رئيس التحرير
عصام كامل

الكاتب مصطفى أمين يبكى محمود فهمى النقراشى قبل اغتياله

محمود فهمى النقراشى
محمود فهمى النقراشى
فى مثل هذا اليوم 28 ديسمبر 1948 وفى قلب مدينة القاهرة عصرا  وكان الجو شتاء والمطر منهمرا، والشوارع تمتلئ حوائطها بالإعلانات عن حفلات رأس السنة بالكازينوهات والمقاهى ودور المسارح ، وإذا ببائع الصحف يعلن اقرأ الحادثة (مقتل النقراشى بك دولة رئيس الوزراء) وفى صحيفة الزمان المسائية كتب رئيس تحريرها جلال الدين الحمامصى الخبر يقول فيه : 


في  صباح اليوم دخل ضابط بوليس برتبة ملازم أول صالة وزارة الداخلية في الطابق الأول فأدي له حراس الوزارة التحية العسكرية وأخذ يقطع الوقت بالسير البطيء في صالة الوزارة كأنه ينتظر شيئا وعندما أحس بقرب وصول دولة النقراشي باشا اتجه نحو الأسانسير ووقف بجانبه الأيمن، ولما حضر النقراشي باشا ونزل من سيارته محاطا بحرسه الخاص واتجه للأسانسير أدي له هذا الضابط التحية العسكرية، فرد عليه مبتسما وعندما أوشك النقراشي علي دخول الأسانسير اطلق عليه هذا الضابط ثلاث رصاصات في ظهره فسقط قتيلا ونقل جثمانه إلي داره بمصر الجديدة، وأعلنت محطة الاذاعة الحداد لمدة يومين

واتضح أن القاتل هو ضابط مزيف ، وهو طالب بكلية الطب البيطرى واسمه عبد الحميد أحمد حسن ، كان يتردد علي قهوة بالقرب من وزارة الداخلية مراقبا ومترقبا لحضور النقراشى إلى مبنى الوزارة، حيث كان بجانب رئاسته للوزارة وزيرا للداخلية .

كيف دفع حسن البنا ثمن إرهاب الإخوان واغتيالهم محمود فهمي النقراشي ؟

ومن خلال القبض عليه تبين أنه أحضر بدلة البوليس التى كان يرتديها اثناء الحادث من سوق الكانتو، معلنا ان سبب قتله للنقراشى هو قرار حله لجماعة الإخوان المسلمين التى ينتمى إليها وقال (من يحل جمعية دينية مثل الإخوان فقد هدم الدين ولابد من قتله )




وعلى الصفحة الأولى من جريدة أخبار اليوم ، وفى نفس اليوم كتب الصحفى مصطفى أمين مقالا بعنوان (النقراشى كان يعرف أنه سيموت) يقول فيه: إنه كان فى زيارة للنقراشى فى بيته قبل اغتياله بأيام قليلة ودار الحوار معه حول القرار الذي ينوي إصداره بحل الإخوان المسلمين ، إلا أن النقراشى كان متشبثا بقراره، وقال له : سوف أصدر القرار وانفذه وبعد الاطمئنان علي الحالة فى البلاد سأستقيل وأعود معلما كما بدأت وأعلم ابني هاني وصفية بنفسي.

ولما رآه مصطفي أمين مصرا علي تنفيذ رأيه تنبأ باغتياله وقال له: (قد تكسب رأيك ولكننا سنخسرك) وخرج مصطفى أمين من بيت النقراشى من بيت النقراشى باكيا، وهو يشعر أنه الوداع الأخير فقد تنبأ باغتياله 


 وتحققت النبوءة واغتيل النقراشي.. فختم مصطفي أمين مقاله قائلا: تلقيت نبأ مقتل النقراشي فلم ابك ولم انتحب لأني بكيته بالدمع الثخين قبل أن يموت بأسبوعين .

  ولد محمود فهمى النقراشى بالإسكندرية عام 1888، وتخرج في مدرسة المعلمين العليا وعمل مدرسا بمدرسة رأس التين الثانوية، وتنقل في مناصب التعليم إلي ان عين سكرتيرا عاما لوزارة المعارف، ثم وكيلا لمحافظة القاهرة، واختير عضوا في الوفد المصري مع سعد باشا زغلول إلى لندن لإجراء المباحثات حول الاستقلال، حيث طلب على الملأ هناك أنه على بريطانيا الجلاء التام عن مصر دون أى شروط ، وقد كان النقراشى وطنيا شريفا.

عين وكيلا لوزارة الداخلية وأحيل للمعاش ثم وزيرا للمواصلات عام 1930، تولى رئاسة الوزارة مرتين الأولى عام 1945 والثانية بعدها بعام واحد واستمر بها جامعا بينها وبين منصب وزير الداخلية لحين اغتياله على يد جماعة الإخوان المسلمين .

خرجت جماهير الشعب فى جنازة مهيبة لوداعه، ليدفن بجوار صديقه أحمد ماهر باشا الذى كان قد اغتيل أيضا 

ووصفه صديقه المفكر الكبير عباس محمود العقاد بالشهيد الامين وقال (يرحم الله مصر إنك يا محمود فى رحمة مع الشهداء والصالحين ) .


الجريدة الرسمية