رئيس التحرير
عصام كامل

حيثيات براءة المتهمين في حادث قطار البدرشين.. المحكمة: لا ذنب لموظفي "السكك الحديدية" ورؤساء الهيئة متورطون.. وعربات القطار متهالكة وشغلت لأكثر من 36 عامًا

المتهمون في حادث
المتهمون في حادث قطار البدرشين

أودعت محكمة جنح مستأنف البدرشين برئاسة المستشار حاتم العزبي، حيثيات حكمها ببراءة المتهمين في حادث قطار البدرشين، والذي راح ضحيته 19 مجندًا وأصيب 117 آخرون.


وقالت المحكمة في أسباب حكمها: إن السبب الرئيسي للحادث يرجع إلى تشغيل القطار منذ عام 1977، وإن المحكمة تأكدت أن القطار مخصص وتابع لقطاع المسافات القصيرة ولم يكن بإمكانه السير لمسافات طويلة تصل إلى مئات الكيلومترات، حيث من المفترض أن يعمل القطار داخل الضواحى والقرى، ولا يجب أن يسير مسافة طويلة، ولكن تبين أن القطار قطع مسافة تتعدى 350 كيلومترًا من محطة أسيوط إلى أن وصل إلى مكان الحادث بمزلقان محطة البدرشين، دون عارض سوى إخطار السائق بوجود شرز بالعربة الثالثة من الخلف من برج مراقبة المنيا.

وأوضحت أن السائق اتبع الأصول الفنية، حيث توقف بمنطقة الفشن، وقام مساعد السائق بتفريغ الهواء، والاطمئنان على العربة واستكمال المسير، إلا أن الحادث وقع دون أي ملاحظة من عمال أبراج المراقبة والمزلقانات، وهو ما يؤكد أن القطار خرج من محطة أسيوط دون أي عوارض أو إهمال من قبل طاقم الصيانة، كما أن اللجنة الفنية أكدت أن سبب الحادث هو سقوط الشيالة، الأمامية للبوجى الخلفى للعربة الأخيرة، ومحاشرتها في الفلنكات، مما أدى إلى خروج البوجى على القضبان، ووقوع الحادث.

وتابعت أن السبب الرئيسى في هذا الإهمال الجسيم، هم مسئولو هيئة السكة الحديد، الذين خصصوا تلك العربات لقطع الرحلة الطويلة، رغم أنها غير مهيأة لذلك مع احتمالات وجود عوارض خلال المسير، وذلك دون إجراءات احترازية مثل إصدار تعليمات بتخفيض السرعة المعتادة، رغم تهالك البواجى "العجلات التي تحمل العربات"، وإجهادها وتعرضها لعمرات متعددة، كما تناسى المتهمون عمر البواجى الافتراضى، وتخصيصها للمسافات القصيرة، بما يؤكد أن السائق ومساعده والملاحظ ومهندس الصيانة ليسوا سبب الحادث.

وقالت المحكمة في نص حكمها التاريخى: إنه لكى يرتاح ضميرها حيال كل تلك الأرواح التي أزهقت، وحتى لا يفلت المتهم من العقاب أيا كانت مكانته أو منصبه، فإن المحكمة تنأى بنفسها عن محاسبة صغار موظفى الهيئة بلا ذنب أو أن يكونوا كبش فداء لرؤسائهم، إذ ثبت للمحكمة أن خطأهم كصغار موظفين لا يتجاوز خطأ إداريًا هو اتباع التعليمات بالتوقيع على نموذج "ج"، وأن يأتى استكمالا للإهمال الذي أصاب الهيئة بأكملها، حيث صاروا على نهج رؤسائهم.

وأكدت المحكمة أن محاسبة المتهمين المقدمين للمحاكمة ينبغى أن تكون مرتبطة بتوفير المناخ المناسب لكى يؤدوا دورهم على أكمل وجه ويتحملوا مسئوليتهم حيال ذلك، وأنه من الظلم أن يحاسب هؤلاء المتهمون البسطاء على قرار تشغيل عربات قطار لأكثر من 36 عامًا، وأن الخطأ في هذا يقع على عاتق مسئولى الهيئة الذين سلبوا حق مواطنين في الحياة، وتعريض حياة آخرين لانتهاك حقهم في السلامة الجسدية، ووقف المسئولون مكتوفى الأيدى أمام انتهاكات متكررة وغالبا ما يدفع الفقراء ومحدودى الدخل ثمنها بعدم النظر إلى حياتهم وسلامتهم.

وأبدت المحكمة تعجبها من أمر النيابة العامة التي التفتت عن تقديم كبار المسئولين للمحاكمة الجنائية، في حين أنهم من سمحوا لقطار متهالك، بقطع مسافة تصل إلى 400 كيلو متر، لنقل خيرة أبناء هذا الشعب من جنوده، كانوا في أسمى مهمة، وهى شرف خدمة الوطن، فخصصوا قطارًا متهالكًا لهم، لقطع مسافة هائلة من جنوب مصر إلى شمالها.

واستطردت المحكمة أن المسئولين في كل حادث لا يتوانوا عن الزج بصغار موظفى الهيئة وتحميلهم المسئولية، في حين أنهم ارتكبوا أنفسهم جرائم أعظم تصل لحد القتل، حيث كان بإمكانهم اتخاذ قرارات من شأنها حماية أرواح المجندين، مثلما قرروا بعد الحادث بقرابة 15 يوما بتخفيض سرعة القطار نوعية العربات محل الحادث إلى 70 كيلومترًا في الساعة، وإلغاء عدد كبير من رحلات تلك القطارات، بكل من المنيا وأسيوط.
الجريدة الرسمية