًّا دون أن يأخذ منه شيئًا فلا عقوبة عليه، وإن أخذ منه شيئًا فعليه الغرامة والعقوبة، وذلك إذا لم يكن من حرزٍ وبلغ النصاب.
وأشارت الدار في فتواها إلى أن القانون المصري قد أخذ بالعقوبات المالية كما في المادة (22 عقوبات)، حيث نصَّت على أن العقوبة بالغرامة إلزام للمحكوم عليه بأن يدفع إلى خِزانة الحكومة المبلغ المقدَّر في الحكم، ثمَّ فصَّل القانونُ حدودَ الغرامة لكل جريمة على حدة.
الأزهر: احتكار "أنابيب الأكسجين" والمغالاة في أسعارها حرام خاصة وقت الأزمات.
الأزهر الشريف
ولم يكن الأزهر الشريف ببعيد عن حملات التوعية، حيث أكد مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية أن من أهم القواعد والأسس التي رسَّخها الإسلام في المعاملات بين الناس أن أقامها على الصدق والعدل والأمانة، وحرم فيها الغش، والخداع، والكذب، واستغلال حاجة الناس.
وإذا كان الإسلام قد أرشد إلى طريق الكسب الحلال من خلال التجارة والبيع والشراء ونحو ذلك في قوله تعالى: {وَأَحَلَّ ﷲ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} [البقرة: 275].
فإن شريعته قد ضبطت هذه المعاملات بما يجب أن تكون عليه من مراعاة حقوق الناس، وإقامة العدل بينهم، وحرمة أكل أموالهم بالباطل؛ فقال سبحانه وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لا تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ..}. [النساء: 29]
وأضاف المركز أنه لهذا وغيره كان احتكار السلع واستغلال حاجة الناس إليها جريمة دينية واقتصادية واجتماعية، وثمرة من ثمرات الانحراف عن منهج الله سبحانه؛ لا سيما في أوقات الأزمات والمِحن؛ قال ﷺ: «مَنِ احْتَكَرَ فَهو خاطِئٌ». [أخرجه مسلم]
واوضح أن ذلك سواء في ذلك الأقوات والأدوية وغيرهما من السلع التي يحتاج الناس إليها، كأنابيب الأكسجين؛ ذلك أنه من المقرر فقهًا أن: «الحاجة تنزل منزلة الضرورة عامة كانت أم خاصة»، فمواقع الضرورة والحاجة الماسَّة مُستثناة من قواعد الشَّرع وعموماته وإطلاقاته.
وشدد على أن الاحتكار المحرم شامل لكل ما تحتاج إليه الأمة من الأقوات والعلاجات والسلع والعقارات من الأراضي والمساكن، وكذلك العمال والخبرات العلمية والمنافع؛ لتحقق مناطه، وهو الضرر اللاحق بعامة المسلمين جراء احتباسه، وإغلاء سعره.
ولا شك أن الذي يُضيِّق على المسلمين في معايشهم وفيما يحتاجون إليه من السلع الضرورية؛ غذائيةً وطبيةً، ويشتريها كلها من السوق حتى يضطر الناس إلى أن يشتروها منه بثمن مرتفع؛ سيما وقت الأزمات؛ يسلك سلوكًا مُحرّمًا، ويجب الأخذ على يده، ولولاة الأمور منعه من ذلك.
واوضح انه للدولة أن تُؤدي واجبها، وتحمي أفرادها من عبث العابثين، ومصاصي دماء الشعوب، وذلك باتخاذ إجراءات كفيلة بقطع دابر الاحتكار، وإعادة الثقة والطمأنينة إلى نفوس المواطنين.
وعلى مدار اليومين الماضيين كثف الأزهر الشريف ودار الإفتاء جهودهما في عملية تكرار مطالبة الشعب المصري بضرورة الالتزام بالتعليمات التي تصدر يوميا من قبل المسؤولين عن إدارة الأزمة، بجانب بيان الحكم الشرعي في أبرز المسائل المتعلقة بالوباء.
دار الإفتاء
من جانبها، أكدت دار الإفتاء أن إلقاء الكمامة الطبية بعد استعمالها في الطريق العام في غير الأماكن الـمُخَصَّصة لها مما يضر بالـمارة ويؤذي الآخرين؛ عَمَلٌ مُحَرَّم شرعًا.
وذلك لأنَّ الأصل في الشرع حرمة الإيذاء بكل صوره وأشكاله؛ قال تعالى: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا} [الأحزاب: 58].
وأضافت أنه مِن الإيذاء: إلحاق الضرر بإلقاء الكمامة بعد استعمالها في غير الأماكن المخصصة لها. وهو أمرٌ مُجَرَّم قانونًا أيضًا.
وشددت الدار على أنه لا يجوز للإنسان أن يرتكب ما يضر بغيره ضررًا مباشرًا؛ لا سيما مع حرص الجهات الصحية على التوعية من مخاطر إلقاء الكمامات في غير الموضع المخصص لها.
حكم تقرير غرامة على المخالفين
وكانت دار الإفتاء أكدت في وقت سابق أكدت أن إلزام الحكومة المواطنين بدفع غرامات مالية عند مخالفتهم الإجراءات الوقائية الخاصة بفيروس "كورونا" أمر مشروع لأنه يحقق المقاصد الشرعية العليا في ضبط النظام العام.
وأضافت الدار في فتوى أصدرتها أن الغرامات المالية على مخالفي الإجراءات الوقائية التي يُنْصَح باتباعها للحد من العدوى بـ«فيروس كورونا»؛ تدخل ضمن التعازير الشرعية، التي هي في حقيقتها عقوبات غير مقدَّرة شرعًا يُقَدِّرها ولي الأمر، وتجب في كل معصيةٍ لم يرد فيها حَدًّا ولا كفارة غالبًا، فهي عقوبات مِن شأنها أن تدفع الجاني وترده عن ارتكاب الجرائم أو العودة إليها.
وأوضحت الإفتاء في فتواها أن من صور العقوبات التعزيرية: التغريم بالمال، وهو جائز على أحد قولي الحنفية، وهو قول الشافعي في القديم، وقولٌ عند المالكية وأحمد في مواضع مخصوصة من مذهبيهما، ومن الأدلة على جواز الغرامة المالية: قوله تعالى: ﴿لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ﴾ [المائدة: 89]، فهذه الآية أصل دال على مشروعية التغريم بالمال شرعًا؛ إذ الحنث معصية ليست لها عقوبة مقدَّرة تماثلها في الصورة.
واستدلت الدار في فتواها بنصوص من السنة النبوية المطهرة، منها ما رواه أبو داود والنسائي والحاكم بسندهم عن عبد الله بن عمرو عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه سئل عن الثَّمر المعلَّق؟ فقال: «من أصاب بفيه من ذي حاجة غير متخذ خُبْنَة فلا شيء عليه، ومن خرج بشيء منه فعليه غرامة مثليه والعقوبة»، والخُبْنَة: مِعطَف الإزار وطَرَف الثوب، وهو ما يأخذه الرجل في ثوبه فيرفعه إلى فوق، والمعنى أن مَن أكل مِن ثمر مضطرًّا دون أن يأخذ منه شيئًا فلا عقوبة عليه، وإن أخذ منه شيئًا فعليه الغرامة والعقوبة، وذلك إذا لم يكن من حرزٍ وبلغ النصاب.
وأشارت الدار في فتواها إلى أن القانون المصري قد أخذ بالعقوبات المالية كما في المادة (22 عقوبات)، حيث نصَّت على أن العقوبة بالغرامة إلزام للمحكوم عليه بأن يدفع إلى خِزانة الحكومة المبلغ المقدَّر في الحكم، ثمَّ فصَّل القانونُ حدودَ الغرامة لكل جريمة على حدة.
الأزهر: احتكار "أنابيب الأكسجين" والمغالاة في أسعارها حرام خاصة وقت الأزمات.
الأزهر الشريف
ولم يكن الأزهر الشريف ببعيد عن حملات التوعية، حيث أكد مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية أن من أهم القواعد والأسس التي رسَّخها الإسلام في المعاملات بين الناس أن أقامها على الصدق والعدل والأمانة، وحرم فيها الغش، والخداع، والكذب، واستغلال حاجة الناس.
وإذا كان الإسلام قد أرشد إلى طريق الكسب الحلال من خلال التجارة والبيع والشراء ونحو ذلك في قوله تعالى: {وَأَحَلَّ ﷲ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} [البقرة: 275].
فإن شريعته قد ضبطت هذه المعاملات بما يجب أن تكون عليه من مراعاة حقوق الناس، وإقامة العدل بينهم، وحرمة أكل أموالهم بالباطل؛ فقال سبحانه وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لا تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ..}. [النساء: 29]
وأضاف المركز أنه لهذا وغيره كان احتكار السلع واستغلال حاجة الناس إليها جريمة دينية واقتصادية واجتماعية، وثمرة من ثمرات الانحراف عن منهج الله سبحانه؛ لا سيما في أوقات الأزمات والمِحن؛ قال ﷺ: «مَنِ احْتَكَرَ فَهو خاطِئٌ». [أخرجه مسلم]
واوضح أن ذلك سواء في ذلك الأقوات والأدوية وغيرهما من السلع التي يحتاج الناس إليها، كأنابيب الأكسجين؛ ذلك أنه من المقرر فقهًا أن: «الحاجة تنزل منزلة الضرورة عامة كانت أم خاصة»، فمواقع الضرورة والحاجة الماسَّة مُستثناة من قواعد الشَّرع وعموماته وإطلاقاته.
وشدد على أن الاحتكار المحرم شامل لكل ما تحتاج إليه الأمة من الأقوات والعلاجات والسلع والعقارات من الأراضي والمساكن، وكذلك العمال والخبرات العلمية والمنافع؛ لتحقق مناطه، وهو الضرر اللاحق بعامة المسلمين جراء احتباسه، وإغلاء سعره.
ولا شك أن الذي يُضيِّق على المسلمين في معايشهم وفيما يحتاجون إليه من السلع الضرورية؛ غذائيةً وطبيةً، ويشتريها كلها من السوق حتى يضطر الناس إلى أن يشتروها منه بثمن مرتفع؛ سيما وقت الأزمات؛ يسلك سلوكًا مُحرّمًا، ويجب الأخذ على يده، ولولاة الأمور منعه من ذلك.
واوضح انه للدولة أن تُؤدي واجبها، وتحمي أفرادها من عبث العابثين، ومصاصي دماء الشعوب، وذلك باتخاذ إجراءات كفيلة بقطع دابر الاحتكار، وإعادة الثقة والطمأنينة إلى نفوس المواطنين.