وحيد حامد الذي لا تعرفه.. أسرار في مسيرة الكاتب الراحل
رحل اليوم عن عالمنا الكاتب الكبير وحيد حامد بعد تاريخ طويل ومسيرة زاخرة من العطاء الفني.
عُرف الكاتب الراحل بتقديمه الأعمال الاجتماعية ذات البعد السياسي والتي تناقش قضايا المجتمع المصري بكافة شرائحه.
عمل الكاتب وحيد حامد مع عدد من المخرجين منهم سمير سيف، شريف عرفة وعاطف الطيب، ولاقت أعمال المؤلف وحيد حامد إعجابا من كافة المحافل المحلية، والدولية وحاز عنها على عدة جوائز، وفي ديسمبر 2020 حاز جائزة الهرم الذهبي التقديرية لإنجاز العمر من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي في دورته الـ 42.
لم تكن بدايته مفروشة بالورود أو الطريق السهل ليصبح بعدها واحدًا من أساطير الكتابة والقلم في عالم الفن والأدب، فشأنه شأن الكثير من عظماء الكتابة أو الإبداعات العلمية، فواجه الكثير من العثرات، منها وقفه الشهير -الذي رواه الكاتب بنفسه في أحد اللقاءات-، أن أحد النقاد هاجم وبشدة أول قصة في مسيرته الأدبية، حتى أنه قال له بالنص: "ملكش دعوة بالكتابة وإيه الفشل ده"، ذلك النقد الذي كاد أن يهدم مسيرة الكاتب قبل أن تبدأ لولا تدخل محمد عبد الحليم عبد الله سكرتير عام نادي القصص الذي قام من مكانه ودافع عن القصة ليعود الأمل من جديد ويشعر بأن ما كتبه كان ذا قيمة.
"الكتابة ليست مجرد هواية" كانت بمثابة كلمة السر في مسيرة الكاتب الراحل، فقد كان يتعامل مع القلم أنه الرفيق الوحيد الذي لا يجب أن يتخلى عنه طوال الطريق، فكما كان دائمًا يصف قلمه بأنه الرفيق، وصفه أيضًا بأنه الحامي من تقلبات الدهر، قائلًا: "قلمي هو مصدر رزقي الوحيد فلا مهنة أو مصدر دخل آخر لي غير الكتابة، فمن أحب القلم أحبه ومن عشق الكتابة عشقته، هذا هو ملخص مسيرتي مع الكتابة والقلم".
وعن الأعمال التي لاقت ردود أفعال وأصداء واسعة لم تكن فقط تلك الكواليس التي ترافقها، فكان تلك الأعمال تبدأ معاركها مع الرقابة قبل العرض على الجمهور، فبمجرد أن يشرع الكاتب في كتابة مشروع فني، كان يعلم جيدًا أن الرقابة ستتدخل لحذف بعض المشاهد منها، فكان يلجأ لحيلة "تغليف السم بالعسل"، قائلًا: "كنت بضيف بعض المشاهد الجنسية قبل المشاهد اللي هتحذفها الرقابة بسبب توابعها السياسية، عشان المشاهد السياسية تمر وكانت بتمر بعض الأحيان واكتشفوها في إحدى المرات".
من أكثر الأفلام التي خاض الكاتب بسببها معارك مع الرقابة كانت أفلام، الراقصة والسياسي، الغول، البريء، وكشف المستور، والفيلم الأخير تحديدًا كان له صولات وجولات مع الرقابة التي أعادت لي الفيلم أكثر من مرة لتعديل أوراقه ولكني كنت أتبع معهم نفس سياستي سالفة الذكر بتغليف الإسقاطات السياسية بالمشاهد المثيرة فما كان من الرقابة إلا أن أجازت الفيلم بعد مسيرة ما بين الرقابة والأجهزة الأمنية، وتم عرضه، قائلًا: "كنت أعرف قانون الرقابة كويس وكنت بخش مذاكر، ولكن صدامي الأكبر كان في فيلم الغول الذي قام ببطولته فريد شوقي وعادل إمام، بسبب أنه قيل لي وقتها إن الفيلم هيعمل ثورة في البلد".
أما عن الطقوس في الكتابة، دائما ما كان الكاتب الراحل وحيد حامد يؤكد أنها طقوس تحتاج لجلال وكلما كانت تلك الطقوس بسيطة خرجت العبارات لتصل قلب المتلقي، زمان كنت بكتب في قهاوي، وخيري شلبي كان بيقعد في قهوة صغيرة ومسألة الكتابة دي محترمة جدا، وبره برضه كنت بقعد اكتب على قهوة وباصص على البحر، وأغلب أفلام عادل إمام اتناقشت في مكتبي على النيل، وكل الأفلام بمخرجيها ونجومها ومن بينها فيلم معالي الوزير.
وعن علاقته بالوسط الفني، قال الكاتب الراحل: "أنا وعادل إمام وأحمد زكي وغيرهم من أبناء جيل واحد فكريًا ولم يعكر صفو تفاهمنا أي شيء".
وعن الجوانب الإنسانية في حياة الراحل وحيد حامد، لم يتحدث عنها هو بنفسه، بل رواها المقربون منه، فقد روى الكاتب بشير الديك، في أحد اللقاءات الصحفية أن الكاتب والسيناريست وحيد حامد لم يكن مجرد زميل عمل في نفس المجال، ولكن كان شريك رحلة وأثبت بالفعل أن المنافسة المهنية لا تصمد أبدًا أمام الصداقة والعلاقة الإنسانية، وهذا ما ظهر جليًا حينما أقدم بشير الديك على تقديم فيلمه "سكة سفر".
وتابع : "خلال تحضيري لفيلم سكة سفر كان من المفترض أن يقوم بإخراجه أحد المخرجين الكبار، وبالفعل قمنا بمعاينة أماكن التصوير والانتهاء من كافة التفاصيل لكن أكتشفت أن المخرج مش حاسس الفيلم صح، وكنت حينها في قمة ضيقتي وغضبي، حينها هاتفت صديقي وشريك رحلتي "وحيد حامد" وشرحت له الموقف، ليتصل بعدها بالمنتج ويقول له "انا سمعت عن قصة الفيلم، ما تعملوه مسلسل" لكن الأخير رفض وأخذت مشروعي وقمت برد العربون له"، وأكمل: "هنا أعاد لي وحيد حامد الروح بعد أن كان لدي أزمة في إنقاذ مشروعي حتى لا ينفذ بشكل خاطىء، وبالفعل قدمت الفيلم وقمت أنا بإخراجه وخرج بالشكل الذي يرضيني".
وقال :"أما عن الصحافة فكتبتها ومأخدتش أجر عن أي مقال، لما أكتب رأي مخدش عنه أجر عشان محدش يقدر يتدخل في شغلي، رأيي لله وللوطن وللناس، ومش عاوز مقابل قدام ده، أنا بكتب سينما وهي اللي فاتحة بيتي، ومش مستني أبيع رأيي، لكن لو كتبت قصة قصيرة هاخد عليها أجر".
ولد الكاتب الراحل وحيد، في 1944، بقرية بنى قريش مركز منيا القمح محافظة الشرقية، وتزوج من الإعلامية زينب سويدان رئيس التليفزيون المصري سابقا وانجبا ابنهما المخرج السينمائي مروان حامد.
منذ أن جاء وحيد حامد إلي القاهرة عام 1963 قادما من الشرقية لدراسة الآداب قسم اجتماع، وهو يعمل على تثقيف نفسه وظل سنوات مطلعا على الكتب الأدبية والفكرية والثقافية وزائرا للمكتبات والسينما والمسرح أملا في أن يصبح كاتبا مميزا للقصة القصيرة والمسرح الذي عرفه عن طريق شكسبير.
كتب في العديد من الصحف والمطبوعات، حتى ظهرت له أول مجموعة قصصية من هيئة الكتاب، وكانت تحمل اسم "القمر يقتل عاشقه"، ذهب إلى الكاتب الكبير يوسف إدريس الذي يعتبره هو والأديب نجيب محفوظ والكاتب المفكر عبد الرحمن الشرقاوي ـ أساتذته الذين أصقلوا فيه الموهبة وفكره إلا أن الكاتب الكبير يوسف إدريس، نصحه بالكتابة في مجال الدراما، وهو ما فعله وحقق فيه ما لم يحققه إنسان من قبل.
كان الكاتب الراحل وحيد حامد دائمًا ما يرى أن الشخصيات التي يسردها الكاتب في أعماله لابد وأن تكون لها صلة بحياته الشخصية سواء من أناس وأشخاص تعامل معهم أو حتى موقف تعرض له، أو حتى مكنون العقل الباطن له فالشخصية التي لا يستطيع الكاتب إظهارها على الملأ سيخرجها في شخصية البطل في عمل فني، والشخصية الأقرب لي في بدايتي كانت شخصية عادل امام في فيلم الإرهاب والكباب، فكنت أنا الشاب القادم من الأرياف غير محمل بشيء سوى مصدر الرزق والدخل، لأجد نفسي بعدها في وسط دائرة الصراعات السياسية والاجتماعية لأقرر أن أخوضها جميعا وانتصر عليها.
عُرف الكاتب الراحل بتقديمه الأعمال الاجتماعية ذات البعد السياسي والتي تناقش قضايا المجتمع المصري بكافة شرائحه.
عمل الكاتب وحيد حامد مع عدد من المخرجين منهم سمير سيف، شريف عرفة وعاطف الطيب، ولاقت أعمال المؤلف وحيد حامد إعجابا من كافة المحافل المحلية، والدولية وحاز عنها على عدة جوائز، وفي ديسمبر 2020 حاز جائزة الهرم الذهبي التقديرية لإنجاز العمر من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي في دورته الـ 42.
لم تكن بدايته مفروشة بالورود أو الطريق السهل ليصبح بعدها واحدًا من أساطير الكتابة والقلم في عالم الفن والأدب، فشأنه شأن الكثير من عظماء الكتابة أو الإبداعات العلمية، فواجه الكثير من العثرات، منها وقفه الشهير -الذي رواه الكاتب بنفسه في أحد اللقاءات-، أن أحد النقاد هاجم وبشدة أول قصة في مسيرته الأدبية، حتى أنه قال له بالنص: "ملكش دعوة بالكتابة وإيه الفشل ده"، ذلك النقد الذي كاد أن يهدم مسيرة الكاتب قبل أن تبدأ لولا تدخل محمد عبد الحليم عبد الله سكرتير عام نادي القصص الذي قام من مكانه ودافع عن القصة ليعود الأمل من جديد ويشعر بأن ما كتبه كان ذا قيمة.
"الكتابة ليست مجرد هواية" كانت بمثابة كلمة السر في مسيرة الكاتب الراحل، فقد كان يتعامل مع القلم أنه الرفيق الوحيد الذي لا يجب أن يتخلى عنه طوال الطريق، فكما كان دائمًا يصف قلمه بأنه الرفيق، وصفه أيضًا بأنه الحامي من تقلبات الدهر، قائلًا: "قلمي هو مصدر رزقي الوحيد فلا مهنة أو مصدر دخل آخر لي غير الكتابة، فمن أحب القلم أحبه ومن عشق الكتابة عشقته، هذا هو ملخص مسيرتي مع الكتابة والقلم".
وعن الأعمال التي لاقت ردود أفعال وأصداء واسعة لم تكن فقط تلك الكواليس التي ترافقها، فكان تلك الأعمال تبدأ معاركها مع الرقابة قبل العرض على الجمهور، فبمجرد أن يشرع الكاتب في كتابة مشروع فني، كان يعلم جيدًا أن الرقابة ستتدخل لحذف بعض المشاهد منها، فكان يلجأ لحيلة "تغليف السم بالعسل"، قائلًا: "كنت بضيف بعض المشاهد الجنسية قبل المشاهد اللي هتحذفها الرقابة بسبب توابعها السياسية، عشان المشاهد السياسية تمر وكانت بتمر بعض الأحيان واكتشفوها في إحدى المرات".
من أكثر الأفلام التي خاض الكاتب بسببها معارك مع الرقابة كانت أفلام، الراقصة والسياسي، الغول، البريء، وكشف المستور، والفيلم الأخير تحديدًا كان له صولات وجولات مع الرقابة التي أعادت لي الفيلم أكثر من مرة لتعديل أوراقه ولكني كنت أتبع معهم نفس سياستي سالفة الذكر بتغليف الإسقاطات السياسية بالمشاهد المثيرة فما كان من الرقابة إلا أن أجازت الفيلم بعد مسيرة ما بين الرقابة والأجهزة الأمنية، وتم عرضه، قائلًا: "كنت أعرف قانون الرقابة كويس وكنت بخش مذاكر، ولكن صدامي الأكبر كان في فيلم الغول الذي قام ببطولته فريد شوقي وعادل إمام، بسبب أنه قيل لي وقتها إن الفيلم هيعمل ثورة في البلد".
أما عن الطقوس في الكتابة، دائما ما كان الكاتب الراحل وحيد حامد يؤكد أنها طقوس تحتاج لجلال وكلما كانت تلك الطقوس بسيطة خرجت العبارات لتصل قلب المتلقي، زمان كنت بكتب في قهاوي، وخيري شلبي كان بيقعد في قهوة صغيرة ومسألة الكتابة دي محترمة جدا، وبره برضه كنت بقعد اكتب على قهوة وباصص على البحر، وأغلب أفلام عادل إمام اتناقشت في مكتبي على النيل، وكل الأفلام بمخرجيها ونجومها ومن بينها فيلم معالي الوزير.
وعن علاقته بالوسط الفني، قال الكاتب الراحل: "أنا وعادل إمام وأحمد زكي وغيرهم من أبناء جيل واحد فكريًا ولم يعكر صفو تفاهمنا أي شيء".
وعن الجوانب الإنسانية في حياة الراحل وحيد حامد، لم يتحدث عنها هو بنفسه، بل رواها المقربون منه، فقد روى الكاتب بشير الديك، في أحد اللقاءات الصحفية أن الكاتب والسيناريست وحيد حامد لم يكن مجرد زميل عمل في نفس المجال، ولكن كان شريك رحلة وأثبت بالفعل أن المنافسة المهنية لا تصمد أبدًا أمام الصداقة والعلاقة الإنسانية، وهذا ما ظهر جليًا حينما أقدم بشير الديك على تقديم فيلمه "سكة سفر".
وتابع : "خلال تحضيري لفيلم سكة سفر كان من المفترض أن يقوم بإخراجه أحد المخرجين الكبار، وبالفعل قمنا بمعاينة أماكن التصوير والانتهاء من كافة التفاصيل لكن أكتشفت أن المخرج مش حاسس الفيلم صح، وكنت حينها في قمة ضيقتي وغضبي، حينها هاتفت صديقي وشريك رحلتي "وحيد حامد" وشرحت له الموقف، ليتصل بعدها بالمنتج ويقول له "انا سمعت عن قصة الفيلم، ما تعملوه مسلسل" لكن الأخير رفض وأخذت مشروعي وقمت برد العربون له"، وأكمل: "هنا أعاد لي وحيد حامد الروح بعد أن كان لدي أزمة في إنقاذ مشروعي حتى لا ينفذ بشكل خاطىء، وبالفعل قدمت الفيلم وقمت أنا بإخراجه وخرج بالشكل الذي يرضيني".
وقال :"أما عن الصحافة فكتبتها ومأخدتش أجر عن أي مقال، لما أكتب رأي مخدش عنه أجر عشان محدش يقدر يتدخل في شغلي، رأيي لله وللوطن وللناس، ومش عاوز مقابل قدام ده، أنا بكتب سينما وهي اللي فاتحة بيتي، ومش مستني أبيع رأيي، لكن لو كتبت قصة قصيرة هاخد عليها أجر".
ولد الكاتب الراحل وحيد، في 1944، بقرية بنى قريش مركز منيا القمح محافظة الشرقية، وتزوج من الإعلامية زينب سويدان رئيس التليفزيون المصري سابقا وانجبا ابنهما المخرج السينمائي مروان حامد.
منذ أن جاء وحيد حامد إلي القاهرة عام 1963 قادما من الشرقية لدراسة الآداب قسم اجتماع، وهو يعمل على تثقيف نفسه وظل سنوات مطلعا على الكتب الأدبية والفكرية والثقافية وزائرا للمكتبات والسينما والمسرح أملا في أن يصبح كاتبا مميزا للقصة القصيرة والمسرح الذي عرفه عن طريق شكسبير.
كتب في العديد من الصحف والمطبوعات، حتى ظهرت له أول مجموعة قصصية من هيئة الكتاب، وكانت تحمل اسم "القمر يقتل عاشقه"، ذهب إلى الكاتب الكبير يوسف إدريس الذي يعتبره هو والأديب نجيب محفوظ والكاتب المفكر عبد الرحمن الشرقاوي ـ أساتذته الذين أصقلوا فيه الموهبة وفكره إلا أن الكاتب الكبير يوسف إدريس، نصحه بالكتابة في مجال الدراما، وهو ما فعله وحقق فيه ما لم يحققه إنسان من قبل.
كان الكاتب الراحل وحيد حامد دائمًا ما يرى أن الشخصيات التي يسردها الكاتب في أعماله لابد وأن تكون لها صلة بحياته الشخصية سواء من أناس وأشخاص تعامل معهم أو حتى موقف تعرض له، أو حتى مكنون العقل الباطن له فالشخصية التي لا يستطيع الكاتب إظهارها على الملأ سيخرجها في شخصية البطل في عمل فني، والشخصية الأقرب لي في بدايتي كانت شخصية عادل امام في فيلم الإرهاب والكباب، فكنت أنا الشاب القادم من الأرياف غير محمل بشيء سوى مصدر الرزق والدخل، لأجد نفسي بعدها في وسط دائرة الصراعات السياسية والاجتماعية لأقرر أن أخوضها جميعا وانتصر عليها.