رئيس التحرير
عصام كامل

حكم الجمع بين الصلوات لعذر؟.. دار الإفتاء تجيب

دار الإفتاء
دار الإفتاء
ورد سؤال إلى دار الإفتاء يقول فيه صاحبه " رجل يعمل في شركة برامج إسلامية دولية، وجاءته رسالة عبر شبكة الإنترنت من إحدى الدول الأوربية والتي تضمنت أنه يعمل منذ أول أبريل حرس سلاح في الجيش، وتحتم عليه طبيعة عمله عدم أداء الصلوات في ميعادها، إذ إنه لا يستطيع إلا تأدية صلاة العشاء وصلاة الفجر في ميعادهما، وسوف يستمر على هذا النظام حتى شهر أكتوبر، فهل يجوز أن يصلي جميع الفروض مع العشاء جمع تأخير؟"، وجاء رد الدار على هذا السؤال كالتالي: 



إن الصلاة عبادة تتضمن أقوالًا وأفعالًا مخصوصة، ولها منزلة في الإسلام لا تعادلها منزلة أخرى؛ قال تعالى: ﴿إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا﴾ [النساء: 103].

وقد أجاز الإسلام الجمع بين الصلاتين إلا أن الفقهاء اختلفوا في بعض أنواع الجمع، وفي هذه المسألة يطلب السائل بيان مشروعية جمع كل الفروض لعذره المذكور في السؤال:

حكم الجمع بين الصلوات لعذر


فقد ذهب الإمام أحمد ومعه جماعة من الشافعية إلى جواز الجمع تقديمًا وتأخيرًا بعذر المرض، وتوسع الحنابلة فأجازوا الجمع تقديمًا وتأخيرًا لأصحاب الأعذار وللخائف، فأجازوه للمرضع التي يشق عليها غسل الثوب في وقت كل صلاة، وقال ابن تيمية: "إن مذهب أحمد جَوَّزَ الْجَمْعَ إذَا كَانَ لَهُ شُغْلٌ، كما روى النسائي ذلك مرفوعًا إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ..." إلى أن قال: "يجوز الجمع أيضًا للطباخ والخباز ونحوهما فيما يخشى فساد عمله وماله". "الفتاوى الكبرى" لابن تيمية (5/ 351، ط. دار الكتب العلمية) بتصرف يسير.


وقال الإمام النووي في "شرح مسلم": [ذهب جماعة إلى جواز الجمع في الحضر؛ للحاجة لمن لا يتخذه عادة، وهو قول ابن سيرين وأشهب من أصحاب مالك وحكاه الخطابي عن القفال الشاشي الكبير من أصحاب الشافعي] اهـ.


حكم الجمع بين الصلوات 

ويؤيده ظاهر قول ابن عباس رضي الله عنهما: "جَمَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بالْمَدِينَةِ فِي غَيْرِ خَوْفٍ وَلَا مَطَرٍ". فَقِيلَ لِابْنِ عَبَّاسٍ: لِمَ فَعَلَ ذَلِكَ؟ قَالَ: "أَرَادَ أَنْ لَا يُحْرِجَ أُمَّتَهُ" رواه مسلم.

وعلى ذلك: يجوز للسائل أن يجمع بين الصلاتين لظروف عمله. وهذا إذا كان الحال كما ورد بالسؤال.



أحكام صلاة النافلة 
كما ورد سؤال إلى الدار في أحكام الصلاة يقول فيه صاحبه "هل يجوز أداء ركعتين نافلةً ما بين الأذان والإقامة في وقت صلاة المغرب؟"، وجاء رد الدار كالتالي:

يُستحب أداء ركعتين نافلة بين كلِّ أذان وإقامة، ولو لصلاة المغرب؛ فقد صحح الإمام النووي أن أداء ركعتين خفيفتين قبل صلاة المغرب سنة، وفي "مغني المحتاج" للخطيب الشربيني (1/ 450-451) قال: [(وَ) قِيلَ مِن الرَّوَاتِبِ غَيْرِ الْمُؤَكَّدَةِ (رَكْعَتَانِ خَفِيفَتَانِ قَبْلَ الْمَغْرِبِ) لِمَا سَيَأْتِي (قُلْت: هُمَا سُنَّةٌ عَلَى الصَّحِيحِ، فَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ الْأَمْرُ بِهِمَا) وَلَفْظُهُ: «صَلُّوا قَبْلَ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ».


قَالَ فِي الثَّالِثَةِ: «لِمَنْ شَاءَ» كَرَاهَةَ أَنْ يَتَّخِذَهَا النَّاسُ سُنَّةً؛ أَيْ طَرِيقَةً لَازِمَةً، وَلَيْسَ فِي رِوَايَتِهِ التَّصْرِيحُ بِالْأَمْرِ بِرَكْعَتَيْنِ، نَعَمْ، فِي "سُنَنِ أَبِي دَاوُد": «صَلُّوا قَبْلَ الْمَغْرِبِ رَكْعَتَيْنِ»، وَفِي "الصَّحِيحَيْنِ" مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ: "أَنَّ كِبَارَ الصَّحَابَةِ كَانُوا يَبْتَدِرُونَ السَّوَارِيَ لَهُمَا" أَيْ لِلرَّكْعَتَيْنِ إذَا أَذَّنَ الْمَغْرِبُ، وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ: "حَتَّى إنَّ الرَّجُلَ الْغَرِيبَ لَيَدْخُلُ الْمَسْجِدَ فَيَحْسَبُ الصَّلَاةَ قَدْ صُلِّيَتْ".


وَالثَّانِي: أَنَّهُمَا لَيْسَتَا بِسُنَّةٍ؛ لِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ: "مَا رَأَيْتُ أَحَدًا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ يُصَلِّيهِمَا".


وَأَجَابَ عَنْهُ الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ بِأَنَّهُ نَافٍ، وَغَيْرُهُ مُثْبِتٌ خُصُوصًا مَنْ أَثْبَتَ أَكْثَرُ عَدَدًا مِمَّنْ نَفَى] اهـ.



الجريدة الرسمية