رئيس التحرير
عصام كامل

تعرف على حكم سجود التلاوة ودعاؤها

سجدة التلاوة
سجدة التلاوة
السجود عبادة جليلة لا تُصرَف إلا لله وحده؛ قال عز وجل: " فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا "؛ فلا يُعبَدُ ولا يُسجَدُ لشيءٍ من المخلوقات مهما كبرت وعظُمت؛ قال الله سبحانه وتعالى: "وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُتَعْبُدُونَ "


وسجود التلاوة معناه لغويًا السجود المؤكد عن سنة الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو السجود الذي يحدث عندما يتم قراءة أحد السور القرآنية التي بها موضع السجدة، أو عندما يريد المسلم أن يسجد لله تعالى بلا صلاة، وهو سجود لا يحتاج إلى طهارة أو وضوء كما في السجود العادي، ويكمل الشخص المسلم السجود بشكل عادي مثل الصلاة ولا يحتاج هذا السجود إلى التسليم بعدها مثل ما يحدث في سجود الصلاة العادي.

حكم سجود التلاوة
سجود التلاوة هو السجود الذي يتبع قراءة القرآن الكريم ومن يقوم به فهو سنة عن الرسول صلى الله عليه وسلم عليه ومن يفعله له عظيم الأجر والثواب مثل أي نافلة، لكن من لم يقوم بهذا السجود فلا آثم عليه ولا حرج وعليه أن يكمل القراءة في القرآن الكريم.

هناك خمسة عشر موضعا لسجدة التلاوة في سور القرآن الكريم

 وهم: سورة الأعراف.  سورة الرعد.  سورة النحل.  سورة الإسراء.  سورة مريم.  سورة الحج.  سورة الفرقان.  سورة النمل.  سورة السجدة.  سورة ص.  سورة فصلت.  سورة النجم.  سورة الانشقاق.  سورة العلق.

أدعية السجود
روي عن عائشة رضي الله عنها قالت: أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كان يقول في سجوده وركوعه : (سبوح قدّوس ربّ الملائكة والرّوح) وروي في صحيح مسلم أيضاً عن عليٍّ رضي الله تعالى عنه أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كان إذا سجد يقول: (اللهمّ لك سجدت، وبك آمنت، ولك أسلمت، سجد وجهي للّذي خلقه، وصوّره وشقّ سمعه وبصره، تبارك الله أحسن الخالقين) روي في الحديث الصّحيح في كتاب السّنن أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: ( وإذا سجد أحدكم فليقل: سبحان ربّي الأعلى ثلاثاً، وذلك أدناه) روي في صحيح مسلم عن عائشة رضي الله تعالى عنها أنّها قالت: تفقّدت النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ذات ليلة فتجسّست، فإذا هو راكعٌ أو ساجدٌ يقول: (سبحانك وبحمدك لا إله إلّا أنت).

روي في صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها، قالت: فقدت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ليلةً من الفراش، فالتمسته، فوقعت يدي على بطن قدميه وهو في المسجد، وهما منصوبتان ، وهو يقول: (اللهمّ إنّي أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك، لا أحصي ثناء عليك، أنت كما أثنيت على نفسك. روي في صحيح مسلم عن ابن عبّاس رضي الله عنهما أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: (فأمّا الرّكوع فعظّموا فيه الرب، وأمّا السجود فاجتهدوا في الدّعاء فقمن على أن يستجاب لكم) روي في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: ( أقرب ما يكون العبد إلى ربّه وهو ساجد، فأكثروا من الدّعاء )

روي في صحيح مسلم عن أبي هريرة أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كان يقول في سجوده: (اللهمّ اغفر لي ذنبي كلّه دقّه وجلّه وأوّله وآخره وعلانيّته وسرّه) يستحبّ عند سجود العبد للتلاوة أن يقول: (اللهمّ اجعلها لي عندك ذخراً، وأعظم لي بها أجراً، وضع عنّي بها وزراً، وتقبّلها منّي كما تقبّلت من داود عليه السّلام) ويستحبّ أن يقول أيضاً: ( سبحان ربّنا إن كان وعد ربّنا لمفعولا) .


((سُبْحَانَ رَبِّيَ الأَعْلَى)) ثلاث مرَّاتٍ.
((سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي)).
 ((سُبوحٌ، قُدُّوسٌ، رَبُّ المَلَائِكَةِ وَالرُّوحِ)).
((اللَّهُمَّ لَكَ سَجَدْتُ وَبِكَ آمَنْتُ، وَلَكَ أَسْلَمْتُ، سَجَدَ وَجْهِيَ لِلَّذِي خَلَقَهُ، وَصَوَّرَهُ، وَشَقَّ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ، تَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسنُ الْخَالِقينَ)).
  ((سُبْحَانَ ذِي الْجَبَرُوتِ، وَالْمَلَكُوتِ، وَالْكِبْرِيَاءِ، وَالْعَظَمَةِ)) .
((اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي كُلَّهُ: دِقَّهُ وَجِلَّهُ، وَأَوَّلَهُ وَآخِرَهُ، وَعَلاَنِيَّتَهُ وَسِرَّهُ)).
 ((اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ، وَبِمُعَافَاتِكَ مِنْ عُقوبَتِكَ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ، لاَ أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ، أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ))



للسجود لله عز وجل فضائلُ، منها:

أنَّ مَن سَجَدَ لله عز وجل، فلن تأكل النار أَثَرَ سجودِه؛ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: ((تأكل النار من ابن آدم إلا أَثَر السجود؛ حرَّم الله على النار أن تأكل أَثَر السجود))؛ [متفق عليه].

 

ومنها أنَّ كثرة السجود سببٌ لدخول الجنة؛ عن ربيعة الأسلمي رضي الله عنه قال: كنت أبيتُ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم آتيه بوَضُوئه وبحاجته، فقال لي: ((سَلْني))، قلتُ: مرافقتك في الجنة، قال عليه السلام: ((أو غير ذلك؟)) قلتُ: هو ذاك؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((فأَعنِّي على ذلك بكثرة السجود))؛ [أخرجه مسلم].

 

ومنها أنَّ السجود يزيد الحسنات، ويحطُّ السيئات، ويرفع الدرجات؛ فعن معدان بن أبي طلحة اليعمري رضي الله عنه قال: لقيت ثوبانَ مَولى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: أخبرني بعملٍ أعمله يدخلني به الجنة، أو قال: قلت: بأحبِّ الأعمال إلى الله، فسكت، ثم سألته، فسكت، ثم سألته الثالثة، فقال: سألت عن ذلك رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فقال: ((عليك بكثرة السجود لله؛ فإنك لا تسجد لله سجدةً، إلا رَفَعَك الله بها درجة، وحطَّ عنك بها خطيئة))، قال معدان: ثم لقيت أبا الدرداء فسألته فقال لي مثل ما قال ثوبان؛ [أخرجه مسلم].

 

وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما مِن عبد يسجد لله سجدةً إلا كَتَب الله له بها حسنة، وحطَّ عنه بها سيئة، ورفع له بها درجة؛ فاستكثِروا من السجود))؛ [أخرجه ابن ماجه].

 

ومنها أنَّ السجود من أسباب رحمة الله لعبده؛ قال الله جل جلاله: ﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُورًا ﴾ [الفرقان: 60]؛ قال العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله: السجود من أسباب الرحمة؛ ولهذا قال: ﴿ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ ﴾ [الفرقان: 60] سواء السجود العام أو السجود الخاص؛ فإنه من أسباب الرحمة؛ ولهذا لم يقل: اسجدوا لله، بل قال: ﴿ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ ﴾ [الفرقان: 60]؛ يعني: لتصلوا إلى رحمة هذا المسجود له.

 

ومنها أنَّ السجود موضعُ استجابةٍ للدعاء؛ عن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إني نُهيتُ أن أقرأ القرآن راكعًا أو ساجدًا، فأمَّا الركوع، فعظِّموا فيه الرب، وأمَّا السجود، فاجتهِدوا في الدعاء؛ فقَمِنٌ أن يستجاب لكم))؛ [أخرجه مسلم].

 

ومنها أنَّ العبد أقرب ما يكون مِن ربِّه وهو ساجد؛ قال الله عز وجل: ﴿فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ * سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ * كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ﴾ [العلق: 17 - 19]، وعن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: ((أقربُ ما يكون العبد من ربِّه وهو ساجد؛ فأكثِروا فيه الدعاء))؛ [أخرجه مسلم].

 

قال العلامة ابن القيم رحمه الله: "الصلاة... فيها من مناجاة مَن لا تقر العيون ولا تطمئنُّ القلوب، ولا تسكنُّ النفوس إلا إليه، والتنعُّم بذكره، والتذلُّل والخضوع له والقرب منه، ولا سيما في حال السجود، وتلك الحال أقرب ما يكون العبد من ربِّه فيها".

 

وقال الحافظ ابن رجب رحمه الله: "السجود هو أعظم ما يظهر فيه ذلُّ العبد لربِّه عز وجل؛ حيث جعل العبدُ أشرَفَ ما له من الأعضاء، وأعزَّها عليه، وأعلاها حقيقة - أوضَعَ ما يمكنه، فيضعه في التراب مُتعفِّرًا، ويتبع ذلك انكسار القلب وتواضعه، وخشوعه لله عز وجل؛ ولهذا كان جزاء المؤمن إذا فعل ذلك أن يُقرِّبه الله عز وجل".

 

وفرق كبير وبَوْن شاسع بين مَن يكون في أفضل الأوقات في ثلث الليل الأخير، ساجدًا لله، خائفًا ذنوبَه، خاشيًا ربَّه، راجيًا رحمته وعفوه، فهو في لذَّة وسعادة، وبين مَن هو في لهو وغفلة؛ قال الله عز وجل: ﴿ أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾ [الزمر: 9].

 

ومَن ضاق صدرُه، وكثُر همُّه، وأحزَنَه الناس، فليشتغل بذكر ربِّه، وليُكثر من الصلاة والسجود والدعاء، وليبشر بكلِّ خير؛ فالحزن يزول بسجدة؛ قال عز وجل: ﴿ وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ ﴾ [الحجر: 97، 98]؛ قال الإمام ابن عطية الأندلسي رحمه الله: وقوله: ﴿ مِنَ السَّاجِدِينَ ﴾ [الحجر: 98] يريد من المصلِّين، فذكَرَ من الصلاة حالة القرب من الله تعالى، وهي السجود، وهي أكرم حالات الصلاة، وأقمنها بنيل الرحمة، وفي الحديث: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حزَبَه أمرٌ فزع إلى الصلاة).
الجريدة الرسمية